من أخطر الأفعال أن نكبّر الأطفال ونعطيهم المهام الكبرى التي لا تليق بطفولتهم. تحويل الطفل إلى كادر سياسي أو شخص متظاهر أو صاحب عمل نضالي جرمٍ بحق الإنسانية. دعوهم يعيشون زمنهم وطفولتهم ووقتهم من دون أن نسوقهم كالأنعام إلى ميادين التظاهر أو جبهات النضال، والأسوأ أن يُعطى الطفل سلاحاً للقتال، كما في بعض التنظيمات، وهذا نراه للأسف في سوريا حيث يقاتل الطفل بصدره العاري أمام مجنزرات الظلم والقتل.الطفولة أيها السادة براءة كاملة وتامة ولا يليق بها أن تدنّس في براثن السياسة ودهاليز القتال والنزاع والتظاهر. أعطوا الأطفال طفولتهم وحريتهم الكاملة للتحرر من أعباء المكر والمنازلات السياسية أو العسكرية. الدكتور يوسف الرميح الباحث في الجريمة وخلال مشاركته في ملتقى (نرعاك) الخليجي الأول الذي أقيم في سايتك في الخبر برعاية (سبكيم) قال: «أحياناً يتعلم الطفل الانحراف ثم يكبت بداخله حتى يكبر، ثم تحدث عوامل تحرك الانحراف الكامن لدى الفرد وتجعله يترجمه بأفعال، إن إشراك الأطفال في الاعتصامات يعدّ بمثابة اعتداء صريح على الطفولة، إقحام الأطفال في هذه الأحداث يغرس فيهم العداء إزاء كل ما يمثل (الأمن). وهو ما يجعلهم في المستقبل مهيئين لأن يكونوا مجرمين، خصوصاً حينما يشهدون بأعينهم المواجهة بين آبائهم أو أمهاتهم وبين الأمن. نحن إذا كنا نقول إنه لا ينبغي أن يشهد الأطفال خلافات والديهم، فماذا نقول إذن حين نحلل إشراك الأطفال في اعتصامات ومواجهات مع رجال الأمن؟»! اعزلوا الأطفال عن مشاحنات الكبار، الطفولة مُعطى كوني ووجودي والعبث بها عبث بالبشرية جميعها. هذه المرحلة البريئة البيضاء الناصعة لا تحتمل الدنس الذي تمليه السياسة أو المواجهة والقتال، وهي آخر المعاقل التي نخاف عليها من الاستغلال. الطفولة ليست ضعفاً بل هي قوة، وما أخطأ علماء النفس حين اعتبروا الاختلاط بالأطفال أحد العلاجات النفسية. حين تأخذ الطفل وتقلبه وتلاعبه وتضحك معه تشعر بالانشراح والسعادة لأنه كائن حقيقي ومباشر وواضح وبعيد عن الزيف. الطفولة وضوح ونصاعة وبراءة. بآخر السطر، دعوا الأطفال مع ألعابهم وأشيائهم وعالمهم الصغير، لا تشركوهم في معارككم، فالطفولة ليست للمعارك، بل هي براءة علينا أن نحافظ عليها، ونحميها من أيادي العابثين. *نقلا عن جريدة الرياض السعودية