يأتى وضع أصحاب الديانة البهائية كثالث أقلية دينية فى المجتمع المصرى بعد الأقباط والشيعة، ليعلن عن آلام ومشاكل لا حصر لها يعانون منها بسبب - ما يرونه - تجاهلا وتهميشا وحرمانا من الحقوق الشخصية والاجتماعية مساواة بغيرهم من المصريين تحقيقا لفكرة المواطنة من حيث عدم قدرتهم على استخراج أوراق رسمية لهم لرفضهم وضع إحدى الديانات السماوية الثلاث فى خانة الديانة وهو ما يعتبرونه كذبا وتزويرا فى أوراق رسمية، وبعد 30 يونيو والاتجاه إلى وضع دستور جديد يعيشون حلما ولكنهم يرونه بداية نحو نيل جزء من حقوقهم، بعد أن تم الاستماع إلى مطالبهم فى لجنة الخمسين لتكون لهم فى الدستور مادة أو مواد تكفل لهم حياة كريمة. «الأهرام العربي»عاشت حلم هذه الأقلية الدينية، تواصلت معهم واستمعت لهم، وتطرح من خلال هذا التحقيق مناشداتهم ومطالبهم على المجتمع لتغيير نظرته لهم. البهائيون يعيشون فى مصر بحسب قولهم منذ ما يزيد على 160 سنة كمواطنين مصريين تجمعهم وحدة الأصل واللغة والأخلاق الطيبة مع باقى أبناء المجتمع المصرى وإن اختلفت الديانة، ويتمتعون بعلاقات اجتماعية طيبة مع جيرانهم وأصدقائهم من المسلمين والمسيحيين وغيرهم من الأقليات، رغم الكم الهائل من الانتقادات والهجوم والذى يصل أحيانا إلى درجة العداء، باعتبار أن هذه الأقلية الدينية كافرة، وتتبع ديانة ليست سماوية ولكنها بشرية بشر بها وأسسها بهاء الله «حسين على النوري» والذى كما يعتقد أصحاب الرسالات السماوية الإسلام والمسيحية واليهودية أن ادعاءه بأنه رسول يوحى إليه من الله، أهم سبب لتكفير تابعى تلك الديانة، حيث إن الإسلام تحديدا وكغيره من الديانات التى سبقته رأوا جميعا أنها آخر ديانة. ولا تتوقف العداوة عند نشأة الديانة وشريعتها بل يمتد إلى خلق ربط تاريخى بين البهائية واليهودية يجعل اليهودية الداعم الأساسى لنِشأة البهائية، وهو ما ينكره التابعون لديانة بهاء الله، فالعداء القائم بين الإسلام واليهودية لما فيها من تحريف، من جهة وبين المسيحية واليهودية من جهة أخرى يجعل العداء طبيعيا مع البهائية، وهو ما يجعل المنتمين لتلك الديانة يشعرون بالإقصاء والتجاهل فى كثير من المجتمعات التى يعيشون فيها، ويحاولون قدر استطاعتهم الانفتاح على الديانات الأخرى وتفعيل دور المشاركة والتواصل فيما بينهم. د. رؤوف هندى القيادى البهائى يرى الدستور الجديد بمثابة عقد اجتماعى وليس عقداً عقائدياً أو هكذا يجب أن يكون، بحيث يرى فيه كل مواطن مصرى نفسه بغض النظر عن دينه وفكره وانتمائه، وليس من وظيفة الدولة أن تختار لمواطنيها ديانتهم، ولكن مهمتها حماية ممارسة معتقدهم الخاص، ولو كان بوذيا واحدا يعيش فى مصر كان من الواجب الحفاظ عليه بما يسمح له ممارسة شعائره ويحصل على حقوقه، وهذا ما أكدناه فى لقائنا مع القائمين على لجنة الخمسين مثل السيد عمرو موسى والمتحدث الرسمى لها محمد سلماوى، وطالبنا بأن يتم الاعتراف بالمواثيق والعهود الدولية التى وقعت عليها مصر التى تعنى بحقوق الإنسان وتضمينها بالدستور. وأكد د. رؤوف أن الديانة البهائية هى إحدى الديانات العالمية المعترف بها من الأممالمتحدة، وهو ما أقر به د. بطرس غالى والذى كان أمينا عاما لها لعدة سنوات، لا فرق بين ديانة سماوية أو غير سماوية فى مسألة الحقوق، والمفارقة أن تجد أن المسيحية لا تنظر إلى الإسلام على أنه دين سماوى، وكذلك اليهود لا يعترفون بالمسيحية، ومع ذلك تطلق الأممالمتحدة مؤتمرات تحت شعار " الحوار بين الأديان ". والديانات المعترف بها فى العالم هى تسعة أديان من بينها البهائية، وتوجه لنا دعوات لحضور تلك المؤتمرات على قدم المساواة مع الأزهر والكنيسة، المصريون لا يعرفون التعصب . د. بسمة موسى، أستاذ جراحة الفك والوجه بطب أسنان القاهرة، أحد رموز الديانة البهائية فى مصر تشكو من وجود اتهامات توجه للبهائيين بوصفهم عبدة شيطان، وهذه كلها – كما تقول - أراجيف وخزعبلات لتخويف الناس من البهائيين، رغم أنها لا تختلف فى قيمها ومبادئها مع كثير من الديانات السماوية وغير السماوية، للبهائية كتاب رئيسى يسمى بالكتاب الأقدس وله شرع خاص وموجود فى أكثر من 235 دولة ومقاطعة فى العالم ومعترف به فى الأممالمتحدة، وله دور تنويرى فى الحياة الإنسانية، فلنا شعائر وصوم وصلاة، ونؤمن بالمحبة العطاء ونشر قيمها بين الناس، ونبذ التعصبات بسبب الدين أو الجنس أو اللون. أما المحامى والناشط البهائى عادل رمضان، وفيما يخص بمناهج التعليم التى تدرس فى المدارس فى مختلف المراحل والتى لا تذكر من قريب أو بعيد أى شئ يخص الديانة البهائية، فيرى أن هذا ما يجبر الطلاب البهائيين على دراسة مناهج لا تناقش حياتهم الدينية والشخصية، وهذا يحمل ضمن طياته قيم العنصرية والإقصاء، والمخرج الذى يتجه إليه الطالب البهائى هو الاختيار بين المنهجين الإسلامى أو المسيحى كمقرر دراسي، وأولياء الأمور اعتادوا مقابلة إدارة المدارس والتعريف بهويتهم البهائية فتخيرهم الإدارة بين منهج الدين الإسلامى "التربية الإسلامية" أو التربية المسيحية، وهو ما تسمح به الديانة البهائية لأنها تؤمن بما قبلها من الأديان فتعترف بالاسم كدين سماوى كما تعترف بالمسيحية واليهودية أيضا. وفى عهد مبارك كان الطالب البهائى يؤدى الاختبار فى مادة تسمى "القيم الإنسانية" وهى تهتم بالقيم الإنسانية دون حصرها فى شكل دينى أو عقائدى.