الأمريكى إدوارد سنودن قضى 39 يوما فى المطار وقدم طلبات لجوء ل 20 دولة الإيرانى مهران كريمى صاحب أعلى رقم .. قضى 6518 يوما فى المطار
من أبرز القصص التى نالت اهتماما إعلاميا أخيرا، هى قصة اللاجئ السورى حسن القنطار، الذى عاش فترة عانى فيها قيود قانونية حالت دون قبول أى دولة لدخوله، وعاش فترة فى مطار كوالالمبور، وهناك بعض الأمثلة الأخرى منها الذى انتهى نهاية سعيدة مثله، أو منها الذى ظلت نهايته مبهمة مثل الصينى فينج زهانجو الذى قضى 86 يوما فى مطار ناريتا الدولى اليابانى ثم عاد إلى الصين، كما سنتعرف على بعض الحالات الشهيرة التى نالت تعاطفا جماهيريا، وربما نشعر أحيانا أنها تروى القصة من وجهة نظرها الشخصية.
والأعمال الإنسانية يقوم بها أفراد أو جمعيات أو مؤسسات حكومية أو خاصة لمساعدة الضعفاء لعلاجهم وإسكانهم وإطعامهم وتعليمهم. ومفهوم الأعمال الخيرية يعنى التعاطف وبذل الخير تجاه جميع البشر بغض النظر عن دياناتهم أو ألوانهم أو أفكارهم أو جنسياتهم، كما أنها تستند لنظرية فلسفية أعمق. ومن أشهر إنجازات الأعمال الإنسانية هى إلغاء العبودية، وإن كان ما زالت لها بقية قليلة باقية بأشكال مؤلمة، ومع تطور الأحداث باتت هناك مشكلة تؤرق العالم، ألا وهى مشكلة اللاجئين، من خلال هروب البعض من بلاده بسبب الحرب أو الإرهاب أو الفقر أو المعارضة السياسية.
مهران كريمى ناصرى
بحسب المعلومات المتوافرة عن عدد الأيام التى قضاها هؤلاء فى انتظار قرار إحدى الدول للسماح لهم بالدخول إليها، أو تحسن الظروف، يأتى الإيرانى مهران كريمى ناصرى فى الصدارة، فهو صاحب أعلى رقم فى حياة المطار ،فقد قضى 6518 يوما فى المطار، أى نحو 18 عاما، وولد فى 1942 فى مدينة مسجد سليمان الإيرانية، فى المجمع السكنى التابع لشركة النفط الإنجليزية الفارسية، لأب إيرانى يعمل طبيبا فى نفس الشركة وأم أسكتلندية تعمل ممرضة. وانتقل فى 1973 إلى المملكة المتحدة ليلتحق بجامعة برادفورد، وأثناء إقامته هناك شارك فى مظاهرة ضد شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوى، وذلك فى 1974، وبسبب ضائقة مالية اضطر للعودة إلى إيران فى 1975، وقبض عليه وعذب ونفى للخارج وهى رواية لم يتم التأكد منها، وعندما عاد إلى أوروبا، وتقدم بطلبات لجوء قوبلت بالرفض فى ألمانيا الغربية (آنذاك) وهولندا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، ومنع من دخول البلاد عن طريق مطار هيثرو، فعاود المحاولة لدخول ألمانيا الغربية، لكنه طرد أيضا إلى الحدود البلجيكية، وبدا أن المشكلة تم حلها فى 1980، بموافقة مفوضية اللاجئين العليا للأمم المتحدة على منحه حق اللجوء لبلجيكا، وعاش فيها حتى 1986. عندما قرر الانتقال لبريطانيا. وتمت سرقة حقيبة يده - على حد قوله - وبها أوراقه الرسمية.
عندما كان فى محطة القطار فى باريس متوجها إلى مطارشارل ديجول الدولى، وتمكن فعلا من الصعود إلى الطائرة متوجها إلى إنجلترا، لكن عند وصوله مطار هيثرو قرر المسئولون إرجاعه إلى مطار شارل ديجول، ثم نقل إلى منطقة الانتظار للبت فى شئون الركاب الذين لا يمتلكون الأوراق المطلوبة، لكن انتظاره استمر لسنوات! وتكيف مع حياة المطار، فكان يستيقظ مبكرا ليغتسل، حيث كان فى غاية النظافة، واعتاد العاملون على قيامه بغسل ثيابه، وتبرعوا له بأريكة، اعتاد على سماع المذياع وقراءة الكتب وكتابة مذكراته اليومية، بمساعدة الكاتب أندرو دونكين، وتحولت إلى كتاب فى 2004 بعنوان "رجل المحطة". وبعد رفع دعوى قضائية، وتعرض ناصرى لتدهور حالته الصحية، تم نقله فى 2006 إلى المستشفى وفى 2007 تم استلام قضية مهران من قبل مكتب الصليب الأحمر الفرنسى، ووضع فى فندق قريب من المطار، وفى تاريخ 6 مارس 2007 تم إدخاله إلى مركز إيمايوس الخيرى.ولشدة غرابة قصته وثرائها الدرامى تم تناول قصته فى السينما وأشهر فيلم هو "ذا ترمينال" أو محطة الوصول من إنتاج 2004 وإخراج الأمريكى ستيفن سبيلبرج وبطولة الأمريكى توم هانكس، عن قصة رجل من دولة خيالية يسافر إلى نيويورك، وفى أثناء العودة يحدث انقلاب فى بلده ويتابع الأخبار على الشاشات فى المطار، فيصبح غير قادر على الرجوع، وكذلك ممنوع من دخول نيويورك، فيقضى سنة فى المطار حتى يتحرر بلده.
إدوارد سنودن قضى الأمريكى إدوارد سنودن 39 يوما فى المطار، وكان قد ولد فى 1983 فى مدينة إليزابيث سيتى بولاية كارولينا الشمالية، والتحق بالجيش الأمريكى فى 2003، وبعد تطورات انتقل للعمل فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سى. آى. إيه" فى قسم الأمن الإلكترونى، وبمعرفته الموسعة بالإنترنت وببرمجة الكمبيوتر، تمكن من التقدم بسرعة فى وظيفته بالنسبة لشخص لم يحصل على شهادة ثانوية. وانتقل بعدها للعمل مع بعثة دبلوماسية فى مدينة جنيف السويسرية، ومع الكم الهائل من المعلومات التى وصل إليها بدأ بالتفكير بمدى صحة ما يقوم به، وتردد للكشف عن أسرار الحكومة بسبب أمرين؛ أولهما أنه لم يرد أن يكشف معلومات عن أشخاص ممن كانت الاستخبارات تراقبهم، والثانى بأن فوز الرئيس السابق باراك أوباما بالرئاسة الأمريكية عام 2008 منحه الأمل فى تحقيق إصلاحات، وغادر الاستخبارات فى 2009، ليعمل مع متعاقد من القطاع الخاص للتعاون مع وكالة الأمن القومى فى قاعدة عسكرية باليابان، ورأى عدم وجود تغييرات حكومية، فقرر بأنه لا فائدة من الانتظار، وفى 2013 تقدم بإجازة من عمله وهرب لهونج كونج بعدما سرب تفاصيل برامج المراقبة السرية لصحيفتى "ذا جارديان" البريطانية و"واشنطن بوست" الأمريكية، ثم سافر بعدها إلى موسكو، حيث هبط فى مطار شيريمتييفو الدولى، وأعلن وزير خارجية الإكوادور أن سنودن قدم طلبا للجوء إلى بلاده، وكان الرئيس البوليفى إيفو موراليس يحضر مؤتمرا للدول المصدرة للغاز فى روسيا، وأبدى ميلا لمنح سنودن اللجوء فى بلاده.لكن رفضت أربع دول أوروبية استخدام طائرة الرئيس البوليفى لمجالها الجوى فهبطت الطائرة فى النمسا، ولم يكن سنودن على متنها، وأعلن موقع التسريبات "ويكيليكس" أن سنودن قدم طلبات لجوء لعشرين بلدا دون نتيجة، واعتبر سنودن هاربا من العدالة أمام السلطات الأمريكية التى تتهمه بالتجسس وسرقة ممتلكات حكومية. وقال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين: إن روسيا لا تسلم المواطنين الأجانب إلا إلى الدول التى تربطها بها اتفاقيات ترحيل وليست من بينها الولاياتالمتحدة.وتقدم سنودن بطلب لجوء مؤقت لروسيا ومنح إياه لمدة عام، وغادر المطار، وفى 2014 قدم سنودن طلبا للجوء السياسى الدائم. ودعت عدة كيانات إعلامية وسياسيون إلى التسامح مع سنودن فى صورة عفو عام، وهو يعيش حاليا فى مكان غير معلوم بروسيا. و"سنودن" هو اسم فيلم من إنتاج فرنسى - ألمانى - أمريكى - بريطانى مشترك فى 2016، للمخرج الأمريكى أوليفر ستون وبطولة جوزيف جوردون-ليفيت، ومبنى على كتابين لسيرة إدوارد سنودن.
حسن القنطار تعتبر ماليزيا واحدة من الدول القليلة فى العالم التى لا تزال تسمح للسوريين بالدخول إلى أراضيها دون تأشيرة وموافقة مسبقة على ذلك، لكن الأمر ليس بهذه السهولة دوما وعند انتهاء المدة ربما تحدث مشكلات، وقضى السورى حسن القنطار 208 أيام فى مطارها، وولد فى محافظة السويداء السورية فى 1981، وهو لاجئ وصل إلى مطار كوالالمبور الدولى فى 7 مارس 2018 بعدما عاش فى منفى خارج سوريا منذ عام 2011.
والبداية عندما هاجر القنطار من سوريا إلى الإمارات العربية المتحدة فى 2006 حيث عمل كوكيل فى التسويق. وانتهى تصريح عمله فى 2011. ورحل القنطار فى 2017 إلى ماليزيا، وهى واحدة من البلدان التى يسهل الدخول إليها، حيث تمنح السوريين تأشيرة الدخول مجانا. وحاول التوجه بعد ذلك إلى الإكوادور، لكن موظفى الخطوط الجوية التركية منعوه لأسباب غير مفهومة، ثم حاول التوجه إلى كمبوديا، لكن السلطات هناك رفضت دخوله وعاودت إرساله مرة أخرى إلى كوالالمبور فى ماليزيا، وحينها كانت تأشيرته السياحية قد انتهت، فلم يسمح له بدخول البلاد ولا هو قادر على مغادرتها، فبات معلقا فى مطار العاصمة كوالالمبور! وترددت شائعات عن تسوية وضعه القانونى من قبل الحكومة الماليزية، لكن المسئولين نفوا ذلك، ونصحوا بعدم إعادة إدخال القنطار، لأن ماليزيا ليست من الدول الموقعة على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، وبالتالى لا يمكن أن تخالف القانون!، وتحركت المنظمات العالمية لوضع حد لهذه الدراما دون جدوى، بعد 100 يوم قضاها فى المطار، إلى أن ظهر الحل بترحيله لدولة ثالثة بمعاونة فريق كندى على رأسه السيدة لورى كوبر، واستقبلته مدينة ويسلر فى نهاية شهر نوفمبر، ليقيم فى مقاطعة كولومبيا البريطانية، تمهيدا لحصوله على الجنسية الكندية.
إيفون بوغوسيان ومن أشهر السيدات تلك التى قضت 96 يوما فى المطار، إنها إيفون بوغوسيان التى ولدت فى 1929 فى مانادو بجزر الهند الشرقية الهولندية التى تعرف حاليا بأندونيسيا، لأب هولندى من أصل أرمينى، وأصبحت معروفة على المستويين - المحلى والدولى - بعدما جلست لأسابيع على مقعد فى المطار، لأنها أرادت أن تعود إلى الولاياتالمتحدة الأمريكية، حيث تم طردها فى أوائل أكتوبر 1967. ففى أثناء الحرب العالمية الثانية، كانت أسيرة فى معسكر يابانى مع عائلتها. وحضرت للعاصمة الهولندية أمستردام، ودرست بعد ذلك اللغات فى باريس، وعملت فى شركة "فيليبس" الهولندية فى إيران. وسافرت إيفون بول بعد ذلك إلى الولاياتالمتحدة الأمريكية فى 1958، حيث عملت سكرتيرة فى القنصلية الهولندية، ثم تم استبعادها. واستنادا لمادة فى القانون المدنى الأمريكى تم ترحيلها لافتقارها لتصريح إقامة واعتبارها من المرضى العقليين جزئيا، وتم اقتيادها بالقوة من قبل مصلحة الهجرة الأمريكية ووضعها على طائرة شركة "كيه.إل.إم" وترحيلها إلى هولندا. وجلست فى مقعد الطائرة مصفدة بالأغلال! وما إن هبطت فى مطار "شيبول" فى أمستردام حتى أرادت العودة على الفور، لكن تم منعها من القيام بذلك. ومع ذلك، استمرت فى الإقامة فى شيبول. وكانت الشرطة عاجزة عن التصرف تجاهها، لأنها لم تسبب أى إزعاج بل تتصرف بلطف. وحظيت قضيتها باهتمام دولى، بفضل الدعاية الهائلة الممنوحة لها فى الإذاعة والتليفزيون والصحف. وفى 3 نوفمبر 1967، ضربت رقما قياسيا لم يحدث من قبل فى تاريخ الطيران أن قضى أحد الركاب 24 يوما فى صالة المغادرة، فى انتظار طائرة. ثم أصبحت حديث العالم. ولفتت صحيفة نيويورك "هيرالد تريبيون" الانتباه إلى القضية، بالإضافة إلى هيئة الإذاعة البريطانية "بى.بى.سى"، وحاول وزير الخارجية الهولندى الراحل جوزيف لونز مساعدة المرأة عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية، لكن الولاياتالمتحدة استمرت فى رفض قبول طلب إيفون بول. وأخيرا، فى 5 يناير 1968، تمت إزالة اسمها من قائمة شرطة الولاية من قبل قسم الطيران. لكن كان عليها أن تذهب إلى السجن لبعض الوقت. وفى نفس العام، عاودت محاولة السفر عبر باريس لكنها طُردت مرة أخرى!
من الشرق والغرب ومن المطارات المتفرقة، نجد اليابانى هيروشى نوهارا الذى قضى 117 يوما فى مطار مكسيكو سيتى الدولى فى المكسيك فى 2008، ولم يفصح عن أسباب محددة. والألمانى هاينز مولر الذى قضى 13 يوما فى مطار فيراكوبوس كامبيناس الدولى فى البرازيل فى 2009، لأنه ذهب لرؤية سيدة تعرف إليها من خلال الإنترنت، لكنها لم تظهر وأنفق كل ما يملك، وانتهت به الحال فى المطار، فتم الكشف عليه لتقييم حالته النفسية. وتوجد حالة مشابهة له وهو البريطانى جارى بيتر أوستن الذى قضى 23 يوما فى مطار نينوى أكينو الدولى فى الفلبين فى 2013 بسبب عدم لحاقه بالطائرة حتى وجد المال الكافى للعودة إلى بريطانيا.
وفى مطار شيريمتييفو الدولى قضت الإيرانية زهرة كملفار 318 يوما فى 2007 ثم وصلت إلى كندا. وكذلك اليابانى تتسويا قضى 185 يوما فى 2015. وأيضا العراقى الكردى حسن أمان أندو وأسرته قضوا 71 يوما وانتقلوا إلى الإقامة فى روسيا بشكل مؤقت للنظر فى طلب اللجوء. وفى مطار العاصمة كوالالمبور قضى الفلسطينى أحمد كنعان 116 يوما فى 2013، ثم وافقت السلطات الماليزية على دخوله بتأشيرة مؤقتة، وكذلك إياد البغدادى قضى 26 يوما فى2014 وهو فلسطينى بدون جنسية، ثم وصل إلى النرويج.