وفاء فراج - أزمة مؤسسة الرئاسة والقضاء بسبب قرار إقالة النائب العام ثم التراجع عنه، ومن قبلها اشتعلت أزمة شبيهة بين الرئيس والمحكمة الدستورية، عندما قرر عودة مجلس الشعب، كلها أزمات بسبب قرارات أحاطتها الريبة والغرابة خصوصا فى جانبها القانونى بما تحمله من من بديهات فقهية وقانونية معروفة يعرفها أقل طالب يدرس القانون ومع ذلك جاءت القرارات مخالفة لبسيط القانون كل ذلك جعل الأنظار تتحول سريعا إلى الهيئة الاستشارية للرئيس التى تضم 17 مستشارا و4 مساعدين ونائبا للرئيس وتساءل الجميع: أين كان هؤلاء المستشارون أثناء اتخاذ مثل تلك القرارات الخاطئة التى هزت مقام الرئيس الرفيع أمام العالم، وفسر البعض سر تخاذل مستشارى الرئيس فى مثل هذه القضايا إلى عدم الخبرة، مؤكدين أنهم بدلا من أن يكونوا ناصحين ومقدمين للحلول أصبحوا هم أنفسهم مصدرا للأزمات، فى حين وصف البعض الآخر المستشارين بأنهم مغرضون, يصفون حسابات شخصية غير معلنة، ربما كانت لصالح النظام القديم وتعمدوا إحراج الرئيس. فى البداية يقول المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق: إن «الرئيس» منصب رفيع المستوى وفى قمة النظام السياسى ويترأس المجالس التنفيذية، يجب ألا تصدر منه مثل تلك الأخطاء المتكررة التى من شأنها هز هذا المنصب الرفيع أمام الناس والمجتمع الدولى، وعلى الرئيس لتفادى هذه الأخطاء أن يستعين بأجهزة الدولة المختلفة لاستشارتها فى القضايا والمشاكل المطروحة بدلا من هيئة المستشارين المشكلة أخيرا ولم تظهر لها دور حتى الآن ولم نعرف لهم تخصصات محددة سوى توريط الرئيس فى أزمات تفندها بديهيات قانونية لا يخطئ فيها أى إنسان لديه ثقافة قانونية مثلما حدث فى أزمة إعادة مجلس الشعب مع المحكمة الدستورية، وأخيرا أزمة إقالة النائب العام. وينصح الجمل الرئيس بالاستفادة بجهات الدولة الاستشارية، ومنهم القسم الاستشارى للفتوى والتشريع بمجلس الدولة أو الجمعية العمومية للمجلس التى تضم 30 مستشارا يملكون من الخبرة والشجاعة والاستقلالية والحيادية الكثير مما يفتقره مستشارو الرئيس الآن، بالإضافة إلى مراكز متخصصة لاستشارة الرئيس ومنهم الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات وجهازا المخابرات الحربى والعام، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يستعن الرئيس بأى من تلك الجهات فى أى أزمة حدثت، ولا يوجد أى مبرر لعدم الاستفادة من تلك الجهات العريقة فى عملها. أما الدكتور مجدى قرقر، الأمين العام لحزب العمل، وأستاذ التخطيط الميدانى بكلية الهندسة، فيؤكد أنه على رئيس الجمهورية أن يعيد النظر فى مستشاريه، ومن الأفضل ألا يكون له فريق ثابت للعمل، حيث يختار الفريق المساعد له كل حسب تخصصه وحسب القضية المطروحة من كل أطياف الشعب، متخذا سفره إلى الصين مثالا، حيث كان من الأفضل أن يرافقه مستشارون متخصصون فى العلاقات المصرية - الصينية، وهكذا فى كل القضايا والمناسبات حتى تكون نصائح هؤلاء المستشارين فى محلها . ويرى قرقر أن ما حدث أخيرا فى قضية النائب العام هو سوء فهم، وسببه تردد وتراجع النائب العام عن موقفه كما أعلنت مؤسسة الرئاسة، لأنه ليس من المنطقى أن يخطئ نائب الرئيس ومستشاروه وهم جميعا متخصصون فى القانون فى الفرق بين الإقالة والاستقالة وحصانة النائب العام فى الدستور، وأيضا أمر إعادة مجلس الشعب كان الخطأ فى كيفية تنفيذه وليس القرار قانونيا . مؤكدا أن أى استشارة تعطى لرئيس يجب أن تكون شاملة ومكتملة كل الجوانب والتقديرات ولديها كل الحجج والمبررات لعدم الطعن أو الشك فيها، وهذا عمل المستشارين لذلك يجب أن يتحمل هؤلاء المستشارون المتخاذلون فى عملهم كل المسئولية فورا. ومن ناحيته يتساءل الدكتور عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية هل لمستشارى الرئيس ال17 ومساعدوه الأربعة، بالإضافة إلى نائبه جميعهم لهم دور وملفات وقضايا متخصصون فيها ؟ مؤكدا أن هذا أمر مشكوك فيه خصوصا أننا لم نسمع عن أى استشارة خرجت من أى من هؤلاء المستشارين للرئيس وإن كان حدث لامتلأت الفضائيات ووسائل الإعلام بهذه الاستشارة، بل إن بعضهم أكد فى وسائل الإعلام عدم تكليفهم بأية ملفات أو مهام. ويضيف جاد: إن الرئيس يعتمد بالفعل على مستشاريه المنتمين للإخوان المسلمين، ومنهم المستشار محمد فؤاد جاد الله فى المجال القانونى، والدكتور سيف عبد الفتاح فى المجال السياسى وهم أكثر الموجودين فى المشهد السياسى من مستشارى الرئيس مؤكدا وجوب تحمل مستشارى الرئيس مرسى مسئولية الأزمة والكارثة التى نتجت حول تدخل السلطة التنفيذية فى عمل السلطة القضائية ويجب محاسبتهم. ويرى الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، أن ما يحدث من تخبط داخل مؤسسة الرئاسة لا يخرج عن احتمالين الأول يرجع لعدم كفاءة مستشارى الرئيس والثانى أن هناك أكثر من مصدر لإصدار القرارات من جهة الرئيس ومؤسسة الرئاسة، ومن جهة أخرى مكتب المرشد العام، وهذا أمر لو كان حقيقيا سيكون مثيرا للفزع على مجريات الأمور فى مصر الأيام المقبلة . ويقول عيسى: إن أمر بعض مستشارى الرئيس فى غاية الغرابة، لأن مهام المستشار أن يدرس القضايا المطروحة أمامه ويجد الحلول ويعرضها على الرئيس وبالتالى من حق الرئيس أن يقرر بما يراه الأصلح للبلاد، وهو صاحب التصريح فى وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن ما يحدث عكس ذلك حيث يخرج علينا من وقت لآخر أحد المستشارين ليعلن قرارا أو يصرح بتصريحات رئاسية ومن ثم يكذب المتحدث الرسمى للرئيس هذه التصريحات، مثلما حدث عند خروج أحد مساعدى الرئيس ليعلن أن مصر سترسل قوات عسكرية إلى سوريا فتم تكذيب هذا الكلام، لأن مثل هذه التصريحات بالغة الأهمية لا تصدر سوى من رئيس الجمهورية أو القائد الأعلى للقوات المسلحة بعد موافقة الرئيس .. موضحا أن هذا الأمر إن دل يدل على عدم وجود خطة عمل لهؤلاء المستشارين والمساعدين وتخصصات محددة وكل يعمل حسب أهوائه وانتمائه وأن تلك الهيئة من المستشارين تم تشكيلها لإرضاء الرأى العام دون دراسة وافية خصوصا أن بعض هؤلاء المستشارين لا يصلحون تماما. ويؤكد عيسى أن أزمة النائب العام هى أزمة الرئاسة فى المقام الأول فى محاولة إقالته، ثم تراجعها بعد وجود حائل دستورى يمنع ذلك، مشيرا إلى أن ما قيل حول التماس المجلس الأعلى للقضاء هو أمر كاذب وغير صحيح فكيف يقدم المجلس التماسا فى أمر لا يمكن حدوثه من الأساس. وفيما يخص توريط الرئيس فى أزمات تهز منصبه الرئاسى يصف سامح عاشور نقيب المحامين، مستشارى الرئيس ومن حوله بأنهم خدعوه فى مواقف كثيرة، وأنهم يقدمون السم فى استشارتهم للرئيس، وهذا وضح حينما اقترحوا عليه إعادة مجلس الشعب مخالفة لحكم المحكمة الدستورية العليا، والأمر الثانى إقالة النائب العام والأخير الذى سبب إحراجا لموقف الرئيس وعمل فضيحة قانونية. مؤكدا أن هؤلاء المستشارين المشاركين فى الأمر هم شخوص مغرضة تقوم بعمل انتقامى وتصفية حسابات ربما لصالح النظام القديم دون أن يدرى جهاز الرئاسة، مستغلين جهل الرئيس فى النواحى القانونية بهدف توريطه أمام العالم كما يحدث الآن . ويقول عاشور، تجب محاسبة هؤلاء المستشارين وإقصاؤهم فورا، وأن يتحملوا المسئولية ويجب أن يتيقظ الرئيس لهذا، وألا يكون ضحية لأخطاء مستشاريه. ومن جانبه يوضح الدكتور أيمن الصياد، مستشار رئيس الجمهورية أن مهام وظيفة مستشار الرئيس هى إعطاء الرأى والنصيحة فى الموضوعات بشكل عام وكل يقوم بجهد أكبر فى الموضوعات التى تقارب مجال تخصصه بشكل خاص، وذلك عندما يطلب منهم الرأى والاستشارة من قبل الرئيس أو الجهات التنفيذية، وهذه الوظيفة يقوم بها المستشارون منذ تعيينهم ويجتمعون مع الرئيس باستمرار وأحيانا يقوم المستشار بالمبادرة فى إبداء رأيه فى قضية مجتمعية مطروحة على الساحة السياسية وللرئيس أن يأخذ بهذا الرأى أو لا. ويذكر الصياد موقفه من قضية حبس الصحفيين احتياطيا والذى طالب الرئيس بإلغائه وهذا ما كان عندما أصدر الرئيس أول قرار كان فى هذا الشأن، ويؤكد مستشار الرئيس، قائلا إن أزمة النائب العام لم يعلم عنها كثير من المستشاريين وأنا منهم إلا من وسائل الإعلام، وهذا أمر طبيعى، لأننا لسنا ممن يملكون سلطة اتخاذ القرار وخارج دائرة صنع القرار ويوجد لدى الرئيس مستشار قانونى هو الأقرب لمثل هذه القضايا. ويرد الصياد على من يتهمون المستشارين بأنهم بلا دور أو وظيفة ويتساءل قائلا: ما الدور المطلوب بالضبط لنرضى هؤلاء المشككين، حيث إنه معلوم أن دور المستشار ينحصر على إعطاء الرأى والنصيحة بصراحة وصدق وأمانة وحيادية للرئيس، ويظهر هذا الدور بمنتهى الشفافية فى وسائل الإعلام وما نقوله داخل الغرف المغلقة هو ما نقوله خارجها.