سؤال بات يؤرقنى كثيرا بعد تنحى الرئيس مبارك والاحتفالات التى صاحبت ذلك، حتى تنظيف الميدان وميادين مصر الأخرى فى المحافظات كل بما استطاع، أين الثوار الذين رأيتهم وقابلتهم بداية من 25 يناير 2011، حتى تنظيف الميدان بعد التنحى، لم نسمع وقتها عن حالة تحرش أو حالة سرقة واحدة أو تدافع أو أى ملمح طائفى، مسلم أو مسيحى، بل كان الشعار «مسلم مسيحى إيد واحدة، والجيش والشعب إيد واحدة»، وحمى المسيحيون إخوانهم المسلمين وقت الصلاة فى مشهد مهيب تناقلته وسائل الإعلام شرقا وغربا، أما الآن حدث ولا حرج، مليونيات كل أسبوع وغلق للميدان ووجوه غير الوجوه، وتصرفات غير التصرفات، وحرق للمحال وتعد على المنشآت وتحرش وسرقات، بل تحول الميدان إلى ملعب لكرة القدم وسباق للدراجات النارية، ذهبت مرات عديدة إلى ميدان التحرير أتحسر على المشهد الجميل الرائع الذى رسمه أبناء مصر الثوار الحقيقيون فى 25 يناير وحتى التنحى، لعلى أرى شيئا مما كان، لكن وجدت القبح هو سيد الموقف، وجدت تعدد المشارب والأهواء، وجدت كيف يباع الحشيش والبانجو، وعلى عينك يا تاجر بلا أى رقيب أو حسيب، نعم وجدت قلة لها مطالب، لكن وسط هذا القبح وبهذه الطريقة لا يمكن ولا يجوز، لم أسمع عن مليونية تحث على العمل والإنتاج لنخرج من عنق الزجاجة الذى دخلناه ولا ندرى كيف الخروج، لم نسمع عن حلول لمشاكل تعترضنا، ولم نر أى مشروعات تقدم للنهوض بأى قطاع من قطاعات الدولة، ولم نجد أى بديل لما هو موجود الآن، وكأن مصر عقمت عن أن تلد بديلا يحظى بإجماع الكل، ولم نر أحدا من الثوار الحقيقيين وكأنهم انزووا وانصرفوا إلى العمل والإنتاج أو كأنهم كانوا جنودا من السماء هبطوا ليغيروا الرئيس وينبهوا المصريين إلى الدرك الأسفل الذى وصلوه ثم صعدوا إلى السماء مرة أخرى وتركونا نتصارع على الكعكة المسمومة، لكنى كلى أمل فى أن هذا البلد، الذى ذكره الله فى القرآن والذى وصفه بالأمن والأمان حين قال: «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» لن يسقط ولن ينهار، وما على السطح وما يحدث الآن ما هو إلا غربلة لمن هم موجودون على الساحة، وسوف يبقى من هم أصلح وأفضل لأن الله يأبى إلا أن يتم نعمته على بلادنا.. «فأما الزبد فيذهب جفاءً، وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض».