بعد الإعلان عن تهدئة بين إسرائيل وحركة حماس، انشغلت الصحف الإسرائيلية في تقييم الرابحين والخاسرين من العملية العسكرية فى غزة المحدودة والمفاجئة في الوقت نفسه. الرابحون أول الرابحين من العملية العسكرية في غزة هو الرئيس المصري محمد مرسي- فقد برهن الرئيس المصري أن بمقدوره التأثير على طرفي القتال، أي إسرائيل وحركة حماس. وامتنع مرسي خلال العملية عن فتح المعابر مع غزة خشية فقدان السيطرة على تحرك المنظمات الإرهابية، وتهديد مكانته وسيطا عادلا بين الطرفين. وحتى حين أرسل مرسي رئيس الوزراء قنديل إلى غزة، فقد فعل هذا من باب التضامن مع الشعب في غزة، ولم يقدم مساعدات مالية أو عسكرية لحركة حماس. منظومة "قبة الحديد"- أصبحت المنظومة التي شك كثيرون في الأوساط الأمنية في قدراتها، بطلة الساعة. وذكر مسؤولون أمنيون في إسرائيل أنه لا ريب في أن المنظومة عززت من قدرات إسرائيل الدفاعية، ومن جلد الجبهة الداخلية وقدرتها على تحمل الهجمات الصاروخية بدون انقطاع، منقذة أرواح العشرات في إسرائيل. ويذكر أن المنظومة منحت جيش الدفاع الإسرائيلي مساحة كبيرة للمناورة، والتركيز على ملاحقة المساهمين في اطلاق الصواريخ من غزة. يذكر أن سكان الجنوب في إسرائيل، والذين دعموا قرار الحكومة بشن عملية عسكرية على حركة حماس، شجعوا استمرار العملية بدل وقف اطلاق النار. رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل- بعد أن اعلن في السابق أنه لن يترشح لرئاسة المكتب السياسي مرة أخرى، وبدا أنه ابتعد عن مركز الاحداث، عاد مشعل ليقود دفة الحركة التي اصيبت بالهلع جراء اغتيال رئيس أركانها، أحمد الجعبري، في اليوم الأول من العملية العسكرية. وعدا عن مخاطبة الشعب في غزة، رسم مشعل توجه الحركة الجديد، موضحا أن حماس تركت حضن إيران، بعد أن شكرها على ما قدمت من سلاح لغزة، وعادت إلى حضن الإخوان المسلمين في مصر. وقال محللون في إسرائيل أن مشعل برهن أنه صاحب الكلمة الأخيرة في حركة حماس بعد أن ظن كثيرون أن القيادة في غزة، ولا سيما اسماعيل هينة، حشرته في الزاوية. العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية- فور فوز باراك أوباما بولاية ثانية في البيت الأبيض، اقترح مطلعون على العلاقات الإسرائيلية- الأمريكية، بأنها ستعاني من توتر وعدم ثقة بين الشخصين، قد تأثر على العلاقات بين البلدين. لكن الأيام الأخيرة، خاصة بعد أن وافق نتنياهو على منح جهود التهدئة فرصة، وهو ما طلبه الرئيس الأمريكي، أوضحت أن العلاقات ما زالت قوية وأساسية بالنسبة لإسرائيل. وكفِل نتنياهو في ذلك الدعم الأمريكي لكل تحرك مستقبلي إزاء قطاع غزة. كما أن الرئيس الأمريكي وعد نتنياهو برعاية بند تهريب السلاح إلى غزة، ضمن تفاهمات التهدئة التي تمت في القاهرة، وأن يعزز من قدرات إسرائيل الدفاعية إن اقتضت الحاجة. يُذكر أنه خلال المساعي الأمريكية للتوصل إلى التهدئة، نجحت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، في تقريب وجهات النظر بين الرئيس محمد مرسي وبنيامين نتنياهو، وتحسين العلاقة بين الطرفين. الخاسرون رغم أن إيران حاولت حتى الساعات الأخيرة من إعلان التهدئة أن تعرقل الجهود المبذولة في القاهرة، إلا أنها فشلت في التأثير على مجرى الأمور في غزة. و لم تفلح إيران رغم دعمها لحركة الجهاد الإسلامي في غزة، وحثها على استمرار القتال، في عرقلة الهيمنة المصرية على المشهد في غزة. ونقلت مصادر إعلامية في إسرائيل أن إيران حاولت أن تمد القطاع بالسلاح، تعويضا على ما فجرته إسرائيل، لا سيما صواريخ "الفجر". وذكر محللون في المنطقة أن إيران التي أرادت أن تصرف الأنظار عن المجازر في سوريا، وأن تشعل المنطقة عبر غزة، فشلت في مخططها، وهي تنظر الآن إلى مواصلة دعم النظام السوري. وفي المجمل، أوضحت التهدئة أن تأثير إيران، بعد سنوات طويلة حاولت فيها أن تجد موطئ قدم في غزة، أصبح محدودا للغاية. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس- من الواضح أن رئيس السلطة محمود عباس فقد من مكانته خلال مرحلة القتال بين إسرائيل وحركة حماس. فقد حاول رئيس السلطة خلال الشهر الأخير أن يضع التوجه إلى الأممالمتحدة في صدارة القضايا التي تهم الفلسطينيون، وأن يهمش من قيادة حماس في غزة، إلا أن العملية العسكرية قوضت مساعي أبو مازن. وقال محللون في إسرائيل أن محمود عباس فقد زمام الأمور في أعقاب العملية، وصارت حركة حماس هي التي تتحدث عن مطالب الشعب الفلسطيني ومستقبل نضاله. وبرز في ذلك تدخل حماس في الضفة الغربية، حيث أنها هيجت أتباعها في الضفة، وحاولت أن تُشعل ملعب أبو مازن، ولم تفعل السلطة الفلسطينية شيئا لردعهم. ومن المتوقع أن يحاول أبو مازن في غضون الأيام المقبلة أن يُعيد ذهاب إدارته إلى الأممالمتحدة، نهاية الشهر الجاري، إلى جدول أعمال الفلسطينيين. خصوم نتنياهو في الانتخابات القريبة- في هذه الخانة يندرج المرشحون الإسرائيليون الذين حاولوا صرف النظر عن القضايا الأمنية التي تواجهها إسرائيل، مسلطين الضوء على القضايا الاجتماعية. ولا سيما أن شيلي يحيموفيتش هي من يتصدر هذه القائمة، خاصة أنها راهنت على القضايا الاجتماعية، ونأت بنفسها عن القضايا الأمنية- السياسية. ونجح نتنياهو، قبل 60 يوما على الانتخابات التشريعية في إسرائيل، أن يخطف أذهان الإسرائيليين، وأن يحصر الانتخابات في القضايا الأمنية. وليس من المستبعد أن يدفع نتانياهو الملف الإيراني من جديد، ليتصدر حملته الانتخابية. ومن المتوقع أن تعاني يحيموفتش، خلال حملتها الانتخابية، من شكوك الناخب الإسرائيلي فيما يتعلق بخبرتها الأمنية في وجه الثنائي باراك- نتنياهو. وفيما يتعلق بتفاهمات التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس، قالت مصادر أمنية في إسرائيل إن التهدئة على محك التجربة، وأن إسرائيل تتعامل معها وفق معادلة "الهدوء مقابل الهدوء"، أي أن إسرائيل ستقوم بكل ما يتوجب للدفاع عن مواطنيها من دون قيود.