علاء عزت خلف كواليس الأحداث السياسية التى تعصف بمصر، وقبل أن تتناقل التقارير الإعلامية المصرية والعربية، والعالمية أيضا، أنباء عن رغبة بعض المستثمرين والخبراء الأجانب فى الرحيل عن البلاد، كانت الكرة المصرية تسجل بالفعل أولى حالات الهروب الجماعى للأجانب، ونعنى هنا اللاعبين المحترفين بالأندية، بعد أن سبقهم فى الهروب كل المدربين الأجانب فى مصر، فقد رحل البرتغالى مانويل جوزيه عن الأهلي، والبرازيلى جوران فييرا عن الزمالك، والإسبانى ماكيدا عن الاتحاد، وغيرهم، ولم يبق سوى الألمانى راينر تسوبيل مدرب الجونة، والأمريكى بوب برادلى مدرب المنتخب الوطني، والأول يشعر بأمان تام كونه يعيش فى جزيرة منعزلة فى مدينة الغردقة، فيما يتحدى الأمريكى الشجاع بوب برادلى كل الصعاب من أجل تحقيق حلمه الكبير وهو قيادة مصر لمونديال 2014 بالبرازيل. وبالعودة إلى واقعة الهروب الجماعى لأجانب الكرة المصرية، فإن "الأهرام العربي" اكتشفت مع تقدم عدد من الأندية بقوائمها للموسم الجديد 2013/2014 والذى لا يعلم أحد إلا الله مصيره وموعد انطلاقه، أن قوائم أغلب وإن لم تكن كل الأندية قد خلت تماما من لاعبيها الأجانب، والذين قرروا فيما يشبه الاتفاق الجماعى فيما بينهم الهروب من الواقع المظلم للكرة المصرية، ورفضوا البقاء بلا عمل فى مصر بعد إلغاء كل المسابقات المحلية خلال الموسمين الماضيين، وتقول وتؤكد الإحصائية الرقمية، وفقا لسجلات اتحاد الكرة المصرى أن 82 % من اللاعبين الأجانب رحلوا بالفعل عن مصر. وإذا كان هروب المحترفين من اللاعبين الأجانب، وقوامهم الأعظم من اللاعبين الأفارقة، وعدد محدود جدا من اللاعبين العرب أمرا طبيعيا، أولا لتجمد النشاط الكروى تماما، وثانيا لعجز الأندية التى أشهرت إفلاسها على خليفة هذا التجميد عن الالتزام بتعاقداتها المالية معهم، فإن الغريب أن نجد لاعبين أفارقة جاءوا إلى مصر مغمورين جدا، رفضوا البقاء برغم أنهم يلعبون لأكبر وأشهر وأعرق ناديين فى القارة السمراء وهما الأهلى والزمالك. فى الأهلي، رحل العاجى أوسو كونان بعد عودته من فترة الإعارة التى قضاها بنادى نجران السعودي، والآن يجاهر السنغالى دومينيك دا سيلفا برغبته فى الرحيل، وفى سبيل ذلك أعلن تمرده على بطل قارته، وحتى الكونغولى باديمبو الذى تعاقد الأهلى معه أخيرا، ولم يرتد الفانلة الحمراء رسميا حتى الآن، يرفض تنفيذ تعاقده مع النادي. وإذا كان الأفارقة يرفضون اللعب لبطل قارتهم، والذى طالما حلموا باللعب له، فإن أفارقة نادى الزمالك، كان رحليهم من الأبواب الخلفية، فقد هربوا من النادى بالإعلان عن فسخ تعاقدهم من جانبهم فقط بزعم عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية، وهو ما جسده الثنائى المهاجم البوركينى عبد الله سيسيه الذى هرب إلى الدورى الليبي، ولاعب الوسط الكاميرونى الكسيس موندومو الذى هرب للعب فى نادى الرائد السعودي، فيما اختفى الإفريقى الثالث رزاق فى ظروف غامضة، ودخل نادى الزمالك مع هاربيه فى سجال الشكاوى أمام الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا". وإذا كان الزمالك قد دخل فى أزمات مع هاربيه، فإن هناك أندية أخرى آثرت السلامة، وباركت هروب لاعبيها الأجانب، كما فعل النادى المصرى الذى وافق مجبرا على إعارة مدافعه المالى إلياسو إلى العروبة السعودي، بعد أن توعد النادى المصرى اللاعب وناديه السعودية بعقوبات قاسية من "الفيفا ". وفى الوقت الذى آثر فيه النادى المصرى السلامة فى قضية هروب مدافعه إلياسو، فإن نادى سموحة يستعد للدخول فى أزمة بعد اختفاء لاعبه وهدافه الغانى بابا أركو الذى سافر إلى بلاده بعد الإعلان عن إلغاء الدورى ولم يعد حتى الآن، علما بأن النادى السكندرى اكتوى فى وقت سابق من واقعة هروب محترفه الغانى أيضا صامويل أفوام الذى ظهر محترفا فى الدورى السويسرى على طريقة عصام الحضرى عندما هرب من الأهلى فى العام 2006 وظهر بعد يومين فقط وهو يوقع لنادى سيون السويسري. والحقيقة أن وقائع هروب عبد الله سيسيه وموندومو من الزمالك، وإلياسو من المصري، وأفوام وقريبا بابا أركو من سموحة، دفعت الكثير من الأندية لإطلاق سراح محترفيها بفسخ التعاقد معهم بالتراضي، بعد أن رفض اللاعبون الأجانب تخفيض قيمة تعاقداتهم، وهو ما فعله نادى المقاولون العرب مع لاعبيه النيجيريين موسى كبيرو وأبو بكر ديجاراما، ونادى مصر المقاصة مع محترفيه العربيين، الليبى طارق التائب، والتونسى عصام المرداسي، ونادى الإنتاج الحربى مع النيجيرى سامسون، ووادى دجلة مع وليام منساه، والسورى عبد الفتاح الأغا. الهروب الجماعى والإجبارى للمحترفين الأفارقة فى الدورى المصري، جعلت من هداف الدوري، الملغي، الليبيرى ويليام أجيبور مهاجم المقاولون العرب يتسول الآن وهو يعرض نفسه على الأندية العربية والأوروبية، مهما كان اسم النادى ومهما كان المقابل المادي، المهم الهروب من نار مصر، وهو ما قاله هداف الدورى حرفيا لوكيل أعماله. وبقى أن نذكر، أن" الأهرام العربي" استعرضت فى وقت سابق حلقات مسلسل هروب اللاعبين المصريين، ومنهم من غامروا من أجل أكل العيش وتأمين حياة أسرهم بالاحتراف فى "جهنم" من خلال موافقتهم على اللعب فى دول تعانى من ويلات الحروب والأزمات السياسة النارية مثل العراق وليبيا، والأخيرة باتت السوق الذى يهرب إليه اللاعبون المصريون، ويكفى أن نؤكد أن هناك أكثر من 15 لاعبا فى الدورى الليبي، ووصلت حملات الهروب الجماعى إلى أقصى المشرق العربي، حيث سلطنة عمان التى عادت لتكون سوقا جديدا للاعبين المصريين بعد أن شد نجم الزمالك ومصر السابق أشرف قاسم الرحال إليها مدربا لنادى صور ومعه مجموعة من اللاعبين أبرزهم أحمد عبد الغنى مهاجم حرس الحدود ولاعب المنتخب الوطني.