دينا توفيق - تصوير - عماد عبد الهادى - عندما تقوم ثورة ينقسم الثوار، البعض منهم يستمر كوقود للثورة، والبعض الآخر يخلع عباءة الثائر ليتحول إلى سياسى يناضل على جبهة التفاوض مع تركة النظام السابق، من هؤلاء د. مصطفى النجار الذى كان فى طليعة الثائرين يوم الخامس والعشرين من يناير ولم يغادر الميدان إلا بعد اكتمال تحقيق الهدف برحيل الرئيس السابق، ليتحول إلى مناضل يبحث عن مكان له تحت قبة البرلمان ليمارس دوره الجديد فى النضال من أجل تحقيق أهداف الثورة، فكان من بين العدد المحدود الذين فازوا بمقاعد تحت قبة البرلمان. هل نستطيع أن نقول إن الثورة نجحت معكم مقابل سقوطها مع الآخرين ؟ هذا صحيح فيما يخص الناس ولكن نستطيع أن نقول إن الثورة تعطلت فى الوصول للبرلمان.. وهذا جزء من الحقيقة، ولكن ليس ذلك فقط السبب حتى لا نسقط فى دائرة جلد الذات فالإمكانيات المادية كانت سببا. حدد لنا أسباب نجاحك من وجهة نظرك الخاصة؟ باختصار أرى أن الخطاب المعتدل الذى يهم الناس فى الشارع والحديث عن المستقبل على خلاف عدم إدراك شباب الثورة الآخرين لهذه المتطلبات عند الناس العاديين، فهناك من انتخبونى لأننى كنت من شباب الثورة من قبل الثورة ومن بدايتها وهناك من انتخبونى لأننى صاحب خطاب معتدل وطبيعة الصورة الذهنية التى أحبها الناس هى صورة الثورى العاقل المعتدل الهادئ، وهذا الأمر ساعدنى كثيرا برغم ضعف إمكاناتى المادية فى دائرة يصرف فيها ملايين، فكل ما أنفقته كان 45 ألف جنيه فقط لكننى اعتمدت على المتطوعين وتمويل جمهور الناخبين. ما أخطاء شباب الثورة التى أبعدتهم عن البرلمان؟ شباب الثورة ارتكبوا أخطاء كثيرة جدا انعكست على نتائجهم فى الانتخابات بعيدا عن المنافسين وسطوة الخطاب الدينى ورأس المال، ومن هذه الأخطاء فإن شباب الثورة كانت مشكلتهم الأولى الخطاب «الزاعق» فللثورة مساران، مسار للهدم وآخر للبناء ولكن البعض اتجه للهدم فقط ولا حديث عن البناء والمستقبل وهذا أزعج من يقال عنهم «حزب الكنبة» وأصبح لديهم خوف من شباب الثورة الذين لا يتحدثوا إلا عن الهدم والمحاكمات ولا يطرحوا الأفكار عن بناء الدولة مع الاستعلاء عند بعض شباب الثورة وعدم احترامهم للأكبر منهم، وتضخم الذات. ما رأيك فى حركة 6 إبريل؟ دورهم كان أساسيا فى بداية الثورة، مع جهتين أخريين هما الجبهة الوطنية للتغيير وصفحة كلنا خالد سعيد، ولكن بعد انقسامهم إلى مجموعتين بعد 25 يناير، أعتقد أنهم يحتاجون إلى تطوير خطابهم وإعادة هيكلة الحركة، فالخطاب الثورى يجب أن يترابط ويتوازى مع خطاب يتحدث عن المستقبل والبناء، فالناس فى مصر ليس لديهم استعداد للاستماع إلى الحديث عن ثورة للأبد بل يريدون تجاوز هذه المرحلة، ولكن طالما لا يرانى الناس إلا فى مشهد الاحتجاج والاعتصامات والتظاهر، فهذا يؤدى إلى أن يأخذوا عنهم تلك الصورة الذهنية. ما رأيك فى فكرة الشرعية الثورية التى لم تتحقق؟ الثورة فى مصر اتخذت مسارا إصلاحيا وليس ثوريا من البداية بتفويض الرئيس المخلوع سلطاته للقوات المسلحة وتم نقل السلطة برضاء الناس، وكانت مغادرة الميدان يوم 11 فبراير خطا وحسن نية. لماذا لم تجلس قوى الثورة على طاولة واحدة؟ الواقع يقول إن الثورة التى صنعها الشعب كانت بلا رأس ولا رمزية سياسية ولو حتى من الأجيال الأكبر من قيادات والنخبة السياسية وهم أيضا لم ينجحوا فى تقديم شىء للتصدى للمشهد أو أن يصبح هناك رأس للثورة. هل كنا نحتاج إلى قيادة من هؤلاء الكبار؟ فى النهاية الشعب المصرى يجب أن يجسد الحدث فى شخص. من تلوم؟ هل تلوم البرادعى مثلا؟ هو وآخرون.. لأن الساحة كانت مفتوحة. هل أثرت فترات غياب د. البرادعى عليه بالسلب؟ هذا كان يؤثر على الوسطاء قبل الثورة ولكن كانت للبرادعى وجهة نظر بعدم شخصنة الثورة فى شخصه وهو ما وجد اعترضا من الشباب الذين كانوا يرغبون فى وجود شخص بينهم وينزل معهم.. ولكن بعد حدوث التغيير بعد الثورة انتهى دور الجمعية الوطنية للتغيير.. وكانت الحاجة لأطر سياسية أخرى جديدة وبداية مرحلة البناء بالحفاظ على مسار الاحتجاج الشعبى مع البناء وحياة سياسية جديدة. لماذا حضرت لقاء عمر سليمان؟ كانت دعوة للقاء مع عمر سليمان وذهبنا للحديث كل منا باسمه كوجوه بارزة فى الثورة فالميدان لم يفوض أحدا، فأنا أرى أهمية الضغط الشعبى وأن عملية الحوار والتفاوض لابد وأن تتم فى أحلك الظروف وأنا مقتنع بذلك. ولكن هناك من يعترض؟ هم يعترضون على لقاءاتنا بالمجلس العسكرى والفريق سامى عنان وأنا أرى أن ذلك الاعتراض من قبيل المراهقة السياسية، وفى اللقاء مع عمر سليمان كانوا يريدون منا التوقيع على بيان بالتغييرات السياسية التى يقترحها مبارك فقمت أنا وعبد الرحمن يوسف وسجلنا موقفا بأننا لن نتنازل عن رحيل مبارك وعدنا للميدان. أنت هنا تختلف مع من يعترضون على فكرة بقاء المجلس العسكرى؟ لقد اعتذرت عن لقاء الفريق سامى عنان بعد أحداث شارع محمد محمود لأنه لم يكن هناك ما يقال. هل ساقوا لكم مبررات؟ لديهم وجهة نظرهم التى أعلنوها مرارا بأن هناك مجرمين وجنائيين ولكن ما أنا مقتنع به أن هناك أطرافا وناسا ليس لها علاقة بالثورة، ولكن أنا بالنسبة لى حقوق الإنسان خط أحمر، وفكرة العنف مرفوضة تماما.