تعد فكرة الإنسانية كمفهوم قانونى حديثة نسبيا فى التشريعات الوطنية والدولية، لأن تطور الفكر القانونى ارتبط دوما بنظرية الشخص القانونى الطبيعى أو الاعتبارى، كما كان تطور مفهوم الشخصية القانونية على المستوى الدولى رهنا بتطورات أشخاص القانون الدولى، وبقيت هذه الفكرة كمفهوم قانونى منحصرة فى الأطر الدينية والفلسفية والأخلاقية، ولم يكن الفكر القانونى ليرتقى إليها إن ألجاته لذلك أحداث جسام. فالعالم كان يأمل فى أن تكون الحرب العالمية هى آخر الحروب، إلا أنه قد اندلع بعدها قرابة 250 نزاعا مسلحا ما بين محلى وإقليمى ودولى، ونتج عن هذه الصراعات انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، من هنا ظهرت الجرائم ضد الإنسانية وتنبه الجميع إلى خطورتها، إلا أنها ومع ذلك لم تنل الاهتمام الكافى من الفقه، ولذا فقد اكتنف مفهوم العديد من الصعوبات وتشمل الجرائم ضد الإنسانية مجموعة من الأفعال وهى: القتل العمد الإبادة الاسترقاق إبعاد السكان، أو القتل القسرى للسكان السجن، أو الحرمان الشديد على أى نحو من الحرية البدنية، بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولى التعذيب الاغتصاب، أو الاستبعاد الجنسى، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسرى، أو التعقيم القسرى، أو أى شكل آخر من أشكال العنف الجنسى على مثل تلك الدرجة من الخطورة اضطهاد أية جماعة محددة، أو مجموعة محددة من السكان، لأسباب سياسية أو عرقية، أو قومية، أو إثنية، أو ثقافية أو دينية أو متعلقة بنوع الجنس (الذكر والأنثى) أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولى لا يجيزها الاختفاء القسرى للأشخاص جريمة الفصل العنصرى الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التى تتسبب عمدا فى معاناة شديدة، أو فى أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية. وأهم ما يميز الجرائم ضد الإنسانية عن غيرها من الجرائم هى أنها تأخذ شكل تصرفات واسعة ومنهجية وتكون تبعا لسياسة دولة أو أية منظمة داخل الدولة ضد جماعة من السكان المدنيين، وقتل شخص مدنى واحد يمكن أن يشكل جريمة ضد الإنسانية إذا ارتكب ضمن هجوم واسع النطاق أو منهجى، أما الأفعال الإجرامية المنعزلة والمرتكبة من قبل شخص ما من تلقاء نفسه والموجهة ضد ضحية واحدة فهى لا تدخل ضمن هذه الطائفة من الجرائم. * خبير القانون الجنائى الدولى