هذه حال مصر وهى تستقبل شهر الرحمات وتنزيل القرآن.. لا تعرف بالضبط من يمارس السلطة والحكم ومن يعارض؟ ومن القوى صاحب الكلمة? ومن الضعيف؟ ومن الوطنى المخلص الذى يقف إلى جوار شعبه ويحقق إرادته؟ ومن المنافق الذى يدعى البطولة وشرعية الظرف؟ فقد اختلطت الأوراق، وتمزقت القيم، وتشوهت الحقيقة، وكثرت الفتن، وسقطت الأقنعة، وضاع الحق بين أهله وأتباعه، وتعالت أصوات الثكالى على أرواح أزهقت بمفاهيم الباطل والخداع، والعزف على وتر الدين والشرعية، وعدم الخروج على ولى الأمر، وقطفت قوى الغدر والخيانة ورود البراءة بلا قلب ولا رحمة تحت مسميات الحرية والديمقراطية،والانقلاب الشعبى !! فلقد كشفت ثورة 30 سبتمبر وتداعياتهاعن مفارقات خطيرة لدى المصريين، ليس لأصل وجودها وإنما لكثرتها، فرأينا الآلاف ممن يبيعون دينهم وضمائرهم وارتدوا إلى أسفل سافلين، وأصحاب المصالح الشخصية والتسويات السياسية، والأجندات الخاصة، ومن يملك القدرة على استخدام العنف البالغ بالصورة التى رأيناها، ومن لهم دراية بكيفية تجميع الكوادر الخطرة وتوظيفها، والجمع بين الجريمة والمال فى تزاوج يسعى إلى هدف شيطانى لخلق الفوضى، ووأد أى بوادر للاستقرار والأمن، أو تحقيق أهداف ثورة شباب 25يناير التى ضحوا بأرواحهم من أجلها . كما كشفت عن السقوط المروع ل «الصنم» الأمريكى الذى يتستر برداء «الحماية للحريات والديمقراطية» وكان لسقوطه هزة عنيفة وصدمة مروعة فى نفوس من كان يعولون عليه لمشروعية تثبيتهم على كرسى الحكم، حتى لو كان بالتفريط فى الأرض والعرض وخيانة الدين والوطن.. وآن الأوان للتيار الإسلامى أن يستفيق من غفوته وأن يعى جيدا أن التمكين لا يكون إلا وفق مقدرات الله ونصرته فى قلوبهم وأعمالهم أولا «إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» ، وأنه لا يمكن أن تجمع بين الجاهلية والإسلام فى ممارسة واحدة ، أما الاجتهادات وفق المصالح والمفاسد فإن التوسع فيها قد أضر بالفعل وصارت المفسدة واضحة لا لبس فيها، وعليهم أن يستلهموا العبر من التاريخ ، فصلاح الدين الأيوبى الذى حرر القدس وأعاد عزة المسلمين فى ذلك الوقت، انتصر بعد أن ُصلح وأصلح، بل كان نفسه أحد ثمار المنهج الإصلاحى الذى سبقه. ومن عجب أن ترى الكثير وقد خلعوا رداء الحيادية والوطنية والدين، وبات مؤمن الأمس كافر اليوم - والعياذ بالله - والمظلوم بريئا، والفاسد شريفا والمجرم ثوريا - واستعصى على أهل السياسة وأهل العقد فهم ما يجرى، وربما يكون عندهم بعض الحق، وعليك أن تتخيل هذه الأفعال: -د. حسن الشافعى، مستشار شيخ الأزهر ورئيس مجمع اللغة العربية والإخوانى القديم، يقول: إن ما حدث هو انقلاب عسكرى على الشرعية، وخروج على طاعة ولى الأمر.!! -انسحاب حزب النور من مشاورات تشكيل الحكومة لمجرد ترشيح محمد البرادعى رئيسا للحكومة. مطالبة التيار الشعبى بانتخابات رئاسية قبل إعلان دستور جديد للبلاد. -الانتحار الدينى والسياسى الذى تنفذه جماعة المرشد ورئيسه المعزول ورءوس الفتنة من جماعته، هو نفس السيناريو الشيطانى الذى نفذته نفس الجماعة عام 65 فى عهد عبدالناصر، وحادث الكلية الفنية العسكرية عام 74 لقتل السادات وكبار مسئوليه. -بيان حركة حماس الإرهابية الذى تعترف فيه بأنها «فرع » للإخوان فى غزة حوى العديد من عبارات التهديد والوعيد لو استمرت خارطة الطريق التى أعلنتها ونفذتها القوات المسلحة المصرية بعزل رئيسهم المسلم المؤمن محمد مرسى!! -إعلان إسرائيل الرسمى أنها افتقدت محمد مرسى كحليف إستراتيجى لها!! -مطالبة عبدالمنعم أبوالفتوح بالإفراج عن قيادات الإخوان، وتجاهله الإفراج عن باقى السياسيين،وحقوق الشهداء الذين سقطوا بقناصة مكتب الإرشاد بالمقطم. -الإمارات والكويت والسعودية تفتح خزائنها من الغاز والنفط والقروض والمنح لمصر بعد سقوط حكم «الإخوان" -تأييد بريطانى - وميوعة روسية - وتطرف أمريكى، وتخبط أوروبى، وفرحة سورية، هو ملخص الموقف الدولى من عزل نظام الإخوان . -اندلاع حرب مقاطع الفيديو المصورة لمشاهد العنف والقتل بين أنصار «الإسلاميين» و القوى الثورية المناهضة لحكمهم. -إننا أمام فرصة مهمة وهى أن نجعل شهر رمضان فرصة لإصلاح ذات البين والسعى الجاد والحثيث فى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وتجنيب مصرنا خطر التصدع والانهيار، فى عصر المتغيرات، وأهيبُ بكل وطنى، أن يتّقى الله وحدهُ فى وطنه، وأن يكفُّ عن إراقة الدماء، وأن يجتمعوا للحوار، وحقن الدماءِ المعصومة، فليست دماءُ ميادين رابعة والنهضة غالية ودماءُ التحرير والإسكندرية رخيصة، أو العكس ، وكلُّ من قتلَ مسلماً مُتعمِّداً "فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما". وأخيرا ...اللهم قد صفدت فى هذا الشهرالكريم شياطينَ الجن..فأعنّا حتى نصفّد بإيماننا وأقلامنا وعزائمنا شياطين البشر..اللّهم قد استودعتُك مصر وأبناءها فاحفظ عليهم التوحيد و زيّنْ أقلام إعلامهم باليقين.. وثبّت أقدامهم فى الميادين..وأعِنهم كى يخرجوا من محنتهم منتصرين ، واحفظ جيشنا خير أجناد الأرض .. آمين يارب العالمين.