أشرف بدر فى مصر .. تتغير الصدمات ويبقى رد الفعل بلا تغيير.. "مسيرات .. مظاهرات.. خطب إنشائية، وكلام معسول لتسكين الألم.. زيارات ومقابلات.. حشد قوى سياسية ودينية وجلسات عرفية .. "ولا ننتبه إلى أن علاجاً شاملاً مطلوباً لمواجهة هذه المشكلة، ولمثيلتها حال تكرارها!! فالحرب القبلية البربرية التى شهدتها أسوان، كشفت عن أن الصعيد يعيش حالة "إيقاظ "لكل الخلايا النائمة فى كل ربوعه، بما فيها المناطق التى كنا نحسبها هادئة، وأنها فقط بحاجة إلى إشارة للبدء، وقد أعطيت متزامنة مع زيارة "تميم" أمير قطر للسودان!! كما كشفت أن الدولة الأمنية ليست هى ما يتطلبه حل أزمة أسوان، بل دولة التعليم والمواطنة والعدالة الاجتماعية وعلاج الجذور السياسية والثقافية، التى أدت إلى تراكم كل هذا الغضب والعنف، وأن إطالة أمد العنف فى هذه المنطقة ذات الطبيعة الخاصة، غير مقبول حتى لا تصبح جرحا داميا فى جسد الوطن لأمد طويل، وحسنا فعل تميم بن حمد، ربيب الانقلابات، فما حدث يشبه اللص الذى يرشد عن مكان اختبائه، وإن ربك لبالمرصاد. وعلينا أن ندرك أن تصحيح البيئة السياسية بكل محافظات مصر، أصبح مطلبا ملحا فى هذه الفترة العصيبة، وعلى المصريين أن يعوا حقيقة أن وطنهم مستباح من قبل مجموعة صغيرة من «الطفيليين الفاسدين» الذين التصقوا من قبل بالنظام حتى كادوا أن يصبحوا هم النظام، وأعطوا أنفسهم حقوقاً وسلطات فاقتا ما تسمح به مواقعهم.. والآن يتقربون من المرشحين فى السباق الرئاسى بكل بجاحة وتسلط، متناسين أن شمس الحرية لن يبذغ إلا عندما تتبدّد آخر ظلمات ليلهم . إن معركة مصر الجديدة هى الحفاظ على ثورتها واستقلال وطنيتها، وعدم الانصياع لآلاعيب الأجانب المدعومة من بنى جلدتنا ومن دول كنا نعتبرها «عربية مسلمة»، وألا تكرر مصر مصائب الثورة السورية، ولا تلقى بمقود فرسها إلى أى يد غريبة، ولا تدخل غياهب لعبة الأمم. سياسة x سياسة الموقف الخليجى –المصرى من الإسلام السياسى بدأ يتضح لأنه شمل النظام السودانى "الإخوانى الهوى والعقيدة "أيضا، فقد أوقفت البنوك الإماراتية والسعودية التحويلات المالية باتجاه السودان إلا بعد مراجعتها بدقة، وهو ما سبب ضائقة مالية كبيرة للسودانيين". قطر هى ربيبة إسرائيل فى المنطقة، وآخر إحصاءات السياحة الإسرائيلية تؤكد زيارة 400 ألف قطرى لتل أبيب خلال الفترة من يونيو الماضى وحتى أوائل إبريل الجارى .. الغريب أن المسئولين القطريين فخورون بذلك، ويعتبرون العرب "بدوا "وهم "الحضر"، وهى نفس عقيدة بنى إسرائيل بأنهم شعب الله المختار، برغم أن الله تعالى قال فيهم: (وجعلَ منهم القردةَ والخنازيرَ وعبدَ الطَّاغوت)!! على اختلاف خطباء المساجد ينهون خطبة الجمعة بالدعاء : اللهم ارزق ولى الأمر البطانة الصالحة . . ولا أدرى هل تهبط «البطانة» على المسئول من السماء أم يتم اختيارها؟ بصراحة، لا نعرف كيف تتشكل هذه " البطانة "وما مهامها، وما مواصفات صاحبها التى تجعله - دون غيره من الناس - يحظى بهذا الموقع؟ وما الحل إذا فسدت هذه " البطانة"؟ وهل هناك آلية لتغييرها ؟ أم نكتفى بالدعاء لعل الله - سبحانه - يُصلحها ويحولها من مجموعة تهتم بحالها وجمع الأموال إلى مجموعة تهتم بأحوال الناس ونقل الحقيقة إلى المسئول؟ معاوية بن أبى سفيان اتصف بالحكمة والدهاء والحنكة السياسية، واستمر حكمه أربعين سنة تمتد ما بين الولاية والخلافة.. وقد سُئل كيف تحقق له ذلك؟ فقال: «إنى لا أضع سيفى حيث يكفينى سوطى ولا أضع سوطى حيث يكفينى لسانى، ولو كان بينى وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا أمدّوها أرخيتها وإذا أرخوها مددتها». وأصبحت شعرة معاوية رمزاً للسياسة والحكمة فى التعامل مع الآخرين ومضرباً للمثل فى حسن استخدام أسلوب الشد والإرخاء والصلابة والليونة. ومما يندرج تحت هذا المثل علاقة الحاكم بشعبه، فالشعوب أمانة تحت أيدى الحكام، وعلى الحكام إقامة العدل ورعاية حقوق العباد وحفظ دمائهم وأموالهم وأعراضهم. . وإن الله سائلهم عما استرعاهم، حفظوا أم ضيعوا..قال رسولنا (ص): «ما من أميرِ عشرةٍ، إلَّا ويُؤْتَى بِهِ يومَ القيامَةِ مغْلُولًا، حتى يَفُكَّهُ العدلُ، أوْ يوبِقَهُ الجورُ»!! أقول ذلك لكل مرشحى السباق الرئاسى فى مصر . أصبح تفكير الحكام محصوراً فقط بما يبقيهم على كراسى الحكم، ولو بالاستعانة بالأجنبى، فهم لا يفكرون برفع شعبهم إلا نفاقاً وكذباً وبأساليب تبعده عن الرقى، وتجعله دائما فى حالة ضعيفة حتى يظلوا مستقرين عليها، وما يحدث فى الجزائر على أيدى بوتفليقة الذى يرشح نفسه لفترة أخرى، والقاتل بشار الذى يرغب فى ترشيح نفسه .. خير برهان . لم نحتج إلى وثائق ودلائل لكى نتأكد بحقيقة عمالة "داعش" والمنظمات المنطوية تحت راية "القاعدة" لإيران، والأنظمة التابعة لها فى العراق وسوريا، فهؤلاء المرتزقة يفجرون السيارات المفخخة من بعد، أو من خلال من قاموا بغسل أدمغتهم، ولولا أعمالهم الإجرامية، لما استطاع الأسد والمالكى، تمرير جرائمهما البشعة دون عقاب أو محاسبة من المجتمع الدولى الأعمى البصر والبصيرة. بريطانيا لا يهمها كثيراً أمن مصر القومى مهما بلغت جرائم وتحريض وحرائق وقتل الإخوان للأبرياء المصريين، ولكن عندما يتعرض أمنها لأى اعتداء يخرج رئيس حكومتها "ديفيد كاميرون " قائلاً :"لا يطالبنى أحد بأخذ حقوق الإنسان فى الاعتبار عندما يتعرض الأمن القومى البريطانى للخطر"، حقا منتهى الديمقراطية!!