مهدى مصطفى قبل محاكمة الرئيس السابق محمد مرسى بيوم واحد، وصل إلى القاهرة جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى إلى مصر، ضمن زيارة خاطفة شملت السعودية والإمارات والأردن والمغرب والجزائر، و«إسرائيل»! وبعض المحللين السياسيين ربطوا بين هذه الزيارة وبين محاكمة جماعة الإخوان، المدعومة بالخريف الأمريكى منذ 25 يناير إلى الآن. كيرى، وجد وقتا ليلتقى برجال منظمات المجتمع المدنى بعد ثورة 30 يونيو، لتقديم التقارير الواجبة عن الأوضاع فى مصر، وكان نفس الرجل التقى نفس المنظمات أثناء حكم الرئيس السابق مرسى، وحصل على صورة شاملة عن الساحة المصرية، وأحد أعضاء هذه المنظمات صرح بأن كيرى يدعم النظام الجديد كما كان يدعم مرسى! طبعا كيرى التقى منظمات حقوقية وسياسية فى القاهرة، ولا نظن أنه قابل مثل هذه المنظمات فى العواصم العربية الأخرى، وهذا يذكرنا بزيارات أولبرايت وكوندوليزا رايس، وزيرتى الخارجية الأمريكية السابقتين لهذه الجماعات المرتبطة بالإدارة الأمريكية العميقة، وأيضا ما كان يجرى من سفراء أمريكا المتعاقبين فى القاهرة بينهم وبين نشطاء هذه المنظمات! هذه قصة صغيرة على هامش الهدف الكبير من زيارة كيرى إلى مصر والبلاد العربية المشار إليها سابقا، فالقصة الكبيرة تكمن فى أنه زار البلاد التى وضعها الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش ضمن مشروع (المظلة النووية الأمريكية)، التى رفضتها القاهرة فى ذلك الوقت، وكانت ستضم: دول مجلس التعاون الست (السعودية، الإمارات، قطر، البحرين، سلطنة عمان، الكويت) ومصر والأردن والمغرب، وإسرائيل. وكيرى أضاف إلى هذه الدول الجزائر التى تدخل الآن عصر التغيير! أهم تصريحات كيرى، كانت عن الملف السورى حين قال: إن الولاياتالمتحدةالأمريكية ترغب فى حكومة انتقالية فى سوريا، وهذا استباق لمؤتمر جنيف2، وهو يعنى هنا أن الاتفاق الأمريكى – الروسى حول سوريا كأنه لم يكن، ويعيد الأزمة إلى المربع رقم واحد، ويبدو أنه أراد طمأنة السعودية على العلاقة بين واشنطن، والرياض بعد التغيير الدراماتيكى المباغت فى العلاقات بين أمريكا وإيران، والسعودية تخشى أن تتحول الدفة الأمريكية إلى طهران لتصبح شرطى الخليج مرة أخرى! أما أغرب ما قاله كيرى من الرياض فهو أنه اتفق مع الأصدقاء السعوديين على دعم مصر اقتصاديا، وأنه سيعمل على فتح شرايين الاستثمارات لتتدفق إلى القاهرة، حسنا وما الثمن؟ هل ذلك من أجل العودة إلى مشروع المظلة النووية المرفوضة مصريا، أم لإعادة رسم طريق السلام الذى يربط بين مكة والقدس والقاهرةوعمان؟ أما إذا كانت زيارة مدير المخابرات العسكرية الروسية الجنرال فيكسلاف كوندراسك إلى القاهرة فى توقيتها الصحيح، فيجب ألا يكون هذا التقارب مع روسيا بهدف إعادة واشنطن إلى المسرح المصرى، فنعود إلى الفخ الخطير الذى وقعنا فيه منذ السبعينيات ولا نزال..