رسالة السعودية: محمد مطر ثقافة وإبداع، فنون وإمتاع، موسيقى وأنغام، أشعار وألحان، كتب ومراجع، تدوين وتراجم، موسوعات ومعاجم، خطط وبرامج، تنوع وتواصل، أنشطة ومنجزات، جسور وحوار، تنمية وتفاهم وأخيرًا تفاعل وتناغم.. هنا على أرض «الرياض» تتعانق الثقافة والحضارة العربية مع حضارة أمريكا الجنوبية، هنا تمتزج الأزمنة مع التاريخ وتتوارى المسافات مع الجغرافيا في حوار فكري متواصل بين وزراء الثقافة في كلاً الجانبين. هنا سومر العراق ونيل الفراعنة ونجد الحجاز وجبال الأطلسي وبادية الشام وسهول اليمن تنادي عبر البحار والمحيطات لنهر الأمازون والغابات الاستوائية من أجل التبادل والتكامل والتعاون والتشاور والتنسيق. تحت عنوان «الثقافة العربية الأمريكية الجنوبية الشراكة والمستقبل» اختتم أخيرا بالعاصمة السعودية الرياض وزراء الثقافة في الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية اجتماعهم الثالث تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وبمشاركة وزراء الثقافة ورؤساء المنظمات الثقافية الإقليمية والدولية المعنية. الاجتماع الذي افتتحه الأمير مقرن بن عبد العزيز ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين، أكد فيه أن هذا الاجتماع الوزاري المشترك ينعقد سعيًا إلى تقوية العلاقات وتعزيز الصلات الثقافية والتراثية بين شعوبنا وتنمية سبل الحوار والتفاهم حول جميع القضايا التي تهم مجتمعاتنا ومستقبلنا، موضحًا أنه استمرار للتنسيق السياسي بين دول كلتا المنطقتين العربية وأمريكا الجنوبية – التي أقرت إليه للتعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا وحماية البيئة والسياحة، وغيرها من المجالات ذات الصلة لتحقيق التنمية الدائمة في تلك البلدان والمساهمة في تحقيق السلام العالمي والاستقرار. وفي كلمة السفيرة فائقة صالح الأمين العام المساعد للشئون الاجتماعية لجامعة الدول العربية، أكدت أن البعد الثقافي من أهم ركائز بناء جسور التواصل بين العالمين العربي والجنوب أمريكي، مشيرة إلى أهمية الثقافة في بناء الشراكات بين دول المجموعتين. وأكد د. عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» في كلمته التي ألقتها نيابة عنه د. حياة القرمازي مدير إدارة الثقافة، أن ما أحدثته كل من القمة العربية الأمريكية الجنوبية المنعقدة في البرازيل عام 2005 والقمة المنعقدة في الدوحة 2009 قد أحدثتا حركية مستمرة وفتحت آفاقًا واعدة أمام الجانبين لمزيد من التقارب ودعم التعاون والتشاور بينهم وتكريس الحوار الإيجابي والبناء كخيار ثابت لهم وتجسيد الفجوة بين الحضارات والأديان والبحث عن حلول ناجعة للملفات الصعبة التي تعصف بالعالم، وأوضح د. محارب أن الاجتماعات واللقاءات والأنشطة التي تمت خلال السنوات الماضية بين الجانبين تشكل إطارًا مثاليًا لمزيد من الوعي بأهمية الثقافة كإرث إنساني مشترك يجمع ما يمكن أن يفرق بين الاقتصاد والسياسة ويدعم مسارات العمل، في إطار «حلف» سلمي عربي وأمريكي جنوبي من أجل تحقيق التقارب بين شعوب المنطقتين ومد جسور الصداقة بينهما، وأوضح أن منظمة «الألكسو» والبلدان العربية لديهم قناعة بضرورة مزيد من الحوار والتعاون المثمر والبناء بما يخدم مصالح الفضاءيين اقتصاديًا واجتماعيًا وإستراتيجيًا وثقافيًا، مشيرًا إلى أن الحضور العربي في الأندلس كان حلقة وصل رفيعة بين العرب ومجتمعات أمريكا الجنوبية، تضاف إليها تلك القوافل الهائلة من المهاجرين العرب الحاملين لانتماءات ثقافية متنوعة ومعتقدات دينية مختلفة وهي عوامل أسهمت في منح هذه المنطقة من العالم خصوصية وتنوعًا ووفرت لها مخزونًا ثقافيًا جعلها اليوم نموذجًا للتعايش والانسجام بين جاليات مختلفة الأصول والأعراف. ودعا مدير عام الألكسو في كلمته إلى مزيد من البرامج والمشاريع المشتركة من أجل الارتقاء بالعلاقات إلى الأفضل والبحث عن صناعات وسوق ثقافية مشتركة. من جانبه فقد أعلن د. عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام السعودي عن مبادرة بلاده بإنشاء «بوابة إلكترونية» للثقافة بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بالتنسيق مع الجامعة العربية ومنظمة الألكسو. من جانبه فقد أكد ل«الأهرام العربي» د. محمد الصوفي مدير إدارة الثقافة وحوار الحضارات بجامعة الدول العربية أن هذا الاجتماع يأتي كنافذة لنشر ثقافة الحوار بين الشعوب بثقافاتهم المختلفة، وجاء ضمن محورين أساسيين هما الحضارة العربية الإسلامية في أمريكا الجنوبية ودورها في بناء جسور الحوار، و»مستقبل الحوار الثقافي العربي الأمريكي»، وأوضح أن هذا الاجتماع يسعى إلى حسم وتنفيذ الخطط والبرامج الثقافية المشتركة بين وزارات الثقافة في الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية لتوفير وضمان مساحات أكبر من التفاعل والتعاون الثقافي وتعزيز التنوع الثقافي المفضي إلى تنمية بشرية أفضل وتفاهم دولي أعم. وقدم د. محمد الصوفي ورقة إلى الاجتماع بعنوان «مستقبل التعاون الثقافي العربي الأمريكي الجنوبي، وتناول فيها الجوانب المهمة في بناء مستقبل أمثل للعلاقات الثقافية بين الجانبين منوهًا بالجهود الساعية من أجل الارتقاء بهذا التعاون الثقافي إلى مستويات تتناسب مع المشتركات التاريخية والحضارية وتكافئ الطموحات والمعطيات الديموغرافية التي تتناسب مع عدد العرب في أمريكا الجنوبية المقدر بنحو 40 مليون نسمة، مؤكدًا أن الحضور العربي في أمريكا الجنوبية لا يثير أي نوع من التخوف لكون هذا البعد بعداً أساسيًا لإقامة علاقات وطيدة متعددة الجوانب، وبناء تعاون وحوار ثقافي مستقبلي متميز بين الجانبين يعتمد على الاهتمام بالمكانة الواعدة للغتين الإسبانية والعربية والأدب والآثار ودراسات الحضارات القديمة. ومن جهته أكد د. محمد صابر عرب وزير الثقافة المصري ل«الأهرام العربي» أن مصر من أكثر الدول العربية تواصل مع دول أمريكا الجنوبية، وذلك منذ زمن بعيد على جميع الأصعدة والمستويات ونحن نعرف الثقافة والفنون والآداب لدول أمريكا الجنوبية وهم أيضًا يعرفون كل شيء عن الحضارة والثقافة المصري، ونحن ندعم جميع المبادرات الرامية إلى إقامة حوار بين الحضارات والثقافات والأديان والشعوب ومد جسور من التفاهم والتواصل لبناء المعرفة المتبادلة. كما أننا نرفض ونشجب الإرهاب بكل صوره وأشكاله لأنه يتناقض مع حرية الفكر والثقافة والإبداع. وأوضح وزير الثقافة أن هناك تبادلا ثقافيا بين مصر وأمريكا الجنوبية ونحن نؤكد إحياء مشروع ومعرض «حكاية نهرين الأمازون والنيل» كذلك نرحب بعقد ندوة لمديري المكتبات والقائمين عليها في دول المنطقتين بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع جامعة الدول العربية. الرياض التى عاشت أياما ثقافية وفكرية بامتياز، لم تكف عن التآلف والتميز تحديدا مع نهاية الاجتماع، حيث أعلنت أبوظبى عن فوز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بجائزة الشيخ زايد لشخصية العام الثقافية لسعيه الحثيث لخدمة الثقافة «الفكر ونشر ثقافة الحوار والتسامح»، ومواقفه الريادية ضد العنف والتطرف والإرهاب، ولم تكن القمة الآسيوية الحادية عشرة للإعلام بعيدة عن الحراك الثقافى والإعلامى فى المملكة، حيث افتتحها د. عبدالعزيز خوجة، وزير الثقافة والإعلام تحت عنوان «الإعلام والتنوع لإثراء تجربة البث»، وتحدث فيها أكثر من 58 متحدثا من قادة الإعلام فى العالم، ومن الإعلام إلى الرياضة، فقد دشن خادم الحرمين الشريفين خلال الأيام الماضية «مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرياضة فى جدة وافتتح خلالها «جوهرة ملاعب العالم المشعة» خلال احتفال أسطورى، حيث أكد الأمير نواف بن فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب بالسعودية أن الرياضيين فى بلاده باتوا فخورين بهذه المنشأة العالمية التى تؤكد تواصل منجزات التنمية الحضارية. ومن الرياضة إلى الشئون العسكرية، حيث أطلق الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع أخيرا اختتام مناورات «سيف عبدالله» التى تعد الأكبر والأضخم فى تاريخ المملكة، وشارك فيها العديد من الطائرات والسفن والمروحيات والمعدات الأرضية، بحضور كبار الشخصيات, وعلى رأسهم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ محمد بن زايد، ولى عهد أبوظبى، ووزير دفاع الكويت، وبعض القادة المصريين العسكريين على رأسهم اللواء أركان حرب مصطفى شريف محمود، مساعد وزير الدفاع المصرى. ومن المناورات العسكرية إلى المباحثات الدبلوماسية، فقد ناقش أخيرا فى جدة وزراء الخارجية الخليجيون التقرير الذى رفعته اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ آلية «اتفاق الرياض» حول الخلافات مع قطر، ومدى جدية الدوحة فى تنفيذ الاتفاق والبحث بإجراء مراجعة شاملة للإجراءات المعمول بها، وعلمت «الأهرام العربي» أن الدول الخليجية الثلاث: السعودية والإمارات والبحرين لن تعيد سفراء إلى قطر ما لم تتخذ الدوحة خطوات فاعلة فى هذا الاتجاه، وقد علمت «الأهرام العربى» أن قطر بدأت تقديم تنازلات تلزمها بطرد قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، وأن عددا منهم غادر الدوحة بالفعل وهم من قيادات الصف الأول. هكذا تعيش السعودية أفراحها فى ظل العام العاشر للبيعة لخادم الحرمين الشريفين، غير أن «كورونا» وهو مرض الالتهاب الرئوى الحاد المنتشر فى السعودية، يظل يطارد الجميع وينشر الرعب فى نفوس المعتمرين والزائرين، فى حين دعت مصر كبار السن من المرضى إلى تجنب السفر لأداء العمرة والحج بسبب «كورونا»، وقد نفى وكيل وزارة الحج السعودى حاتم بن قاضى صدور أى قرار من وزارة الصحة السعودية حول منع كبار السن والعجزة من الحج والعمرة، مؤكدا أن الوزارة تتابع مع وزارة الصحة جميع الإجراءات الشاملة لمحاصرة المرضى، وكذلك معالجة المصابين.