لأول مرة منذ فترة طويلة، تقدم الفضائيات العربية على خطوة عرض مسلسلات تليفزيونية مصرية لأول مرة بعيدا عن موسم شهر رمضان، الذى كان محور اهتمام شركات الإنتاج والتليفزيونات طوال الفترة الأخيرة، ويبدو أن الخسائر المادية التى تكبدتها بعض الفضائيات فى موسم شهر رمضان الماضي، كانت كفيلة بتغييرها لحساباتها وإقدامها على خطوة عرض المسلسلات بعيدا عن شهر رمضان، وكانت البداية مع مسلسل «فى غمضة عين» لأنغام وداليا البحيرى و«على كف عفريت» لخالد الصاوى وكندة علوش.. «الأهرام العربي» التقت عدداً من المتخصصين فى الدراما التليفزيونية لمعرفة رؤيتهم لهذه الظاهرة الجديدة، يؤكد الفنان والمنتج محمد الشقنقيري، أن فكرة فتح موسم جديد للدراما التليفزيونية تعد فى غاية الأهمية، خصوصا بعد أن زادت نسبة الفضائيات المتخصصة فى الدراما التليفزيونية والتى فاقت عدد الفضائيات السينمائية أخيرا، وقد تأخرت هذه الخطوة لسببين الأول أن شهر رمضان يحصد معظم حصيلة الإعلانات التى توزع طوال العام بالإضافة إلى نسبة مشاهدة التليفزيون العالية فى شهر رمضان. ويرى الشقنقيرى أن العمل الجيد يفرض نفسه أيا كان توقيت عرضه، كما أن الحالة المزاجية للجمهور تحسم قدرته على التواصل مع الأعمال الفنية، ولأننا فى الوقت الحالى نعيش حالة من التوتر السياسي، كان لابد من تقديم أعمال درامية جديدة تخرج المشاهد من الحالة التى يعيشها. الفنانة داليا البحيرى توافق الشقنقيرى فى الرأي، وتؤكد أن الغزو الدرامى التركى يرجع لغياب الدراما المصرية فى كل شهور العام باستثناء شهر رمضان، وعودة عرض المسلسلات المصرية على مدار العام أمر حتمى فى الفترة المقبلة. المنتج صفوت غطاس يطالب صناع الدراما بالبحث عن مواسم درامية إضافية لعرض بعض المسلسلات الجديدة، وذلك سيكون فى صالح المنتجين والفضائيات، كما أن العرض فى شهر رمضان أصبح صعبا للغاية، ومن غير المنطقى أن يتابع الجمهور عشرات المسلسلات والبرامج التليفزيونية فى يوم واحد خلال شهر رمضان. ويرى الناقد الفنى طارق الشناوى أن تراجع نسبة الإعلانات جعل الفضائيات لا تدفع المبالغ الكبيرة التى يطلبها منتج أى عمل، لأنها فى نفس الوقت تمتلك منتجا جيدا بالنسبة للمشاهد من ناحية المضمون والشكل، وهذا المنتج هو المسلسل التركى الذى تقل قيمة شرائه مقارنة بالمسلسل المصري. ويشير الشناوى إلى أن الدراما المصرية لابد أن تخرج من إطارها التقليدى وتطور من نفسها وفى الموضوعات التى تعرضها، لأن المنافسة تحتم عليها ذلك، والفضائيات لن تشترى حق عرض المسلسلات التى تعتمد على أسماء أبطالها بقدر ما ستركز على مضمونها، وهذا ما تحقق أخيرا لمسلسلات «طرف ثالث» و«المواطن إكس» و«رقم مجهول» وغيرها. ويؤكد الشناوى أن الفترة الحالية ستشهد إقبالا من الجمهور المصرى على متابعة الأعمال الدرامية التليفزيونية الجديدة، خصوصا أنه محاصر الآن بالبرامج السياسية والتوك شو ونشرات الأخبار، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن يستمر يتابع أخبار كئيبة طوال الوقت. الفنانة السورية كندة علوش سعيدة بعرض مسلسلها التليفزيونى «على كف عفريت» بعيدا عن شهر رمضان، لأنها تتوقع أن يركز المشاهد فى مضمونه ويتفاعل مع أحداثه، كما أن الفترة الحالية تشهد غزوا تركيا للشاشات المصرية والعربية، ولابد من إيجاد حلول للتصدى لظاهرة الدراما التركية ومنها إيجاد مواسم عرض بديلة. وتوضح علوش أن الفضائيات العربية تقبل على عرض المسلسلات المصرية، وبالتالى فأمام جهات الإنتاج فرص حقيقية لإنتاج أعمال جديدة ستعرض فى أى وقت من السنة، ولابد من أن يكون هناك تفاهم وتعاون بين الفضائيات وشركات الإنتاج لتطوير صناعة الدراما التى تواجه تهديدات عديدة. الفنان الأردنى منذر رياحنة يرى أن المسلسل المصرى قادر على الصمود أمام أى دراما بديلة، لأن الجمهور العربى ربما يكون فى حاجة لمشاهدة مسلسل تركى أو سورى أو خليجي، ولكنه لا يمكن أن يتخلى عن المسلسل المصري، فاللهجة المصرية محببة للعرب ونجوم الدراما المصرية يحتلون مكانة مميزة فى وجدان الجمهور العربي. ويرى رياحنة أن وجود مواسم درامية بديلة لشهر رمضان سيضاعف من حجم إنتاج المسلسلات المصرية، وسيجعل الجميع فى حالة تنافس شريف طوال العام على تقديم أعمال مميزة تجذب المشاهد إليها.