عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية، تلك كانت شعارات ثورة 25 يناير، فلم يبق للفقراء فى مصر سوى رغيف الخبز المدعم، وتسعى الحكومة الآن فى ظل أزمتها الاقتصادية إلى فرض سياسة الأمر الواقع على أصحاب المخابز من خلال فرض صيغة تعاقدية لم يوافق عليها مجلس إدارة غرفة المخابز باتحاد الغرف.. مما جعلهم فى مرمى تهديدات الدكتور باسم عودة وزير التموين والتجارة الداخلية حيث صرح بأن الوزارة تتعامل مع مافيا، مما دفع أصحاب المحابز للتهديد بعمل إضراب عن العمل، فلجأت الوزارة إلى تهديدهم بالغرامات التى حررت عليهم منذ أيام على مصيلحى وزير التموين الأسبق قبل قيام الثورة , ويبقى الفقراء الذين يعتمدون على الخبز فى وجباتهم الثلاث بين مطرقة وزارة التموين وسندان أصحاب المخابز. استمرت حالة الشد والجذب بين وزارة التموين وأصحاب المخابز التى تنتج الخبز المدعم على مدار الأسبوعين الماضيين، حتى عقد لقاء بين الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء والدكتور باسم عودة وأحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية وعبد الله غراب رئيس غرفة المخابز بالاتحاد وفرج وهبة رئيس شعبة المخابز بغرفة القاهرة التجارية، حيث تقدمت الغرفة بأربعة طلبات لوزير التموين وتم الاتفاق على الانتظار حتى منتصف الشهر الحالى لدراسة طلباتهم والرد عليها. ويوضح عبد الله غراب رئيس غرفة المخابز بالاتحاد المصرى للغرف التجارية أن هناك أربعة طلبات أساسية لأصحاب المخابز، المطلب الأول هو تعديل تكلفة الإنتاج، حيث تصر الوزارة على أن تكلفة إنتاج شوال الدقيق 80 جنيها فى حين أن تكلفة الإنتاج الحالية 120 جنيها للشوال. والمطلب الثانى هناك عقد قامت وزارة التموين بصياغته ووضعت فيه المادة 9 تنص على أنه إذا كان إنتاج الخبز مخالفا للمواصفات، فإن صاحب المخبز يدفع ثمن الدقيق، على أن يخصم منه ربع الحصة التى يقوم بإنتاجها, وإذا تكرر ذلك يتم خصم نصف الحصة، مع العلم بأن صاحب المخبز هو الذى يدفع ثمن شراء الدقيق من السوق الحر وعلى حسابه الشخصى، فلماذا يدفع ثمن الدقيق للوزارة، ونظرا لأن العقد شريعة المتعاقدين، فإن أصحاب المخابز رفضوا التوقيع على تلك الصيغة ومن وافق عليها 250 مخبزا فقط من إجمالى 25 ألف مخبز منتشرة فى أنحاء الجمهورية. وإذا رفضت الوزارة استلام الخبز الذى تبيعه للمواطن بخمسة قروش فى حين أن التكلفة الحقيقية للرغيف هى ما بين 40:35 قرشا، فإن ذلك يعنى تحمل أصحاب المخابز لخسارة كبيرة، فإذا أرادت وزارة التموين أن تطاع فلتأمر بما هو مستطاع. والمطلب الثالث هو أن نحصل على مستحقاتنا لدى الوزارة والتى تصل إلى 400 مليون جنيه منها 300 مليون جنيه عن الأشهر الستة الماضية، والتى تتمثل فى فرق سعر السولار والذى يصل إلى خمسة جنيهات عن كل شوال، وكذلك الحافز الخاص بالإنتاج والذى يصل إلى خمسة جنيهات أخرى، أى أنه لنا 10 جنيهات عن كل شوال فإذا كان المخبز ينتج 20 شوالا فى اليوم فإن الحافز يعنى 200 جنيه فى اليوم أى 6000 جنيه فى الشهر وتصل مستحقات المخبز نحو 36 ألف جنيه عن الأشهر الستة الماضية فقط، ونحو 72 ألفاً فى السنة. والمطلب الأخير يتمثل فى الجزاءات والغرامات، فمنذ فترة تولى على مصيلحى وزارة التموين وكان يتم تحرير محاضر للمخابز واتفقنا مع الوزير آنذاك على تشكيل لجان للتظلمات لفحصها، وتتكون تلك اللجان من مستشار قانونى لدى الوزارة وآخرين قانونيين، بالإضافة لأعضاء من الشعبة العامة بفحص تلك التظلمات والنظر فيها، ومنذ انتهاء فترة على مصيلحى لم تعقد تلك اللجنة منذ عام 2010 فى أعقاب الثورة. أما محمد شرف الدين عضو غرفة مخابز القاهرة فيؤكد أن لهم مستحقات مالية لم يحصلوا عليها منذ فبراير عن العام الماضى، بالإضافة إلى مشكلة عدم توافر السولار، الأمر الذى يدفع أصحاب المخابز لشرائه من السوق السوداء وفى بعض مناطق الجمهورية يصل سعر صفيحة السولار إلى ضعف ثمنها، فسعرها المفترض هو 22 جنيها للصفيحة، وهو غير متوافر، فنقوم بشرائه من السوق السوداء ويصل إلى 40:30 جنيها، وفى صعيد مصر يصل إلى 60:50 جنيها للصفيحة الواحدة. ولذلك اتخذ أصحاب المخابز قرار بتنفيذ الإضراب، ولكن تم تأجيله إلى منتصف الشهر الحالى لإعطاء وزارة التموين فرصة أخيرة لدفع مستحقاتنا المالية، لكن وزارة التموين تحرر محاضر غرامات على أصحاب المخابز لعدم الإنتاج المرتبط أصلا بتوافر السولار، ولكن مراعاة من أصحاب المخابز للأوضاع الحالية، وكذلك بناء على طلب الوزارة تم إعطاؤها مهلة 15 يوما للحصول على السولار بالسعر العادى ولا نلجأ لشرائه من السوق السوداء، فإننا سننفذ إضرابنا لا محالة، ولا يمكن لأحد إجبارنا على العمل إذا لم نحصل على مستحقاتنا المالية. أما بالنسبة للمخابز الأفرنجى التى تستخدم الدقيق الفاخر استخراج 72٪، فقد زادت تلك المخابز من أسعارها، بسبب ارتفاع أسعار القمح فى البورصة العالمية، وكذلك لعدم توافر الدولار حاليا، فنحن نقوم بشرائه من السوق السوداء بسبعة جنيهات وأربعين قرشا، فى حين أن السعر المعلن من البنك المركزى ستة جنيهات وثمانية وستون قرشا. أما فرج وهبة رئيس شعبة المخابز بغرفة القاهرة التجارية فيوضح أنه يتم بيع رغيف الخبز بخمسة قروش منذ عام 1987، فى حين أن كل مستلزمات الإنتاج تضاعفت عدة مرات، فقد زادت علينا فاتورة الكهرباء والمياه والسولار غير المتوافر، وأجور العمال، فالآن العامل يحصل على أجرة يومية 70 جنيها، بالإضافة إلى عشرة أرغفة يوميا والوردية الواحدة يعمل فيها سبعة عمال، بالإضافة إلى أن العامل يعمل أربعة أيام فى الأسبوع.وبسؤال عبد الله غراب عن رفض أصحاب المخابز فى الإسكندرية إعطاء العيش لبعض الأفراد من الجمعيات الخيرية التى ستقوم بتوزيع الخبز على المنازل مقابل أربعة جنيهات فى الشهر، وقد وجدهم أصحاب المخابز من الشباب الملتحى، فأجاب بأن هذا النظام وضع من أجل قيامهم بوضع أيديهم على المنتجات لتوزيعها، ولكن نحن ملتزمون أمام الله بتوفير الخبز من أجل الفقراء، ونحن نتوسم خيرا حتى لا تحدث أزمة حقيقية.