مدير منطقة الجمالية.. تولى عدة مناصب ووصل لمنصب أمير شكار أى الأمير المسئول عن أمور الصيد السلطانىهبة فى التاريخ قصص وحواديت وأحداث كثيرة، منها ما هو حقيقى وما هو أسطورى.. ولكن عندما نقرأ لبعض الكتاب الذين أهتموا بتوثيق التاريخ مثل المقريزى والجبرتى، نجد لديهما الحقائق التى تدلنا على آثر أصحابها وأصلها وفصلها.. ففى شوارع مصر التاريخية، نرى أروع الأبنية التى بنيت فى العصر الفاطمى والعثمانى، ولكن أجملها ما شهده العصر المملوكى من عمارة ذات طراز فريد.. ففى شارع المعز لدين الله نجد كل الكنوز والحكايات التى نتعرف منها على حقيقة التاريخ، وتحديداً فى منطقة النحاسين وبجوار سبيل الأمير عبد الرحمن كتخدا، نجد قصر الأمير بشتاك المواجه للمدرسة الكاملية وحمام السلطان إينال التى تنطق بكل معانى الجمال والإبداع .. وللتعرف أكثر على هذه التحفة المعمارية كان لنا هذه الجولة بداخله. يقول محمد أبو سريع مدير عام منطقة الجمالية، قام ببناء قصر الأمير بشتاك الأمير سيف الدين بشتاك الناصرى، أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون فى عام 73 - 740ه / 1334 - 1339م .. وهو أحد أهم الأبنية الفريدة فى العصر المملوكى، حيث تم بناؤه على جزء من أرض القصر الشرقى الكبير الذى كان أحد القصور الفاطمية العظيمة المجاورة له فى تلك الفترة، ففى الماضى كانت المنطقة تجمع عددا أكبر من البيوت والقصور التى هدمت على مدار السنين. وكان سبب بناء “بشتاك” لهذا القصر أن الأمير قوصون، قرر بناء قصر له بنفس المنطقة وكان الأمير بشتاك أحب أيضاً أن يبنى له قصرا مجاورا له، فقد عثر على على دار الأمير بدر الدين بكتاش الفخرى ودار أقطوان الساقى وقرر شراءهما وهدمهما بالكامل وتكلف بناء القصر الجديد بمبلغ ستة آلاف درهم، ليكون مطلاً على الطريق الرئيسى، ويصل ارتفاع القصر أربعين ذراعاً وتمتد أساساته أربعين ذراعاً أيضاً، وقد قام بحفر بركة للمياة. يقع قصر الأمير «بشتاك» بمنطقة النحاسين بجوار سبيل الأمير عبد الرحمن كتخدا، فى مواجهة المدرسة الكاملية وحمام السلطان إينال، وتطل واجهة القصر الغربية على شارع المعز، والواجهة الشمالية على رأس حارة درب قرمز المتفرع من شارع المعز لدين الله بقسم الجمالية، وقد ظل المدخل الأصلى للقصر فى العصر الفاطمى مطلاً على حارة بيت القاضى، حيث كان يفصل شارع “بين القصرين” بين جانبيه الشرقى الغربى. ويضيف أبو سريع، يتكون القصر من طابقين، يوجد بالطابق الأرضى لقاعة الاستقبال، واسطبلات الخيول ومخازن الغلال وغرف الخدم، ويضم الطابق العلوى قاعة الاحتفالات وغرف النوم، والطابق الثالث كان خاصا بالحريم لكنه تهدم . وللقصر ثلاث واجهات، الأولى التى تعتبر الرئيسية تقع بالجهة الشمالية الغربية المطلة على شارع المعز، وتتكون من ثلاثة طوابق بها مشربيات ليست على استقامة واحدة بل على جزءين أحدهما غائر والآخر بارز، وبها رسومات هندسية تتميز بالجمال الشديد..وبها رسومات هندسية، وتتدلى من أركانها الأربعة ثلاثة صفوف من المقرنصات الخشبية. أما الواجهة الثانية فتقع بالناحية الشمالية الشرقية والتى تطل على درب قرمز وبها عدد من النوافذ المغطاة بأجنحة معدنية وبها أيضا بوابة تؤدى للقصر. والواجهة الثالثة بالجهة الجنوبية الغربية تطل على حارة بيت القاضى، وهى القريبة للمدخل الحالى والوصول إليه من خلال سلم خشبى مزخرف يؤدى إلى باب خشبى عليه كتابات عن منشئ القصر وتاريخ إنشائه. كما يؤدى المدخل إلى مساحة مربعة وعلى يمينه سلم يصل إلى الطابق الثانى وعلى يسارها الاسطبلات التى نصل إليها من خلال دهليز وبه بئر أثرى كان يستخدم لشراب للخيول، وتعلو الإسطبلات حجرات خاصة بالقائمين على خدمة الخيول. ويوضح أبو سريع، أن الأمير بشتاك تولى عدة مناصب إلى أن وصل لمنصب أمير شكار، أى الأمير المسئول عن أمور الصيد السلطانى، وبعدها أصبح كاتماً لسر السلطان، الأمر الذى يعنى أنه موضع ثقة الناصر قلاوون، وقد كان كثيراً ما يمنحه الهدايا، ولكن بعد وفاة الناصر قلاوون تم القبض عليه واعتقاله بمدينة الإسكندرية وقتل فى عام 742 ه.. وبعد ذلك تم نقل جثمانه من الإسكندرية عام 748 ه إلى مدفن سنجر الجاولى بالقاهرة، ولم يتبق من أثره غير القصر الذى يحمل اسمه بالرغم من عدم إقامته به. فعندما كان يأتى إليه للإقامة به كان يشعر بضيق فى صدره وانقباض لروحه فهو لم يسترح به على الإطلاق وكرهه جداً وقرر أن يبعيه إلى زوجة الأمير بكتمر الساقى.. ثم استولى عليه بعد ذلك السلطان حسن، ثم آلت ملكيته فيما بعد إلى السلطان فرج بن برقوق، وأوقفه على ضريح والده السلطان برقوق. وعندما تم البناء كانت هناك مراعاة كبيرة لمواد البناء المستخدمة لكى تكون ملائمة للبيئة وجو القاهرة الحار فى ذات الوقت، كما كانت الأحجار هى مادة البناء الرئيسة للقصر، وقاموا بعمل عزل حرارى لجدران وأسطح القصر وكان هذا الأسلوب حديثاً فى تلك الفترة، كما استخدم الرخام فى الأرضيات وتم تكسية الجدران الداخلية، وتم عمل فسقية فى القاعة الكبيرة تتوسط الدرقاعة، كما تم عمل المشربيات التى من أهم صفاتها توفير الخصوصية وكسر حدة ضوء الشمس وتلطيف الهواء الداخل للمبنى. وقد عانى قصر الأمير بشتاك لسنوات طويلة من الإهمال وعدم إجراءات أعمال صيانة أو ترميم له وخاصة بعد زلزال القاهرة 1992 فقد أوشك على الانهيار لحدوث أضرار بالغة به، ولكن قامت وزارة الاثار بالإشتراك مع معهد الآثار الألمانى بإنقاذة وترميمه لفترة استمرت عامين وتكلفة 50 مليون جنيه.. ثم بعد ذلك فى عام 2003 قام مسئولى مشروع تطوير القاهرة التاريخية بعمل ترميم شامل للقصر والانتهاء من عمليات الترميم فى عام 2007 بتكلفة 6 ملايين جنيه. وقد تحول الآن قصر الأمير بشتاك لبيت للغناء العربى بقرار من وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، حيث قام بإصدار قرار رقم 510 لسنة 2009 وتخصيص قصر الأمير بشتاك، ليكون مقراً لبيت الغناء العربى كأحد مراكز الإبداع الفنى التابعة لصندوق التنمية الثقافية.. ويستخدم كموقع أثرى ومركز للإبداع الفنى والثقافى، ويشهد حالياً تنظيم العديد من الفاعليات والندوات الفنية والثقافية، خصوصا فى شهر رمضان.