عماد بركات - شهد مبنى ماسبيرو فى الفترة الماضية، كثيراً من التوترات والأحداث الساخنة لم يشهدها من قبل، بعد أن كانت الاضطرابات داخل قطاع أو اثنين على الأكثر امتدت لتشمل عدداً كبيراً من قطاعات الاتحاد حتى انتقلت إلى القنوات نفسها، كما أن هذه التوترات لم يعد سببها الرئيسى هو وجود خلاف على الأجور، وإنما أصبحت هناك أسباب أخرى منها الاعتراض على السياسة الإعلامية المنتهجة ورفض طريقة الإدارة لبعض القيادات الحالية سواء كان ذلك من خلال تدخلهم فى أعمال غيرهم أم إسنادهم مهاماً لأشخاص غير مؤهلين لمجرد أنهم مقربون لهم، وقد ظهر ذلك واضحا فى التظاهرات والوقفات التى قام بها أغلب العاملين داخل وخارج ماسبيرو، الأمر الذى يؤدى إلى تراجع مكانة ونسبة مشاهدة قنوات التليفزيون المصرى فى الشارع، «الأهرام العربى» رصدت آراء عدد من العاملين وقيادات ماسبيرو حول من المسئول عما يحدث فى ماسبيرو الآن وكيف يمكن إنقاذه .. فى التحقيق التالى: معظم المشكلات التى يعانى منها ماسبيرو مالية وليست لها علاقة بالسياسة الإعلامية الحالية كما يزعم البعض، وأن محاولة إلغاء التفاوت الكبير فى الأجور بين العاملين كان السبب وراء التوترات التى شهدها ماسبيرو أخيرا، هذا ما أكده إسماعيل الششتاوى، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأضاف، لا بد من توفير سبل التمويل اللازمة لتغطية الإنتاج البرامجى وتوزع بشكل عادل طبقا للقواعد واللوائح بمعنى الأجر مقابل العمل والإنتاج، وأنه على العاملين فى هذا الكيان الإعلامى الكبير أن يعملوا على إعادته إلى مكانته الأولى، وعدم الاستسلام لمحاولات الحاقدين الذين يرغبون فى تدميره، عن طريق الالتزام بالمهنية الكاملة فى البرامج وعدم إبداء آراء شخصية فى الموضوعات المطروحة للنقاش وعرض وجهات نظر جميع الأطراف بحيادية شديدة. وأكد عبد الفتاح حسن، رئيس قطاع القنوات المتخصصة أنه يجب علينا كإعلاميين فى ماسبيرو أن نتكاتف معا من أجل أن يتخطى هذه المحنة التى ألمت به بدلا من البحث عن مجد شخصى على حسابه، خصوصا أن هناك كثيراً من المذيعين يفعلون ذلك دون أن يدركوا أنه لو سقط ماسبيرو سيسقطون معه، وأضاف: يجب أن يعلم الجميع أن حال ماسبيرو من حال مصر، وأنه إذا استقرت الأوضاع وهدأت الأمور فى الشارع سينعكس الأمر على ماسبيرو وباقى مؤسسات الدولة، كما على العاملين أن يثقوا فى القرارات التى يتخذها رؤساؤهم وعدم الاتجاه إلى سياسة التخوين، وفيما يخص قطاع القنوات المتخصصة فالأوضاع فى طريقها إلى الهدوء والاستقرار بعد تأكيد وزير الإعلام صلاح عبد المقصود، أنه لا مساس بأجور العاملين، وأتوقع أنه فى حالة توقف المطالب الفئوية والاعتراضات غير المبررة بالقطاع والتركيز فى العمل لمدة ستة أشهر فقط، ستعود قنوات النيل إلى سابق مجدها وتنجح فى استعادة المشاهد مرة أخرى . أما المخرج على غيث، مدير إدارة البرامج الثقافية بالقناة الأولى، وعضو ائتلاف ماسبيرو، فيقول: نعانى نحن الإعلاميين فى ماسبيرو من مخرجين ومعدين ومذيعين من ضغوط شديدة تمارس علينا من القيادات من أجل التضييق على حرية الإعلام التى وصلنا إليها بفضل ثورة يناير إرضاء للحزب الحاكم، وأن من يعارض تنفيذ هذه التعليمات يتم تهديده بإيقاف برامجه أو تسكينه على برامج خفيفة لا تتطرق للقضايا المطروحة على الساحة، أيضا تتدخل القيادات وتحديدا أغلب رؤساء القنوات فى اختيار الضيوف الذين يشددون على أن يكونوا ممن ينتمون للإخوان المسلمين، فلك أن تتخيل أن هناك برامج بعينها أصبحت محجوزة لأنشطة حزب "الحرية والعدالة" ومنها على الأخص برنامج رسالة الأولى الذى ينقل ويتابع كل ما يخص الإخوان المسلمين، وأضاف: كما نعانى من عدم وجود أجهزة حديثة أو استوديوهات تسمح باستيعاب الكم الهائل من برامج التليفزيون بعد أن قام الاتحاد بالاكتفاء باستوديوهات ماسبيرو فقط، والاستغناء عن الموجودة فى مدينة الإنتاج الإعلامى بحجة ترشيد الإنفاق، مما تسبب فى توقف عرض حلقات من برامج موجودة على الخريطة، كل هذه الأمور كانت سبب التظاهرات والوقفات التى حدثت أخيرا وأنه لم يكن الاعتراض على خفض اللائحة المالية هو السبب الوحيد لها كما تزعم قيادات ماسبيرو. ويقول محمد إبراهيم، معد برامج بالفضائية المصرية: شهد ماسبيرو خلال الفترة الماضية كثيراً من المشكلات التى أرى أن أسبابها ترجع إلى عدة نقاط أولاها، فشل القطاعات فى إدارة موارد الاتحاد وعلى رأسها القطاع الاقتصادى الذى يرفض بذل أى مجهود من أجل تعزيز الموارد المالية عن طريق زيادة الإعلانات وتسويق الأعمال الدرامية، وعندما يطلب منه تدبير المستحقات المالية للعاملين لا يفكر سوى فى خفض الأجور على اعتبار أن هذه أسهل وأسرع وسيلة دون البحث عن بدائل أخرى، وثانيا التدخل المباشر وغير المباشر فى عمل البرامج من حيث المضمون وفرض أفكار بعينها، وعلى سبيل المثال لو رجعنا إلى الوراء شهرين تقريبا وتذكرنا الخرائط البرامجية لقنوات التليفزيون الأولى والثانية والفضائية لاكتشفنا أنه تم تحويل أغلب البرامج ذات المضامين السياسية إلى اجتماعية وترفيهية، وأن من كان يعترض على ذلك كان الخيار الثانى الذى أمامه هو إلغاء البرنامج تماما بحجة تطوير الخريطة الجديدة أو أن البرنامج استنفد أغراضه وأنا واحد من الذين تعرضوا لذلك، وثالثا اختيار قيادات ممن على سن المعاش الهدف منه حتى يكونوا مطيعين ومنفذين لسياسات الوزير وحزبه الحاكم طمعا فى التجديد لعام آخر، ورابعا وأخيرا عدم الاستماع لأفكار الشباب وتهميش دورهم حتى فى تنفيذ برامجهم بالشكل الذى يرونه مناسبا مما أفقدها بريقها وجعلها تبدو هزيلة وضعيفة. وأكد حسن حامد، رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامى أن ماسبيرو لن يخرج من كبوته إلا بجهود أبنائه بعد أن يؤمنوا بأهمية دورهم فى الحياة الإعلامية، وعلى الجانب الآخر على الحكومة أن ترفع أيديها عن ماسبيرو، وأن تعى تماما أنه صوت الدولة بالكامل وليس الحكومة فقط، حيث تأتى الحكومات وتمضى وتبقى الدول كما هى. ويقول الإذاعى القدير محمود سلطان، ما يحدث فى ماسبيرو حاليا نتيجة تراكمات قديمة تتمثل فى الأعداد الكبيرة التى تعمل والمديونيات التى وصلت إلى 14 مليار جنيه، وأن الحل من وجهة نظرة يكمن فى إجراء دراسات وبحوث حول كيفية تدوير هذا المبنى والقوة البشرية الموجودة داخله، وفيما يخص السياسات الإعلامية الحالية، فأرى أن التليفزيون المصرى أصبح يتمتع بسقف عال من الحرية ولا صحة لما يتردد حول أخونته، وبرغم ذلك مازال يطلق عليه تليفزيون الحكومة والشعب وأتوقع أن يكون تليفزيون الشعب فقط فى القريب العاجل.