أحمد أمين عرفات في ظل مراقبة واسعة من قبل منظمات المجتمع المدني حيث تمت الموافقة لأكثر من 78 منظمة حقوقية وجمعية أهلية للرقابة على الانتخابات، علاوة على العديد من المنظمات الأوروبية والإفريقية والأمريكية، علاوة على المتابعة الإعلامية محليا وخارجيا، تجرى انتخابات الرئاسة المقبلة، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل اتساع عملية المراقبة كفيل بإجراء انتخابات شفافة ونزيهة؟ وما الرسالة التي ستحملها للخارج؟ وما جدوى هذه المراقبة إذا تعارضت شواهدها مع نتائج اللجنة العليا للانتخابات والتي تعد قراراتها محصنة؟ في البداية يقول محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومنسق الحملة الوطنية لمراقبة الانتخابات عام 2005: المراقب لدينا ليس له صلاحيات للمراقبة تجعله بحق دليلاً على نزاهة الانتخابات، ولكنه فقط شاهد على كل ما يجري داخل اللجنة وخارجها، فهل يعقل أن تشترط اللجنة العليا للانتخابات ألا يوحد المراقب سوى 30 دقيقة فقط داخل اللجنة، ليس هذا فحسب بل أن من حق قاضى اللجنة تقليص هذه المدة إذا اقتضت الضرورة، فإذا كان مسموحا للمراقب بنصف ساعة فقط فماذا عن بقية اليوم الانتخابي، ثم نجد أنفسنا في النهاية أمام قرارات محصنة من اللجنة، أى أنه أمر واقع لابد أن نرضى به ونكون جزء منه بسلبياته وإيجابياته، كما أن المراقب ليس من حقه الإدلاء بأى تصريحات تتعلق بمراقبته حتى في ظل وجود انتهاكات تحدث، وأن عليه إرجاء ذلك حتى نهاية الانتخابات، لذلك أرى أن هذه الآليات ما هي إلا «استخدام» للمجتمع المدني باعتباره قام بمراقبة الانتخابات، ولكنه في الحقيقة «شاهد ما شفش حاجة»، فالمراقبة الحقيقية تتطلب متابعتها منذ فتح باب الترشيح ومرورا بالدعاية الانتخابية ويوم الانتخاب والفرز وإعلان النتيجة، ولكننا نفاجأ بمن يقول لنا «أنت جاي تراقب على أيه؟ نحن لدينا قضاة» ويتناسى الناس أن هناك تاريخا من التزوير في ظل إشراف قضائي كامل، لذلك أقول بأنه إذا أرادت الدولة استخدام المجتمع المدني كدليل شفافية، فلابد من إعطائه كل الصلاحيات التي بها يستطيع أن يراقب كل شيء دون قيود، أما أن يحرم من هذه الصلاحيات ثم يطلب منه أن يعلن أمام العالم أن الانتخابات كانت نزيهة، فهذا غير مقبول، ولذلك لم أقم بتقديم طلب للمراقبة، لأنه لا حصانة للمجتمع المدني علاوة على حملات التشويه التي لاحقته واتهماته بالعمالة للخارج، في الوقت نفسه نجد هناك تهافتا على دعوة المنظمات الخارجية في إفريقيا وأوروبا وأمريكا لكي تراقب، برغم أن المجتمع المدني يحتل أهمية أكبر، لأنه عندما يحدث استقرار وهدوء في مصر، ستسعي خلفنا هذه المنظمات والاتحادات الخارجية. رقابة مستحيلة ويرى الخبير الحقوقي نجاد البرعي، والذي خاض تجارب سابقة في المراقبة على الانتخابات، أن العبرة ليست في عدد المنظمات التي ستراقب، ولكن في عدد المراقين الذين سيتولون هذه العملية، فقد تكون هناك منظمة لديها آلاف المراقبين بينما الأخري ليس لديها سوى عدد قليل، مؤكدا أنه في كل الأحوال حتى لو توافر عدد كاف للمراقبة لا توجد مراقبة تتم بنسبة 100% في مصر، وما يحدث لدينا هو انتقاء لعينة من اللجان من قبل منظمات المراقبة، وتعميم ذلك على باقي اللجان، لأنه مهما بلغ عدد المراقبين، فمن الصعب أن نضع مراقبا على كل صندوق في بلد واسعة مثل مصر. وعن شروط اللجنة العليا الخاصة بالمراقبة يرى البرعي، أنها شروط مطلوبة ولكن على اللجنة ألا تتشدد فيها، وفي نفس الوقت يجب على المراقب ألا يعطل اللجنة عن عملها أو يتسبب بوجوده في إرباك الناخبين، وهو بالفعل ليس في حاجة إلى أكثر من نصف ساعة في كل لجنة حتى يتمكن من مراقبة بقية اللجان، وكما يقولون «العينة بينه» فعندما يرى أن اللجنة التي ليست على ما يرام فلماذا يظل بها طوال اليوم، كما أن سؤال الناخبين خارج اللجان أمر مهم يجب أن يتابعه. وعن الرسالة التي تعطيها المراقبة للخارج، يقول البرعي: إنها لا تعطي أى رسائل، ومن يظن أنها تفعل ذلك فهو واهم، لأن العبرة الأساسية هي قبول المجتمع للنتائج، فعندما أجريت انتخابات البرلمان في مرسى 2012، وبرغم أن منظمات كثيرة أجمعت على أنها سليمة ومنها منظمة كارتر، لكن النتيجة رفضها الناس هو الذي سحب من شرعيتها، وفي كل الأحوال فإن تجربة مراقبة الانتخابات فاشلة من أساسها، فمنذ سنة 1995 وأنا أراقب وقد قدمت عشرات التوصيات، ولكن لم تنفذ، لذلك أراها مضيعة للوقت والأهم هو تقبل المجتمع للنتائج وأن يكون الحاكم قد جاء على قبول قاعدة عريضه له بشكل حقيقي. انتهاكات وتحصينات ومن جانبه يقول حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: إن إقامة الانتخابات الرئاسية في ظل متابعة من 79 منظمة وجمعية أهلية مصرية و7 منظمات أوروبية، بجانب الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومجموعة الكوميسا الإفريقية، وأيضا مراقبة بعض الدول للانتخابات من خلال سفارتها، علاوة على المتابعة الإعلامية سواء المحلية أو الدولية والتي تعد شكلا من أشكال المراقبة، حيث تكشف الانتهاكات التي قد تحدث، هو دليل حقيقي على أن هناك رغبة جادة في إطلاع المجتمع المحلى والخارجي والإقليمي على أن العملية الانتخابية، سوف تسير في اتجاه الشفافية والنزاهة. وعن الدور الذي ستقوم به المنظمة لمراقبة الانتخابات يواصل سعدة قائلا: هناك أربع مراحل سنقوم بها لمتابعة الانتخابات، الأولى يوم 20 مايو باعتباره التاريخ المحدد لبداية الدعاية الانتخابية، لنري مدى التزام المرشحين بالقواعد التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات فيما يخص الالتزام بعدم استخدام دور العبادة واستخدام الشعارات الدينية والشعارات التي تحقر من الطرف الآخر، وكذلك فيما يتعلق بمدى التزام المرشحين بالسقف المادي للعملية الانتخابية، والمحدد بعشرين مليون جنيه كحد أقصى، سواء تبرعات مادية أو عينية، ويدخل في نطاق مراقبتنا في هذه المرحلة أيضا، الإعلام الحكومي، وهل هو متوازن ومحايد أم لا؟ وهل يعامل المرشحين بنفس القدر ويعطيهما نفس المساحة؟ وكذلك الإعلام الخاص فيما يتعلق بمدى التزامه بالمعايير المهنية في التغطية، والقواعد التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات فيما يخص الابتعاد عن التحريض ضد أحد المرشحين أو استخدام لغة حوار هابطة أو طائفية. وأيضا سنتابع حرية المرشحين في التنقل وعقد المؤتمرات ولقاء الجماهير، خصوصا أن قانون التظاهر استثني مثل هذه التجمعات وأتاح لها حرية الانعقاد باعتبارها تجمعات سلميه للدعاية الانتخابية، حتى يستطيع كل مرشح من الوصول للجماهير وعرض برنامجه وشرحه لها، ثم تأتي بعد ذلك المرحلة الثانية وهي مراقبة يوم الانتخاب وتنتهي مع مراقبتنا بعد متابعة الفرز وإعلان النتيجة، وذلك بعمل التقارير وإقرار التوصيات وإرسالها للجنة العليا للانتخابات. وعما إذا كانت المنظمة المصرية لديها العدد الكافي الذي يمكنها من المراقبة بشكل حقيقي أشار سعده بأن المنظمة لديها 7500 مراقب تمت الموافقة عليهم وجار استخراج الكارنيهات الخاصة بهم، منهم 4000 سبق لهم القيام بعملية المراقبة في انتخابات سابقة،كما أن هناك غرفة عمليات مركزية بالمنظمة لمتابعة كل شىء، وغير مسموح لأي من المراقبين الإدلاء بأى تصريحات شخصية، وأى تصريحات لابد وأن تخرج من غرفة العمليات. وعن رؤيته لما ستكون عليه الانتخابات المقبلة، قال سعدة: ستشهد منافسة كبيرة بدليل أن عددا كبير من الأحزاب السياسية منقسمة ما بين مؤيد لسيسي ومؤيد لصباحي، وبالتالي ستكون الأحزاب شريكة في العملية الانتخابية والسياسية، أيضا نحن كمنظمة لدينا شواهد تدل على أنها ستكون شفافة ونزيهة، ولكن ما أخشاه هو العنف من جانب الإخوان، فهو الشىء الوحيد الذي سيكون سلبيا على الانتخابات إذا حدث، ولكن من خلال تجربتى الشخصية في الانتخابات السابقة وما قبلها، أعتقد أن الجيش والشرطة لديهما قدرة غير عادية على تأمين الانتخابات والسيطرة على أى شكل من أشكال العنف. وعما إذا تعارضت شواهد كمراقبة مع النتيجة النهائية في ظل تحصين قرارات اللجنة العليا، أشار سعده إلى أن التحصين ليس معناه أنه لا يوجد طعن على القرارات، فهناك طعون داخلية، كما أن هناك هيئة قضائية داخل اللجنة، معتقدا أن اللجنة ستتوفر فيها الحيادة والنزاهة باعتبار من يمثلها هم قضاة يمثلون أعلى هيئات قضائية في مصر. الإخوان والخارج أما داليا زيادة مديرة مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية فتقول: سندخل عملية المراقبة بحوالى3500 مراقب سنقوم بتوزيعهم على كل محافظات مصر، فيما عدا شمال وجنوب سيناء لاعتبارات أمنية، وقد أخذنا بالفعل موافقة من اللجنة على هذا العدد، وسوف تتم المراقبة بطريقتين، الأولي وهي المراقبة العادية في اللجان وخارجها في اليوم الانتخابي، والثانية تعتمد على استطلاع آراء المواطنين أثناء خروجهم من الانتخابات بهدف تقييم الناخب ومدي نضجه السياسي، وهل اختار بناء على عاطفة أم علم، كما أننا نقوم حاليا وكل 10 أيام بعمل استطلاع رأي المواطنين، فيما يتعلق بالمرشح الذي سيختارونه، وكانت نتيجة آخر استطلاع 71% للسيسي و21 لحمدين و4% لمرتضى قبل انسحابه. وعن التخوفات المحتمل حدوثها أكدت زيادة أن الأجواء الحالية توحي بالتفاؤل، خصوصا أنه لم يعد هناك تضييق على المراقبين كما كان في عهد مبارك، بل إن الدولة حاليا وخصوصا بعد ثورة 30 يونيو ترحب بهذه المراقبة وجعلتها متاحة بشكل أفضل مما كانت عليه من قبل، وهي التى تطالب بالمراقبة الدولية وهو ما يعزز موقف مصر على المستوى الخارجي، كما أن تقارير متابعة الانتخابات لن يكون مصيرها الأدراج، كما كان في السابق، خصوصا أن المواطنين أصبحت لهم دراية وعلى وعي كبير وهم أفضل رقيب على صوتهم، مشيرة إلى أن التخوف الوحيد هو حدوث عنف من جانب الإخوان.