الطيب الصادق برغم أن جميع الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة المصرية تضع الاقتصاد ضمن برامجها السياسية، إلا أن ذلك يتنافى مع الواقع ليكون حبرا على ورق، ولم يخرج إلى حيز التنفيذ أو التطبيق الفعلى لهذه الأحزاب ولذلك ناقشت الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والتشريع فى المؤتمر الذى عقدته حول «دور الأحزاب فى التنمية السياسية والاقتصادية والسلام الاجتماعى»، كيفية مساهمة الأحزاب فى النمو الاقتصادى ودورها فى توحيد المصريين والحفاظ على السلام الاجتماعى والابتعاد عن الإقصاء والانقسام المجتمعى . السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق، ورئيس حزب المؤتمر أكد أن الشعب المصرى إذا لم يلتف حول هدف واحد سيخسر كل معاركه الخارجية، مشيرا إلى أن المجتمع المصرى أصيب بحالة من الانقسام والتفكك خلال الفترة الماضية، وتحديدا فى عام 2012 الذى يعد أسوأ الأعوام التى مرت بها مصر، حيث يرغب كل طرف فى إقصاء الطرف الآخر، مشيرا إلى أن هذه المظاهر تطورت فى الشارع ونقلت للخارج، مما جعل الصورة الذهنية المشرفة عن الشعب المصرى تتحول إلى رد فعل سىء. مما أثر سلبا على الوضع الاقتصاد. وتابع قائلا: فوجئنا بأن الشارع تحول إلى ميدان للاقتتال والحقد والكراهية، ونحتاج إلى عقود طويلة لنعيد للأذهان فى العالم هذه الصورة الذهنية عن الشعب المصرى المتسامح، مشيرا إلى أن كل ذلك جعلنى أفكر فى طرح فكرة السلام الاجتماعى، خصوصا أن العام الماضى شهد تجربة فارقة فى التاريخ المصرى تحتاج إلى تقييمها ومراجعتها سواء من الحكومة أم المعارضة أم الشعب لمواجهة هذا التفكك والانقسام المجتمعى، حتى يتحقق العدل والمساواة وعدم الإقصاء. وشدد على أن يكون الوصول إلى المعنى الحقيقى للعدالة الاجتماعية وثيقة للسلام الاجتماعى. لأن الدستور المعطل الذى تم وضعه فى 2012 كان بداية التقسيم المجتمعى والكره والحقد بين المصريين، مع ضرورة إحداث توافق مجتمعى بشأنه، ويجب وضع فكر سياسى واقتصادى جديد فى الفترة المقبلة، موضحا أن ثورة 30 يونيو كانت علامة ونقطة فارقة فى تاريخ مصر، وفى تغيير إستراتيجيات الدولة الكبرى التى تتعامل معنا. بينما يؤكد الدكتور أحمد جمال الدين موسى وزير التربية والتعليم الأسبق رئيس حزب مصر أن الاقتصاد المصرى لا يمكن تحسينه وتقدمه بدون تحسين وضع الأمن، وحتى يتم بعدها تحقيق العدالة الاجتماعية فى المجتمع، داعيا إلى ضرورة الانشغال بالمستقبل عن الماضى والحاضر حتى تصبح مصر دولة مؤثرة على الصعيد الإقليمى والدولى. كما أشار إلى أن النجاح الاقتصادى ليس بوصول معدل النمو إلى 7 % فقط ولكن لابد أن يدل النمو على تحسين معيشية الناس ولابد أن يكون هناك عدل اجتماعى من خلال مؤسسات شريفة تحارب الفساد وإذا فشلنا نحاول باستمرار، وأن نصبح دولة المؤسسات التى تحترم القانون ولانتخيل مجتمعا بدون التعايش ومن يرتكب فعلا يحاسب فى إطار القانون . وطالب موسى باختيار شخصية وطنية مشهود لها بالحيدة والكفاءة والمصداقية باتفاق الرأى بين معظم القوى الوطنية كمراقب عام لضمان احترام بنود اتفاق المصالحة الوطنية، ويلجأ إليه بالشكوى والتظلم من أى خرق لها، وله الحق فى نشر ذلك على الرأى العام وطلب تصحيح التجاوزات فورا، ويتعين على كل سلطات الدولة الاستجابة له. كما استنكر، حالة الاستقطاب التى يشهدها الشارع المصرى، مشيرا إلى أن المبدأ الذى يسود حاليا هو أنه «من ليس معى فهو ضدى» ، كاشفا أن حزب مصر قدم مبادرة للخروج من الأزمة الراهنة تتضمن تلك ثمانية بنود من بينها توافد القوى السياسية والأحزاب على خارطة المستقبل واحترام مراحلها من كتابة دستور وانتخابيات برلمانية ثم رئاسية، بالإضافة إلى الترحيب بمشاركة كل التيارات السياسية فى العملية السياسية دون إقصاء لأحد واحترام مفهوم التكامل والتعايش وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الشخصية. وأشار إلى أنه يجب التأكيد أن القضاء وحده هو المختص بالنظر فى البلاغات والاتهامات الجنائية مطالبا بتضييق نطاق الحبس الاحتياطى والتأكيد على إجراء انتخابات رئاسية بنزاهة وشفافية، كما تتضمن المبادرة تجنيد المظاهرات والاعتصام لإعادة دوران عجلة الإنتاج كما نصت المبادرة على ضبط الخطاب الإعلامى من جانب كل الأطراف واختيار شخصية وطنية كمراقب عام لضمان أسلوب المصالحة الوطنية. وأضاف أن العدل والسلام الاجتماعى لن يتحققا بدون وجود مؤسسات قوية تحارب الفساد، وتحقق دولة القانون والمؤسسات والتعايش المجتمعى، وعدم إقصاء فصيل بعينه، ليتم محاسبة من يرتكب فعلا أو جرما وعدم إقصاء من لم يرتكب جرائم وذلك فى إطار دولة القانون. كما طالب بضبط الخطاب الإعلامى من جانب كل الأطراف لتجنب رسائل التهديد والتخوين والتكفير والاتهامات المرسلة والحض على الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، بما لا يخدم إلا أعداء الوطن والداعين للفتنة التى ستصيب مستقبل وطننا بأشد الأضرار . ومن جانبه قال الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادى والإستراتيجى ووكيل مؤسسى حزب الاستقرار والتنمية مقرر عام الندوة، بأن الندوة ناقشت سبل التنمية السياسية والاقتصادية التى تقوم بها الأحزاب فى ظل الفترة الراهنة التى نعيشها فى مصر، وكذلك دورها فى تحقيق السلم الاجتماعى، مشيرا إلى أن وجود 85 حزباً فى مصر يضر بالأمن القومى، حيث يجب أن تقوم الأحزاب على عدة مبادئ أساسية وهى العمومية والاستمرار، موضحا أن أزمة الأحزاب فى مصر أنها لا تسعى للوصول إلى الحكم مؤكداً أن دورها يقتصر على المشاركة على استحياء فى العملية السياسية . وأشار إلى أننا بحاجة إلى دستور يكون بمثابة وثيقة السلام الاجتماعى بهذا الوطن وتجنب دستور 2012 الذى كان بداية تقسيم وتفتيت المجتمع، مؤكدا أهمية أن نتحمل جميعا المسئولية فى ظل هذه الظروف العصيبة فى مصر ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة بين الأحزاب السياسية المختلفة، ويجب أن يكون لها دور كبير فى إدارة الصراع السياسى فى مصر وفى التنمية الاقتصادية ومحاولة الوصول لصيغة مشتركة للأحزاب السياسية فى مصر، وأهم تحدياتنا هى كيفية تحقيق السلام الاجتماعى والحضارة لا تتحقق بالعنف أو بالتمييز أو بالإقصاء، ولكن بفضل السلام الاجتماعى ولابد أن يكون لدينا أمل لتفجير الطاقات الكامنة فى الشعب المصرى وما ينقصنا هى الإرادة الحقيقية لتحقيق التقدم المنشود. وأكد أهمية زيادة الإنتاجية وتحويل اقتصادنا من اقتصاد خام إلى اقتصاد معرفى وقال إن الأحزاب تقوم على ثلاثة مبادئ أساسية لابد من توافرها مجتمعة العمومية والاستمرار وهذا يكون واضحا من اسم الحزب، والثانى الرغبة فى الوصول إلى الحكم وليس مجرد التأثير فى القرار السياسى، والثالث السعى نحو التأييد الشعبى وتكوين الرأى العام وإذا ما طبقنا هذه المبادئ على 85 حزبا الموجودة سوف تكون النتيجة مذهلة!