يعترف جريهام فولر، ضابط الاستخبارات الأمريكية، أن الغرب يفكر ويدعو إلى «عالم بلا إسلام»، وكتب فولر كتابا حمل نفس العنوان بوضوح، وترجم إلى العربية 2010. فولر نقد الفكرة ولم يرفضها بالطبع، منطلقا من أن العداء بين الغرب والشرق أبعد من وجود الإسلام نفسه، وهو عداء أصيل وقديم، فرضته الجغرافية السياسية وليس الإسلام، وحسب المعلم فولر على الغرب أن يفكر بطريقة أخرى للتخلص من هذا العدو، باستيعاب الإسلام وجماعاته وحركاته، وعلى واشنطن أن تساعد جماعة الإخوان المسلمين للوصول إلى هذا الحكم، حتى لو كانت ساعية إلى استعادة الخلافة العثمانية، الحلم المفقود. ودون مواربة كشف فولر عن علاقة جماعة الإخوان والولايات المتحدةالأمريكية منذ أربعينيات القرن الماضى، أيام الملك فاروق، وهى العلاقة التى تصاعدت وتشعبت فى عصر جمال عبد الناصر فى الخمسينيات، وحسب فولر، وقفت جماعة الإخوان مع العدوان الثلاثى على مصر عام 56، وضد عبد الناصر فى معركة تحرير اليمن من التخلف، ورحبت شامتة بنكسة 67، وصولا إلى دورها فى أفغانستان تحت راية الجهاد لمساعدة أمريكا فى التخلص من الاتحاد السوفيتى السابق، وقد كان. ولنجاحها فى هذه المهمة، أوكلت لها واشنطن مهمة أخرى فى قلب أوروبا، وهى التخلص من يوغسلافيا، آخر قلاع الدب الروسى، وتحويلها إلى دويلات صغيرة، ونجحت الجماعة وتفككت دول البلقان بذريعة حماية المسلمين من الصرب، وسمعنا عن دويلة تسمى البوسنة والهرسك! وأخيرا كان التعاون التام فى غزو العراق 2003 ،ودور الحزب الإسلامى السنى فى العراق خير شاهد، وحصل محسن عبد الحميد زعيم الحزب السابق على نصيبه بتعيينه فى مجلس الحكم الانتقالى العراقى بقرار السفير بول برايمر ممثل الاحتلال الأمريكى. بعد النجاح فى أداء هذه المهمات والأدوار، كان لابد لهم أن يحصلوا على الجائزة الكبرى، مصر، وإذا كان الوصول إليها صعبا ومستحيلا، فإن سيناريو إسقاط الدائرة الجغرافية المجاورة يقرِّب المستحيل، وبالفعل زرعوا نظام الترابى- البشير الإخوانى فى السودان، وقطبى المهدى رجل أمريكا فى السودان يعلم كل شىء، وانقسم السودان على نفسه إلى دويلات تحت هذا الحكم الأمريكى المعلب. أغراهم النجاح فى السودان فطورا التجربة، وصنَّعوا باراك حسين أوباما وأوصلوه إلى قمة السلطة فى البيت الأبيض ليكون محرر القدس!!.