فساد بالملايين.. وراء التهديد بحرق «نقابة المهندسين»!

ياسين غلاب – علاء سعدى
عانت نقابة المهندسين منذ عقود طويلة من صراعات كثيرة أدت إلى تعيين حراسة قضائية عليها لعدة سنوات، وكان الشائع لدى أعضاء النقابة خاصة والشعب المصرى عامة، أن السبب وراء ذلك وجود الإخوان وسيطرتهم على النقابة، لكن هذا مخالف للحقيقة، حيث كشفت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات أن مجلس النقابة سواء أكان فيه أعضاء ينتمون للإخوان أم آخرون قد شاركوا فى إهدار المال العام وضياع حقوق أعضاء النقابة. وأن جميع الأطراف استخدمت أموال النقابة كدعاية انتخابية وصراع سياسى ضاع فيه حقوق أعضاء النقابة، وبرغم أننا جميعًا كنا نشكو من فساد نظام مبارك ، فإن فساد الإخوان كان أشد لأنهم يحتكرون الحديث باسم الدين، والمرء يدهش من حجم هذه المخالفات التى وقعت فى ظل سيطرة الإخوان على مجلس النقابة ومنصب النقيب، فأين الحديث عن اجتثاث الفساد أم هو استمرار لحلقة الخداع والتضليل باسم الدين.
ولا نستبعد أن التهديد الذى ذكرته الصحف فى الآونه الأخيرة بحرق النقابة ربما كان يستهدف التغطية على مستندات الفساد وحرقها كما تم فى أماكن أخرى.
حصلت «الأهرام العربى» على تقرير سيادى يوضح بجلاء حجم الفساد المهول الذى نذكر بعضه تبعًا لضيق المساحة ونترك الباقى لجهات التحقيق وأعضاء النقابة لكى يتعاونوا معنا فى القضاء على غول الفساد، ونحن نذكر بعض المخالفات التى وردت فى هذا التقرير وليس جميعها.
ذكر التقرير أن مجلس النقابة قام بعدم استغلال النادى بمقر النقابة والبالغ تكلفة إنشائه وتجهيزه 19 ألف جنيه برغم أن النقابة افادت أنه تمت موافقة اللجنة المالية على تشكيل لجنة لبحث كيفية استثمار النادى، كما أكدت فى الملاحظة التالية أنه لم يتم إعطاء محاضر جرد الأصول الثابتة العناية الواجبة، حيث لم يتم تضمينها بالأصول المشتراة خلال عام 2009/2008 وبلغ ما أمكن حصره 424 ألف جنيها، رغم أن النقابة أفادت بأن ذلك يرجع إلى تطوير بالدور الثانى وأوصى التقرير فى عام 2011 بتحديد المسئولية والتحقيق ولم يحدث.
وأفاد التقرير أن مجلس النقابة لم يتخذ الإجراءات اللازمة لتحصيل مبلغ 471 ألف جنيه طرف بعض الجهات والأفراد والنقابات الفرعية منذ سنوات، ولم يقم بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح النقابة منذ سنوات عن مستحقاتها طرف بعض الأفراد والشركات البالغة نحو 379 ألف جنيه وقد سبق أن أفادت النقابة أن إدارتها لم تستطع تنفيذ هذه الأحكام، لذا تم عمل مذكرة لعرضها على السلطة المختصة لتسوية المبالغ ومخاطبة تنفيذ الأحكام حفاظا على أموال النقابة .
وأشار التقرير إلى أنه لم تتضمن مذكرة خاصة بالبنك الأهلى فى 2009/12/31 نحو 58 ألف جنيه قيمة شيكات صادرة خلال الفترة 2008/2005 ولم يتم صرفها حتى الآن، وكذلك استمرار عدم اتخاذ أى إجراء بشأن مطالبة البنك الأهلى المصرى فرع نقابة المهندسين بقيمة المديونية المستحقة عليه البالغة 28 ألف جنيه عن صيانة المصعد منذ أواخر التسعينيات.
فساد المعاشات
أفاد التقرير أن صندوق المعاشات أهدر المال العام فى شراء عدد 1948 وحدة سكنية (نصف تشطيب) فى 24/9/2008 من الشركة المصرية - الكويتية للتنمية العمرانية والسياحية بنحو 241.606 مليون جنيه، دون دراسة جدوى للمشروع قبل الشراء، حيث تبين أن هذه الوحدات مرهونة لدى البنك العقارى المصرى، الأمر الذى أدى،اقتراض الصندوق مبلغ 151 مليون جنيه فى سبتمبر 2008 من البنك الأهلى المصرى بفائدة 11 % وعمولة 0.075% لفك الرهن، وتم تحميل قيمة هذه الفوائد والعمولة البالغة 2.628 مليون حنيه على جملة تكلفة الوحدات السكنية، كما تم تحميل مبلغ 517 ألف جنيه على الوحدات قيمة أجور ومرتبات وبعض المصروفات الأخرى، مما أدى إلى عدم إقبال الأعضاء على الشراء واسترداد 41% من إجمالى المتحصلات، الأمر الذى أدى بالصندوق إلى اللجوء لإحدى شركات التسويق العقارى لبيع تلك الوحدات.
وذكر التقرير أنه لم يتم تسجيل وشهر ملكية الصندوق لأراض وعقارات تبلغ قيمتها 16.5 مليون جنيه، فضلا عن عدم الموافاة بشهادات سلبية التصرفات العقارية لأراض ومبان ملك الصندوق تبلغ قيمتها 76.9 مليون جنيه، وأيضا عدم تقديم عقود الشراء لبعض الأراضى برغم مطالبتها عدة مرات قيمتها 98 ألف جنيه .
وكشف التقرير عن أنه لم تجر مراجعة من قبل مجلس النقابة ولا تحديد المسئولية عن إهدار مال عام من نوع آخر هو عدم إعداد دراسات جدوى اقتصادية فى بعض المشروعات مثل شراء أرض بمدينة العاشر من رمضان مساحتها 12، 5 أفدنة من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، مما أدى إلى دفع مليون جنيه ثم التنازل عنها واسترداد المبلغ بعد مرور سنة، مما يعد إهدارًا جسيمًا، كذلك فى مشروع أرض بمدينة السادات مشتراة من نفس الجهة بغرض بناء وحدات سكنية، وقد تم دفع 510 آلاف جنيه تمثل 10 % من قيمتها، بالإضافة إلى بعض المصروفات الإدارية، إلا أنه حدث فيها ما حدث فيما قبلها، واسترداد المبلغ بخسارة 47 ألف تمثل المصروفات المسددة، وبالتالى ضياع فرصة استثمار مليون ونصف المليون جنيه مودعة فى البنك وتحمل صندوق النقابة لجميع المصروفات، وهو ما شدد عليه التقرير ووصفه ب «إهدار مالى جسيم».
ولا تقتصر المخالفات الإدارية على ذلك، بل لم يتم إجراء مناقصات عامة أو محدودة لشراء أثاثات لنادى 6 أكتوبر قيمتها مليون و800 ألف جنيه، مما أضاع على الصندوق المفاضلة بين الأسعار.
لم يتوقف إهمال مجلس النقابة عند هذا الحد بل تغافل أو عمد إلى استمرار تضمين حساب مشروعات تحت التنفيذ بمبلغ 7 ملايين جنيه قيمة مشروعات متوقفة منذ 16 عامًا دون اتخاذ قرار أو إجراء فيها برغم تنبيه الأجهزة الرقابية عليها أكثر من مرة.
ويوضح التقرير أن مجلس النقابة بالغ فى غيه ولم يرسل مصادقات للأجهزة الرقابية بأرصدة حسابات مدينة بلغت نحو 60 مليون جنيه، فضلا عن عدم تسوية مبلغ 15.5 مليون جنيه عهدة طرف بعض النقابات الفرعية ترجع لعام 1982 ومبلغ 198 ألف جنيه طرف بعض الأفراد مما يعد تسترًا صريحًا على الفساد.
وأشار التقرير إلى أنه لم يتم تضمين مبلغ 2 مليون جنيه طرف جمعية المهندسين للإسكان التعاونى قيمة القرض الحسن لأعضاء الجمعية منذ عام 1987 وقد تبين رفض الدعوى المرفوعة من النقابة ضد الجمعية لعدم تقديم أصول المستندات المؤيدة لذلك.
وفصل التقرير أن الحسابات المدينة للصندوق مبلغ 7 ملايين و83 ألف جنيه قيمة المستحق للصندوق طرف بعض الصناديق التابعة للنقابة العامة، وكذلك استمرار عدم تحقيق أى عائد على استثمارات وصل قدرها 26 مليون جنيه، منها 23 مليون جنيه قيمة مساهمة النقابة فى إحدى شركات صناعة المكرونة.
التقرير أشار أيضًا إلى عدم وجود موافقة من الهيئة العامة للاستثمار على زيادة رأسمال شركة المهندس للمكرونة بمبلغ 11 مليون قيمة قرض ممنوح للشركة من الصندوق مقابل رهن أصولها له وتم اعتبار المبلغ تحت حساب المساهمة فى زيادة رأس المال.
وأوضح التقرير أن النقابة لم تستفد من مشروع مجمع صناعى بمحافظة المنوفية البالغ قيمته 10 ملايين و400 ألف جنيه والمشترى منذ عام 2006، فضلا عن تحميل الصندوق 2 مليون و31 ألفا قيمة أجور وحراسة منذ شرائه.
وأفاد التقرير أن النقابة لم ترسل مصادقتها على حسابين طرف بنك مصر والبنك الأهلى المصرى بهما مبالغ مودعة قيمتها 5 ملايين و78 ألفا كشيكات تحت التحصيل، فأين ذهبت مستندات هذه المبالغ الضخمة ولماذا لم تقدمها النقابة للأجهزة الرقابية.
الفساد فى المشروعات كما هو الفساد مع المصالح الحكومية، حيث ذكر التقرير أن النقابة لم تسدد 9 ملايين و26 ألف جنيه قيمة عمولات تم صرفها لمحصلى الدمغة الهندسية لصالح مصلحة الضرائب.
وذكر التقرير أيضًا ضمن المخالفات أنه لم يتم إعداد ميزانية مستقلة لنادى المهندسين ب 6 أكتوبر أسوة بباقى النوادى التابعة لصندوق الإعانات والمعاشات، حيث تضمنت ميزانية الصندوق أثاث للنادى بنحو 33 مليون جنيه.
مشروع نادى 6 أكتوبر يبدو أنه فرخة تبيض ذهبًا للفاسدين، حيث ذكر التقرير أنه تم صرف نحو 2 مليون و76 ألف جنيه قيمة استكمال أعمال النادى دون إجراء دراسة مسبقة لهذه الأعمال، وأيضًا لم تتحد مسئولية من يكرر هذه التصرفات التى تفوح منها رائحة الفساد.
صندوق التكافل
أوضح التقرير أن الفساد فى صندوق التكافل متعدد الأشكال، حيث على سبيل المثال أن النقابة اشترت مقرا إداريًا للصندوق مكونا من 3 شقق بقيمة 9 ملايين جنيه تبين بعدها أنها مرهونة للبنك العقارى ولم يشطب هذا الرهن، ولم تحمل الشركة البائعة نحو 500 ألف جنيه قيمة الشرط الجزائى، كما ذكر التقرير أنه لم تتم الاستفادة من الأراضى المشتراة بمدينة العبور وعددها 100 قطعة منذ عام 2005 وقيمتها 29.3 ومليون جنيه على الرغم من استلامها عام 2006، وكذلك لم تجر أيضًا مناقصة أو ممارسة تشطيب لإحدى الشقق مع أن قيمتها 462 ألف جنيه.
وذكر التقرير أيضًا أن للصندوق استثمارات فى أسهم وسندات بعض الشركات بلغت 5 ملايين جنيه فى 2008 مع أن القيمة السوقية لها فى 2009، 677 مليون جنيه، وكذلك لم يقم الصندوق بتحميل والمصروفات المستحقة بنحو 6 آلاف جنيه قيمة أتعاب مراقب الحسابات، وكذلك بلغت الاشتراكات المتأخرة على الأعضاء حتى 2009 نحو 2، 7 مليون جنيه، وخالف الصندوق شروط استثمار أمواله البالغة نحو 119 مليون جنيه، حيث استثمر 52 مليون جنيه فى ودائع طرف البنك الأهلى بنسبة 44 % مع أن القانون ينص على أن النسبة 25 % فقط وهذه اللعبة تتكرر كثيرًا فى النقابة، حيث تتم هذه العملية من خلال علاقات شخصية مع أحد البنوك دون غيرها بحجة زيادة العائد لموارد النقابة.
مشروع إسكان حلوان
ظهر الفساد فى مشروع إسكان حلوان بما كسبت أيدى مجلس النقابة حيث لم تتخذ الإجراءات القانونية ضد المتأخرين فى سداد الأقساط التى وصلت قيمتها 706 آلاف جنيه، وكذلك عدم تضمين الأرصدة المدينة نحو مليونى جنيه، تتمثل فى قيمة وحدات مسلمة للنقابة الفرعية بالقاهرة، وكذلك عدم تسديد مستحقات مصلحة الضرائب والبالغة 37 ألف جنيه.
مشروع إسكان الشباب
ذكر التقرير أن ميزانية المشروع لم تعبر عن المركز المالى الحقيقى للصندوق لعدم تضمين حسابات الميزانية قيمة الفوائد المستحقة على الأعضاء الحاصلين على قروض تعاونية مقابل حصولهم على شقق بالمشروع والبالغة نحو مليون ونصف المليون، وكذلك الفوائد الدائنة للقرض التعاونى الذى حصلت عليه النقابة البالغة نحو 520 ألف جنيه، وهذه المبالغ تستخدم كما يجرى فى بعض النقابات الأخرى فى عملية انتخابات المجلس وبالتالى لا يحدث تكافؤ فى الفرص.
لم يراع صندوق إسكان الشباب حقوق المشتركين فيه، حيث أهمل متابعة تنفيذ الحكم القضائى النهائى الصادر لصالحه فى مشروع إسكانى فى امتداد رابعة العدوية، والذى وضعت يدها عليه إحدى الجهات السيادية مما يشى بأن القائمين على إدارة النقابة وصندوقها متواطئين لأغراض سياسية مما تسبب فى ضياع 5.592 مليون جنيه من أموال الصندوق.
الفساد لا يعنى مجرد الاختلاس أو الإهدار ولكن التأخير فى سداد قيمة القرض الممنوح له من صندوق المعاشات منذ عام 89 والبالغ نحو 3 ملايين جنيه، هو فساد من نوع آخر حيث تسبب فى تأخير تنفيذ مشروع تبلغ قيمة الأرض فقط فيه أكثر من 20 مليون جنيه.
ذكر التقرير أنه تم التعاقد بالأمر المباشر مع شركة مقاولات لتمويل وتنفيذ وإدارة قرية سياحية على الأرض المملوكة للنقابة بالساحل الشمالى، مقابل حصولها على بعض الوحدات بالقرية وهو أمر يخالف القانون، وحصول على الشركة على سعر متر الأرض بمبلغ 150 جنيها وإعادة بيعها كمبان لأعضاء النقابة بأسعار تترواح بين 1600 و2800 و4400 للمتر الواحد.
نادى أبو الفدا بالزمالك
أكد التقرير انه تم صرف 107 آلاف جنيه بالزيادة لمشروع صندوق الإسكان الاقتصادى قيمة ريع إشغال طرح النهر تبلغ مساحته 2740 مترا، حيث تم سداد مبلغ 116 ألف جنيه بواقع 6 جنيهات للمتر، فى حين أن المبلغ الواجب سداده نحو 10 آلاف جنيه بواقع 50 قرشًا للمتر.