عماد أنور «أنت بتسعى لتخريب البلد، لأنك رافض مبدأ الخلافة.. وسنحملك مسئولية ما سيحدث يوم 30 يونيو كاملة.. دمك مهدر لأنك ضدنا ونحن لن نقبل بهذا أبدا» تلك الكلمات عبارة عن رسالة مدتها 35 ثانية فقط على عداد الساعة الرقمية لتليفون الناشط السياسى سعيد عتيق، الذى تلقى تهديدات بالقتل، فقط لأنه يسعى لتطهير سيناء من بؤر الإرهاب.. ولأنه من أكثر الشباب دراية بما يحدث حوله على أرض الفيروز التى يفخر بانتمائه لها، توقع على الفور أن التهديدات وراؤها عبدالرحمن الشوربجى أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين. حاول سعيد الرد على المتصل، لكنه لم يمهله الوقت وأغلق الخط.. بعدها ظهر الانفعال على وجه سعيد، فحاول الشيخ عليان أحد كبار القبائل السيناوية الذى كان سعيدا فى ضيافته وقت أن تلقى التهديد الاستفسار عما حدث، فشرح له سعيد نص المكالمة. أخرج الشيخ عليان تليفونه المحمول، وعلى الفور اتصل بعبد الرحمن الشوربجى، متوقعا هو الآخر أن يكون هو الشخص الوحيد وراء التهديد، وقال له بالنص: «لو سعيد جرى له حاجة حتى لو على سريره أنت المسئول قدامى».. ثم أغلق الخط.. وحاول الشوربجى الاتصال بالشيخ عليان مرارا وتكرارا لكنه لم يجب. هنا رجحت عائلة سعيد أن يترك سيناء لحين أن تهدأ الأمور، خصوصا أنه لا يوجد بينهم وبين أى عائلة أخرى أى خلافات، وأن الأمر ما هو لعبة سياسة فقط، حيث إن سعيد من أبرز من يقفون بالمرصاد للإرهاب فى سيناء. على الفور حزم سعيد حقائبه تاركا سيناء.. وفى القاهرة كان لقاؤنا به فور عودتنا نحن أيضا من أرض الفيروز.. وبدأ سعيد حديثه معنا بمعلومة غاية فى الخطورة موجها إياها إلى القيادات الأمنية فى مصر، حيث كشف سعيد عن وجود مركز تدريب فى منطقة خان يونس بغزة وتحديدا فى منطقة المواصى، عند البئر رقم (21) و (21)، وتم رصد عناصر من الصعيد وسيناء ودول أخرى يتلقون التدريبات على يد الجهاديين فى هذا المركز. كما كشف سعيد عتيق عن دخول بعض من هذه العناصر إلى أرض سيناء منذ عدة أيام استعدادا للقيام بعمليات إرهابية أخرى، داعيا السلطات المصرية اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه العناصر التى لاتريد سوى الدمار لمصر، ومشددا على أن قوات الأمن عليها الاستعانة بأهل سيناء لتسهيل القبض على مثل هؤلاء، لأنهم أكثر دراية بطبيعة الأرض وكشف الغرباء. وما السبب فى تلقيك هذه التهديدات؟ فى الفترة الأخيرة توقعت تكثيف العمليات الإرهابية على أرض سيناء، وذلك عقب خطاب الرئيس المعزول مرسى فى استاد القاهرة، والذى تحدث فيه عن نصرة سوريا، لأن الجميع كان منتظرا ما تقوم به مصر عقب هذا التصريح العنترى، وبدأت أسعار الأسلحة ترتفع فى سيناء، بالإضافة إلى تنسيق تم بين حماس وعناصر من الجهاديين وذلك بإرادة «مرسية إخوانية»، لتأمين كل عملياتها، وهذا بمساعدة إسرائيل أو حتى عرب إسرائيل، لأنها الدولة الوحيدة التى تجد مصلتحها فى قيام معركة بين دولتين عربيتين، لذلك كان من الطبيعى أن تسهل كل الأمور. وكيف كان رد فعلكم؟ قمنا بدعوة لعمل لجان شعبية ترصد أى شخص غريب داخل سيناء، ثم صرحت أنا بأن على حماس تسليم مخزنها الإستراتيجى للسلاح والموجود فى منطقة العجراء بسيناء، حيث إنها منطقة نائية متطرفة، وأهلها فقراء ضعاف لا يستطيعون الوقوف أمام أى تهديدات، وهو التصريح الذى استفز قيادات حماس ومن وراءهم قيادات جماعة الإخوان المسلمين بعد الكشف عن أماكن مخازن الأسلحة، وهو ما تسبب فى تهديدى بالقتل. ما رأيناه فى رحلتنا إلى سيناء، دفعنا أن نسأل سعيد عن رأيه فى حالة الرعب التى يعيشها السيناوية، ومن الذى وراءها؟ قال: إن ما يحدث فى سيناء لايقل أهمية عن حرب أكتوبر 1973، وعلى الجميع أن يتكاتف لإنقاذ سيناء من الإرهاب، إلا إذا كانت هناك أمور سياسية لا نعلمها نحن تضع القيود أمام مسئولى الأمن فى مصر عن مواجهة هذه المخططات الإرهابية. هل تعتقد أن هذا مخطط؟ قال: بالطبع، أعتقد أنه تم تشكيل مجلس إعلامى حربى داخل حركة حماس لعمل بلبلة إعلامية ولفت الأنظار تجاه مناطق بعينها حتى تتمكن من تنفيذ عملياتها الإرهابية فى الأماكن المستهدفة، وهذا ردا على ما حدث فى 30 يونيو.. فمثلا عندما خرجت مسيرة من السيدات فى سيناء، بالتأكيد كانت هذه المسيرة لتسهيل انتقال مندسين من الجهاديين من مكان إلى آخر لتنفيذ مهمة إرهابية، وهو ما حدث عقب إلقاء صاروخ على قسم رفح. وأضاف، إنهم يخططون بشكل جيد للغاية وعلى جهات الأمن المصرية أن تأخذ حذرها، ويمكن أيضا أن يقوموا بتفجير منطقة عشوائية للفت الأنظار تجاهها، بغرض تفجير منطقة أخرى مستهدفة بالفعل، وكل هذه الأمور لا يفهمها إلا أهل سيناء. وواصل سعيد، أعطى لك مثالا بعد مقتل 4 من قيادات الجهاديين على يد القوات المصرية، كان هؤلاء الجهاديون فى طريقهم لإلقاء صاروخ على إسرائيل، بسبب إثارة البلبلة والزج بإسرائيل طرفا فى الأزمة، بعدها يطالبون بالتفاوض، مما يزيد من فرصة استمرار الإخوان فى الحكم، فهم لا يعنيهم أمن مصر. وأشار أن مقتل 4 من قياداتهم لن يمر مرور الكرام وهذا واضح مما يحدث على أرض سيناء من تفجيرات يومية، لأن الحادث أثر على نفوسهم جميعا. ربما تكون اتفاقية السلام هى القيد أمام قوات الأمن، لأنها تحدد عدد القوات الموجودة فى حدودنا مع إسرائيل.. فكيف ترى مواجهة الإرهاب من وجهة نظرك؟ أجاب: وهل نستسلم حتى تقودنا هذه الاتفاقية إلى خراب مصر، علينا أن نجيد حماية أراضينا من الداخل.. وبعيدا عن الاتفاقية فإن قوات الأمن تتعامل مع العناصر الإرهابية بالطرق القديمة، لأنها لاتزال تضع أكمنة ثابتة فى الطرق، وهى الأكمنة التى تطلق عليها صواريخ ال «آر بى جى» يوميا، لأنها سهلة الرصد، وكأن قوات الأمن تضع هذه الأكمنة لتتلقى الضربات فقط دون أن يكون لها أى رد فعل، والجنود «الغلابة» هم الخاسر الأول فى هذه المعركة. وما البديل؟ البديل هو مداهمة هذه العناصر بمساعدة أهالى سيناء الوطنيين، بعد رصد أماكنهم، وأيضا تكون الأكمنة متحركة غير ثابتة بسيارات مجهزة فى أى وقت لمطاردة هذه العناصر، أما إن ظلت الأكمنة على هذا الوضع وسوف نحصد معاً كل يوم عددا ممن الأرواح. كيف يحدث الوفاق بين قوات الأمن وأهل سيناء للتعاون فيما بينهم والوقوف فى وجه الإرهاب؟ للأسف فإن الجهات الأمنية لا تثق فى أغلب أهل سيناء، بل إن البعض يتهمهم بالتخابر والتهريب، وأنا أقترح أن تختار الجهات الأمنية عددا من الشباب الذين خدموا فى القوات المسلحة ولايزالون قيد الاستدعاء، والاختيار يتم على أصحاب التاريخ المشرف فى الخدمة العسكرية، ويضع منهم جندى أو إثنين مع كمين متحرك، لأنهم الأدرى بطرق الضرب وتوقيتات الانقضاض، كما أنه يسهل عليهم كشف أى مخطط إرهابى قبل وقوعه، من خلال دوريات مراقبة دائمة فى المناطق الحدودية، وقتها سوف ينكشف الوطنى من المتخابر. كما أننى أدعو الجهات الأمنية لتصفية الأجواء مع القبائل السيناوية وإسقاط الأحكام الغيابية عن من تثبت براءتهم ، والتعاون معهم فى مواجهة الجهاديين. وماذا تتوقع أن يحدث فى سيناء خلال الفترة المقبلة؟ الحقيقة أنا غير متفائل بالمرة، وأغلب القبائل قلقة من صمت القوات المسلحة على ما يحدث على أرض سيناء، ونطالب قياداتها بكشف الأمور أمامنا، لأن الأمر بات واضحا، وهناك جماعة تحارب وطنا بأكمله فهل نتركها تعبث فى أراضينا، كما أحب أؤكد أن حماس تاريخها ضعيف وقصير، فتلك الحركة التى انطلقت عام 1982 لايليق أن تزايد على وطنية أهالى سيناء، هم من يريدون سرقة الأرض.. وفى النهاية سيناء تحتاج إلى نظرة أمنية حتى نستطيع أن نتباهى نقول إنها تحت سيادة مصرية كاملة، وبعد تحقيق الأمن يسهل تحقيق التنمية.