أرجأت محكمة مصرية اليوم الخميس نظر قضية 43 مصريا وأجنبيا يعملون في منظمات غير حكومية بتهم تتصل بتلقي أموال أجنبية دون موافقة حكومية وممارسة نشاط دون ترخيص إلى العاشر من أبريل نيسان. وأثارت القضية أزمة في العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة التي تقدم تمويلا للمنظمات التي تقول إنها تعزز الديمقراطية في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان. ومن بين المتهمين 16 أمريكيا. وكانت دائرة أخرى بمحكمة جنايات القاهرة بدأت نظر القضية يوم 18 فبراير شباط وأجلت نظرها إلى 26 ابريل نيسان لكنها تنحت أواخر الشهر الماضي قائلة إنها تستشعر الحرج. وقالت صحف محلية إن المحكمة تنحت بسبب ضغوط عليها لترفع حظرا على سفر المتهمين الأجانب وأغلبهم أمريكيون. وفي وقت لاحق نظرت القضية دائرة خاصة في محكمة استئناف القاهرة وقررت رفع حظر سفر المتهمين الأجانب الذين غادر أغلبهم القاهرة وسط انتقادات من مجلسي الشعب والشورى وأحزاب سياسية للحكومة واتهام لها بالرضوخ لضغوط الولاياتالمتحدة. كما تلقت النيابة العامة عشرات البلاغات التي تطالب بالتحقيق مع رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبد المعز إبراهيم بتهمة الضغط على الدائرة التي تنحت عن نظر القضية. وقال مجلس القضاء الأعلى الذي أحيلت إليه البلاغات إنه يجري تحقيقا "لاستجلاء الحقيقة". وتسبب سفر المتهمين الأجانب في تخفيف حدة الأزمة لكن التهم ما زالت قائمة ويتوقع محام أن تستمر المحاكمة غيابيا للمتهمين الذين غادروا البلاد. ونظرت القضية اليوم دائرة مغايرة في محكمة جنايات القاهرة. ومثل في قفص الاتهام 14 مصريا والأمريكي روبرت بيكر كبير مدربي الأحزاب السياسية في المعهد الديمقراطي الوطني وهو منظمة أمريكية تربطها صلات غير وثيقة بالحزب الديمقراطي الأمريكي ومقرها في الولاياتالمتحدة. وقال محاميه ثروت عبد الشهيد "موكلي رفض السفر بالرغم من أنه سدد الكفالة لثقته في القضاء المصري." وقال أحد مؤيديه المصريين الذين حضروا الجلسة طالبا ألا ينشر اسمه "بيكر رجل نحترمه جميعا. كنت أحد أعضاء الأحزاب الذين دربهم. تعلمنا منه كيف نشارك في حملة أثناء الانتخابات وماذا يعني الحكم الديمقراطي. هو رجل جيد يحترم المصريين." وتغيب المتهمون الأجانب عن الجلسة الأولى. وهددت الاتهامات للمنظمات ومنها منظمات تتلقى تمويلا من الإدارة الأمريكية المساعدات العسكرية التي تحصل عليها مصر والتي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا. وقالت واشنطن إنها ترى أن القضية لم تنته برفع حظر السفر عن المتهمين الأجانب والذي تم مقابل كفالة تبلغ مليوني جنيه (330 ألف دولار) لكل متهم وهي تطالب القاهرة بالسماح بنشاط المنظمات. ودفعت واشنطن الكفالات. وقالت مصر إن الجمعيات الأهلية التي تصرح لها بالنشاط لا يحق لها النشاط السياسي. وقالت وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا إن نشاط المنظمات انطوى على تقويض لوحدة مصر الإقليمية. وداهم محققون مكاتب منظمات المجتمع المدني يوم 29 ديسمبر كانون الأول وصادروا أجهزة كمبيوتر ومعدات أخرى وأموالا ووثائق. وأحيل المتهمون إلى محكمة جنايات القاهرة في الخامس من فبراير شباط. وكان من بين الممنوعين من السفر سام لحود مدير المعهد الجمهوري الدولي في مصر وهو ابن وزير النقل الأمريكي. ومقر المعهد في الولاياتالمتحدة. وقال رئيس المحكمة المستشار مكرم عواد في ختام جلسة اليوم إن المحكمة "أمرت بضبط وإحضار 15 متهما كان قاضيا التحقيق وضعوهما على قوائم ترقب الوصول." ويشير رئيس المحكمة إلى متهمين سافروا إلى الخارج في مرحلة التحقيق وبعضهم أمريكيون. وقالت مصر إن سفرهم خلال تلك المرحلة فرض عليها منع سفر المتهمين الآخرين الذين لجأ عدد منهم إلى السفارة الأمريكية في القاهرة بعد منع سفرهم. وفي القضايا المماثلة تقوم النيابة العامة بإعلان المتهمين المقيمين خارج البلاد من خلال وزارة الخارجية المصرية. وبدأت الجلسة بتدافع محامين يمثلون أنفسهم إلى قرب المنصة لإثبات طلبات أبرزها إضافة تهمة التجسس للمتهمين الذين قال المحامي مجدي أحمد رفاعي إن قضيتهم خطيرة وتضر بالمصالح الوطنية المصرية وهو ما أثار غضب واعتراض محامين يدافعون عنهم وأقارب لهم حضروا الجلسة. ويرى نشطاء مصريون يدعون للديمقراطية أن القضية دليل على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في انتفاضة شعبية في فبراير من العام الماضي يحاولون إسكات أصوات معارضيهم الأكثر انتقادا.