بالأرقام.. ننشر نتيجة انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بقنا    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    المرجان ب220 جنيه.. قائمة أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم السبت    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 11 أكتوبر 2025    بدء تعديل تشغيل بعض قطارات السكك الحديدية (تفاصيل)    سقوط 20 شهيدا وانتشال جثامين 135 آخرين في غزة خلال 24 ساعة    ريال مدريد يضع شرطًا ضخمًا لبيع فينيسيوس    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة عمان ضد الإمارات في ملحق آسيا ل كأس العالم 2026    تجديد حبس تشكيل عصابي بتهمة سرقة الشقق في المرج    خريفي معتدل.. حالة الطقس اليوم السبت 11 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    مصرع شخص أسفل عجلات القطار بالغربية    محكمة جنايات المنيا تنظر بعد قليل ثاني جلسات محاكمة المتهمة في أنهاء حياة زوجها واطفالة السته بقرية دلجا    إصابة 14 شخص في انقلاب سيارة ميكروباص علي طريق طنطا - كفر الزيات    إلهام شاهين تهنئ إيناس الدغيدي بزواجها: «ربنا يسعدك ويبعد عنك عيون الحاسدين» (صور)    فأر يفاجئ مذيعة الجزيرة أثناء تقديم النشرة يثير الجدل.. حقيقي أم مشهد من الذكاء الاصطناعي؟    مواقيت الصلاه اليوم السبت 11اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    أسعار الفاكهة اليوم السبت 11-10-2025 في قنا    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    كوريا الشمالية تستعرض صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات في عرض عسكري ضخم    الولايات المتحدة تعلن استعدادها لخوض حرب تجارية مع الصين    ترامب يسخر من منح جائزة نوبل للسلام للمعارضة الفنزويلية    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 كتوبر 2025    انخفاض كبير تخطى 1000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم السبت 11-10-2025    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    النيابة العامة تباشر التحقيق في واقعة وفاة 3 أطفال داخل بانيو ب المنوفية    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    النيل.. النهر الذي خط قصة مصر على أرضها وسطر حكاية البقاء منذ فجر التاريخ    أطباء يفضحون وهم علاج الأكسجين| «Smart Mat» مُعجزة تنقذ أقدام مرضى السكري من البتر    الموسيقار حسن دنيا يهاجم محمد رمضان وأغاني المهرجانات: «الفن فقد رسالته وتحول إلى ضجيج»    رسمياً.. التعليم تعلن آلية سداد مصروفات المدارس الرسمية والمتميزة للغات 2025/ 2026    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    مع برودة الطقس.. هل فيتامين سي يحميك من البرد أم الأمر مجرد خرافة؟    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    والدة مصطفى كامل تتعرض لأزمة صحية بسبب جرعة انسولين فاسدة    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    «تاكايشي» امرأة على أعتاب رئاسة وزراء اليابان للمرة الأولى    الوساطة لا تُشترى.. بل تُصنع في مدرسة اسمها مصر    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة البحرين وديًا    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    ترامب: اتفاقية السلام تتجاوز حدود غزة وتشمل الشرق الأوسط بأكمله    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراقيون لديهم فرصة.. ماذا سيفعلون بها؟
نشر في الأهرام العربي يوم 16 - 03 - 2013

قبل نحو عقد من الزمان أدت كلمة مكونة من ستة أحرف إلى تقسيم الرأي السياسي على كل المستويات وفي جميع المجالات، وهذه الكلمة هي «العراق»، الذي تحول النظام به إلى دولة مارقة منذ نهاية الستينات من القرن الماضي. وقد تسبب الجدل الذي أدى إلى هذا التقسيم في مشكلة جديدة عندما قام «تحالف الراغبين» الذي تقوده الولايات المتحدة بغزو العراق لإسقاط الطاغية صدام حسين.
وقدم المؤيدون للحرب مجموعة من المبررات والحجج، مثل قيام صدام بغزو اثنين من البلدان المجاورة للعراق ومحاولته محو عضو في الأمم المتحدة - الكويت - من على الخريطة، وانتهاكه 14 قرارا إلزاميا من مجلس الأمن، كما كان يشتبه في أنه يسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل، بما في ذلك رؤوس نووية.
وكانت هناك حجج أخرى، مثل عمليات القتل الجماعي للمدنيين في بلدة حلبجة الكردية بالأسلحة الكيماوية، وعمليات القمع السياسي الشديدة التي لم يسبق لها مثيل حتى بالمقاييس العربية الاستبدادية.
وعلى الجانب الآخر، كان المعارضون للحرب يرون أن صدام قائد «تقدمي» وقع ضحية للإمبريالية الأميركية التي تسعى لسد احتياجاتها من النفط عن طريق «سرقة النفط العراقي». وكان هناك مبرر آخر للمعارضين للحرب يتمثل في أن تغيير النظام بالقوة سيكون سابقة خطيرة تؤدي إلى سيادة «قانون الغابة».
وفي الحقيقة، كانت مبررات كلا الجانبين تتحرك بفعل شحنات عاطفية كبيرة، فعلى سبيل المثال كانت وكيلة أعمالي الأميركية للشؤون الأدبية في ذلك الوقت غاضبة للغاية بعد غزو العراق وقررت أن تعيش في باريس وألا تعود إلى الولايات المتحدة إلا بعد أن يترك الرئيس الأميركي بوش منصبه.
وبعيدا عن ردود الفعل العاطفية، تظل الحقيقة هي أن صدام حسين قد قاد العراق إلى مأزق تاريخي مزدوج، فعلى المستوى الداخلي كان النظام البعثي لا يملك شيئا إيجابيا يقدمه، اعتبارا من عام 1990، واعتمد بشكل شبه تام على القمع للحفاظ على قبضته الحديدية على السلطة، واتضح كذب مزاعمه بشأن القومية العربية، علاوة على أن الأداء الكارثي خلال الحرب التي استمرت لمدة ثماني سنوات ضد إيران قد فضح مزاعمه بالكفاءة والقوة. أما على المستوى الخارجي، فلم ينجح النظام البعثي في وضع سياسة خارجية جديدة تمكنه من استعادة مكانة العراق في النظام الدولي. ولم ترتق استراتيجيته القائمة على الخداع وألعاب القط والفأر مع مفتشي الأمم المتحدة إلى أن تكون بمثابة سياسة خارجية متماسكة.
وسواء كان ذلك صوابا أو خطأ، كان العراق، مثله مثل البلدان الأخرى التي تمر بمثل هذه المواقف، بحاجة إلى التغيير، وكانت المشكلة تتمثل في عدم وجود آلية للتغيير الداخلي، لأن النظام الاستبدادي القائم على حكم الفرد الواحد الذي اتبعه صدام لم يكن قادرا على خلق مثل هذه الآلية.
وكانت هناك جهود مضنية من جانب الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك لكي يتم إجراء «تغييرات داخل النظام» بشكل يمنع الغزو الأميركي. وفي ذلك الوقت، أخبرني شيراك، في حديث خاص، بأن باريس كانت تريد من صدام حسين أن «يتنحى» وأن يتم السماح لنجله قصي بأن يشغل منصب رئيس الوزراء ك«بداية جديدة».
في الواقع، لا أعرف ما إذا كانت هذه الخطة ستنجح في إنقاذ الصديق القديم للرئيس الفرنسي أم لا، لكن بات واضحا للعيان أنه لا يمكن إحداث تغيير ذي معنى في العراق ما دام صدام حسين ظل موجودا في السلطة. وطلب قصي من الفرنسيين أن يتخلوا عن هذه الخطة لأن صدام بدأ يشك في أن نجله يتآمر عليه.
في الواقع، كان نظام صدام حسين نسخة من الأنظمة «العسكرية الأمنية» التي ظهرت في العديد من البلدان العربية خلال الفترة بين الخمسينات والثمانينات من القرن الماضي، ولذا كانت نهاية صدام حسين تعني بداية النهاية لهذا النموذج من الأنظمة بكل أشكالها، وهو ما أظهر أنه حتى المستبدون الأكثر دموية قد يلقون القصاص العادل يوما ما. لقد أعطى التغيير الذي شهده العراق أهمية جديدة للتغيير في المنطقة برمتها.
وفي ضوء التركيز على الأحداث التي شهدها العراق، لا سيما مشهد دبابات الجنرال تومي فرانكس وهي تتجه صوب بغداد من دون أي مقاومة، لم يلتفت العديد من المراقين إلى شيء تاريخي مهم وهو أنه لا يوجد أحد يريد القتال من أجل صدام حسين. لقد وقع العراقيون بين شقي الرحى، فإما القتال من أجل الدفاع عن الطاغية الذي ظل يضطهدهم على مدى عقود وإما الوقوف لرؤية العدو الأجنبي وهو يدخل عاصمتهم.
إن التغيير الذي شهده العراق هو ما أشعل شرارة التغيير في المنطقة برمتها، حيث اندلعت ثورة الأرز في لبنان والتي انتهت بطرد الاحتلال السوري، ثم اجتاح الربيع العربي معظم الأنظمة «الأمنية العسكرية» من تونس وحتى اليمن. وبعد عقود من التجمد، دخلت العديد من البلدان العربية ما يمكن وصفه بالفوضى الخلاقة.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، عانى العراقيون بشدة من الطائفية والجهادية والفساد وعدم الكفاءة. وعلى الرغم من عائدات النفط التي تقدر بالمليارات وقيام الولايات المتحدة وحلفائها بضخ أموال طائلة في العراق، لا تزال معظم المناطق العراقية، بما في ذلك بغداد، تعاني من نقص المياه الجيدة وإمدادات الطاقة.
والأسوأ من ذلك أن آلة القمع لم تتفكك بشكل كامل حتى الآن، وما زالت تستخدم، بشكل جزئي على الأقل، من قبل نسخ مصغرة من صدام حسين في سياق سياسي جديد، وفي ظل محاكمات مشكوك في شرعيتها، واعتقال النقاد الحقيقيين أو حتى الافتراضيين، والأسوأ من ذلك أن العديد من عمليات الإعدام ترسم صورة قاتمة لمستقبل البلاد.
ومع ذلك، بات العراق الآن أفضل مما كان عليه خلال العقود الأخيرة من حكم صدام حسين، والأهم من ذلك أن قدرات العراق نحو التنمية قد انطلقت وباتت جاهزة للاستخدام من قبل جيل نشأ خلال عقد مضطرب بالأحداث. في الحقيقة، لم يحقق العراقيون ما كانوا يحلمون به، لكنهم حققوا ما يستطيعون تحقيقه.
لم يكن الغزو الأميركي يهدف إلى إقامة قواعد عسكرية في العراق أو سرقة النفط العراقي أو استخدام الأراضي العراقية في ضرب إيران، كما لم يكن يهدف لفرض الديمقراطية بالقوة، لكنه كان يهدف إلى شيئين، أولا إيقاف القنبلة الموقوتة التي كانت موجودة في المنطقة، وثانيا إعطاء العراقيين الفرصة لتقرير مصيرهم ومستقبلهم، أما ما يقوم به العراقيون فهو شأنهم الخاص.
* نقلا عن الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.