ارتفاع حجم السيولة المحلية بالبنوك حسب آخر تقرير للبنك المركزى المصري في نهاية يوليو الماضى إلى 1.101 تريليون جنيه، بارتفاع قدره 7.5 مليار جنيه، بنسبة 0.7 % مقارنة بشهر يونيو الماضي، مما يؤكد تعطيل هذه الأموال بالبنوك وفشل البنوك فى استغلالها وتوظيفها فى مشاريع أو أوعية استثمارية جديدة سواء كانت زراعية أم صناعية، وهذا يعنى أننا مازلنا أسرى للاقتصاد الورقى والريعي، وذلك بسبب مخاوف البنوك من استثمارها في ظل توقف الأنشطة وفشل الحكومة في طرح مشروعات تنموية جديدة في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصرى من تعطل عجلة الإنتاج و توقف حركة دوران رأس المال ، إضافة إلى أن مناخ الاستقرار غير موجود بسبب الانفلات الأمنى الذي أعقب ثورة 25 يناير وحتي الآن. المعروف أن اتجاه الأفراد للبنوك كملاذ آمن لاستثمار الأموال أسهم في رفع السيولة المحلية في الفترة الأخيرة ليحصلوا علي الفوائد من هذه الإيداعات، في ظل قلة الأدوات الاستثمارية أمام الأفراد وفشل جميع المشروعات الجديدة وتوقف المشروعات القديمة وتعثرها وتجميد الاستثمار في القطاع العقاري الذي كان عليه إقبال كبير قبل الثورة. خبراء المال والبنوك طالبوا بضرورة استغلال هذه الأموال ووضعها في مشروعات استثمارية تساعد علي خروج الاقتصاد المصري من كبوته الحالية للقضاء علي ظاهرة الأيادي المرتعشة للحكومة المصرية وسرعة طرح وتنفيذ المشروعات ذات الجدوي الاقتصادية التي تمتص أعدادا كبيرة من العاطلين في البلاد، داعين الحكومة والبنوك للقيام بدورهما القومي في تنمية الاقتصاد فى الوقت الحالى الذي يحتاج فيه الاقتصاد لهذه السيولة ليجنب الحكومة الحالية اللجوء إلى الاقتراض الخارجى الذى يسهم فى زيادة الدين الخارجى على مصر كما كان فى الحكومات السابقة. طارق حلمي، العضو المنتدب للمصرف المتحد السابق أكد ضرورة استغلال السيولة المكدسة بالبنوك لتنمية المشروعات التى تحتاجها البلاد فى الفترة المقبلة، خصوصا أن الدولة تعانى حالة ركود بسبب تراجع النمو الاقتصادى بسبب الظروف التى تمر بها مصر منذ 25 يناير ، لافتا النظر إلى ضرورة قيام البنوك بدور وطني في إنقاذ الاقتصاد المصري والمساهمة في أعمال التنمية التي تحتاجها البلاد حاليا كما كانت تفعل في الماضي. ودعا الحكومة المصرية للقيام بوضع إستراتيجيات لتهيئة المناخ لعودة الاستثمار وتسهيل عمليات الاستثمار في مصر ما يسهم في سحب المستثمرين لأموال البنوك بشرط حصول البنوك علي ضمانات حقيقية وعدم التشدد في منح القروض لتمويل المشروعات الاستثمارية مشيرا إلي أن زيادة حجم السيولة بالبنوك أمر صحي يجب توظيفه في الوقت الذي يشكو فيه الاقتصاد العالمي من نقص السيولة. وأشار حلمي إلي أن ارتفاع السيولة المحلية لدي الجهاز المصرفي في الفترة الأخيرة يرجع إلي قلة الأدوات الاستثمارية المتاحة للبنوك بعد ثورة 25 يناير وزيادة حجم الودائع بالبنوك، نتيجة لاتجاه الأفراد للادخار بالبنوك بعد قلة الأدوات الاستثمارية الأخري وخطورتها في الوقت الذي يري فيه الأفراد أن البنوك هي الملاذ الآمن للادخار برغم قلة أسعار الفائدة فإن ركود الأسواق وارتفاع أسعار السلع يعد خارجا عن المألوف. بينما يقول الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي إن دور البنوك يرتبط بالإقراض وليس الاستثمار وهي تعطي المستثمرين الأموال لاستثمارها في المشروعات الحيوية للبلاد لكن المشكلة تكمن هنا في غياب الرؤية للحكومة المصرية في تشجيع المستثمرين وتهيئة المناخ للاستثمار وطرح المشروعات التي تعلن عنها بين الحين والآخر دون تطبيق ذلك علي أرض الواقع، مما يؤكد أن الحكومة تعمل في واد آخر وغير جادة أو غير مدركة للأمور خصوصاً أن القطاع الخاص يشتكي من عدم الثقة بعد محاسبة رجال الأعمال بأثر رجعي، مما يؤدي إلي هروب المستثمرين وتوقف المشروعات. وأوضح الشريف أن البنوك لن تتواني عن تقديم التمويل اللازم لكل المشروعات التنموية ذات الجدوي الاقتصادية خصوصاً بعد الاضطرابات التي شهدتها الدولة خلال الفترة الماضية, موضحا أن البنوك تسعي إلي توفير منتجات تمويلية جديدة خاصة بالشباب بالإضافة إلي إمكان انتهاج سياسة الاستثمار المباشر وغير المباشر في المشروعات الكبري التي تدعو إليها الدولة، مؤكدا أهمية دور البنوك في رفع كفاءة القطاع الإنتاجي المصري. فيما تؤكد بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية, أن قطاع البنوك هو عصب الاقتصاد لأي دولة في العالم وبالتالي لا يمكن أن تتخلف عن دورها في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد حاليا موضحة أن البنوك لن تتقاعس في توظيف أموالها بل ستستفيد من ذلك من خلال الفوائد العائدة عليها من الإقراض، لكن لابد أن تقوم الحكومة بطرح مشروعات للتنمية أو ضمانها للحفاظ على أموال المودعين, وهو الأمر الذي سيجعل البنوك تتصارع علي تمويلها مادامت ذات جدوي اقتصادية جيدة. وأوضحت أن السيولة المكدسة في البنوك تستطيع أن تسهم في خروج مصر من أزمتها الحالية من خلال استغلالها فى المشروعات الاستثمارية ذات الجدوي الاقتصادية التي تعود علي الاقتصاد بالنفع، وتساعد علي تقليل حجم البطالة في الدولة, والتي تساعد علي تنشيط الدورة الاقتصادية والأسواق من خلال زيادة الصادرات وفتح الأسواق الجديدة وتنشيط الحركة السياحية