حين تدخل مطعم كالين شرق سلوفينيا يلفت انتباهك خط من ضوء النيون الاخضر على ارضية القاعة الرئيسية يكفي ان تعبره لتدخل كرواتيا. فبعد انهيار يوغسلافيا الشيوعية اصبحت سلوفينيا ثم كرواتيا دولتين مستقلتين. وظهرت مجددا الحدود التي تم تجاهلها لعقود لتمر من قلب مطعم كالين. وكان من اثر ذلك على المطعم ان البراد الذي توضع فيه المشروبات يوجد على الجانب السلوفيني في حين توجد الصناديق التي توضع فيها الزجاجات الفارغة على الجانب الكرواتي. لكن ليس هذا ما يزعج صاحب المحل. ويقول ساسا جوزيب كالين الذي يدير هذا المطعم العائلي الذي يعود الى 180 عاما "هذه الحدود كانت فعلا سيئة على تجارتنا". فالمطعم الواقع في قرية اوبريزي السلوفينية كان يحظى بشعبية كبيرة عند الكروات ومنهم الفنانون المحليون حين كان الشعبان ينتميان الى الاسرة اليوغسلافية الواحدة. فهو لا يبعد سوى 30 كلم عن العاصمة زغرب. وادى استقلال سلوفينيا بداية تسعينات القرن الماضي ودخولها الاتحاد الاوروبي في 2004 الى اقامة مراكز حدودية ومراقبة مشددة جدا لجوازات السفر. وقد اثر ذلك على اقبال الكروات على المطعم رغم انهم ظلوا يشكلون غالبية زبائنه (60 بالمئة). ويضيف صاحب المطعم الاربعيني الذي يحمل الجنسيتين السلوفينية والكرواتية انه بداية من الاول من تموز/يوليو حين تنضم كرواتيا الى الاتحاد الاوروبي "سيكونون اكثر مرونة على الحدود". ورغم ان البلد لن يكون ضمن فضاء شنغن الذي يتيح حرية حركة الاشخاص والبضائع ستستمر مراقبة الافراد لكن الاجراءات ستخف. وتقول ندا كوكوفيتش (65 عاما) التي تسكن بجوار المطعم "سيكون من الافضل لو الغيت عمليات المراقبة كليا". ويوجد حاليا حارس حدود كامل ايام الاسبوع وعلى مدار ال 24 ساعة. ويحتاج سكان المنطقة الذين يتنقلون مشيا او باستخدام دراجات هوائية الى جواز مرور خاص لعبور جسر صغير من الحجارة بين البلدين. اما الاخرون فان عليهم المرور عبر مركز حدودي حديث يقع على بعد مئة متر من المطعم وهو ما يمكن ان يتطلب 40 دقيقة. وتقول راجكا كريزاناك (46 عاما) المتخصصة في علم الاجتماع وهي زبونة منتظمة في المطعم وتسكن مدينة جيسينيسي السلوفينية المجاورة "لقد ارتدت المدرسة الابتدائية ببريغانا (كرواتيا) لانها اقرب من مدرسة سلوفينية ودرست بزغرب" وتضيف "كان من الصعب علي التعود على اظهار هويتي عند الحدود. هذه الحدود اثارت غضبي". والقضايا المتعلقة بالحدود حساسة بين البلدين. فمنذ اكثر من عشرين عاما تسممت العلاقات بسبب خلاف على بضعة كيلومترات على الساحل وبضعة اميال في بحر الادرياتيكي في خليج بيران على خلفية تمتع سلوفينيا بمنفذ بحري. وهذا الخلاف المستمر شكل عقبة كبيرة في مفاوضات انضمام كرواتيا الى الاتحاد الاوروبي. واتفق البلدان رغم ذلك على ايكال حل الخلاف لمحكمة تحكيم. اما داخل مطعم كالين فان الحدود لم تؤد ابدا الى اي تعقيدات ادارية. ويقول صاحب المطعم مازحا "حتى وان كان المطعم مقسوم بين البلدين فاننا ندفع ضرائبنا لسلوفينيا. كما ان الزبائن ليسوا بحاجة لاظهار جوازات سفرهم للذهاب الى الشرفة الواقعة في الناحية الثانية". ويقول انتون ريب رئيس الوزراء الاسبق الذي قاد انضمام سلوفينيا الى الاتحاد الاوروبي "وجود مشاكل حدود بين السلوفان والكروات ليس امرا هاما، المهم ان البلدين بينهما الكثير من الامور المشتركة، لديهما تاريخ مشترك ويفهمون بعضهم البعض جيدا". ويحلم ساسا كالين بتحويل محله الى فندق ومطعم حقيقيين ويريد توسيع القسم الكرواتي حيث يزرع خضراواته وتوجد مساحة للعب الاطفال. وهو يردد بثقة "باي حال الان ومع دخول الاتحاد الاوروبي لن تكون هناك مشاكل".