مهدى مصطفى مصر تعانى من أخطر طابور خامس فى تاريخها، وثورة 30 يونيو أوقفت مؤقتا المخطط الأمريكى لتركيع مصر، وجماعة الإخوان المسلمين تبنت المشروع اليهودى لتقسيم مصر، وقام الدكتور محمد البرادعى بدور المهندس الاستشارى للمشروع، ولا يزال يفكر فى تشكيل حكومة مارقة على الدولة المصرية. د. سعد الزنط، الخبير الإستراتيجى يكشف ل«الأهرام العربى» خطة أمريكا لاستعادة مصر بالتركيع الاقتصادى وصولا إلى مرحلة الموت السريرى البطىء، مؤكدا أن سيناريو إدارة أوباما التى أشرفت عليه السفيرة الأمريكية آن باترسون كاد أن يتحقق لولا عبد الفتاح السيسى الذى يرى أنه لن يترشح للرئاسة إلا فى ظل شروط معينة، من ناحية أخرى يؤكد د. سعد الزنط أن الخليج لا يتحرك إلى مصر إلا بعد المرور على واشنطن. ولكن قبل إجراء الحوار قال د. سعد الزنط: أريد هنا أن أكشف للرأى العام تفاصيل السيناريو الذى أشرفت عليه أمريكا فى مصر، ووافق عليه الإخوان المسلمون بمساعدة حركة حماس وجماعات للأسف تنتمى إلى مصر، ويقوم هذا المخطط على سبعة عناصر هى: 1 تنفيذ عمل إرهابى كبير ضد القوات المسلحة بالاتفاق مع حماس فى سيناء يتم بموجبه إيصال رسالة للشعب المصرى، مفادها أن القوات المسلحة مترهلة وضعيفة ويجب تغيير قياداتها وبالفعل تم تنفيذ عملية رفح الأولى فى رمضان وقتل فيها 16 جندياً مصرياً بدم بارد، وبكل بجاحة أعلن مرسى أنه سوف يتولى قيادة عملية نسر بنفسه، وعلى إثرها عزل قيادات القوات المسلحة بشكل ناعم وهادىء وتخلص من آخر العقبات التى تقف فى طريق المخطط الكبير. 2 صدور قرار بمنح الجنسية المصرية لعشرات الآلاف من الفلسطينيين، هذا فضلاً عن الآلاف الذين تم تزوير بطاقات رقم قومى لهم بتسهيل إخوانى، وكانت هذه الخطوة مقدمة لخطوة أخرى فى نفس اتجاه الهدف، لقد كان هناك ترتيب لإعلان غاية فى الخطورة. 3 الإعلان عن السماح بالتملك للأهالى فى المنطقة (ج) بسيناء برغم أنها منطقة تعد ضمن المناطق الإستراتيجية ومسرح العمليات العسكرية، وحسب القانون من يقرر ذلك هو القائد العام للقوات المسلحة، وهذه المنطقة لمن لا يعرف من المتاخمة لحدودنا مع غزة وإسرائيل واعترضت القوات المسلحة بشدة لإدراكها أن الأمر فيه مكر وخبث، وأن هناك خطورة وأنها خطوة كاشفة للهدف من منح الجنسية. 4 ثم جاءت الخطوة التنفيذية الأكبر، حيث بدأت الحرب على غزة وقد كانت تمثيلية تتضح من نتائجها التى حققتها على مدار الأيام العشرة الأولى من الحرب على الأرض، وما أسفرت عنه وقرار إسرائيل باستدعاء كل الاحتياطى من مجنديها السابقين، فالحرب لا تحسمها 1٪ القوات البرية، وهذه الحرب بالذات كان مطلوبا الضغط على الفلسطينيين فى غزة لإجبارهم على الدخول إلى سيناء خصوصاً فى منطقة (ج) التى بدأ حاملو الجنسية فى الشراء والتسجيل لأراضيها. 5 تعجل نقل المخيمات إلى رفح والعريش لنصبها فى المنطقة (ج) كمرحلة تكتيكية للتسكين فى المنطقة جنوبغزة، وقد خرج السيناويون رافضين ذلك وأشعلوا النار فى بعضها وتنبه بعض الإعلام الوطنى، وتم شن حملة كبيرة على ما يحدث فى سيناء وكشف البعض من الرموز الوطنية الغرض الخفى وبدأت الضغوط على د. مرسى فى هذا الشأن. 6 تدخلت مصر وأعلنت وساطتها بين حماس وإسرائيل وتم التوقيع على اتفاق تضمن لأول مرة تعهد حماس بعدم الاعتداء، ووقعت مصر لأول مرة أيضاً فى تاريخ الصراع بأنها ضامنة، وحدث ارتباك شديد فى الموقف العربى والإقليمى والداخلى، واستقرت أمريكا بأن السيناريو فيه عقبات بسبب عدم إحكام قبضته على الداخل خصوصاً الإعلان فقطعت زيارتها كلينتون لباكستان، وجاء بليل إلى مصر ويبدو أنها عنفت مرسى لفشله فى استكمال ما اتفق عليه وأفهمته بأن تكلفة إعادة تمثيلية الحرب مكلفة وسيدفع ثمنها وبالطبع وعدها باتخاذ ما يلزم وسافرت بعد أن اطمأنت على مكاسبها ومكاسب إسرائيل بنصوص الاتفاق بين حماس وإسرائيل وعلى أمل بتنفيذ مرسى ما طلب منه، وخرج علينا مرسى بعدها بساعات بإعلان دستورى قال فيه: أنا ربكم الأعلى والعياذ بالله. 7 اتضح أنه بالفعل كان هناك اتفاق سبق وأن طلب من الرئيس مبارك ولكنه رفضه منذ 2004، بالتنازل عن جزء من سيناءجنوبغزة فى المنطقة (ج) لاستكمال إمارة إسلامية حمساوية وفى الوقت نفسه إعلان الدولة اليهودية. وقد أكد ذلك تصريح أوباما فى إسرائيل نهاية مارس الماضى، وقد ظن أن الدنيا قد دانت له بأن هذا العام سوف يشهد ميلاد الدولة اليهودية وعاصمتها القدس. يؤكد ذلك أيضاً ما ورد بالدستور من أمور السيادة والتى أعطيت للرئيس حق التوقيع على المعاهدات والاتفاقات المتعلقة بحدود الدولة، برغم أن الدستور ومناقشاته كانت قبل هذا السيناريو بشهور طويلة، الأمر الذى يثبت أن السيناريوهات كانت معدة ومجهزة سلفاً. .. إذا كان هذا المخطط قد فشل بقيام ثورة 30 يونيو، فما الخطر على مصر الآن؟ مصر ليست فى خطر الآن فقط فقد كانت دوما وعلى مدار تاريخها وستبقى فى يقينى للأبد فى هذه الحالة، لأنه قدرها المرتبط بقدرها وقدراتها العبقرية ومسئولياتها الإقليمية، والدولية والتى تحملتها بكل أمانة، وإن كنا نؤكد أن الخطورة هذه المرحلة مختلفة وفريدة لأنه ولأول مرة فى تاريخها تكون مصدرها الأهم ليس تهديدا من الخارج فقط، ولكنه أيضا من الداخل، مصر تعانى طابورا خامسا يسكن كل مفاصلها ومؤسساتها، وهذا أمر يشكل أزمة أخلاقية فى الشخصية المصرية أكثر منها أى شىء آخر، تلك الشخصية التى شكلت محور البناء والتحول والانتصار فى كل مراحل الخطر التى ألمت بها، مصر الآن تعانى معاول هدم ممسكة بتلابيبها أياد مصرية، وبكل أسف لحساب آخرين ليسوا منا ولسنا منهم، إنه المخطط الكبير والأزلى والمتكرر، والمختلف هذه المرة أن مقاولى الهدم والتسليم للوطن ممن نبتوا فى مصر وشربوا من ينابيعها، حتى المراقبين لهذه العمليات التى تستهدف تقويض أركان الوطن يحملون نفس أسمائنا ولهم نفس ملامحنا. وكيف نتفادى هذا المخطط؟ ليس من السهل تفادى هذا المخطط الكبير القديم، لأنه أدمن نشر سوسه فى كل المفاصل الرئيسية بالوطن وأصبح له رعاة ومروجون فى جميع أنحائه، فعلى قدر انتشاره وعمقه وأثره تكون التكلفة والثمن فى اعتقادى عظيم ومرهق، بل وثقيل إلى الحد الذى قد نعجز عن تحمله هذه المرة بمفردنا، خصوصا مع غياب الرجال بالعدد والمؤهلات والقدرات التى تناسب احتياجاتنا الحالية، لقد تم تجريف الوطن من كل شخص يصلح لأن يكون مشروع قائد، وبمعنى أدق لقد أغلقت ورش صناعة القادة فى مصر بفعل فاعل، وقد تزامن ذلك مع زرع كل من لديه القدرة على بيع نفسه وما تحت يده من كرامة الوطن بديلا ملائما لتنفيذ المخطط. تركيع مصر هو الهدف الأمريكى، ما أدوات هذا التركيع وكيف نخرج؟ بالفعل الهدف الأمريكى النهائى وهو فى حقيقته الهدف الصهيونى، هو تركيع مصر بل وجعلها فى وضع الانبطاح الدائم وشل قدرتها على التماسك أو النهوض مهما كلفها ذلك، حتى لو نال من سمعتها ومصداقيتها وهى أمور نسبية فى التقدير مرتبط بثقافة معينة وقدرات محددة، والملاحظ أن هذا الهدف بكل أسف ليس جديدا حتى فى حيثيات افتراضه على مدار التاريخ، فقارئ التاريخ الواعى بدراسة أن يلمح أن هذا الهدف دائما ما يأتى لاحقا لأية مرحلة انتصار تحققها مصر منذ عهد الفراعين وحتى عصرنا الحديث مع محمد على وعبد الناصر والسادات، والقاسى والمتفرد فى هذه المرحلة أن المعاول والمقاول بكل أسف يدعون أنهم من ساكنى مصر. لقد أدركت أمريكا والصهاينة أن مصر وهى الجائزة الكبرى لكل طامع كبير يجب أن يصمم لها إستراتيجيات جديدة تلائم ما استجد فيها، فتبنت إستراتيجية الهدم والتفكيك الذاتى ثم إستراتيجية السيطرة بالقوة الناعمة الذاتية ثم إستراتيجية الخنق الاقتصادى المتدرج ووصولا للإستراتيجية الأخيرة وهى إستراتيجية الموت السريرى البطىء، ولك أن تتصور كيف تمكنت بكل أسف من الوصول للمرحلة الأخيرة وكادت تنجح فى تحقيق هدفها لولا عناية الله وصدق دعوة، فوهبنا مواطنا مصريا أحسن تكوينه وتهيئته وأخرى الحق على لسانه ووهبه من فضله ما مكنه من تفعيل البصيرة والرؤية ومنحه القدرة على صناعة القرار الصادم والصائب فأربك كل هذه الإستراتيجيات وقد حول بقراره مجرى النهر تماما. أما عن كيفية خروج المصريين من ذلك، فالأمر أمسى أكثر تشابكا وتعقيدا، فالسهم قد أصاب عدونا فى بؤرة الرأس، وقد أدرك بقرار السيسى أن عبد الناصر يولد من جديد فى الشرق وأن احتمالات الأثر ستكون كالعادة أوسع وأعمق بكثير من حدود مصر الجغرافية، ومن المؤكد أن ذلك سوف يدفعه للحشد بعدوانية أكثر وأقسى، ولذلك فمصر مطالبة بعدم التوقف عند حد خارطة الطريق والحشد الجماهيرى الهادئ، فهناك حاجة ماسة لقيادات وطنية لديها رؤية وقدرة وإخلاص للوطن. كخبير إسترايتجى هل تتوقع أن يبقى الأمن فى حالة سيولة؟ الأمن فى مصر الآن ليس فى حالة سيولة فهو يتنافى، بل لك أن تؤكد أنه قد نهض على قدميه ثابتا واثقا، خصوصا بعد أن تأكد للجميع براءته من كل الاتهامات التى طالته خلال السنوات التى تلت 25 يناير 2011، وقد كشفت الأحداث الأخيرة والأحكام القضائية والتحقيقات القانونية ومعلومات كل الجهات الأمنية المعنية، بأن رجال الشرطة لم يخونوا ولم يبيعوا ولم يسلموا، وقد كنت فخورا بذلك بصفة شخصية لأن الأيام أثبتت أن كل ما قدمته مقروءا أو شاهدا عبر وسائل الإعلام كان صحيحا بدرجة كبيرة جدا، وأعتقد أن عودة المؤسسة الأمنية التى أرادوا لها التدمير فى 25 يناير وقد سرقوا حتى يوم عيدها وقد كان للواء أحمد جمال فضل الخطوة الأكثر تأثيرا فى العودة والتى تستكمل الآن مع اللواء محمد إبراهيم الذى تمكن من التعامل مع مرسى وعصابته بدهاء رجل المباحث، وهنا أذكر الجميع بمشهد خروج أحمد جمال والسيسى فى لحظة وطنية ومشهد نادر ومؤثر متشابكى الأيدى إنها الرسالة الأولى والواضحة لكل لبيب يفهم. طالبت بأن تضرب غزة بعد اكتشاف دورها فى مصر هل يمكن أن يحدث هذا؟ بالفعل فقد طرحت أخيرا فى بعض اللقاءات الإعلامية فكرة سيناريوهات للتعامل مع المنظمات الإرهابية العدائية فى غزة، سواء كانت حماس أم غيرها، فالموضوع فى تقديرى زاد على حده، فالفلسطينيون هم أهلنا ولكن بينهم من استمر فى التعدى على الأمن القومى المصرى، وكان ذلك فى عهد السادات ثم أواخر عهد مبارك، وزاد الأمر مع تولى الرئيس السابق مرسى وهم منه والفهم المتبادل الخاطئ للعلاقة فيما بينهم كتنظيمين على حساب مصر الوطن، وليست هناك حاجة لتسجيل ما قاموا به فهى كلها حوادث فردية معروفة وقد وصل الأمر لانتهاك الأمن القومى المصرى بكل تعريفاته ومستوياته والاستقواء على مصر وجيشها وشعبها وحدودها وهى أمور آن لمصر الدولة أن تتوقف عندها وتعالجها بالأسلوب المناسب الذى يفهمونه هم، وجدير بالذكر هنا لأن نؤكد أن الخطر الأكبر على مصر والذى بنيت من أجله المؤامرات بأهداف صهيونية وبمقاولين مصريين من الإخوان يكمن فى الجبهة الشرقية وقد تحولت إلى بؤرة غاية فى الخطورة ومؤهلة لتنفيذ ما يسعون إليه. غزة الآن تعد مصدر قلق شديد الخطورة وامتداداتها تحت الأرض من أنفاق، وقد أسهمت كثيرا فى الأشهر الماضية فى تحويل سيناء إلى بؤرة للتنظيمات الإرهابية سواء برجالها أم بالتدريب أم بالسلاح أم بالإيواء، وهو أمر إن استمر على ما هو عليه سيكون كارثة وإن تمكنا من معالجته بالأسلوب الملائم والرادع والسريع سنكون قد سبقنا أمريكا والصهيونية بخطوة تجاه إجهاض المخطط الاستعمارى المريض. كيف تنظر إلى دور كل من السعودية ومصر بعد 30 يونيو؟ فلنكن أكثر واقعية ونتناول الدور الخليجى من منظور إستراتيجى عام وليس الدور التكتيكى المؤقت، فالخليج دون مواربة جزء مهم وأساسى من منظومة الأمن القومى العربى بحكم طبيعية الأشياء وحتمية الدور من جغرافيا وتاريخ، وبالمقابل فإنه ذات أولوية قصوى فى ترتيب الأهمية فى سلم الإستراتيجية المصرية الخارجية ليس لأمريكا فقط، ولكن للغرب عموما، خصوصا على المستوى الأمنى والاقتصادى، وبكل أسف فقد استخدم كثيرا كعصا غليظة أو كقبضة حديدية غربية التحكم يستعملها فقط للضغط على مصر فى فترات تاريخية مهمة. هذا بالإضافة لحقيقة استثنائية وهى السعودية والإمارات بقيتا فى العقود الأربعة الأخيرة زاوية مهمة فى مثلث الحد الأدنى للأمن القومى العربى سواء فى أوقات القوة أم فى لحظات الخطر، بالإضافة إلى سوريا سياسيا وإلى العراق فى وضع تبادلى أو تكاملى عسكريا، ومن يفهم أن الأمر يتخطى ذلك يكون واهما، فالخليج لديه وعى عميق بالأهمية القصوى لمصر وربما تتوافر لديه الرغبة دوما فى التحرك الإيجابى تجاه مصر، ولكن لا يمتلك كل مفاتيح القدرة نحو هذا التحرك، وليكن مفهوما للجميع أن أية خطوة تخطوها هذه الدول غربا على الطريق الضيق إلى القاهرة لا يسمح بها دون إذن ومراقبة دقيقة أمريكية، فالذهاب إلى القاهرة ولو عبر الهاتف أو المصارف لابد وأن يمر أولا على واشنطن، وواشنطن دوما حاضرة فى كل الطرق الخليجية فلا يحتاج أحد منهم لتحمل مشقة الذهاب إليها، لأن المشهد جزء فى مسرحية كتبت مبكرا، كما أعلنتها منظمة كيفونيم الصهيونية فى بداية الثمانينيات وترجمها وعلق عليها المرحوم د. حامد ربيع، فالدور حتمى وواجب الأداء وأرجو أن يقارن القارئ ويستدعى بذاكرته مشهد لحظة القبض على بعض الجواسيس الأمريكان فى قضية التمويل الشهيرة أيام المجلس العسكرى، ساعتها تجمد التمويل الدولى بما فيه الخليجى إلى مصر، ولم تتمكن أى من دول الخليج من الكشف حتى عن ملامح وجهها العربى الأصيل ولم يصدر عنها كلمة واحدة حتى لمجرد طمأنة مصر، ولكنها جميعا ساعدت فى الاتجاه الآخر. هل تتوقع أن تقصف سوريا وهل تتوقع أن يكون الدور على مصر؟ سوريا قصفت بل وكادت أن تسقط منذ فقد العرب بصيرتهم ومشوار فى الطريق الضيق الذى صنعته لهم أمريكا، المدهش أن يقف البعض العربى مع مصر فى حربهم على الإخوان، ويقفوا بأنفسهم مع الإخوان ضد سوريا الدولة، والأعجب أن يحارب البعض المغربى ضد الإسلام فى إفريقيا ثم يحاربون مع الإسلام فى الوطن العربى، إنها المأساة والتى يهمنا فيها الموقف العربى المخزى مما يتم فى سوريا، إن سقطت سوريا وهى تقصف فليعلم الجميع أنها البداية الثانية للسقوط الكبير والذى سبقه سقوط العراق، وقد يلحقه حسب خططهم التى حتما عدلت هذا الشهر سقوط مصر، نحن جميعا فى غفلة وظلمة، والجائزة الكبرى لكل الطامعين وفى كل العصور، وللآن هى مصر، لن يتركونا وسيزداد تكالبهم، وبالقطع نحن المخطئين والظالمين لأنفسنا، وأمامنا فرصة لو تحركنا بوعى وإدراك وفهم وأدرنا الأزمة الضخمة التى أوقعنا فيها أنفسنا ولكنها الفرصة الأخيرة. ماذا لو تجاهلنا الطابور الخامس وحالة الأمركة هل سنكون فى خطر؟ تمنيت وناديت مرارا بضرورة القضاء على الطابور الخامس الذى يسكن كل مفاصل مؤسساتنا، وكان ذلك بالاكتشاف المبكر لملامح وجودهم وخريطة ذلك، ولكن واضح أن الجميع كان فى حالة استرخاء شديدة أو هكذا أرادوا أو فرضوا علينا هذه الحالة، وطالما أنناقد أفقنا من غفوتنا، خصوصا بما صنعه هذا الشعب العبقرى بداية من 30 يونيو ووصولاً إلى 26 يوليو، مروراً بالاكتشاف العظيم لقيادة أرسلها المولى فى التوقيت القاتل، وهو الفريق أول السيسى، فقد آن لنا أن نتحرك ونلتقط هؤلاء من الشقوق التى اختبأوا فيها والتعامل معهم بما يتناسب مع ما اقترفوه فى حق الوطن وقد قبلوا البيع بثمن بخس. أعلم أن إدارة هذا الملف صعبة وشائكة، ولكننا قادرون عليه وليس لنا خيار بديل، فاستمرارهم فيه خطر شديد على كيان الدولة، فقط مطلوب إرادة وقرار ورجال ووقت، وسوف تصفى هذه الفئة المارقة وتقطع أوصالهم الممتدة إلى الخارج، ويقيناً فى هذا إن تم وقف للنزيف الوطنى. بصراحة .. هل يمكن أن يكون السيسى رئيساً .. وهل هذا فى صالح مصر؟ السيسى قائد وهناك فارق شاسع بين القائد والرئيس، فالقائد ملهم ولديه رؤية وقادر على الحشد والتوجيه وجرأة إصدار القرار، ويمتلك شيئاً أو مدداً من روح الله، يأتى به المولى فى لحظة تاريخية نادرة وغير متكررة فى تاريخ الأمم وفى الغالب قصير العمر، والسيسى من هذا الصنف من الرجال، وأدعو الله مخلصاً أن يحافظ عليه، فهو علامة فارقة فى تاريخ مصر وبرغم عظم الخطوة التى قام بها فإن الخطوة الأكبر لم تأت بعد وستكون قريبة جداً وتذكروا هذه السطور، من هنا لا أتوقع بقناعة أن يصبح السيسى رئيساً لمصر إلا إذا وصلت الأمور لمرحلة فيها بالفعل بداية انهيار للدولة ولم يكن هناك بديل وطنى وهو أمر لا أقرأه فى المشهد المقبل. أما عن سؤالك بأن ذلك فى صالح مصر، فتذكر أن السيسى من رجال المؤسسة العسكرية وهى مؤسسة وطنية ومليئة بالرجال، وأعتقد أن مصلحة مصر تبقى فى بقاء السيسى قائداً لا رئيساً ونترك حساسية البعض المجبرة بتوقيع غربى تجاه القادة العسكريين، أننا فى حاجة إلى إعادة ضبط المنظومة بالكامل وإلى قاطرة قوية وبمواصفات خاصة للعبور بمصر إلى الشاطئ الآخر. ما رأيك فى دور البرادعى والحركات السياسية الحالية فى مصر؟ د. البرادعى مع احترامى لشخصه الكريم ولمصريته الحتمية، إلا أننا لم نشعر للحظة بأنه يتمتع بالشفافية والوضوح اللازمين لشخصيته، هبطت من سماء الغرب إلى مركز الأرض وأهم بقاعها البرادعى، رأيته وكيلاً للغرب فى وطنه، وقد تجلى ذلك فى لحظات الانسحاب من ترشيحات الرئاسة مرة ومن مؤسسة الرئاسة كنائب للرئيس مرة أخرى، لقد أدركته المراقب الغربى على عقد تنفيذ عقد المقاولة الذى تم توقيعه بين الإخوان وبين الأمريكان، والذى بموجبه تسلم مصر للصهاينة، ولكن هرب عندما خرج الشعب تلبية لدعوة زعيمه الجديد السيسى واتخذ من تحرير الميادين التى احتلتها الإخوان تكئة له ومبرراً للهروب، وأعتقد أن دوره لم ينته، فسوف يتخذ كمعول دائم لهدم الوطن، وهو منفذ مسلوب الإرادة، فهو يعد الآن فى مدن الضباب لتشكيل حكومة مارقة تدعمها أمريكا وقد تستخدمها فى التوقيت الذى تتأكد فيه أنها قد فشلت فى الحفاظ بل الإبقاء على الطرف الآخر فى عقد المقاولة فى مصر وهم الإخوان، إنه دائماً جاهز للاستعمال سواء فى مشورة أم دور على الأرض منذ أن عين مديراً لوكالة الطاقة الذرية ودوره لم ننساه فى تدمير العراق واحتلال بغداد فى مارس 2003، ويعود الآن من جديد بوجه «غراب البين» ليسلم مصر فى 2013. أما عن الحركات السياسية التى تزامن ولادتها بحركة البرادعى فى كثير منها بدا وطنياً لشباب ورجال شرفاء وكانوا المقدمة والمواجهة، ولكننا اكتشفنا أن هناك من تم زرعهم على غرار الطابور الخامس الذى تم زراعته بنعومة شديدة خلال العقد الأخير فى كل المؤسسات، وأعتقد أن الأمر انكشف الآن وبقاياهم تلحظهم فى الخروج المخطط والمريب فى أوقات معينة فى الإعلام، وستكون نهايتهم جميعاً بمن فيهم البرادعى قريبة جداً. هل لديك معلومات عما كان يقوم به حرس وجماعة الإخوان؟ ما فعله الإخوان معاً كانوا سيكملون، لا يقع فى باب الانتواء ولكنه فى باب الخيانة والاسقواء السياسى والوطنى بالاشتراك مع أمريكا وإسرائيل وتركيا وقطر وحماس وبدعم غير محدود من الصهيونية العالمية وبكل أسف مع شخصيات مصرية من خارج تنظيم الإخوان تم تجنيدهم وزرعهم كخلايا نائمة فى كل مؤسسات مصر تقريباً. وقد تحدثت كثيراً وطويلاً عبر كل وسائل الإعلام قبل وبعد 25 يناير، وحاولت التنبيه إلى خطورة وخبث هدم المؤسسة الأمنية ومحاولات تقويضها وتدمير جهاز مباحث أمن الدولة، وأشرت إلى أن هناك مخططاً آخر مع القوات المسلحة لتكرار السيناريو العراقى بإخراج جديد وبأهداف جديدة، وتنبهت لدور المخابرات البريطانية فى مصر التى تمثل أمة لا تنسى الثأر. وعودة لذى بدء فالإخوان كانوا قد وقعوا عقداً مع الأمريكان بموجبه يتولى الإخوان دور مقاول الهدم والتقسيم والتسليم لمصر، وتتعهد أمريكا بتمكينهم وتمويلهم وحمايتهم حتى يتم تنفيذ الدور وتم تعيين د. البرادعى فى وظيفة استشارى العملية أو المراقب العام أو المرشد العام الأجنبى. ما مستقبل الحركات السياسية التى ارتبطت بالأمريكان؟! على المدى الطويل لن يستمر فى الجسد المصرى إلا من تتلاءم جيناته وخلاياه ودمه وملامحه وقيمه معه، وبما أننا أقدم شعوب الأرض وأعرقها وقد أذاب فى بوتقته الكثير من الطامعين والطامحين فأنتج هذه الشخصية العبقرية فعندى يقين من نتيجة القادم، وهى إما الاندماج يطهر وتطهر أو الخروج بلا عودة، وعلى الآخرين أن يتذكروا أننا شعب يسامح، ولكنه لا ينسى، وأختتم برائعة السيسى: مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا.