قبل خمسة وعشرين عاما، وقع الرئيسان السابقان ميخائيل جورباتشوف ورونالد ريجان علي معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، فألغى هذا الاتفاق التاريخي فئة حديثة من الأسلحة البرية SS20s- ونظام صواريخ بيرشينج- التي كانت قد نقلت إلى أوروبا في وقت مبكر من الثمانينيات. تلك المعاهدة فاجأت معظم المحللين العسكريين والسياسيين في العالم، وأشاد بها نشطاء السلام الأوروبيين الذين أدت جهودهم إلى تحقيق هذه النتيجة في قمة ريكيافيك بين ريجان وجورباتشوف في اكتوبر عام 1986. وأثني جورباتشوف على دور المجتمع المدني. وعند سؤال الزعيم السوفياتي السابق قبل بضع سنوات عما جعله "يثق" بالرئيس ريجان، قال أنه لا يثق بريجان على الإطلاق؛ وأنه قد خاطر بالذهاب إلى ريكيافيك واقتراح نزع السلاح النووي لأنه يثق بحركة السلام الأوروبية المشتركة ومجموعة جرينهام النسائية للتأكد من أن الولاياتالمتحدة لن تحصل على ميزة غير عادلة إذا أخذ هو الخطوة الأولى. كما تحدث جورباتشوف عن رغبته في اتخاذ موقف بعد الإطلاع علي دراسات العلماء الروس والأمريكيين التي بينت كيف يمكن طمس الحياة على الأرض بسبب "الشتاء النووي" الذي يلي حرب نووية. هذا الفهم الدقيق للعواقب الإنسانية للأسلحة النووية غاب عن مائدة النقاش منذ ذلك الحين. بل إن التفكير الجماعي السائد لدي المسؤولين الحكوميين، والمتحكمين في الأسلحة، والممولين، وخبراء الأمن خدم نظرية تكريس مفهوم السياسة الواقعية التي مفادها أن نزع السلاح النووي هو عمل عسكري تقني صعب للغاية وأن الدول المسلحة نوويا يمكنها المضي قدما. واجهت معاهدة حظر الانتشار النووي -التي تعتبر الجوهرة في تاج الحد من الأسلحة النووية إبان الحرب الباردة- العديد من الصعوبات والمشاكل منذ وقت طويل، لكن أتباعها يظلون على أمل أن يمكن تطبيق ما يكفي من الإصلاحات للحفاظ على نظام عدم الانتشار النووي وعملية الإستعراض الجارية. لذلك، كان من المفاجئ من وزارة الخارجية الأمريكية فى نوفمبر الماضى أن المؤتمر الخاص بالشرق الأوسط الخالي من أسلحة الدمار الشامل "لا يمكن عقده بسبب الظروف الراهنة في الشرق الأوسط، وحقيقة أن دول المنطقة لم تصل إلى اتفاق بشأن شروط مقبولة لعقد المؤتمر". وإيران، التي وافقت على المشاركة في المؤتمر ، انتقدت الولاياتالمتحدة بشأن عقد المؤتمر -الذي يتوجب أن يعقد بموجب تكليف من مؤتمر مراجعة المعاهدة عام 2010- على أنه أصبح رهينة "من أجل إسرائيل". إن الأسلحة النووية لا تجلب الأمن، بل ويصرف انتشارها في المناطق المضطربة مثل الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشمال شرق آسيا وأوروبا، الإنتباه عن متطلبات الأمن الحقيقي ويضيف تهديدا ضخما علي طريق السلام. ونتيجة للمبادرات الأخيرة ضمن الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية، بدأ الصليب الأحمر وعدد متزايد من الحكومات بإثارة الاهتمام العالمي بشأن الآثار الإنسانية للأسلحة النووية.