دعانى للجلوس بجواره داخل قطار «الرصاصة»، أثناء رحلة تنقل الأهلى من مدينة ناجويا إلى طوكيو، لخوض مباريات الأدوار النهائية من بطولة كأس العالم للأندية التى أقيمت باليابان قبل خمسة أشهر من الآن، وتحديدا فى ديسمبر من العام الماضى. وقبل أن ينطلق قطار الرصاصة فى طريقه إلى العاصمة اليابانية، وجدت حسام البدرى المدير الفنى للأهلى شارد الذهن، وكنت أظن أنه مشغول ب « هم « مواجهة العملاقة فى الأدوار النهائية للمونديال بعد أن تأهل الأهلى للمربع الذهبى، إلا أنه وبعد حوار ودى ضاحك معه لم يستقر دقائق، فوجئت به يطلق وابلا من رصاص المفاجآت. وكان أول ما لاحظته هو جدية حديثه، وكانت أولى الرصاصات التى أطلقها أن لديه يقينا أن هناك من يتآمر على وجوده فى الأهلى . وكنت أحسبه يلقى بالاتهام على أحد النجوم الكبار فى الفريق، أو عدد من اللاعبين، كونه تعرض لمؤامرة من جانبهم وقت ولايته الأولى دفعته لترك منصبه، أو أن تكون قنبلة المؤامرة انطلقت من أفواه أسلحة المدفعية الإعلامية الثقيلة، إلا أنه بادر بالنفى، مؤكدا أن علاقته ولاعبيه على مايرام، وأن علاقته بالإعلام تحسنت كثيرا، قبل أن يضغط على زناد لسانه الذى كان أشبه بمسدس سريع الطلقات مفجرا قنبلة مدوية، مؤكدا أن رصاصة المؤامرة هذه المرة انطلقت من أحد أعضاء مجلس الإدارة، والغريب أن هذا العضو كان يجلس على بعد مقعدين خلفنا فى القطار !! قبل أن يفجر مفاجأة أخرى بشأن علاقته مع أستاذه مانويل جوزيه المدير الفنى السابق للأهلى . وأكد البدرى أن هذا العضو المسئول فى الإدارة الحمراء يسعى جاهدا لتطفيشه من أجل إفساح الطريق لعودة صديقه البرتغالى مانويل جوزيه، وسرد البدرى الكثير من مفاجآت مخطط الإطاحة به من الأهلى، وقبل أن ينتهى من سرد كل الوقائع كاشفا الكثير من الأسرار، كانت عجلات قطار "الرصاصة" اليابانى الشهير، تتوقف أمام محطة طوكيو . وظننت أن البدرى كان فقط يرغب فى أن "يفضفض" معى، وأن حوارنا الودى انتهى عند هذا الحد، إلا أن عندما التقيته على انفراد داخل صالة السفر بمطار "ناريتا" بالعاصمة طوكيو خلال رحلة عودة الأهلى من اليابان، اقترب منى البدرى وكأنه يريد أن يكمل الحوار، حوار القطار، مفجرا مفاجأة جديدة، عندما كشف لى عن نيته ورغبته فى الرحيل، وكنت أظنه يداعبنى هذه المرة، إلا أنه كان جادا كعادته فى كلامه، كاشفا عن سوء تقدير إدارة النادى له ماديا ومعنويا، وقال لى بابتسامه ساخرة : « هل تعلم أن راتبى أقل من راتب بيدرو مساعد جوزيه ؟».. وأعرب عن حزنه لتجاهل إدارة النادى تكريمه وتكريم الفريق بعد الفوز ببطولة دورى الأبطال الإفريقى والتأهل لكأس العالم باليابان، وذكرنى بالاحتفالية الضخمة التى أقامها مجلس الإدارة لجوزيه فى ذات المناسبة عامى 2006 و 2008 . وللمرة الأولى كشف البدرى أن يمتلك عروضا تدريبية من أندية عربية، إلا أنه تحفظ على هذه العروض، رافضا الكشف عن هوية الأندية التى ترغب فى التعاقد معه .. واكتفى قائلا : “ لما نشوف بكره هايحصل إيه .. بس فى كل الأحوال أنا ماشي.. ماشى “ .. وفى تلك اللحظة، أى قبل 5 أشهر من الآن وبعد مفاجأة حديث المؤامرة فى القطار، وحديث نية الرحيل فى المطار، أيقنت أن رحيل البدرى من الأهلى مسألة وقت لا أكثر ولا أقل .. وقد كان. والحقيقة أن شيئا لم يتغير على مدار 5 أشهر، فلم تقم إدارة النادى بتعديل عقد البدرى بما يتناسب مع كونه الرجل الأول، وأنه قاد الفريق فى أجواء درامية للفوز بدورى الأبطال الإفريقى، وأعاد الأهلى لليابان، مكررا نفس الإنجازات التى جعلت من جوزيه أسطورة، بل إن إدارة النادى كانت تغضب عن تناول أى وسيلة إعلامية لقضية راتب البدرى، أو أنه يعمل بدون عقد رسمى، وهذه هى كارثة تعامل الإدارة مع أبناء النادى دوما، وعندما زادت الضغوط الإعلامية، خرجت إدارة النادى تكذب، وتؤكد إبرام عقد جديد مع البدرى لمدة عامين، إلا أن الأيام وحدها كانت كفيلة أن تكشف زيف وكذب الإدارة . والأغرب أن إدارة النادى تعاملت مع التقارير الإعلامية التى كشفت مفاوضات نادى أهلى طرابلس الليبى للتعاقد مع البدرى بطريقه الاستخفاف، حتى عندما خرج البدرى يقر ويعترف بها، ظلت الإدارة على طريقتها، ولم تحرك جانبا، وبعد أن أيقنت أن البدرى وقع بالفعل للنادى الليبى، خرجت الإدارة تدعو مدربها بعد مباراة الإياب أمام البنزرتى التونسى فى بطولة دورى الأبطال الإفريقى لاجتماع عاجل لبحث الأمر !!. والمؤكد أن تلك الخطوة جاءت من منطلق “ زر الرماد لا أكثر ولا أقل “، وجاءت لتؤكد أن ما كان يشعر به البدرى وكشف عنه فى اليابان لم يكن مجرد لحظة حزن، بل كانت قراءة رشيدة من جانبه لمستقبله مع الأهلى وقياس حقيقى لمدى تمسك الإدارة به، والتى باعته مع أول اختبار حقيقى. والمؤكد أن إدارة النادى، ولم تكن جادة فى التعامل مع أزمة البدرى، وكذا كل أزمات الفريق الأحمر، بعدما أيقن مجلس حسن حمدى أن أيامه داخل القلعة الحمراء باتت معددوة بفرمان قانون ال 8 سنوات، والذى فشل العامرى فاروق وزير الدولة للرياضة فى إسقاطه . واكبر دليل على أن مجلس “ الكابتن “ حسن حمدى “ باع القضية “ هو ما تجسد فى عدم تدخل الإدارة كالعادة فى احتواء أزمة تجديد عقدى محمد بركات وشريف عبد الفضيل، كما أن الإدارة لم تلب أى رغبة للبدرى بشأن تدعيم صفوف الفريق، بصفقات خارجية، وتركت البدرى لعبه فى يد سماسرة ووكلاء اللاعبين الذين حاولوا فرض صفقات مضروبة جديدة على النادي. كما أن الإدارة سمحت لنجوم الفريق الثلاثى أبوتريكة وأحمد فتحى وجدو بالرحيل للاحتراف المؤقت، برغم اعتراض البدرى ،وهو ما كان ليحدث فى عهد جوزيه . والغريب، والأمر الذى يدعو إلى الضحك بسخرية، أن نجد مسئولى النادى حتى اللحظات الأخيرة، خصوصا هادى خشبة مدير قطاع الكرة بالنادى، وسيد عبد الحفيظ مدير الكرة، يخرجان على وسائل الإعلام بتصريحات كوميدية بشأن بقاء البدرى من عدمه، فى الوقت الذى كان أمر رحيله محسوما 100 %، بدليل أن اللاعبين الكبار فى الفريق كانوا على يقين برحيل مدربهم، والحقيقة المؤكدة أن هناك حالة من الحزن الكبير تضرب وتعصر حاليا عددا كبيرا من لاعبى الأهلى، بل كل لاعبى الأهلى تقريبا، على رحيل “ جوارديولا “ وهو اللقب الذى كان اللاعبون يداعبون به البدرى، تشبها بجوزيب جوارديولا مدرب برشلونة السابق، والمدير الفنى القادم لبايرن ميونيخ الألمانى، وهو ما كشف عنه عدد من اللاعبين فى تصريحات ل “ الأهرام العربى “ وعلى رأسهم النجم الكبير محمد أبوتريكة المعار حاليا لبنى ياس الإماراتى، ووليد سليمان، وسيد معوض وغيرهم .. بل الأغرب أن عددا من لاعبى الأهلى بكوا بالدموع وهم يودعون مدربهم، و طالبوا بالرحيل معه إلى ليبيا والاحتراف معه فى صفوف أهلى طرابلس للهروب من الأزمات المالية للنادى الأهلى والتى جعلتهم وعلى مدار عامين لا يحصلون على مستحقاتهم المالية. وبقى أن نؤكد أن البدرى تحمل الكثير من الصعاب، وقبل أن يتحمل الإهانات والاتهامات الإعلامية والجماهيرية والتى اتهمته بالهروب من الأهلى فى “عز الموسم “، من أجل الأموال، حتى إن البعض شبهه بالهارب الكبير عصام الحضرى، ورفض أن يواجه تلك الاتهامات بكشف أخطر الأسرار.. وإن حتى كلفه الأمر الدخول فى “ القائمة السوداء “!