ملك عبدالعظيم - د. نادر فرجانى أحد المفكرين القلائل على مستوى العالم كخبير للتنمية الإنسانية العربية، وشارك فى صياغة كثير من الأفكار التى أدت مع غيرها إلى التغيير الجارى فى المنطقة. فرجانى حين تحاوره ستكشف جانباً آخر من الصورة، فهو يقول ل «الأهرام العربى»: التيارات الإسلامية بعد شهوة الانتصار والسلطة أخلفت وعودها مع القوى السياسية، وأن نجاح محمد مرسى فى الوصول إلى مقعد الرئيس لا يعنى نجاحاً للثورة بل نجاحاً للإخوان المسلمين الذين لديهم القدرة على المناورة والحشد، ويرى د. فرجانى أن أعضاء مجلس الشعب المنحل ارتكبوا أخطاء لا تتفق مع الإسلام، وتصرفوا كأعضاء الحزب الوطنى، وفى النهاية يؤكد استقلال القضاء التام فى الدستور، ويحذر من موجات ثورية متتالية، وأنه يجب ألا نخضع لأمريكا وإسرائيل فى مسألة إيران. وكيف تقرأ ما يحدث في المسرح السياسي بمصر؟ لم يصدر عن التيارات الإسلامية المهيمنة على السياسة في مصر الآن نقد جاد لنسق الاقتصاد السياسي للحكم التسلطي الساقط الذي أنتج المظالم الفاحشة التي قامت ثورة شعب مصر العظيمة لدرئها، ونخشى أن يكرر حكم تيارات الإسلام السياسي في مصر النسق ذاته، ولكن مع تغيير الوجوه كأن يتحول المحتكرون للأسواق من أصحاب الذقون الشعثاء بدلا من خريجي الجامعات الأمريكية ويبقى الاحتكار ومفاسده منتجا للمظالم نفسها، وهو ما من شأنه حث الشعب على القيام بموجات تالية من الثورة الشعبية. هل يعد نجاح د. محمد مرسى انتصاراً للثورة؟ إن نجاح الدكتور محمد مرسي، في الانتخابات الرئاسية لا يعد انتصارا للثورة وإنما هو بالتأكيد انتصار للقدرة التنظيمية والتمويلية لتيار الإخوان المسلمين ولقدرته علي المناورة والتفاوض مع القوي الأخرى - يقصد المؤسسة العسكرية-. هل تعتقد أن رياح الربيع العربي توقفت؟ كنت من البداية ضد مسمي «الربيع العربي» لأنها تعني أنه موسم وسينتهي، وفضلت تسميته ب«المد التحرري العربي العظيم» الذي بدأ في يناير 2011، فنحن أمام عملية تاريخية مركبة ومعقدة وستكون في الطريق عثرات كما حدث كثيرا، والمد مستمر ولن ينقضي وجميع الثورات الشعبية تمر بهذه المراحل، ومن ثم فالمد قائم وأعتقد أنه في خلال 10 سنوات ستنقضي أنظمة الحكم التسلطي في الوطن العربي. وهل هنا ستتشابه أنظمة الحكم؟ الانتصار علي الحكم التسلطي سيختلف من دولة إلي أخرى، فمثلا بعض الدول سيحكمها نظام جمهوري ديمقراطي سليم –نتمني– وبعضها سيكون ملكيات دستورية تضمن حقوق المواطنين المتساوية للجميع. ما رأيك في حل مجلس الشعب؟ يجب أن توجد قيود علي حل مجلس الشعب، فالأصول أن يتم بموافقة شعبية، لكن كما قلت هذه أمور تجري جميعها وستناقش قريبا جدا في اللجنة التأسيسية، موقف الرئيس من مدي ديمقراطية مؤسسة الحكم سيكون أحد المحكات المهمة للحكم علي ما إذا كان سيستطيع أن يفي بوعوده الانتخابية أم لا. ما هو تقييمك لأداء أعضاء المجلس المنحل والأخطاء التي ارتكبوها؟ المشكلة ليست في الأخطاء الفردية مع أنه كانت هناك أخطاء خطيرة وجسيمة وليست فقط سياسية، ولكن خلقية بالمعني الذي لا يستقيم مع قويم الإسلام، وتدل على أن الادعاء بالانتماء لقوانين الإسلام إدعاء باطل وزائف وأن هناك قدراً كبيراً من الرياء في الادعاء بالانتماء للإسلام. لكن الأهم هو سلوك المؤسسة، فمجلس الشعب في ظل غلبة التيار الإسلامي السياسي كان يتصرف مثل الحزب اللاديمقراطي القديم، حيث كان الأعضاء مجرد دمي يتم تحريكها بأوامر من خارج المجلس بناء علي توجيهات من جهات ليست ممثلة في المجلس. وما تفسيرك لهذا؟ لقد أخذتهم نشوة الانتصار وشهوة السلطة فأوقعتهم في شر أعمالهم. هل يجوز هنا تقديم النصيحة؟ لا أريد أن أقدم النصيحة لشخص الرئيس ولأن حرصي الأول والأخير علي حث الجميع علي الوفاء بتعهداتهم في حماية الثورة الشعبية وتحقيق غايتها النهائية، للأسف كل من وعدونا حتي الآن، وأخلفوا، المجلس العسكري أخلف بجدارة في كل وعوده لحماية الثورة وتحقيق أهدافها، أيضا التيار الذي يمثله الرئيس في الواقع أخلف كل الوعود التي قطعها علي نفسه بأن يحمي الثورة وأن يضمن تحقيق غايتها. أيضا يجب الاحتياط لأن هناك وهماً في مصر بأن الرئيس قادر علي كل شيء وهذا غير صحيح لأن الرئيس لا يعمل في فراغ وفي الوقت الحالي يعمل في بيئة متوترة سياسيا، ومن ثم فهناك قيود علي حركته نتمنى ألا تكون مانعة من التحرك بجدية تجاه تحقيق غايات الثورة. هل بانتهاء هذه المرحلة ستكون مصر مؤهلة لاسترداد دورها الريادي؟ إذا اجتاز النظام السياسي المصري الاختبارين وضع دستور يضمن الحياة الديمقراطية السليمة وانتخاب مجلس شعب يعبر تعبيرا أفضل عن الحس الوطني العام فستكون هناك فرصة لإقامة مؤسسات دولة تشمل السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية. ما أهم العناصر التي يجب أن يشملها الدستور الجديد؟ أحد أهم عناصر الدستور الذي يضمن حياة ديمقراطية سليمة هو الاستقلال التام للقضاء الكفء والنزيه. القضاء كمؤسسة يجب أن يكون مقدسا وهو أحد الأركان الأساسية لنظام حكم ديمقراطي سليم خصوصا في منظور الاستقلال والنزاهة، لكن القاضي الفرد غير معصوم فهو عرضة للزلل خصوصا إذا كانت السلطة التنفيذية تتحكم في القضاء. كيف سيكون شكل العلاقة بين مصر وإيران؟ طبقا للتصريحات الأولية للرئيس المنتخب فإن هناك احتمالاً لانفراجة في العلاقات مع إيران وأعتقد أن هذا تطور في الاتجاه السليم لأن التخويف المستمر من إيران باعتبارها عدواً لما يسمي التحالف السني في المنطقة العربية يعد في رأيي أمراً مغلوطاً ولا يخدم إلا أغراض المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة وولاء النظام الساقط لهذا التفكير كان مضرا لمصلحة مصر.