المعتصم بالله حمدى جاء إيقاف برنامج الإعلامى باسم يوسف بقرار من إدارة شبكة cbc ليؤكد أن تعارض مصالح رجال الأعمال مع مقدمى البرامج التى يظهرون على شاشاتهم الفضائية يمكن أن يتسبب فى مشاكل عديدة، خصوصا إذا كانت توجهاتهم السياسية مختلفة، وكذلك نوعية المادة الإعلامية التى يقدمونها والتى ربما تكون سببا فى مقاطعة المشاهدين للفضائيات التى يطلون منها، ولا شك أن الأوضاع السياسية غير العادية التى تعيشها مصر، أظهرت نوعا من المعايير التحريرية المشكوك فيها إلى حد كبير من حيث الخطاب والأداء والمشهد، كما أن التحيز من مقدمى البرامج يظهر فى أسلوب توجيه الأسئلة للضيوف، واستضافة شخصيات بعينها وفى حالة وجود رأى مخالف، يعمد المقدم إلى تسفيه هذا الرأى ومقاطعته فى خروج لافت للنظر عن معيار المهنية الذى ينبغى أن يتحلى به مقدم البرنامج.. الفضائيات المصرية فى الفترة الأخيرة عانت من هذه الظاهرة التى نرصد ملامحها من خلال التقرير التالى الذى يتطرق أيضا لبعض خلافات نجوم التوك شو مع أصحاب الفضائيات الخاصة: البداية مع قناة on tv التى يتردد دائما وجود خلافات بين إدارتها وبين توجهات المذيع يسرى فودة والمذيعة ريم ماجد، وهذا الأمر يمكن ملاحظته بوضوح خلال الفترة الحالية التى تشهد غيابهما عن تقديم برنامجيهما "آخر كلام" و"بلدنا بالمصري". ريم ماجد معروفة بتوجهها ضد الحكم العسكرى وظهرت على شاشة قناة "القاهرة والناس" فى رمضان الماضى مع المذيع اللبنانى طونى خليفة فى برنامج "أسفين يا ريس" وتحدثت بسلبية شديدة عن الحكم العسكرى بشكل أثار انتقادات عديدة ضده، خصوصا أن الجيش أكد وطنيته فى مواقف عديدة وتدخل لصالح غالبية الشعب المصرى ودعم ثورة 30 يونيو وربما تكون مواقف ريم سببا فى مقاطعة المشاهدين ل ON TV خصوصا بعد أن ظهرت ميول ريم بشدة بعد أن كتبت على حسابها الخاص بموقع "تويتر" إنها لا تستطيع الظهور على الشاشة فى ظل هذا الوضع، وكأنها تقول للناس إنها ضد ما يحدث الآن فى مصر، وحتى هذه اللحظة لم يعلن هل تستمر فى On TV أو تذهب لأخرى؟ لكن كل المؤشرات تؤكد عدم وجود عروض لها من أى فضائية مصرية خصوصا أن رجال الأعمال الذين يمتلكون الفضائيات المصرية يرفضون دائما مقدمى البرامج الذين لا يلتزمون بالحيادية ولهم أجندات خاصة بهم وهذا الأمر لا يتقبله المشاهد. أما يسرى فودة الذى أعلنت قناة ON TV عن عودته للمشهد الإعلامى قريبا فإنه لا يتوقع أن يستمر طويلا فى الفضائيات المصرية خاصة بعد تصنيفه ضمن الطابور الخامس وهذا يضع إدارةON TV فى ورطة بسبب عدم قدرتها على خسارة مشاهديها الذين تواصلوا بشدة مع المحطة بعد دورها المميز فى تغطية ثورة 30 يونيو وعدم وضوح موقف يسرى فودة من هذه الثورة. وكان يسرى فودة قد كتب تدوينة بعد فض اعتصام رابعة قال فيها:" من لا ينتصر لحرمة الدم إلا فيما حدده الله فهو قاتل أو شريك فى القتل ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ولا مقام هنا لأن يزايد بعضنا على البعض الآخر". كما قال يسرى فودة أيضا: أسجل تحفظى وحزنى الشديدين لما أراه من تناول إعلامى ضار سواء من خارج مصر أو من داخلها، بما فى ذلك القناة التى أعمل بها، إلا من رحم ربى، ولابد للأطراف جميعا أن تراجع مواقفها عسى أن نتعلم من دروس كبيرة أثمان بعضها باهظة. وأسهم فى تراجع ريم ويسرى خلال الفترة الأخيرة تألق المذيع الشاب يوسف الحسينى وتحقيق برنامجه "السادة المحترمون" لنسبة مشاهدة عالية بسبب موقفه الواضح من ثورة 30 يونيو. أما المذيع عمرو الليثى فبعد أن انتهى تعاقده مع قناة المحور الفضائية لم يتحدد بعد مستقبله الإعلامى وإن كانت معظم التكهنات تؤكد أنه من الصعب أن يجد فرصة فى إحدى الفضائيات الخاصة الكبيرة بسبب رفض أصحاب هذه الفضائيات لتوجهه الإعلامى قبل ثورة 30 يونيو ورؤية العديد من المشاهدين أنه يحاول بشتى الطرق كسب ود جماعة الإخوان التى كانت تسيطر على الحكم فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، ورغم أن الليثى ينفى دائما أن يكون موجها لصالح حزب أو جماعة وأنه يلتزم بالمهنية، إلا أن العديد من رجال الأعمال يعتبرونه "كارتا محروقا" وأنه لن يفيدهم كثيرا بل ربما يتعرضون لانتقادات بسببه ، والحل الوحيد أمام الليثى هو أن يواصل تقديم برنامج "واحد من الناس" ويبتعد عن السياسة خصوصا أن البرنامج يحظى بشعبية كبيرة لدوره الخدمى ومناقشته لقضايا حياتية مهمة تفرض نفسها دائما على الشارع المصري. ورغم أن الإعلامى إبراهيم عيسى حقق نجاحا ملحوظا فى الفترة الأخيرة ببرنامجه "هنا القاهرة" إلا أن الشائعات تطارده منذ فترة وتقول إن هناك خلافات كبيرة بينه وبين طارق نور صاحب محطة "القاهرة والناس" وأنه سيرحل قريبا إلى أى فضائية أخرى لأسباب لم يفصح عنها عيسى، ولكن ربما تكون هذه الأسباب مادية خصوصا أن أجره لا يتناسب مع أجور باقى مقدمى البرامج فى الفضائيات الأخرى، حيث إنه ليس بالرقم الكبير الذى يجعله حريصا على الاستمرار فى "القاهرة والناس" ونفس الأمر سيتكرر مع المذيع أسامة كمال الذى يقال إنه سينتقل قريبا إلى شبكة تليفزيون الحياة بسبب خلافات مادية أيضا، وللعلم فإن مواقف عيسى وكمال تحظى باستحسان قطاع من المشاهدين، ومن المؤكد سيتم استثمارهما من قبل الفضائيات الخاصة التى تفاوضهما حاليا. المذيع عمرو أديب رغم أنه يحقق نجاحا فى شبكة أوربت إلا أن نوعية المادة الإعلامية التى يقدمها فى برنامج "القاهرة اليوم" ربما لا تصلح لفضائية مفتوحة لجرأة مواقفه وأيضا المصطلحات اللفظية التى يستخدمها، والعديد من رجال الأعمال فكروا كثيرا فى التعاقد معه واستثمار شهرته إلا أن نصائح بعض المقربين منهم تجعلهم يتراجعون بحجة أنه صعب السيطرة عليه وربما يضعهم أمام مواقف صعبة تؤثر سلبا على مصالحهم الخاصة. وفى النهاية فإن برامج التوك شو المصرية صارت تمثل طقوسا يومية أساسية للمشاهدين ، ويبقى السؤال الأهم هو كيفية التوفيق بين المعايير المهنية والخطاب الذى يشتبك مع أجندة سياسية؟ وذلك بدخول ثقافة المناظرات الشعبية بعد أن كانت وسائل الإعلام محتكرة للنخبة، ولهذا سيظل الجدل قائما حول توجهات المذيعين ومصالح رجال الأعمال وكذلك ما يطلبه المشاهد.