عاش قسطنطين الثانى آخر ملوك اليونان وشقيقته الكبرى صوفيا ملكة إسبانيا فى الإسكندرية فترة طويلة زواج الأميرة فوزية ابنة الملك أحمد فؤاد الثانى من سيلفان أونود الذى يعمل فى إمارة موناكو
نجحت الطبقة الأرستقراطية فى الدول العربية والأوروبية فى تخطى سنوات مليئة بالصراعات والحروب والاحتلال، ولعبت دورا مهما فى مد جسور التواصل بين الأنظمة والشعوب فى منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وما حولها. ورأينا ملوكا وأمراء ونبلاء يتبادلون الزيارات، ويعززون العلاقات بين الدول، ويجعلون من الاختلاف إثراء للحضارة الإنسانية، ومنهم من قام بمد إقامته أحيانا بسبب تغير الظروف السياسية فى بلاده.
لعل أحدث مثال هو زواج الأميرة فوزية لطيفة ابنة الملك أحمد فؤاد الثانى آخر ملوك مصر فى منزله فى جنيف بسويسرا، من مهندس الإلكترونيات الفرنسى الذى يعمل فى إمارة موناكو سيلفان أونودو، الذى أعلن إسلامه، وولدت الأميرة فى موناكو بعد زواج والديها هناك، فى حضور الراحلين الأمير رينيه والأميرة جريس، ويحمل والدها الجنسيتين المصرية والموناكية، وكان قد غادر مع والديه إلى إيطاليا بعد تنازل والده الملك فاروق الأول عن العرش، ثم أكمل دراسته فى سويسرا، كما انتقلت أخواته إلى سويسرا، تزوجت أخته الراحلة الأميرة فريال من سويسرى وأنجبت ياسمين. وتعمل الأميرة فوزية لطيفة فى البعثة الدبلوماسية لموناكو فى النمسا، كما أن الدماء الفرنسية تجرى فى عروقها، من ناحية والدتها دومينيك –فرانس بيكار، وهى فرنسية سويسرية يهودية اعتنقت الإسلام وغيرت اسمها إلى فضيلة، ومن ناحية والدها لأن جده الأكبر من ناحية جدته الملكة نازلى هو سليمان باشا الفرنساوى، وكان اسمه كولونيل سيف قبل اعتناقه للإسلام وكون الجيش المصرى فى فترة حكم محمد على باشا.
وهناك مجموعة وجدت ملاذا آمنا فى مصر بعد انتهاء الملكية فى بلادها، مثل الملك الراحل فيكتور عمانويل الثالث، ويعرف بالإيطالية فيتوريو إيمانويل الثالث آخر ملوك مملكة إيطاليا وألبانيا وإثيوبيا، ويتحدّرمن أسرة سافوا ذات الجذور الفرنسية، وأصبح تاريخيا آخر ملوك مملكة إيطاليا عقب استفتاء شعبى جاء بنتيجة 54% لصالح تحويل إيطاليا إلى جمهورية. ولجأ إلى مصر وأقام فى الإسكندرية، حيث توفى عام 1947، ودفن فى منفاه، خلف كاتدرائية سانت كاترين. وأطلق اسمه على ميدان من أهم ميدان الإسكندرية بمنطقة سموحة بحى سيدى جابر.وفى ديسمبر الماضى تناقلت الصحافة الأمريكية والكندية، قصة نقل رفات الملك الإيطالى فيكتور إيمانويل الثالث من مصر، الذى صاحبه جدل واسع داخل إيطاليا، وتم إعادة دفنه فى ضريح عائلى فى جنوب مدينة تورينو، بعد 70 عاما من وفاته. وانتقد البعض تصرف الملك بالتنازل لسماحه بصعود الفاشية فى السنوات التى سبقت الحرب العالمية الثانية.
وكذلك من الملوك الأوروبيين الذين عاشوا فى الإسكندرية، نجد الراحل قسطنطين الثانى، آخر ملوك اليونان، وشقيقته الكبرى صوفيا ملكة إسبانيا، وهى من مواليد 1938 فى أثينا لأسرة جلوكسبورج، وهى قرينة ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس الذى تنازل لابنه الملك فيليبى السادس عن العرش فى2014، وقضت جزءا من طفولتها فى مصر وجنوب إفريقيا، حيث درست فى مدرسة مرموقة، المعروفة حاليا باسم “كلية النصر للبنات” بمدينة الإسكندرية، وذلك خلال فترة نفى الأسرة من اليونان خلال الحرب العالمية الثانية، ثم عادت الأسرة إلى اليونان فى 1946. وأيضا سيميون الثانى من مواليد 1937، آخر ملوك بلغاريا عاش فى الإسكندرية، لكنه عاد وأصبح رئيس وزراء بعد سقوط الشيوعية فى 2001. ويعد من الزعماء القلائل فى العالم على قيد الحياة منذ الحرب العالمية الثانية، كما أنه الملك الوحيد فى العالم الذى خدم بصفته رئيس وزراء فى بلد تحول من الملكية إلى الجمهورية.
كما يحكى عن نبيلة بريطانية رائعة الجمال وهى ليدى جين دجبى التى جذبها سحر الشرق، ووقعت فى حب البادية وتزوجت من الشيخ العربى السورى مجول المصرب فى حمص فى القرن التاسع عشر.
الزيارات الحضارية ولم تنقطع الزيارات الرسمية وغير الرسمية بين الجانبين الأوروبى والعربى، وآخرها زيارة فيليبى السادس ملك إسبانيا للمغرب خلال شهر فبراير الجارى، بعد زيارة سابقة فى 2014، قام بها وقرينته الملكة ليتيزيا إلى المغرب ولقائهما مع الملك محمد الخامس وقرينته الأميرة للا سلمى وأعضاء فى الأسرة العلوية المغربية. ومن قبلهما، قضى فيليب ملك بلجيكا وقرينته الملكة ماتيلد وأبناؤهما الأربعة إجازتهم فى الأقصر وأسوان فى صعيد مصر لمدة عشرة أيام، للتعرف على إبداعات مصر القديمة، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعى صورهم بشغف. وفى العام الماضى رحل هنريك، أمير الدانمارك الذى يتحدّر من أصل فرنسى وزوج الملكة مارجريت الثانية، الذى اشتهر بعشقه لمصر وحضارتها، وكان يزورها دائما مع قرنيته وأشهرها رحلة فى 1986 ولديهما صور فى منطقة أهرام الجيزة وسقارة.
ومن أكثر الأمراء اهتماما بالشرق الأوسط والإسلام، هو تشارلز، أمير ويلز وولى عهد بريطانيا، فيبدى تعاطفه مع القضية الفلسطينية وكان وراء زيارة ابنه الأمير وليام لإسرائيل وفلسطين.وعارض الحرب على العراق وانتقد رئيس الوزراء البريطانى آنذاك تونى بلير.وهو ينادى بالتسامح الحقيقى بين الإسلام والمسيحية، لذا حرص على دراسة للقرآن الكريم واللغة العربية حتى أنه يقوم بتوقيع اسمه بالعربية فى خطاباته للقادة العرب، وقد زار عددا من الدول العربية مثل مصر مع زوجته الأولى الراحلة الأميرة ديانا ومع زوجته الثانية كاميلا دوقة كورنويل فى 2006، حيث زارا الأزهر الشريف، والمغرب فى 2011، والسعودية فى 2014 وشارك فى رقصة العرضة، والإمارات فى 2016 وزار مع زوجته مسجد الشيخ زايد فى أبوظبى وسبق أن زاته والدته الملكة إليزابيث الثانية فى 2010 مع زوجها فيليب دوق أدنبرة.
وتعتبر سيلفيا ملكة السويد من أكثر الملكات فى العالم إنسانية، وتبدى تعاطفا مع القضايا العربية، وزارت عددا من الدول العربية، وزارت معبد أبو سمبل فى صعيد مصر تعود فى 1986، واستقبلتها الكويت أكثر من مرة والتقت أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح. وشهدت العلاقات السويدية العربية تقاربا قويا، ومن أهم الخطوات اعترافها بدولة فلسطين مما عرضها للانتقاد من إسرائيل، وانتشرت فى 2013 صورة ملك وملكة السويد يتوشحان كوفية فلسطينية تحمل “أقصانا ليس هيكلهم” مما أثار ضجة فى البلاد، وذلك أثناء زيارتهما لمدينة هيرنوساند السويدية، وثمنت الجالية الفلسطينية المواقف المملكة الإسكندنافية حيال القضية.كما أطلقت الملكة مع ملك السويد المنتدى العالمى للأطفال، فى دبى برعاية الأميرة هيا بنت الحسين، وصرحت الملكة أن هناك مبادرات خاصة بأطفال سوريا واللاجئين، وقالت “المشكلة فى سوريا مأساوية ونحن نفكر فى وضع الأطفال واللاجئين ونرغب فى لفت انتباه الناس إلى هذه المنطقة، حيث الأطفال معرضون للعنف”، ولديها صورة شهيرة وهى تتحدث مع الطفلة السورية فاطيما.كما احتفت الأسرة الملكة بزيارة الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى وقرينته للسويد فى 2015. واستقبلت أبو ظبى الملكة أثناء تنظيم منتدى فاطمة بنت مبارك الدولى للأمومة والطفولة فى 2016. ولشدة اهتمامه بسباق الخيول حضر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبى وقرينته الأميرة هيا بنت الحسين، مهرجان رويال اسكوت فى انجلترا فى 2005.