أشرف بدر يجب ألا نتوقف طويلاً أمام تصريحات الرجل الذى فقد عقله رجب طيب أردوغان، وتجاوزاته فى حق مصر ورموزها ومقدساتها، لأنها تعكس حالة «الهستيريا» التى يعيشها هو وزملاؤه أعضاء التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المجرمين «المسلمين» سابقاً، بعد الزلزال المصرى فى 30 يونيو وعزل محمد مرسى، وضياع حلمه أن يكون "والى "الإمبراطورية العثمانية الجديدة، التى تقام على أنقاض دول الربيع العربى بعد تقسيمها إلى دويلات فى شرق أوسط جديد، وتحويل شعوبها إلى عبيد وأحرار وسبايا لدى المستعمرات الأمريكية، والأوروبية والصهيونية الجديدة! إن الصدمة كانت عنيفة على المهووس العثمانى الذى امتهن وظيفة "عراب" العلاقات الإستراتيجية بين أمريكا والجماعات الإسلامية وعلى رأسها "الإخوان"، التى تعهد مرشدها فى لقاء سرى للتنظيم الدولى للجماعة عقد بأسطنبول، وفى حضور عدد من مسئولى «الموساد» وال"سى. آى. إيه" ووليم بيرنز المبعوث الأمريكى الدائم للمنطقة باحترام الجماعة اتفاقية السلام مع إسرائيل، والحفاظ على مصالح واشنطن وتوسيع نفوذها فى مقابل دعمهم للفوز بالانتخابات الرئاسية، وهو ما تحقق ل"استبن الجماعة " محمد مرسى. لكن كانت هناك كلمة أخرى للمارد المصرى الذى خرج فى أكبر استفتاء عرفه التاريخ ليغيير حاكمه الفاسد ويختار بإرادته من يحكمه، ويعلن سقوط المخطط "الأمريكو تركى" بالضربة القاضية، ويضع مستقبل المتآمرين "أوباما وأردوغان "السياسى فى مهب الريح. كما أن أفعال هذا "الأردوغان" ما هى إلا انعكاس للهاجس الذى يطارده ليل نهار مما حدث لحليفه فى مصر، وتخوفه من تكرار ذلك معه هو شخصيا، ولعل هذا ما دفعه فورا إلى تعديل صياغة المادة 35 فى قانون عمل الجيش التركى الذى صدر بعد انقلاب عام 1960، لتنص على أنه" من واجب الجيش «صيانة الجمهورية التركية وحمايتها»، لغلق الطريق لتكرار ما فعله جنرالات الجيش التركى بانقلابى عام 1971 وعام 1980 مستندين إلى هذه المادة بذريعة عدم قدرة السلطات المدنية على الدفاع عن المبادئ . إن حديث أردوغان حول دعم إسرائيل لثورة 30 يونيو التى يصفها دوما بالانقلاب، لأمر "مغلوط"، لأن إسرائيل اعترفت أن مصلحتها العظمى فى وجود الإخوان، وليس فى وجود حكم الثورة المصرية، ودلل على ذلك المحلل السياسى الإسرائيلى " ألون بن ديفيد"بالقول: "إن سفينة الإخوان تغرق، وهذا لا يعد جيدا لنا، حيث إن محور الإخوان الذى تأسس فى المنطقة من تركيا ومصر وغزة وسوريا وليبيا وتونس وبدعم قطرى، يعد أكثر هدوءا بالنسبة لإسرائيل من المحور الشيعى الراديكالى . كما نسى العميل التركى أن الشعب المصرى الذى ضج من أفعال الإخوان على مدار سنة كاملة، وخرج ضد حكم المرشد، لا يحتاج لدعم إسرائيل أو أمريكا، وأن إسرائيل أجبرت على الاعتذار لمصر فى سابقة تاريخية لم تحدث قبل ذلك . إن أردوغان ومن على شاكلته أمثال "القرضاوى وماجد والبلتاجى وحسان ويعقوب وغيرهم من أصحاب "تسييس" الدين، و"تديين "السياسة، ينطبق عليهم المثل " ما اجتمع سياسى ورجل دين إلا وكان الشيطان ثالثهم، فما بالنا بسياسى ورجل دين فى شخص واحد وفى نفس اللحظة لذلك لا عجب فى تطاولهم فى حق شعوبهم ودينهم وشريعتهم، فعقيدتهم الأولى هى الفاشية والنازية والصهيونية والماسونية، وبالطبع هو أمر مستهجن ومرفوض جملة وتفصيلا،وعلى رجال الدين الإسلامى فى مصر وتركيا والعالم أجمع التصدى لهذه التجاوزات التى أقل ما توصف ب"العهر السياسى والتناقض والازدواجية، لأنهم مجرد أعضاء فى تنظيم إرهابى يعبث بأمن البلاد والعباد . كما أن استضافة بلاده لقادة تنظيم الإرهاب الدولى لجماعة الإخوان، وتشكيل ما يسمى بالحكومة الموازية وتنفيذ مخطط سوريا داخل مصر، سيأتى عليه بنتيجة عكسية، وسيخرج ضده الشعب التركى، الذى يرفض سياسات حزب العدالة والتنمية، والتى ستؤثر على الأمن القومى التركى، ولا ينساق وراء معلمه ومحركه"أوباما"، فالمتبحرون بدهاليز السياسة الأمريكية يعلمون أن أسلوب "الكرّ والفرّ" فى التصريحات معروف، وهو سياسة متبعة درجت عليها الإدارات الأمريكية، إذ يصرح أحد سياسيها برأى، وما أن تستقرأ ردود الأفعال حولها، حتى يهب البيت الأبيض أو الخارجية بالنفى، وهو ما بدأ يحدث بعد الوقفة العربية الأصيلة من السعودية وشقيقاتها الإمارات والكويت والأردن والبحرين وغيرها إلى جانب مصر . أخيرا ..على الحكومة التركية "التابعة للغرب "أن تتذكر أن مصر دولة كبيرة، وأنه من المستحيل أن تتم "عثمنتها أو أمركتها"، وأن جيشها وأزهرها لن يسمحا بتفتيت مؤسساتها التى باتت تحميها شرعية الجماهير الثورية، كما لم ولن يسمح شعبها بالرضوخ لإملاءات تأتى مدعمة بتلميحات أوتهديدات بعقوبات سياسية أو اقتصادية، أو تفتيت أجهزتها ومؤسساتها لصالح أى فصيل أو تيار. وليعلم الجميع أنه عندما يتحدث المصريون يصمت الحمقى! قال تعالى :"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ".