في مسلسل تكررت حلقاته ب "أرض الفيروز".. ومهما اختلف توقيت "بث" المسلسل، غالبا ما يكون السيناريو واحدا، والإخراج واحدا، لكن يختلف أطراف الصراع داخل هذا المسلسل، وتكون آخر حلقات المسلسل، بمشهد غامض، يدفع المشاهدين جميعا إلى وضع علامات استفهام كبيرة، في محاولة للبحث عن الحقيقة، لكن ينتهي المسلسل بغموض يضع الشكوك في الجميع.. سواء كان المخرج أم الأبطال، أم كتاب السيناريو. بدأت الحلقة الأولى من مسلسل "خطف الجنود" عندما كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية صباحا، وبينما كانت مصر تنام في سكينة، إذ بالقنوات الفضائية تذيع نبأ عاجلا يفيد اختطاف سبعة مجندين تابعين لقوات الأمن المركزي والجيش، بمدينة رفح المصرية، حاول البعض استيعاب الصدمة، إلى أن أكدها بعد ساعات قليلة العقيد أركاب حرب، أحمد محمد علي، المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة، وهنا كان يوم الخميس، الذي وافق التاسع من شهر مايو، وتنتهي الحلقة الأولى من المسلسل في انتظار المجهول. قطعت "الأهرام العربي" مئات الكيلو مترات، في اتجاه أرض الفيروز، لمحاولة متابعة الحلقة الثانية من المسلسل عن قرب، وكانت المشاهد الأبرز، قوات جيش تحوم في كل مكان بأرض سيناء، لاتفرق بين العريش أو الشيخ زويد أو رفح، مدرعات ومصفحات ودبابات مجنزرة، وتشديدات أمنية مكثفة حول أقسام الشرطة، الهدوء يخيم على الموقف، والخوف يسيطر على الجميع، وهنا تنتهي الحلقة الثانية، بعبارات غضب ارتسمت على وجوه مواطني أرض الفيروز، وكأن لسان حالهم يقول: "سيناء ليست أرض الإرهاب يا مصريين". بدأت الحلقة الثالثة من المسلسل، بإغلاق معبر رفح البري.. أمناء الشرطة القائمين علية يقسمون بعدم فتحه قبل تحرير الجنود، ومواطنون فلسطينيون يتوسلون لهم إعادة فتح المعبر، لكن تنتهى توسلاتهم بلاجديد، ويستمر الإغلاق، وبينما حل مساء يوم الأحد، (12 مايو) إذ بسيارات تحمل لوحات معدنية من خارج حدود سيناء، إنهم أهالي أسر المجندين المختطفين، يعلنون اعتصامهم أمام معبر رفح، أمناء المعبر يستقبلونهم بالأحضان ومحاولة بث الطمأنينة، بينما أمهات المجندين يرددن على الأحضان ب «الدموع»، التي أبت أن تتوقف قبل خروج أبنائهن من أسر الإرهابيين، وتنتهي الحلقة الثالثة من خلف أبواب المعبر، إذ بالأمهات يفترشن أرض المعبر، ويأتي إليهن زوجات الضباط المختطفين بسيناء بعد الثورة، كي تساندهن في محنتهن، وكان آخر مشهد.. دموع حارقة، من أمهات الأبطال. حل يوم الإثنين، وبدأت الحلقة الرابعة من المسلسل، بوصول تعزيزات أمنية غير مسبوقة، من بينها منصات صواريخ وأسطول حربي يضم مئات الدبابات، وسيارات جيش تحمل قوات العمليات الخاصة، في محاولة لبث الطمأنينة في قلوب الشعب، لكن كان رد الفعل داخل أرض الفيروز أكثر غضبا، حين كانت أكبر رأس في البلاد، تتردد في تحرير الجنود بالطرق العسكرية، بينما كان الشعب السيناوي يصرخ من تصرفات «رئيس لايبالي صرخات الأمهات»، ولايضعف أمام «آهات الآباء»، بينما تنتهي الحلقة الرابعة من سيناء بانتظار القرار الرئاسي، ليتدخل الحل العسكري، وبين هذا وذاك، تحول مبني المخابرات الحربية بقلب مدينة سيناء، خلف الاستاد، إلى مايشبه خلية النحل.. هذا شيخ قبيلة يدخل من الباب.. وهذا يخرج.. والجميع يبحث عن «التحرير». تعددت مشاهد التصوير، واحتار المخرج من أين يبدأ الحلقة الخامسة، لكن كانت البداية من مدينة الجورة، التي شن فيها صباح هذا اليوم هجوما بالطائرات والدبابات والقوات الخاصة، بعد بلاغ ورد لجهاز المخابرات بالعريش، من مواطن بدوي، قال فيه إنه رأي جنديين مخطوفين يجريان بسرعة بالغة في طريقهما إلى مطار الجورة، وهنا كان قرار تحرك الطائرات سريعا، وبدأت تمشيط «الجورة»، في محاولة لرؤية أي «خيط» يكشف الجناة.. لكن انتهت العملية بالقبض على 8 مشتبهين بهم لعدم وجود بطاقات شخصية معهم. رصد المخرج في الحلقة الخامسة، مشهد تسابق وسائل الإعلام في بث نبأ بدء الحملة العسكرية، لكن كانت الحقيقة أن «بلاغ البدوي عن رؤيته جنديين، كان في غير محله»، بينما كان المشهد الطريف، أن طائرات الجيش تستوقف عصر الثلاثاء، عددا كبيرا من السيارات كانت تسير في منطقة الجورة خلف بعضهم، وتستقلهم مجموعات غفيرة من المواطنين، وهنا ظنت قوات الجيش أن هؤلاء الأفراد في طريقهم لخاطفي الجنود لمؤازراتهم ضد الحملة العسكرية، وينتهى هذا المشهد بأن هذه السيارات كانت تسير بجنازة أحد المواطنين. بدأت الحلقة السادسة، بظلام دامس يخيم على مدينة رفح، وفجأة يظهر الجنود المختطفون بصحبة رجال المخابرات الحربية، حيث عثروا عليهم بمنطقة بئر لحيف، ويعلن المتحدث العسكري رسميا نبأ تحرير المختطفين، وبعد دقائق يرصد المخرج فتح بوابات معبر رفح، وتتعالى زغاريد أمهات الجنود، بينما يسجد جنود وأمناء المعبر، على الأرض شكرا لله على تحرير زملائهم، وتظهر الابتسامة على وجه الأمهات للمرة الأولى منذ 7 أيام. وهنا ظهر الفلسطينيون، سيارات العالقين تهرول في تمام التاسعة صباحا في اتجاه معبر رفح، يرددون» لم نغضب منكم أيها المصريون، ولو كنا مكانكم لأغلقنا المعبر واعتصمنا مثلكم، أبهرتم العالم بوحدتكم في الأزمات». وغاب الجنود مجددا، وبدأت الحلقة السابعة بدموع أم تبحث عن نجلها، بعد يومين من إطلاق سراحه، ولا تعرف عنه شيئا منذ أن كان مع الرئيس، ذهب خال الابن إلى وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني بحثا عن مكانه، وعاد إلى الأم بخيبة أمل، بدون أن يفصح أحد عن مكانه، إلى أن سربت قيادات الداخلية معلومات تفيد بوجود الجنود بأحد فنادق الشرطة لاستجوابهم. انتهت حلقات الواقع الأليم بابتسامات عريضة ارتسمت على وجوه الجميع، طبول الفرح تدق في شوارع سيناء، وسيارات القبائل تجوب الشوارع لتهنئة أهالى أرض الفيروز، وهنا يبحث المخرج عن إجابات محددة، لعلامات استفهام كبرى، ضلت إجاباتها وسط محاولات تحرير المختطفين. مشاهد لم تذع على هامش المسلسل تم تحديد مكان 3 جنود مختطفين بعد 48 ساعة فقط من عملية الاختطاف، من خلال شرائح الموبايل الخاصة بهم، حيث تمكنت أجهزة المخابرات من تتبع أرقام التليفونات - برغم أنها كانت مغلقة- لكن استطاعت الأجهزة السيادية معرفة أماكنهم. تحددت ساعة الصفر لبدء الحملة العسكرية لتحرير الجنود مساء يوم الثلاثاء 13 مايو، حيث كان الجيش قد اقترب بشدة من تحديد أماكن الخاطفين، لكن كان هناك شىء غامض، أجل بدء العملية العسكرية. الدكتور نعيم جبر، منسق عام ائتلاف قبائل شمال سيناء، قال إن الشىء الغامض وقع من مساء الثلاثاء 13 مايو، حتى فجر يوم الأربعاء، وهذه الفترة نحو 10 ساعات، ووجه رسالة حادة في هذا الشأن باسم القبائل قائلا:« أعلنوا عن تفاصيل ما حدث قبل أن تفقد قبائل سيناء الثقة في جميع مؤسسات الدولة.. ولو تم فقد الثقة ستكون هناك كارثة على الأمن القومي أجمع». زيارة وفد من قبائل سيناء إلى وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، عقب إطلاق سراح الجنود بساعات قليلة، يرسل رسالة مباشرة لجهات بعينها، بأن مجهود أجهزة وزارة الداخلية في حادث الجنود، تم تهميشه تماما، وأن إحدى الجهات حصلت على النصيب الأكبر من الإشادة، بدون وجه حق، بينما كان مجهود وزارة الداخلية أحد الأسرار الخفية التي سرعت من إطلاق سراح الجنود، ولم يتطرق الرئيس إلى ذلك أثناء استقباله الجنود بعد إطلاق سراحهم، في حضور قيادات الجيش والداخلية.