مهدى مصطفى لا شك أن الدكتور حازم الببلاوى، رئيس وزراء مصر بعد ثورة 30-6 المصرية الخالصة يواجه لحظة اختبار قاسية، فالبلد يخوض حربا حقيقية دفاعا عن استقلاله، وبالكاد يتعافى من معركة الربيع الأمريكى المرتب فى الشرق الأوسط. والدكتور الببلاوى، مفكر اقتصادى وسياسى ليبرالى، ومؤلف وكاتب مقال مرموق، وشغل مناصب دولية وإقليمية رفيعة المستوى، ينتمى إلى اقتصاد السوق والمدرسة الرأسمالية باختلاف ألوانها، وهو لا يخفى هذا الانتماء هو ومجموعته الاقتصادية ممثلة فى الدكتور أحمد جلال، وزير المالية القادم من البنك الدولى، والدكتور زياد أحمد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء. صحيح أن الدكتور الببلاوى لا يدعو إلى رأسمالية متوحشة ولا احتكارية، لكن الصحيح أيضا أنه يتبنى الاقتراض من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، ولا يرفض الخصخصة وبيع القطاع العام بضوابط، وهى سياسة جعلت مصر ترزح تحت الفقر، والجهل، ومهدت الطريق أمام واشنطن لتقوم بأوسع عملية اختراق فى السنوات العشر الأخيرة. والمصريون الذين ثاروا فى 30-6 رفضوا هذا الاختراق، المالى والسياسى، ولم يرفضوا الانفتاح الحضارى على العالم، فليس قدرا أن يدوروا فى فلك الآخرين، سواء عواصم السياسة أو المال أو الثقافة. وأنا لا أطالب الرجل بالتخلى عن معتقداته الليبرالية أو عدم الاستشهاد بجون لوك فى الديمقراطية والدستور، أو آدم سميث فى الاقتصاد، بل أطالبه بنظرة جديدة إلى تكوين تاريخ مصر الاجتماعى والسياسى المختلف تماما عن التكوين الغربى، فليس قدرا أن نستنسخ تجربة بطرس بطرس غالى ولا رشيد محمد رشيد ولا محمود محيى الدين، ولا تكرار زواج رأس المال بالسلطة، فإذا جرى ذلك مرة أخرى ستكون الثورة المصرية الخالصة أيضا أسرع من أى وقت. أعرف أن تغيير المعتقدات والأفكار هو الأصعب، ولكن الشجاعة تتطلب التغيير، وطالما استشهد الدكتور الببلاوى بونستون تشرشل عندما قال للبريطانيين أثناء الحرب الكبرى: نبنى بلادنا بالدم والدموع والعرق، ومصر الآن تمر بنفس الحالة البريطانية، فهل سيكون موقف تشرشل ملهما للرجل أم سيسير بنفس وتيرة صندوق النقد الدولى، ومطالبه بإلغاء الدعم وتحرير الطاقة وهيكلة الاقتصاد وكأنك يا أبوزيد ما غزيت؟ مرة أخرى أستشهد برأى الدكتور الببلاوى بعد اختطاف الجنود السبعة فى سيناء حين كتب عن هيبة الدولة، وضرورة أن تظهر هذه الهيبة، والآن لا نرى فكرة تشرشل تقود البلاد، ولا هيبة دولة، باتت مفتوحة الأبواب لزوار عرب وأجانب، يبدو أنهم وجدوا ضالتهم فى حكومة مترددة، تخشى أن تفرض هيبة الدولة. لا تزال الفرصة سانحة للدكتور الببلاوى لتغيير المسار قبل فوات الأوان، شرط أن نفكر خارج الصندوق الموروث، والروابط الشخصية والدولية، فمصر أكبر من كل هذا.