الطيب الصادق الصعيد ظل مهملا علي مر السنوات الماضية، وبرغم ذلك الحكومات تستغله كمادة للمتاجرة السياسية ومع وعود بلا تطبيق علي أرض الواقع ومشروع توشكي أكبر دليل على ذلك، إضافة إلى أن المشروعات الاستثمارية التي أعلنت عنها الحكومات المتعاقبة لم يتم تنفيذ أي منها لتأتي حكومة الببلاوي أخيرا وتفتح مشروعات الحلم الضائع، وهو المثلث الذهبي للثروة المعدنية في جنوب مصر الذي يشمل محافظات سوهاجوقنا والبحر الأحمر، حيث قررت الحكومة طرح المشروع الشهر المقبل على أحد بيوت الخبرة العالمية ليتولى إعداد الخطة الشاملة لتنمية وتطوير منطقة المثلث الذهبي، بحيث تشمل تلك الخطة كل أنشطة الاستخراج والتصنيع وتجارة المعادن والطرق والموانئ والمطارات والتنمية السياحية والعمرانية. في الوقت ذاته دشن الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين شركة قابضة لتنمية الصعيد برأسمال مليارا جنيه بتمويل من رجال أعمال مصريين، وذلك لتمويل المشروعات التي تقترحها كل محافظة بمحافظات الصعيد، وبحسب تصريحات اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية التي تؤكد أنه من المقرر أن تتم زيادة حجم الاستثمارات بمناطق الصعيد من 60 مليار جنيه إلي 100 مليار وزيادة المناطق الصناعية خلال الفترة المقبلة إلى 46 منطقة وزيادة عدد المصانع من 2487 مصنعا إلى 4100 مصنع ورفع عدد العمالة من 110 آلاف حالياً إلى 224 ألفاً بالإضافة إلى إقامة 12 تجمعا صناعياً تعتمد علي الخامات المتوافرة بالصعيد مشيرا إلي أن إجمالي عدد الشركات الجديدة بالصعيد بلغت حوالي 484 شركة بإجمالي رءوس أموال بلغت 701 مليون جنيه. والشاهد أن المواطنين سئموا من التصريحات والقرارات الحكومية للعديد من المشروعات لتبقي المشروعات دائرة مفتوحة للنقاش والكلام وأحلاماً ضائعة، وهو تم استغلاله كنوع من التسويق للحكومة فقط، ولذلك لابد من وقفة حقيقية لأن أكثر المحافظات فقرا في مصر هي محافظات الصعيد، حيث تحتل سوهاج المرتبة الأولي في الفقر، ثم قنا تليها أسيوط، ويعاني الصعيد الإهمال علي مر السنين وأغلقت العديد من المصانع أبوابها لأسباب عديدة، مثل عدم توافر الصرف الصحي بشكل جيد و التضرر من قرار الحكومة بوقف المحاجر، وهو ما أدي إلي تسريح العديد من العمالة بخلاف الدول المتقدمة التي تهتم بالمناطق الصناعية وتحسن الخدمات والمرافق فيها، ومصر تحتاج إلى نهضة صناعية وتوفير سبل الاستثمار عن طريق العمل لحل مشكلات الصناعة والمستثمرين. المهندس محمود الشندويلى، رئيس جمعية مستثمرى سوهاج يؤكد أن المثلث الذهبى الذي تسعى الدولة لاستثماره يزيد على 250 ألف فدان ويمتد من قناجنوبا حتى مدينة دار السلام، أحد مراكز محافظة سوهاج، مشيرا إلي أن منطقة المثلث الذهبى تصلح لإقامة صناعات تعدينية واستثمارات زراعية بالإضافة إلى المشروعات العقارية والإنشائية. وأوضح أن إنشاء وتنمية المثلث الذهبى بصعيد مصر يحرك عجلة الإنتاج المتوقفة منذ أحداث ثورة 25 يناير 2011، وأن اهتمام الدولة بتعظيم الاستفادة من موارد صعيد مصر الطبيعية وثرواته التعدينية سيجعل من محافظات الصعيد عنصر جذب لا يمكن منافسته على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا مشيرا إلي أنه يمكن إقامة صناعات ثقيلة بالإضافة إلى الصناعات كثيفة الاستهلاك في الطاقة كصناعات الأسمنت والحديد، و الصناعات الكيماوية التي يمكن استغلال قربها من ميناء سفاجا في تصديرها إلى دول الخليج العربى إفريقيا. وحول المشكلات التي يعانيها الصعيد يقول الشندويلي، إن المشكلة الرئيسية تتمثل في البنية التحتية للمناطق الاستثمارية والصناعية، فضلا عن توقف تسكين المناطق والطرق غير الممهدة والمعاناة من توصيل مياه الشرب للمصانع وقطع الكهرباء بشكل مستمر وعدم الإحلال والتطوير، فضلا عن محاسبة بعض المناطق الصناعية في الصعيد بتعريفة مختلفة عن المناطق الأخري في مصر حيث ترتفع تكلفة المنتج عن المنتجات التي يتم طرحها في مناطق صناعية أخري وهو ما يؤدي إلى عدم التسويق والبيع، كما توجد مشاكل إدارية خصوصاً عدم الفهم الواضح لاحتياجات المصانع وعدم التخطيط الجيد للمناطق وعشوائية اتخاذ القرارات. كما يؤكد المهندس عمرو فارس، عضو مجلس إدارة اتحاد مستثمري صعيد مصر، أن الصعيد يعاني من الإهمال منذ سنوات طويلة وتم استهلاكه كمادة للتجارة السياسية علي مدار الحكومات المتعاقبة والحالية ولم نر أي حكومة تناولت الاستثمار في الصعيد بشكل جدي ورؤية واضحة، حتي حكومة الببلاوي التي صرحت أخيرا بتطوير المثلث الذهبي بالصعيد، يعد تكراراً واضحاً لنفس السيناريوهات السابقة التي فشلت، ولو تم الاستمرار بهذا الشكل ستتم مناقشة الموضوع حتي أزمان مقبلة، مشيرا إلي أن هناك جمعيات ومستثمرين في الصعيد يمكن من خلالهم التعرف علي المشكلات لحلها بشكل نهائي. وأكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن الصعيد هو الأكثر إهمالا وفقرا والأقل تنمية، برغم أنه يمكن أن تبني عليه دول، لأن الصعيد يمتد من الجيزة حتي حلايب وشلاتين، ويمتلك أكثر من ثلثي مساحة مصر يوجد فيها 10 % فقط من حجم الاستثمارات الموجودة في مصر وتتراوح نسبة البطالة من 30 % إلي 40 % وتصل نسب الفقر إلي 50 % وبعض القري تصل إلي 80 % وتتمثل مشكلة الصعيد في عدم وجود تنمية، والمشروعات المعلن عنها وهمية والحكومات فشلت وعجزت عن إقامة مشروعات، ولم تستطع استغلال الثروات الموجودة في الصعيد لأن هناك محافظة واحدة في الصعيد هي الأقصر بها 90 % من آثار مصر وثلث آثار العالم لم يتم استغلالها بشكل سليم، فضلا عن وجود طريق نهري غير مستغل و90 % من المحاجر والمناجم موجود في الصعيد، والمثلث الذهبي به نسبة كبيرة من الثروة التعدينية الموجودة في مصر، ولا يوجد أي استغلال حقيقي للتنمية في الصعيد لعدم وجود رؤية وإستراتيجية واضحة حتي الآن، فضلا أن المدن الصناعية واهية ولا يوجد إحلال وتجديد للطرق، ولا توجد مرافق وقائمة علي طرنشات المياه وشبكات ضعيفة وعدم توفير الطاقة وبنية أساسية مفقودة، فضلا عن أنه لا يوجد تحفيز للمناطق النائية حتي الحوافر التي كانت موجودة في قانون ضمانات وحوافز الاستثمارات رقم 8 لعام 1997 تم إلغاء بعض موادها الخاصة بالإعفاءات الضريبية والاستثمارية وتم تعديله بقانون رقم 91 لسنة 2005، ولذلك لا توجد قوانين تعمل علي تشجيع الاستثمار في الصعيد، مشيرا إلي أن تنمية الصعيد هو كلام للاستهلاك المحلي، متسائلا من أين ستأتي الحكومة بالتمويل لهذه المشروعات؟ وعن التحديات التي تواجه المشروع، يقول الدكتور السيد، إن هناك إشكالية في التقسيم الجغرافي للمحافظات في الصعيد، وهي من أحد العوامل التي تسببت في قلة تنمية الصعيد، وذلك لأن مساحات طولية ومحددة علي واد ضيق وبعيدة عن البحر المتوسط والبحر الأحمر، ولذلك لابد من ربط هذه المحافظات بالموانئ وهو ما يسهل التجارة والتصدير للخارج وهو إجراء جغرافي وتعديل في التقسيم الإداري لهذه المحافظات لتصل إلي تصدير واستيراد المنتجات