منذ تولى رئاسة جامعة القاهرة، عزم على المضى قدما لتحقيق هدف نقلها إلى مراكز متقدمة فى التصنيف العالمى، وجعلها إحدى جامعات الجيل الثالث ومنارة التنوير فى وطننا كما هى عبر تاريخها الطويل.. فهو يرى أنه من الضرورى تطوير العقل المصرى وتغيير طريقة تفكيره، وبناء شخصية مسئولة واعية. إنه الدكتور محمد عثمان الخشت، الفيلسوف المستنير صاحب المدرسة الفكرية، التى تتبنى العقلانية النقدية منهجا للتفكير والبحث، له دور فكرى وتنويرى فى إبراز صورة الإسلام الحضارية، ومناهضة التطرف والعنف والإرهاب على جميع المستويات.
انطلاقًا من رؤيته المتميزة نحو بناء المواطن المصرى العصرى، بدأت جامعة القاهرة العريقة برئاسته، فى تطبيق أهم الآليات الفاعلة فى تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي، حيث قرر مجلس جامعة القاهرة، تشكيل لجنة مختصة للطوارئ بكل كلية لمتابعة امتحانات نهاية العام برئاسة العميد ووكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، بحيث تكون لديها سلطة اتخاذ القرارات لبعض الامتحانات أثناء انعقاد الامتحان، سواء بحذف سؤال أو إضافة سؤال، ويكون للجان الطوارئ بالكليات سلطة منح وقت إضافى فى الامتحان، حال تطلب الأمر لذلك، حيث أكد مجلس جامعة القاهرة ضرورة مراعاة أن تكون أسئلة الورقة الامتحانية مناسبة للوقت المحدد للامتحان.
دور تنويرى
يأتى هذا التوجه فى إطار سلسلة إجراءات ذات منهجية علمية تنتهجها الجامعة بدعم من رئيسها الدكتور محمد عثمان الخشت، إيمانًا منه بأهمية دور الجامعة التنويرى فى تكوين الطالب الذى يمتلك أدوات التعامل مع العصر ومتغيراته المتلاحقة، والتى تمكنه من الفهم والتكيف والتعامل مع كل جديد، وهو ما يحقق الرسالة الحقيقية للجامعة فى خلق جيل من الكوادر والكفاءات القادرة على المنافسة المحلية والإقليمية والدولية.
وحرصت كليات جامعة القاهرة بشكل كبير على تنفيذ التعليمات والضوابط، التى وضعتها إدارة الجامعة، لتفادى حالات الغش بالامتحانات، التى كان أهمها عدم السماح للطلاب والمراقبين بدخول لجنة الامتحان بالهاتف المحمول أو السماعات، كما يتم إجراء دوريات تفتيش داخل اللجان يوميا، وعليه فإن أعضاء هيئة التدريس حرصوا على تنفيذ توجيهات رئيس الجامعة بوضع امتحانات أعتمدت بشكل كبير على النقد والتحليل والأسئلة المتنوعة، التى تناسب مختلف مستويات الطلاب ولا تعتمد اعتمادا كليا على الحفظ، ما أدى إلى عدم رصد أى شكاوى من الامتحانات من جانب الطلاب.
مهارات التفكير
ومنذ أن تولى «الخشت» رئاسة الجامعة، وهو يسعى لإكساب الطالب مهارات التفكير النقدي، من خلال تغيير طرق تفكيره نحو التفكير العلمى النقدي، وهو ما أكده رئيس الجامعة فى تصريحات عديدة، إذ أشار إلى أنه لا يمكن دخول عصر جديد، سواء فى حياتنا الفردية أو على مستوى الوطن أو العالم، دون تغيير طرق التفكير، والتحول نحو التفكير العلمى النقدي.
كما يرى «الخشت» أن الفكر والعمل هما قاطرة الأمم فى التقدم، لذا يشدد على أهمية انتقال جامعة القاهرة إلى عصر جامعات الجيل الثالث، فهو يعتمد فى خطته التطويرية على التجارب الدولية التى تعمل بها الجامعات الكبرى فى العالم مثل هارفارد وكامبريدج، تلك الجامعات التى تربط أبحاثها بمتغيرات سوق العمل، لذا فهو يؤكد دائماً أن هدف الجامعة فى السنوات المقبلة تخريج رواد أعمال وعلماء على كفاءة عالية وطلاب يستطيعون الاعتماد على أنفسهم، والاعتماد على البحث العلمى وخلق قيمة إضافية للمجتمع.
وتنبع أهمية رؤية «الخشت» فى جامعة القاهرة لجامعة الجيل الثالث لعدة أهداف أهمها الجمع بين التعليم والبحث العلمى لما لهما من دور كبير فى إنتاج قيمة مضافة للاقتصاد، حيث سيقوم التدريس فيها على التخصصات البينية، وتنمية فكر ريادة الأعمال وإدارة المشروعات والبرامج التدريبية للإعداد لسوق العمل، والتدريب على المشروعات الإنتاجية الصغيرة، وتنتج موظفين وعلماء ورواد أعمال، والتوجه فيها عالمى، وتتكون من كليات ومعاهد بحثية، والإدارة فيها تقوم على حوكمة الإدارة الأكاديمية والأخلاق العالمية وأخلاقيات الأعمال.
وسعيًا إلى الأخذ بهذه الاعتبارات، انطلقت رؤية الدكتور محمد عثمان الخشت فى الدور الريادى والمسئولية القومية لجامعة القاهرة من المفهوم الجيد للأمن القومى الذى لم يعد مقصورًا على حماية الأرض من التهديدات الخارجية، فمع تطور مفهوم قدرة الدولة اتسع مفهوم الأمن القومى ليشمل القدرة الشاملة للدولة والمؤثرة على حماية معتقداتها وقيمها وأراضيها ومصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من التهديدات الخارجية والداخلية، فهو يرى أن الأمن القومى يتجاوز مفهوم الحماية بمعناها الواسع، إلى مفهوم التنمية الشاملة وبناء الدولة القوية، وذلك من خلال التحدى القومى لبناء إنسان مصرى جديد وكوادر وطنية فنية مدربة لتحقيق التنمية وتأسيس دولة حديثة بواسطة استحداث مناهج جديدة قائمة على أسس النمو فى تصميم المشاريع البحثية، والتميز فى أداء الباحثين والطلاب، والتطور فى النظام الإدارى، والبحث فى قضايا الدولة، وتشخيص الاحتياجات».
موارد الجامعة
ما حققه «الخشت» فى إدارته للجامعة على أرض الواقع خلال الفترة الماضية يعد إنجازات غير مسبوقة على كل المستويات، تتفق وتواكب رؤيته وخطته الإستراتيجية، مما يؤكد أننا بصدد إدارى مرموق قادر على السير قدما بالجامعة لتحقيق طموحات الوطن والمساهمة فى تطوره ونهضته المأمولة، حيث استطاعت الجامعة خلال العام الماضى زيادة مواردها الذاتية بنحو 30 %، بالرغم من حجم الإنفاق على مشروعات التطوير على جميع الاتجاهات للتحول إلى جامعة الجيل الثالث، سواء التعليمية أو البحثية أو الإنشائية من خلال تغيير طرق الامتحانات، وإضافة سؤال حل المشكلات وتطبيق مقررى التفكير النقدى وريادة الأعمال، وإطلاق مشروع تطوير العقل المصري، وزيادة النشر العلمى دوليًا، والشمول المالى والدفع الإلكتروني، وتطوير الحرم الجامعي، وحتى التوسعات والإنشاءات الجديدة فى المستشفيات الجامعية ومعهد الأورام وأبوالريش الأطفال من توسعات وأجهزة جديدة، وبلغ إنفاق الجامعة على الفرع الدولى من مواردها الذاتية حتى الآن نحو 700 مليون جنيه.
كما أن الجامعة انتهت من إنشاء 181 برنامج ليسانس وبكالوريوس ودبلوم وماجستير ودكتوراه، بنظام الساعات المعتمدة، لزيادة مواردها الذاتية، وهذه البرامج تشمل مضمونا ومحتوى تعليميا طبقا للمعايير الدولية والعالمية، كما طورت 31 معملًا، بالإضافة إلى 29 درجة علمية اعتمدتها الجامعة بالتعاون والتنسيق مع كبرى الجامعات العالمية، ما يزيد من موارد الجامعة لاعتماد تلك الشهادات من جامعات عالمية، ما يؤكد أن التمويل الذاتى من الجامعة الذى يبلغ مليارى جنيه يعكس تحسن وقوة الوضع المالى للجامعة.
تكنولوجيا المعلومات
كما حرص «الخشت»، على تطوير التعليم فى مجال تكنولوجيا المعلومات، وذلك لمواكبة الطفرة التكنولوجيا على مستوى العالم، وفى إطار خطته للتحول نحو الاقتصاد الرقمى الذى أصبح يقود كل الاقتصادات، ومن هذا المنطلق وجه باعتماد برنامج خاص جديد عن الذكاء الاصطناعي، لتطوير كلية الحاسبات وإدخال مجال الذكاء الاصطناعى فى برامجها، سواء فى مرحلة الدراسات العليا أو مرحلة البكالوريوس، لمواكبة التطورات العالمية فى تكنولوجيا المعلومات.
ليس ذلك فحسب، فقد قامت إستراتيجية «الخشت» فى جامعة القاهرة على فتح آفاق التعاون الدولى مع الجامعات الأجنبية والمؤسسات العلمية بالخارج فى المجالات التعليمية والبحثية، بما يخدم توجه الجامعة نحو التحول لجامعة الجيل الثالث التى تقوم على تقديم خريجين متميزين ذوى قدرات تنافسية لسوق العمل، مضيفاً أن الجامعة خطت، خطوات كبيرة، نحو التعاون الدولى وتوقيع ما يزيد على 70 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع جامعات أجنبية ومؤسسات علمية بالخارج، خلال العامين الماضيين، فى مجالات الدرجات العلمية المشتركة والتخصصات الجديدة وتنفيذ المشروعات البحثية وتبادل الأساتذة والطلاب.