أحمد سعد الدين الوصول للسينما العالمية حلم يراود معظم مشاهدى السينما المصرية منذ سنوات طويلة، لكن المشكلة الكبرى تكمن فى أن السينما العالمية سعت إلينا ونحن الذين أبعدناها برغبتنا سواء عن عمد أم عن جهل، فعلى سبيل المثال عندما تسعى شركات الإنتاج الكبرى لتصوير أفلامها على أرض مصر تصطدم بمشكلات لا حصر لها وتشتبك مع أكثر من خمس وزارات على الأقل فى استخراج الأوراق المطلوبة للتصوير، بالإضافة لارتفاع سعر التصوير فى الأماكن السياحية بشكل مبالغ فيه تماماً وفرض ضريبة على معدات التصوير سواء كانت مدة التصوير يوماً واحداً أم حتى عامين، وهو ما يجعل هذه الشركات تعود من حيث أتت بخفي حنين، وتبحث عن مكان بديل لأن مصر بالنسبة لها بلد طارد للاستثمار السينمائى فمثلاً شركة ديزني العملاقة التى اشترت شركة « لوكاس فيلم» المنتجة لأفلام حرب النجوم في عام 2012 مقابل 4 مليارات دولار، قررت أن تصور الجزء السابع من سلسلة أفلامها بمدينة أبوظبى بدلاً من التصوير فى مصر نتيجة للتعقيدات الروتينية وغلاء الأسعار فى الأماكن السياحية. أيضاً أصر المخرج العالمى، ريدلي سكوت على تصوير فيلم «مملكة الجنة» على أرض مصر، خصوصا أن الفيلم يحكى قصة صلاح الدين الأيوبى، قاهر الصلييبين والذى يعيش فى مصر، فقد كان المخرج يريد أن تكون الأماكن الحقيقية هى البطل الرئيسي على الشاشة واختار بعض الممثلين العرب والمصريين للمشاركة فى بطولة الفيلم منهم خالد النبوى والفنان السورى غسان مسعود، لكن بعد عدة مقابلات هرب المخرج من مصر نتيجة التعامل معه على أنه كنز لابد من نهبه فى أسرع وقت ممكن، وذهب بفيلمه الذى تكلف 140 مليون دولار إلى المغرب التى رحبت به وقدمت له العديد من المساعدات ليصور أحداثا وقعت على أرض مصر، بل وفرت القوات المسلحة المغربية آلاف الجنود والخيول بلا مقابل مادى، وهو ما أعطى سمعة طيبة للمغرب عند صناع السينما العالمية، لذلك لم يكن غريباً أن يكون دخل المغرب من جراء تصوير الأفلام الأجنبية على أرضها خلال عام 2010 قد وصل إلى اثنين مليار دولار، بالإضافة لتشغيل آلاف الشباب فى هذه العمال سواء كانوا من الفنانين أم الفنيين، ونحن لسنا أقل من المغرب، القائمة طويلة وتضم الآن أكثر من عشرة أفلام عالمية كبرى يتم تصويرها بداية من المغرب مروراً بالأردن وصولاً لدولة الإمارات العربية المتحدة لكن اللافت للنظر أن هذه الدول ليس من بينها مصر صاحبة التاريخ الطول فى عالم السينما، الغريب أن معظم مخرجى ومنتجى هذه الأفلام كانت الأراضى المصرية فى حساباتهم للتصوير فيها،نظراً لطبيعة القصة وأحداث العمل مثل فيلم «آلهة مصر» والذى تدور أحداثه حول الأسطورة إيزيس وأوزوريس من إخراج «إليكسبردياس»، لكنهم دائما ما يواجهون بعقبات كثيرة تحول دون الحضور، لأن الضرائب المفروضة على معدات التصوير كبيرة جداً والجمارك هنا تتعامل مع آلات التصوير بنظام الموقوفات، أى أنها تفرض على المنتج الأجنبى ضرورة إصدار خطاب ضمان بقيمة المعدات يسرى طوال مدة وجودها فى مصر، وعند الانتهاء من التصوير يدفع المنتج عشرين فى المائة من قيمة الرسم الجمركى المقرر، فما الذى يجعلهم يفكرون فى الحضور إلى القاهرة. من جانبه قال الناقد السينمائى يوسف شريف رزق الله: إن لدينا من المعوقات ما يجعل كبار المنتجين يهربون من التصوير فى مصر، فعلى سبيل المثال هناك مشكلة كبرى فى استخراج التصاريح للتصوير، وهذه أحد العوامل الفارقة عند شركات الإنتاج الأجنبية لأن التصريح الذى نريده فى نفس اليوم قد يستغرق ثلاثة أيام أو أكثر، وفريق التصوير يأتى إلى هنا ولديه عدد أيام محدود، المشكلة الثانية تكمن فى غلاء أسعار الأماكن الطبيعية والأثرية، بالإضافة إلى أن النقابات الفنية تفرض رسوما محددة على أعضاء فريق التصوير للفيلم الأجنبي، طالما أنهم غير مصريين، أضف إلى ذلك المعوقات التى تصاحب دخول وخروج المواد المصورة من مصر، وهناك مشكلة أخرى تتمثل فى الرقابة على الفيلم الذى يريد تصويره فى مصر، بمعنى أن الرقابة قد تعترض على بعض المشاهد الموجودة فى السيناريو وترفض تصويرها بحجة أنها تسىء لسمعة مصر. فلابد من تشكيل لجنة تضم بين أعضائها مندوبا عن كل الوزارات المعنية بالعمل فى هذا المجال، وتكون صاحبة قرار بمعنى أنها قادرة على حل جميع المعوقات التى تقابل صناع السينما العالمية حتى تستطيع تذليل ما يقابلها من مشكلات هذه اللجنة موجودة فى كل الدول التى تريد جذب السينما العالمية لأراضيها، فمنذ حوالى خمس سنوات تعاقدت مدينة الإنتاج الإعلامى مع شركة إنتاج نرويجية على تصوير فيلم نرويجى داخل المدينة، وقد ساعدنا فى ذلك أن المدينة تعتبر منطقة حرة، لذلك كان من السهل دخول المعدات إليها لكن كانت لدينا عقبة أخرى وهى عدم التصوير خارج حدود المدينة مطلقاً لذلك لابد من إعادة النظر فى أمور كثيرة حتى نأخذ مكاناً فى الصدارة