شهدت ندوة " ظاهرة أطفال الشوارع ومستقبل الخصائص السكانية في مصر " - التي نظمها اليوم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء برئاسة د . ياسر علي - جدلا واسعا وصفه رئيس المركز وجميع المشاركين بالجدل الصحي الذي تحتاجه مصر الآن لبناء كافة مؤسساتها . وقال رئيس المركز في بداية كلمته الافتتاحية إن ظاهرة أطفال الشوارع احتلت مكانة واهتماما بالغا على المستويين الدولي والعربي نظرا لأن حقوق الطفل جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان الأساسية سواء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو ميثاق الأممالمتحدة وميثاق الاتحاد الأفريقي وإعلان منظمة العمل الدولية الخاص بالمبادئ والحقوق الأساسية في العمل، وكذلك الاتفاقيات الدولية والعربية التي صدقت عليها العديد من دول العالم، ومن بينها مصر. وأضاف برغم الاهتمام العالمي بهذه الظاهرة، إلا أنها مازالت في ازدياد، ومازال أطفال الشوارع يعيشون في الدول النامية ظروفا معيشية بالغة الصعوبة، ويتجرعون مرارة سياسات وبرامج سياسية واقتصادية فرضتها عليهم أنظمة سابقة (فاسقة وظالمة) انتهكت كافة حقوق الأطفال المشروعة بداية من حقهم في المأوى والمأكل والمشرب والملبس والعمل، وانتهاء بحقهم في الحياة، وقامت بتهميشهم مما رسب بداخل هؤلاء الأطفال حقدا دفينا تجاه المجتمع وسلبهم انتماءهم الوطني، وسهل استقطابهم واستغلال عوزهم وتوجيههم للقيام بأعمال غير مشروعة، وكأن الإبقاء عليهم وتهميشهم بهذه الطريقة كان مقصودا ومستهدفا بحد ذاته، حتى يتم تحريكهم واستخدامهم في توقيت معين ولأهداف بعينها. فتحولوا بذلك تدريجيا إلى كارثة تهدد أمن وسلامة مجتمعنا، ولقنابل موقوتة ينتظر انفجارها بين حين وآخر. ولفت علي إلى أنه من بين العوامل التي تؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة هو عدم وجود بيانات وإحصاءات دقيقة عنها، تحدد أعداد أطفال الشوارع بالضبط، وأماكن انتشارهم وتواجدهم، بحيث يصبح بإمكان الحكومات وضع الاستراتيجيات والخطط التي قد تحد من تلك الظاهرة. مشيرا إلى أنه بصفة عامة تشير التقديرات العالمية إلى وجود ما يزيد عن 100 مليون من أطفال الشوارع في العالم يتركز أكثر من 40 مليون طفل منهم في أمريكا الوسطى، وهناك ما بين (25 - 30) مليون طفل في آسيا، وأكثر من 10 ملايين منهم في قارة أفريقيا، في حين يوجد ما بين (20 – 25) مليون طفل موزعون على باقي قارات العالم. السيدات والسادة،،، إن الحديث عن واقع الطفل العربي أمر صعب، وتكمن صعوبته في التباين بين أقطار الوطن العربي من حيث ظروفها وإمكانياتها وواقع أدائها وترتيب أولوياتها، وكذا في التباين بين ريفها وحضرها وعشوائيتها. ففي المغرب على سبيل المثال بلغ حجم ظاهرة أطفال الشوارع في عام 2004 حوالي 233 ألف طفل منتشرين في مختلف المدن المغربية. أما في السودان فقد وصل حجمها في نهاية عام 2002 إلى ما يقرب من 70 ألف طفل في شمال السودان فقط. ويقدر عدد أطفال الشوارع في المملكة العربية السعودية وحدها إلى ما يقرب من 83 ألف طفل، أما في عمان والبحرين فيقدر حجم الظاهرة ب 12 ألف طفل في كل منهما، وفي الإمارات العربية المتحدة يصل حجم الظاهرة تقريبا إلى 4 ألاف طفل، ويقدر حجمها في اليمن بحوالي 28.9 ألف طفل في مدينة صنعاء فقط مع نهاية عام 2000. وعن حجم الظاهرة في مصر قال على إنه لا يوجد في الوقت الحالي إحصاءات رسمية حكومية تبين عدد أطفال الشوارع أو حتى معلومات عن أعمارهم أو جنسهم، وبالرغم من المحاولات العديدة التي بُذلت في السنوات الأخيرة لتحديد حجم المشكلة، فليس هناك اتفاقا على أعدادهم. فعلى سبيل المثال قدرت الهيئة العامة لحماية الطفل - وهي منظمة غير حكومية - أن أعدادهم وصلت في عام 1999 إلى حوالي 2 مليون طفل، في حين قدرت منظمة اليونسيف عام 2007 عدد الأطفال الذين يعيشون في الشوارع في مصر بأنه يتراوح ما بين ال 200 ألف والمليون طفل، وأن 25% منهم تحت سن الثانية عشرة. إلا أن المجلس القومي للأمومة والطفولة قدر عدد أطفال الشوارع في القاهرة عام 2009 بحوالي 5229 طفل بنسبة 84.4% من الفتيان إلى 15.6% الفتيات. السيدات والسادة،، ونبه رئيس المركز إلى أن الأحداث الحالية التي تشهدها مصر قد فرضت على الجميع إعادة النظر في ظاهرة أطفال الشوارع نظرا لخطورتها على المجتمع، وتأثيراتها السلبية إلى حد كبير على الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع، ومن ثم فإن التصدي لها لا يمكن أن يحقق أهدافه إلا إذا كان مبنيا على نظرة شاملة تحلل وتعالج الظواهر وتحدد أسبابها الحقيقية في الوقت نفسه وهو ما يتطلب منا جميعا حشد وتضافر كافة الجهود لمواجهة هذه الظاهرة لما لها من آثار مدمرة على النمو النفسي والبدني للطفل وإهدار لكرامته وآدميته، علاوة على انعكاساتها السلبية على جهود النمو الاقتصادي والتنمية، وما يرتبط بها من العديد من المشاكل والأمراض المجتمعية. كما حذر على من الخطورة الداهمة والآثار الكارثية التي تمثلها ظاهرة أطفال الشوارع على أمن وسلامة المجتمع لافتا إلي أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار قام بالتعاون مع المجلس القومي للسكان بإجراء بحث عن آراء المواطنين حول ظاهرة أطفال الشوارع بغرض معرفة رؤيتهم تجاهها، ومقترحاتهم للتصدي لها، تمهيدا للوقوف على حلول عملية قد تساعد في القضاء عليها نهائيا. من جهتها أشارت سحر عمار مدير مركز استطلاعات وبحوث الرأي العام إلى أن المركز اعتمد في استطلاعاته على وسيلتين أساسيتين هما المسوح الميدانية " المقابلات الشخصية, والمقابلات الهاتفية و أضافت : بالنسبة لمنهجية العمل بمركز استطلاعات وبحوث الرأي العام يتم استخدام عينة عشوائية طبقية من المواطنين البالغين(18 سنة فأكثر) -ذات مرحلة واحده- للأسرة المصرية التي لديها هاتف منزلي في مختلف محافظات الجمهورية. مشيرة إلي أنه بالنسبة لعينة هذا البحث فقد بلغ حجمها 1259 مفردة وقد بلغت نسبة الرفض فيها 16% من إجمالي العينة. وخلال كلمته التي ألقاها خلال الندوة أكد الدكتور عاطف الشيتاني مقرر المجلس القومي للسكان قال إننا لا يمكن أن نحمل الحكومة وحدها مسئولية انتشار الظاهرة أو أن نلقي علي الدولة منفردة العبء في إيجاد حلول عملية لهذه الظاهرة حيث إنها ظاهرة متغلغلة، ويتحمل المجتمع نصيب الأسد في علاج هذه الظاهرة ، لافتا الي انها لم تُرصد جيداً من خلال كاميرات التلفزيون ، ونحن نحاول أن نقضي تماماً عليها من خلال رؤية واضحة وعمل جماعي دون إلقاء المسئولية علي أحد او التنصل منها . وعقب د ياسر علي على قائلا ان علاج تلك المشكلة يجب أن ينني علي دراسة ثلاثة أرقام تعتبر محاور التنمية في مصر وهي معدل البطالة 12%، ومعدل الفقر 25%، ونسبة الأمية 33%، وفي مصر يصل حجم الاقتصاد الموازي Shadow economy)) إلى أربعة أضعاف الاقتصاد القومي، لافتا الي الاقتصاد الموازي يميل إلى استخدام العمالة الرخيصة، ويعتمد على توظيف أطفال الشوارع، وبالتالي أصبح أطفال الشوارع جزءا من الاقتصاد الموازي، اما الدكتورة سمية الألفي مديرة و حدة التنمية والنوع بالمجلس القومي للأمومة والطفولة فقالت : ان المجلس القومي للأمومة والطفولة اصدر "الإستراتيجية القومية لحماية وتأهيل وإدماج أطفال الشوارع"، وذلك بهدف رصد هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها، كما انه قام ببناء مراكز لإقامة أطفال وفتيات الشوارع، ولدينا مركز لمعالجة المعنفين في دار السلام، وأنشأنا الخط الساخن لنجدة الطفل ( 16000)، لافتة إلى أن حل مشكلة أطفال الشوارع لابد أن تتضافر من أجلها جهود كافة مؤسسات الدولة و أجهزتها المختلفة. - واعتبر محمد رفعت خطاب مستشار وزير الرياضة للتنمية البشرية ان الرياضة تعتبر مكون جذب لهؤلاء الأطفال وخطوة حقيقية نحو دمجهم في المجتمع , لذل فقد قدمت وزارة الرياضة مبادرة " أولاد بلدنا لتقويم أولاد الشوارع " وقد صدر قرار من رئيس الوزراء بدمج المكون الرياضي لتقويم أولاد الشوارع لزيادة معامل الارتباط بدور الرعاية والقضاء على ظاهرة الارتداد مرة أخرى إلي الشارع ثم زيادة معامل الجذب وصولا لمنع هذه الظاهرة تماما والقضاء علها نهائيا وذلك عن طريق تنظيم دورات رياضية لثلاثة ألعاب جماعية هي كرة القدم و السلة – والطائرة وتنظيم دوري تمهيدي سيبدأ بداية من 13 مايو ويستمر لمدة ثلاثة أشهر ثم دورى عام 2014 . - واختلف الحاضرون حول الدور الذي يجب ان تمثله مؤسسات المجتمع المدني للقضاء علي الظاهرة , حيث اتهم البعض مؤسسات الدولة بالتقصير وإلقاء العبء علي المجتمع المدني لعلاج الظاهرة وارجع البعض الاخر تراجع دور مؤسسات المجتمع المدني في علاج هذه الظاهرة إلي قلة التمويل الممنوح لها خصوصا وان الظاهرة متحركة ولا توجد أرقام ثابتة لأعداد أطفال الشوارع وأشار آخرون إلي أن دور تلك المؤسسات يجب أن يكون مساند للدور الحكومي وان تدعم مؤسسات الدولة وأجهزتها المجتمع المدني للقضاء على هذه الظاهرة . واقترح البعض إعادة تبعية المجلس القومي للأمومة والطفولة الي مجلس الوزراء وضرورة الشفافية والمشاركة في إصدار قوانين الطفل في المجالس النيابية.