تعرف على الضوابط الإعلامية لتغطية انتخابات مجلس النواب 2025    "تعليم القليوبية": طالبة ب"النور للمكفوفين" تحرز المركز الثاني في "تحدي القراءة العربي"    ملك بريطانيا وزوجته يبدآن زيارة رسمية للفاتيكان بلقاء البابا لاون الرابع عشر.. صور    مدبولي يفتتح مصنع لشركة أوبو العالمية فى مصر لتصنيع الهواتف المحمولة بالعاشر من رمضان    شركات السياحة تواصل تلقي وتسجيل طلبات المواطنين الراغبين بالحج السياحي    تنفيذ إزالة التعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بكفر الشيخ    النفط يقفز 3% بعد العقوبات الأمريكية على شركات نفط روسيا    نائب الرئيس الأمريكي: إسرائيل لن تضم الضفة الغربية    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    «فوت ميركاتو»: صلاح أثار غضب زميله في ليفربول    باسم مرسي: تألق بن شرقي وزيزو؟.. المنافس لديه 8 مليارات.. والزمالك مديون    هانيا الحمامي ويوسف إبراهيم يتأهلان لنصف نهائي بطولة كومكاست بيزنس للاسكواش    ضبط صانعة المحتوى ندوشة لنشرها فيديوهات رقص بملابس خادشة للحياء وتسهيل الدعارة لفتاتين    هاملت وأشباحه يحصد المركز الأول بملتقى شباب المخرجين    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    نائب وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء مستشفى بغداد ووحدة طب أسرة نخل    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    لقاء حول نظام البكالوريا الجديد خلال زيارة مدير الرقابة والتفتيش ب«التعليم» لمدارس بورسعيد    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    تحرك شاحنات المساعدات إلى معبري كرم أبوسالم والعوجة تمهيدًا لدخولها غزة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    اندلاع حرائق كبيرة بسبب الغارات الإسرائيلية على البقاع    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء نيابات الأسرة    البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب في قطر    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    إنجاز طبي جديد بعد إنقاذ مريض فلسطيني مصاب من قطاع غزة    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    كل ما تريد معرفته عن منصب المفتى بالسعودية بعد تعيين الشيخ صالح الفوزان    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    من بيتك.. سجّل الآن فى حج القرعة 2026 بسهولة عبر موقع وزارة الداخلية    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تامر حسين يوضح حقيقة خلافه مع محمد فؤاد بعد تسريب أغنيته    أستاذ علوم سياسية: القمة المصرية الأوروبية تعكس مكانة مصر ودورها المحورى    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    روزاليوسف.. ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسى« يترنح» وواشنطن ترى ترشح «المشير» أزمة لها.. سيناريوهات «تخريب مصر» بعد ترشيح «السيسى»!
نشر في الأهرام العربي يوم 02 - 04 - 2014


خالد عكاشة
فى معظم الحديث الدائر الآن عن خطط الإخوان المسلمين المستقبلية يظهر بوضوح عمق المأزق التاريخى الذى أصاب التنظيم فى مقتل، وهو ما جعل كل المرتبطين به داخليا وخارجيا يتداعون جميعا فى محاوله للإجابة عن السؤال اللغز ماذا بعد ؟؟
و«ماذا بعد» تلك وإن كانت هى اللحظة الحاكمة فعلا فى مصير التنظيم، فإن الإجابة عنه الآن وسط تشابك الخيوط من حوله فى الداخل والخارج، تحتاج إلى مهارة إستراتيجية نادرة لا تظهر أىا من أماراتها حتى الآن، وتحتاج فضلا عن تلك المهارة حيوية فاعلة قادرة أيضا على التعامل مع المتغيرات المتلاحقة التى يواجهها التنظيم كل لحظة، وهى متغيرات من الوزن الثقيل، بحجم ثورة 30يونيو وضربة منطقة الخليج الحاضنة التاريخية واختلال موازين القوى الدولية التى برعوا قديما فى التعامل معها، لذلك نحن أيضا يصيبنا قدر كبير من هذه الصعوبة ونحن نحاول الإجابة عن سؤال من نوع ماذا بعد بالنسبة للإخوان؟ ولنساعد أنفسنا سنعود خطوتين فقط للوراء لمحاولة فك شفرة التعامل مع القادم بالنسبة للتنظيم، خصوصا فى موضوع انتخابات الرئاسة وهو العنوان الأهم الآن .
منذ نحو شهرين من الآن انتهت المخابرات الأمريكية من إجراء أكثر من تقدير موقف للداخل المصرى وكان العنوان الأبرز فيهم جميعا، هو كيف ستدخل القاهرة انتخابات الرئاسة المقبلة، وما المسارات المتوقعة لذلك فى ظل الشعبية الجارفة التى حظى بها المشير السيسى والتى يصعب تجاهل تمددها المتزايد يوميا؟ تتضمن تقديرات الموقف عادة مقترحات تقدم لصانع القرار لمحاولة الخروج من الأزمة فمازالت الولايات المتحدة الأمريكية تقيم ما جرى فى مصر بعد 30 يونيو بالأزمة الكبيرة خصوصا وأنها تنظر لمصر فى وضعها الإقليمى وارتباطه بالمصالح الأمريكية نظرة تفوق الأهمية بكثير، لذلك برز فى تقديرات الموقف مقترح تكرر أكثر من مرة عن ضرورة مشاركة مرشح رئاسى يجمع حوله الصوت الإسلامى ويعيد تجميع المشتت والمبعثر من التيارات الإسلامية التى مازالت تعيش ضربة عدم الاتزان فيما بعد 30يونيو، والغريب أن التقرير وصف التيار السلفى العريض بمختلف انتماءاته الحزبية وغير الحزبية بنفس وصف عدم الاتزان والتشتت الذى تقع تحت وطأته التشكيلات الإسلامية الأخرى، وبعد أكثر من تقرير وصف الحالة بدقة كان المقترح الواجب هو البحث عن المرشح الذى سيجمع هذا الشتات مع العمل المتوازى فى الإلحاح على كراهية إعادة إنتاج نظام عسكرى لضم كل المعترضين الآخرين مع هذه الكتلة لعمل توازن فى الساحة، واستغلال هذه الكتلة فى تعويق مشروع 30يونيو الذى يتصدره ترشح المشير السيسى .
كلفت المخابرات الأمريكية كعادتها المخابرات البريطانية بالتواصل مع التنظيم الدولى للإخوان والجلوس مع أحد أهم أعضائه الموجود بلندن (جمعة أمين) لطرح المقترح الأمريكى باسم الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح، المرشح الرئاسى السابق ليلعب دور مرشح الصوت الإسلامى وتوابعه، وهو اختيار وصلت له أمريكا كأحد أفضل البدائل الذى يمكن المراهنة على حسن إدارته لهذا السباق، وأنجزت المخابرات البريطانية المطلوب وأيدته بالفعل كأفضل الخيارات المطروحة، فهى تراه يتفوق على باقى البدائل فى كونه شارك جزئيا فى ثورة 30يونيو وامتدادات علاقاته بمختلف التيارات الإسلامية أكثر من جيدة، ولديه مفاتيح فك شفرتها جميعا، ليبقى فقط دعم التنظيم فى الخارج وتوجيههم إلى الداخل بتنظيم الصفوف المطلوبة، تلقى التنظيم الدولى هذا الطرح وعكف على دراسته وتقييم نزول أبوالفتوح كفرس رهان يمكن وضع محنة التنظيم بين يديه خلال مشواره الرئاسى المدعوم خارجيا، ممن جلسوا معهم وهو أهم ما فى الطرح ..تباطأ الرد الإخوانى وتعلل التنظيم الدولى أمام المنتظرين بانشغاله بجلسات محاكمة محمد مرسى وقيادات الإرشاد بالداخل، وتواصلت المشاورات مع الداخل والخارج حتى خرجت أخيرا الصفعة المدوية من خلف قضبان طرة لتصل مباشرة لكل أصحاب هذا الطرح برفض نزول أبوالفتوح كمرشح إسلامى يصطف خلفه الإخوان وتوابعهم، جاء الرفض الإخوانى باختصار من خيرت الشاطر ومحمود عزت اللذين قصدا أن يرجآه إلى اللحظات الأخيرة، بقصد إرباك المخططين لهذا المشهد وعلى رأسهم أبوالفتوح بالطبع الذى سار مخدرا وراء الوعود الدولية والدعم الخارجى، وقدم أوراق اعتماده للتنظيم فى موقفه من مقاطعة الاستفتاء على الدستور وتبنى الخطاب الإخوانى كاملا بألفاظه وتحدث عن المعتقلين وعدم الإقصاء ومبادرات التصالح بين كل الأطراف وكل الطلبات الإخوانية الملحة فى هذا التوقيت، وتقلب أبوالفتوح حول أحلام
"فارس الإحياء الثالث " للجماعة بعد محنتها القاسية التى تدهس المشروع بكامله، وظل أبو الفتوح فى هذا التخدير حتى جاءته الصفعة المدوية بالرفض الإخوانى لدعمه فى انتخابات الرئاسة أو للتواصل مع أطياف الصوت الإسلامى للوقوف خلفه .
وإذا أبوالفتوح يخرج تحت وقع هذه الهزيمة المتكرره ليهذى فى أغرب مؤتمر إعلامى بحديث صادم ومجموعة متتالية من الحوارات الصحفية جميعها مع وسائل أجنبية أخذته بعيدا تماما عن كل التوقعات، فقد ذكر المرشح الرئاسى السابق أن المصريين سيثورون مرة أخرى على ما وصفه بالحكم العسكرى بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، التى قال إنها واسعة النطاق وتبنى أمام الميكروفونات وفى المنشور على لسانه رقم ال 20 ألف معتقل فى سجون النظام وكذلك بسبب الضائقة الاقتصادية..فقد قال أبو الفتوح خلال مؤتمر صحفى عقد فى مقر الحزب فى القاهرة "نحن لا نرضى لضمائرنا أن نشارك فى عملية تدليس على شعبنا أو خديعة للشعب المصري.. حينما يغيب 21 ألف ناشط فى السجون والمعتقلات ثم نطالب بعمل انتخابات‬.. فمن سيشارك إذن فى هذه الانتخابات؟"، وأن هناك تعثرا فى مسار الانتقال السياسى والتقدم الاقتصادى فى مصر منذ انتفاضة 2011 م التى أطاحت بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، وفى يوليو أعلن قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسى عزل الرئيس محمد مرسى المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشدة على حكمه كانت تطالب بانتخابات مبكرة .
وفى مقابلة منشورة مع "وكالة رويترز" ذهب إلى أبعد من ذلك وهو يقول الشعب «سوف يغضب» مرة أخرى، ويقوم بثورة للإطاحة بهذا القمع. الشعب المصرى لن يقبل هذه المسائل وأضاف "القمع الحالى أسوأ من أيام مبارك عشرات المرات ، وقال أبو الفتوح إن رجال مبارك عادوا للانتقام ويصرون على سحق الحريات التى كانت من مكاسب انتفاضة 2011 م، من أجل حماية مصالحهم وممارساتهم الفاسدة – على حد قوله ، وقال ما يحدث الآن هو ضد ثورة يناير... وهذا لن يكون. وأنا أعتبر دى كبوة. اللى احنا فيه الآن كبوة من كبوات الثورة والثورة ستعود، وقال إنه قرر ألا يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، لأن السلطات أقامت فى البلاد ما قال إنها جمهورية الخوف وكذلك لأن وسائل الإعلام التى تملكها الدولة ووسائل الإعلام التى يملكها رجال أعمال من عهد مبارك صارت بعيدة عن اللعب النزيه كما يقول.
وقال أبو الفتوح "هل يستطيع أى متابع أن يقول إن الانتخابات المقبلة (ليست) محسومة لصالح الفريق السيسي؟ لا أحد يستطيع القول بغير ذلك ، وأضاف بعد كل (هذه) الدعاية سبعة أشهر بكل وسائل الإعلام الرسمى والخاص وأموال رجال الأعمال التى ملأت حوارى وزقاقات مصر هتافا باسم السيسى سواء هو يريد هذا أم لا يريده - بعد كدا اللى ينزل يعمل إيه يعنى؟ ولم يؤكد السيسى حتى الآن أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية لكن يتوقع على نطاق واسع أن يعلن ذلك قريبا وأن يفوز بأغلبية ساحقة فى الانتخابات التى ستجرى خلال بضعة أشهر.
وقال أبو الفتوح إن شعبية السيسى مصطنعة وإن المصريين تعرضوا لعملية غسل مخ، وسيفقدون صبرهم مرة أخرى إذا استمرت مصر على نهجها الحالي، وقال "مصر ممكن تدخل فى انهيار اقتصادى لو استمر الوضع هكذا"، وأضاف "إن مصر فى حالة أزمة اقتصادية وما يدفع الأمور للأمام ما يأتى من أموال من دول الخليج" ومضى يقول: " لكن لا يمكن لدول الخليج أن تستمر فى دعم النظام الفاشل الحالى " .
موقف مكتب إرشاد وهو الذى مازال مسيطرا على مفاصل التنظيم الدولى من انتخابات الرئاسة، فضلا عن أحاديث عبد المنعم أبوالفتوح هى كود فك شفرة القادم حتى الآن، فسبب رفض التنظيم لطرح الغرب الداعم والحاضن تمثل فى رغبة التنظيم الإفلات من المواجهه المباشرة وتجرع هزيمة تالية حتى وإن كانت رمزية، فضلا وهو الأهم إخفاء "العدد الموالي" فعدد الأصوات فى الصناديق لعبد المنعم أبوالفتوح سيصبح هو العدد الذى سيتعامل به التنظيم طوال الفترة المقبلة، وهو عدد معلن فى حالة خوض الانتخابات سيوصم به التيار الإسلامى طويلا وينسف رغبة التنظيم الصارمة فى جعل هذا الأمر تحديدا غائما وتقديريا وأكبر من حجمه بقدر المستطاع، لأن المراهنه والإستراتيجية المقبلة ستكون على عامل الزمن الذى يلعب لصالحهم وفق ما يظنون وأيضا حول تنفيذ كلمات أبوالفتوح على الأرض، فالخطة تتمحور حول الاستنزاف والإنهاك المستمر للنظام القادم بالمفاتيح الاقتصادية والتشهير الخارجى ما استطاعوا لذلك سبيلا، واستخدام التحالف العميق الذى تم مع جماعات الإرهاب المسلح من قبل التنظيم الدولى يخدم هذا التوجه كثيرا ولديه بؤرتان قادرتان على إطالة هذا الاستنزاف هما سيناء، ومن خلفها قطاع غزة وليبيا وبداخل شرقها المتاخم لمصر معسكرات الإعداد النموذجية، وتظل هذه الورقة الدامية هى القادرة على الخصم من رصيد المشير السيسى سريعا وهو القادم بتفويض الحرب على الإرهاب وبأحلام 30يونيو فى استعادة الدولة القادرة، وتظل هذه الورقة أيضا بجانب التشهير والابتزاز الدولى هما مفتاح التفاوض الذى سيستخدمه التنظيم الدولى فى ترتيبات القادم مع نظام السيسى أو غيره، فالبحث والترتيب يدور الآن حول الطرف الذى سيقرب وجهات النظر ويضغط على نظام الدولة من أجل إعادة الإدماج بأى صورة من الصور وضمان موطئ قدم حتى ولو كان على حافة نافذة المشهد .
إثارة أكبر قدر ممكن من الضجيج الإرهابى والاحتجاجى والإعلامى الداخلى والخارجى وإرباك مسار المتطلبات الحياتية للمواطنين، مع امتلاك مفاتيح هذا الضجيج كاملة، هى ما سيطرحه التنظيم فى مساومته مع النظام القادم من أجل الحفاظ على حياة بقرة التنظيم المقدسة، وهو أقصى ما يمكن تقديمه للأتباع فى الداخل ضمانا لعدم انفلاتهم منه للأبد، وما بدا أنه هو المتفق عليه مع الخارج الذى سيستخدمه فى الضغوط والمناورات التى ستتم على النظام كضمانة لعودة الهدوء وصيغة للاعتراف والتعامل الدولى الكامل مع مصر، ليتفرغ التنظيم الدولى من الآن التجهيز لانتخابات البرلمان المقبل والرئاسة بعد المقبلة، فى إنتظار أى متغير دولى قد يحدث قريبا يصب فى صالح ترميم الصدع الفادح الذى أصاب المشروع برمته فى مقتل غير مسبوق
فى معظم الحديث الدائر الآن عن خطط الإخوان المسلمين المستقبلية يظهر بوضوح عمق المأزق التاريخى الذى أصاب التنظيم فى مقتل، وهو ما جعل كل المرتبطين به داخليا وخارجيا يتداعون جميعا فى محاوله للإجابة عن السؤال اللغز ماذا بعد ؟؟
و«ماذا بعد» تلك وإن كانت هى اللحظة الحاكمة فعلا فى مصير التنظيم، فإن الإجابة عنه الآن وسط تشابك الخيوط من حوله فى الداخل والخارج، تحتاج إلى مهارة إستراتيجية نادرة لا تظهر أىا من أماراتها حتى الآن، وتحتاج فضلا عن تلك المهارة حيوية فاعلة قادرة أيضا على التعامل مع المتغيرات المتلاحقة التى يواجهها التنظيم كل لحظة، وهى متغيرات من الوزن الثقيل، بحجم ثورة 30يونيو وضربة منطقة الخليج الحاضنة التاريخية واختلال موازين القوى الدولية التى برعوا قديما فى التعامل معها، لذلك نحن أيضا يصيبنا قدر كبير من هذه الصعوبة ونحن نحاول الإجابة عن سؤال من نوع ماذا بعد بالنسبة للإخوان؟ ولنساعد أنفسنا سنعود خطوتين فقط للوراء لمحاولة فك شفرة التعامل مع القادم بالنسبة للتنظيم، خصوصا فى موضوع انتخابات الرئاسة وهو العنوان الأهم الآن .
منذ نحو شهرين من الآن انتهت المخابرات الأمريكية من إجراء أكثر من تقدير موقف للداخل المصرى وكان العنوان الأبرز فيهم جميعا، هو كيف ستدخل القاهرة انتخابات الرئاسة المقبلة، وما المسارات المتوقعة لذلك فى ظل الشعبية الجارفة التى حظى بها المشير السيسى والتى يصعب تجاهل تمددها المتزايد يوميا؟ تتضمن تقديرات الموقف عادة مقترحات تقدم لصانع القرار لمحاولة الخروج من الأزمة فمازالت الولايات المتحدة الأمريكية تقيم ما جرى فى مصر بعد 30 يونيو بالأزمة الكبيرة خصوصا وأنها تنظر لمصر فى وضعها الإقليمى وارتباطه بالمصالح الأمريكية نظرة تفوق الأهمية بكثير، لذلك برز فى تقديرات الموقف مقترح تكرر أكثر من مرة عن ضرورة مشاركة مرشح رئاسى يجمع حوله الصوت الإسلامى ويعيد تجميع المشتت والمبعثر من التيارات الإسلامية التى مازالت تعيش ضربة عدم الاتزان فيما بعد 30يونيو، والغريب أن التقرير وصف التيار السلفى العريض بمختلف انتماءاته الحزبية وغير الحزبية بنفس وصف عدم الاتزان والتشتت الذى تقع تحت وطأته التشكيلات الإسلامية الأخرى، وبعد أكثر من تقرير وصف الحالة بدقة كان المقترح الواجب هو البحث عن المرشح الذى سيجمع هذا الشتات مع العمل المتوازى فى الإلحاح على كراهية إعادة إنتاج نظام عسكرى لضم كل المعترضين الآخرين مع هذه الكتلة لعمل توازن فى الساحة، واستغلال هذه الكتلة فى تعويق مشروع 30يونيو الذى يتصدره ترشح المشير السيسى .
كلفت المخابرات الأمريكية كعادتها المخابرات البريطانية بالتواصل مع التنظيم الدولى للإخوان والجلوس مع أحد أهم أعضائه الموجود بلندن (جمعة أمين) لطرح المقترح الأمريكى باسم الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح، المرشح الرئاسى السابق ليلعب دور مرشح الصوت الإسلامى وتوابعه، وهو اختيار وصلت له أمريكا كأحد أفضل البدائل الذى يمكن المراهنة على حسن إدارته لهذا السباق، وأنجزت المخابرات البريطانية المطلوب وأيدته بالفعل كأفضل الخيارات المطروحة، فهى تراه يتفوق على باقى البدائل فى كونه شارك جزئيا فى ثورة 30يونيو وامتدادات علاقاته بمختلف التيارات الإسلامية أكثر من جيدة، ولديه مفاتيح فك شفرتها جميعا، ليبقى فقط دعم التنظيم فى الخارج وتوجيههم إلى الداخل بتنظيم الصفوف المطلوبة، تلقى التنظيم الدولى هذا الطرح وعكف على دراسته وتقييم نزول أبوالفتوح كفرس رهان يمكن وضع محنة التنظيم بين يديه خلال مشواره الرئاسى المدعوم خارجيا، ممن جلسوا معهم وهو أهم ما فى الطرح ..تباطأ الرد الإخوانى وتعلل التنظيم الدولى أمام المنتظرين بانشغاله بجلسات محاكمة محمد مرسى وقيادات الإرشاد بالداخل، وتواصلت المشاورات مع الداخل والخارج حتى خرجت أخيرا الصفعة المدوية من خلف قضبان طرة لتصل مباشرة لكل أصحاب هذا الطرح برفض نزول أبوالفتوح كمرشح إسلامى يصطف خلفه الإخوان وتوابعهم، جاء الرفض الإخوانى باختصار من خيرت الشاطر ومحمود عزت اللذين قصدا أن يرجآه إلى اللحظات الأخيرة، بقصد إرباك المخططين لهذا المشهد وعلى رأسهم أبوالفتوح بالطبع الذى سار مخدرا وراء الوعود الدولية والدعم الخارجى، وقدم أوراق اعتماده للتنظيم فى موقفه من مقاطعة الاستفتاء على الدستور وتبنى الخطاب الإخوانى كاملا بألفاظه وتحدث عن المعتقلين وعدم الإقصاء ومبادرات التصالح بين كل الأطراف وكل الطلبات الإخوانية الملحة فى هذا التوقيت، وتقلب أبوالفتوح حول أحلام
"فارس الإحياء الثالث " للجماعة بعد محنتها القاسية التى تدهس المشروع بكامله، وظل أبو الفتوح فى هذا التخدير حتى جاءته الصفعة المدوية بالرفض الإخوانى لدعمه فى انتخابات الرئاسة أو للتواصل مع أطياف الصوت الإسلامى للوقوف خلفه .
وإذا أبوالفتوح يخرج تحت وقع هذه الهزيمة المتكرره ليهذى فى أغرب مؤتمر إعلامى بحديث صادم ومجموعة متتالية من الحوارات الصحفية جميعها مع وسائل أجنبية أخذته بعيدا تماما عن كل التوقعات، فقد ذكر المرشح الرئاسى السابق أن المصريين سيثورون مرة أخرى على ما وصفه بالحكم العسكرى بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، التى قال إنها واسعة النطاق وتبنى أمام الميكروفونات وفى المنشور على لسانه رقم ال 20 ألف معتقل فى سجون النظام وكذلك بسبب الضائقة الاقتصادية..فقد قال أبو الفتوح خلال مؤتمر صحفى عقد فى مقر الحزب فى القاهرة "نحن لا نرضى لضمائرنا أن نشارك فى عملية تدليس على شعبنا أو خديعة للشعب المصري.. حينما يغيب 21 ألف ناشط فى السجون والمعتقلات ثم نطالب بعمل انتخابات‬.. فمن سيشارك إذن فى هذه الانتخابات؟"، وأن هناك تعثرا فى مسار الانتقال السياسى والتقدم الاقتصادى فى مصر منذ انتفاضة 2011 م التى أطاحت بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، وفى يوليو أعلن قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسى عزل الرئيس محمد مرسى المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشدة على حكمه كانت تطالب بانتخابات مبكرة .
وفى مقابلة منشورة مع "وكالة رويترز" ذهب إلى أبعد من ذلك وهو يقول الشعب «سوف يغضب» مرة أخرى، ويقوم بثورة للإطاحة بهذا القمع. الشعب المصرى لن يقبل هذه المسائل وأضاف "القمع الحالى أسوأ من أيام مبارك عشرات المرات ، وقال أبو الفتوح إن رجال مبارك عادوا للانتقام ويصرون على سحق الحريات التى كانت من مكاسب انتفاضة 2011 م، من أجل حماية مصالحهم وممارساتهم الفاسدة – على حد قوله ، وقال ما يحدث الآن هو ضد ثورة يناير... وهذا لن يكون. وأنا أعتبر دى كبوة. اللى احنا فيه الآن كبوة من كبوات الثورة والثورة ستعود، وقال إنه قرر ألا يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، لأن السلطات أقامت فى البلاد ما قال إنها جمهورية الخوف وكذلك لأن وسائل الإعلام التى تملكها الدولة ووسائل الإعلام التى يملكها رجال أعمال من عهد مبارك صارت بعيدة عن اللعب النزيه كما يقول.
وقال أبو الفتوح "هل يستطيع أى متابع أن يقول إن الانتخابات المقبلة (ليست) محسومة لصالح الفريق السيسي؟ لا أحد يستطيع القول بغير ذلك ، وأضاف بعد كل (هذه) الدعاية سبعة أشهر بكل وسائل الإعلام الرسمى والخاص وأموال رجال الأعمال التى ملأت حوارى وزقاقات مصر هتافا باسم السيسى سواء هو يريد هذا أم لا يريده - بعد كدا اللى ينزل يعمل إيه يعنى؟ ولم يؤكد السيسى حتى الآن أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية لكن يتوقع على نطاق واسع أن يعلن ذلك قريبا وأن يفوز بأغلبية ساحقة فى الانتخابات التى ستجرى خلال بضعة أشهر.
وقال أبو الفتوح إن شعبية السيسى مصطنعة وإن المصريين تعرضوا لعملية غسل مخ، وسيفقدون صبرهم مرة أخرى إذا استمرت مصر على نهجها الحالي، وقال "مصر ممكن تدخل فى انهيار اقتصادى لو استمر الوضع هكذا"، وأضاف "إن مصر فى حالة أزمة اقتصادية وما يدفع الأمور للأمام ما يأتى من أموال من دول الخليج" ومضى يقول: " لكن لا يمكن لدول الخليج أن تستمر فى دعم النظام الفاشل الحالى " .
موقف مكتب إرشاد وهو الذى مازال مسيطرا على مفاصل التنظيم الدولى من انتخابات الرئاسة، فضلا عن أحاديث عبد المنعم أبوالفتوح هى كود فك شفرة القادم حتى الآن، فسبب رفض التنظيم لطرح الغرب الداعم والحاضن تمثل فى رغبة التنظيم الإفلات من المواجهه المباشرة وتجرع هزيمة تالية حتى وإن كانت رمزية، فضلا وهو الأهم إخفاء "العدد الموالي" فعدد الأصوات فى الصناديق لعبد المنعم أبوالفتوح سيصبح هو العدد الذى سيتعامل به التنظيم طوال الفترة المقبلة، وهو عدد معلن فى حالة خوض الانتخابات سيوصم به التيار الإسلامى طويلا وينسف رغبة التنظيم الصارمة فى جعل هذا الأمر تحديدا غائما وتقديريا وأكبر من حجمه بقدر المستطاع، لأن المراهنه والإستراتيجية المقبلة ستكون على عامل الزمن الذى يلعب لصالحهم وفق ما يظنون وأيضا حول تنفيذ كلمات أبوالفتوح على الأرض، فالخطة تتمحور حول الاستنزاف والإنهاك المستمر للنظام القادم بالمفاتيح الاقتصادية والتشهير الخارجى ما استطاعوا لذلك سبيلا، واستخدام التحالف العميق الذى تم مع جماعات الإرهاب المسلح من قبل التنظيم الدولى يخدم هذا التوجه كثيرا ولديه بؤرتان قادرتان على إطالة هذا الاستنزاف هما سيناء، ومن خلفها قطاع غزة وليبيا وبداخل شرقها المتاخم لمصر معسكرات الإعداد النموذجية، وتظل هذه الورقة الدامية هى القادرة على الخصم من رصيد المشير السيسى سريعا وهو القادم بتفويض الحرب على الإرهاب وبأحلام 30يونيو فى استعادة الدولة القادرة، وتظل هذه الورقة أيضا بجانب التشهير والابتزاز الدولى هما مفتاح التفاوض الذى سيستخدمه التنظيم الدولى فى ترتيبات القادم مع نظام السيسى أو غيره، فالبحث والترتيب يدور الآن حول الطرف الذى سيقرب وجهات النظر ويضغط على نظام الدولة من أجل إعادة الإدماج بأى صورة من الصور وضمان موطئ قدم حتى ولو كان على حافة نافذة المشهد .
إثارة أكبر قدر ممكن من الضجيج الإرهابى والاحتجاجى والإعلامى الداخلى والخارجى وإرباك مسار المتطلبات الحياتية للمواطنين، مع امتلاك مفاتيح هذا الضجيج كاملة، هى ما سيطرحه التنظيم فى مساومته مع النظام القادم من أجل الحفاظ على حياة بقرة التنظيم المقدسة، وهو أقصى ما يمكن تقديمه للأتباع فى الداخل ضمانا لعدم انفلاتهم منه للأبد، وما بدا أنه هو المتفق عليه مع الخارج الذى سيستخدمه فى الضغوط والمناورات التى ستتم على النظام كضمانة لعودة الهدوء وصيغة للاعتراف والتعامل الدولى الكامل مع مصر، ليتفرغ التنظيم الدولى من الآن التجهيز لانتخابات البرلمان المقبل والرئاسة بعد المقبلة، فى إنتظار أى متغير دولى قد يحدث قريبا يصب فى صالح ترميم الصدع الفادح الذى أصاب المشروع برمته فى مقتل غير مسبوق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.