حوار إيهاب عطا في قرار هو الأجرأ إداريا على مستوى الجامعات المصرية على مدار عدة عقود، أصدر رئيس جامعة المنوفية د. صبحي غنيم، قرارا بإيقاف 16 أستاذاً من أعضاء هيئة التريس بالجامعة عن العمل، وخصم ربع مرتبهم لمدة 3 أشهر عقابا على تظاهرهم أمام مكتبه في غيابه، أثار القرار ردود فعل ساخطة ووضع علامات استفهام عديدة حول خلفية القرار والضرورة إليه، كان من المقرر أن نلتقي طرفي القضية، لكنهم تهربوا من اللقاء بعد أخذ عدة مواعيد من ممثلهم د. شريف حامد، "الأهرام العربي" لم تفوت الفرصة والتقت رئيس الجامعة وواجهته بتلك التساؤلات، فكان هذا الحوار. قمت بإيقاف مجموعة من أعضاء هيئة التدريس عن العمل وإحالتهم للتحقيق، لماذا؟ أنا عودت جميع العاملين في الجامعة أن مكتبي مفتوح طول الوقت، ومن يريد أن يعرض على شيء يدخل دون انتظار، سواء كانت مشكلة أم شكوى أم اقتراحاً، وفي هذا اليوم كان عندي موعد في القاهرة مع الوزير د.حسام عيسى، بخصوص المستشفيات ومعهد الكبد في المنوفية، وبينما أنا في الطريق وجدت اتصالاً من الإداريين في(مبنى إدارة الجامعة) يخبروني أن هناك مجموعة من الأساتذة مجتمعين ويرفعون إشارة رابعة ولافتات بمطالب لهم، فقلت لهم دعوهم يقفون بعض الوقت، ثم يقدمون مطالبهم وينصرفون، وانقطع الاتصال بيني وبينهم لمدة ساعة تقريبا، كنت قد وصلت لمكتب الوزير، فاتصلت بهم فأخبروني أنهم اقتحموا مكتبي ويحاولون الاعتصام فيه، وحدثت مشادات بينهم وبين الإداريين العاملين في مبنى الإدارة، حيث رفعوا صوراً للفريق السيسي ردا على صور إشارة رابعة وتطور الأمر إلى اشتباك بالأيدي. ألا يوجد نواب لرئيس الجامعة لكي يتولوا حل المشكلة؟ يوجد أكثر من نائب، وبالفعل اتصلت بالدكتور سعيد شلبي، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، وكلفته بمتابعة الموضوع حتى أعود، وهذا ما حدث بالفعل حيث استطاع أن يفرق الأساتذة المتظاهرين، لكن كان الأمر تطور بشكل مؤسف حيث تجمهر الموظفون وأصبح عددهم كبيراً جدا ويريدون أن يفتكوا بالأساتذة ردا على اعتدائهم على زملائهم الموظفين، فأدخلهم د.سعيد إلى مكتبي فأحدثوا فيه فوضى، وافتعلوا مشاجرة في مكتب رئيس الجامعة ومع مدير المكتب وائل شاهين. وأين أمن المبنى في تلك اللحظة؟ موجود لكن لم يستطع السيطرة على الموقف بالكامل لأن أمن المبنى مكلف بحماية المبنى ويوجد خارج المكتب أمام البوابات لمنع اقتحامها تحت أي ظرف، وترك البوابات دون حراسة يعرض الإدارة كلها للهجوم من أي مجموعات أخرى محتملة. كيف تحكم بصدق الرواية التي حكيت لك عن الأساتذة وأنت غير موجود؟ عندما عدت كانت الساعة الثالثة عصرا والوقفة قد انتهت، لكن شاهدت بعيني آثار التجمهر في المكتب والفوضى التي أحدثوها وهم كانوا 16 أستاذاً جامعياً، ووجدت الشرطة والنيابة موجودة وتعاين المكتب وتجري التحقيقات واستدعوا جميع العاملين في الإدارة لأنه كان هناك عامل قام بعمل تقرير طبي أنه تم الاعتداء عليه وضربه، وأيضا موظف بالشئون القانونية على درجة مدير، ومن هنا تم استدعاء النيابة، فتابعت الموضوع حتى منتصف الليل يومها من مكتب مجاور. وما الخطوة التي اتخذتها ردا على هذا الموقف؟ قررت عقد مجلس طارئ للجامعة يتكون من عمداء الكليات ورئيس الجامعة ونوابه، ومن ضمن أعضائه محافظ المنوفية د. أحمد شيرين فوزي، وبدأ الاجتماع في تمام العاشرة مساء وضمن تشكيلة المجلس هناك عميد كلية الحقوق بما يعني الأخذ بالرأي القانوني. مثل هذا الإجراء أليس مبالغاً فيه لمواجهة وقفة احتجاجية من مجموعة من الأساتذة الذين هم في الأساس مجموعة من صفوة عقول أبناء المحافظة؟ الإجراء كان لابد أن يكون حازماً حتى لا تضيع هيبة الجامعة ومكانتها، وحرصا على ألا تزيد الأمور تعقيدا وتتكرر مثل تلك الوقفات والتي قد تكون من جانب الطلاب أو غيرهم، أو يتم تهديد استمرار الدراسة، وفي هذا الاجتماع عرضت عليهم المذكرة التي تم تقديمها للنيابة للنظر فيها، واتخاذ القرار المناسب والذي كان هناك إجماع عليه بإيقاف هؤلاء الأساتذة، لأننا إذا لم نكن قادرين على الجلوس على كراسينا "نروح نقعد في بيوتنا أحسن"، وليس هذا من الناحية الإدارية فقط، ولكن حمايتها أيضا. ولماذا لم تترك الأمر للنيابة تستكمل إجراءاتها وتعاقب المخطئ، طالما وصل الأمر للتقارير الطبية؟ أنا عندي في قانون الجامعات إجراءات وعقوبات أشد ردعا من القانون العادي، وهو ما لجأنا إليه في المادة 105، والمادة 106 من القانون 49 لسنة 1972، والمنظم للعمل في الجامعات المصرية وينص على أنه لرئيس الجامعة إيقاف عضو هيئة التدريس عن العمل وخصم ربع مرتبه لمدة 3شهور وإحالته للتحقيق، وهذا في عدة حالات منها الإخلال بمهام عمله وعدة أمور أخرى. لا أحد يشكك في جدوى هذا القانون، لكن الإجراء ضد عضو هيئة تدريس بالإيقاف قد يظن البعض أنه يجب أن يتعلق بجريمة أو سلوك مشين وليس للتعبير عن الرأي، ما تعليقك؟ التعبير عن الرأي مكفول للجميع وهؤلاء الأساتذة لو أنهم أخبروني بنيتهم الوقوف أمام المكتب للتعبير عن مطالبهم كنت سأوافق على طلبهم بل وسأكلف الأمن بحمايتهم حتى يقدموا مطالبهم ويلتقطوا الصور كما يشاءون كما في أوروبا، ثم ينهوا وقفتهم ثم ينصرفوا، لكن أن يتظاهروا دون إخطار مسبق ثم يتطور الأمر لاقتحام المكتب والاحتكاك بالموظفين الإداريين، ماذا بقى للطلبة عندما يرون أساتذتهم يفعلون هذا، سنعرض العملية التعليمية كلها للخطر، يجب ألا تكون أيدينا مرتعشة ونحن نتخذ أي إجراء حتى يؤتي ثماره. هناك من يشكك في نية مجلس إدارة الجامعة في قرارها، لأنها اتخذته ضد الأساتذة وتركت الموظفين وهم مشتركون في المشكلة؟ كيف نوقف الموظفين وهم المجني عليهم هناك، كما ذكرت لك هناك اثنان من الإداريين تقدما بشكوى للنيابة العامة وقدما تقارير طبية تثبت حقهم، وإلى الآن من ساعة وقوع هذا الحادث لم يتصل بي أي واحد منهما ولم يصدر منهما أي اعتذار أو يبرر موقفة أو يشرحه لي، وكأي شكوى لها طرفان أحقق مع المشكو في حقهما أم من قدم الشكوى. الأساتذة صرحوا بأنهم لم يقتحموا مكتبكم، ولكنهم كانوا يقفون سلميا حتى اعتدى عليهم بعض الموظفين في الإدارة فلجأوا إلى المكتب للاحتماء فيه بعيدا عن مناوشات العاملين والتحرش بهم؟ ليتهم فعلوا هذا، وكما قلت لك إنهم إذا كانت عندهم مطالب لماذا لم يستأذنوا في هذه الوقفة، وإذا رفضت ساعتها كان يحق لهم أن يفعلوا ما يشاءون، والقصة ليست قصة تظاهر، ولكن قواعد التظاهر أو الاحتجاج، والدليل عندك في الجامعة الطلاب عندما يريدون التعبير عن رأيهم يخرجون ويقفون. وبالنسبة للمظاهرات السياسية الطلابية التي بدأت مع العام الدراسي في معظم الجامعات كيف تواجهها؟ الحرية مكفولة لجميع الطلاب، لكن بشروط، فأنت من حقك أن تعبر عن رأيك لكن بثلاثة شروط وهي ألا يترتب على التظاهر إيقاف العملية التعليمية، وألا تشوه شكل المباني بالعبارات البذيئة، ووفقا للأعراف الجامعية وتحت رعاية رئيس الجامعة وإشراف الأساتذة، لكن أن يرمونا بالطوب أو المولوتوف، هذا لن يكون مقبولا. هل حدث أن ألقوا الطوب أو المولوتوف؟ لا .. لم يحدث ولكن أنا أفترض حدوث هذا, لذلك نأخذ خطوات احترازية ولن ننتظر حتى يتهجموا علينا. منذ فترة أثيرت مسألة الضبطية القضائية في الجامعات وصرح وزير التعليم العالي رفضه لها.. كيف ترى تطبيقها في الحرم الجامعي؟ عندما أثير هذا الموضوع اجتمعت بمجلس الجامعة وعرضت عليهم نفس مواد القانون 49، وعرضت عليهم العقاب الذي يتضمنه في حق الطالب أو حتى أي عامل أو موظف أو أستاذ داخل الجامعة، وأقنعتهم بأننا لسنا في حاجة إلى تطبيق الضبطية الجامعية، لأن عندنا في لائحة الجامعة إجراءات مشددة في حق من يرتكب مخالفة من الطلاب على وجه التحديد. وماذا عن عودة الحرس الجامعي؟ لسنا في حاجة لأي خطوات أو آليات استثنائية في وجود قانون الجامعات، والحاجة لحرس الجامعة هو لحماية الطلاب وضمان سلامة العملية التعليمية والدراسية، ومهامه تقتصر داخل أسوار الكلية ، بمعنى أنه غير مسئول عن الطلاب خارج الحرم الجامعي، فإذا خرجوا للشارع كان رجال الشرطة هم من يتعاملون معهم أو يحمونهم في نفس الوقت.