- الجبير: نتعامل بشفافية في قضية "خاشقجي" .. ورؤيتنا مستنيرة ورؤية إيران ظلامية - أبو الغيط: لا حل للوضع العربي إلا باستعادة الدولة الوطنية لمواجهة التدخلات الخارجية
- ماتيس: لن نعيد النظر في عقوبات إيران ما لم يتغير سلوكها ويتوقف دعمها للإرهاب
يحرص وزيرا خارجية المملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، فضلا عن وزير الدفاع الأمريكي، على المشاركة سنوياً في منتدى "حوار المنامة"، المعروف باسم "قمة الأمن الإقليمي"، والذي ينظمه المعهد الدولي للسياسات الاستراتيجية في العاصمة البحرينية منذ 14 عاما وحتى الآن. لكن مشاركة الوزراء الثلاثة جاءت مختلفة هذا العام، نتيجة أحداث متزامنة وضعت مشاركتهم هذه المرة في بؤرة الاهتمام، ودفعت المتابعين إلى وزن كل ما يقولونه في جلسات المنتدى هذا العام، بميزان مختلف عن كل مرة.
مقتل الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول، وزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعُمان، واقتراب موعد تطبيق العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران، ثلاثة أحداث متزامنة في وقت قصير، أضفت أهمية خاصة على "قمة الأمن الإقليمي" هذا العام، وطرحت سؤالاً عن مستقبل المنطقة في الأيام المقبلة، بعد أن دخلت القوى الإقليمية والدولية بكل "أريحية" في دهاليز المنطقة، وباتت تسعى بشكل أو بأخر إلى التحكم في مسارات قضاياها، في غياب إرادة عربية حقيقية، تسترد الموقع والمكانة، وقبل ذلك كله سيادة القرار.
المناقشات وكلمات كبار المسئولين السياسيين والعسكريين والأمنيين، خلال جلسات المنتدى الذي استمر ثلاثة أيام، تؤكد اهتمام العالم بما يحدث في المنطقة، مثلما تؤكد على احترامهم لدولها وشعوبها، ولكن بمفهوم العالم الخارجي، الذي بات رقما هاما في المنطقة، ولا يتورع عن رسم مستقبلها، أو النهل من خيراتها، بل وابتزازها، بينما "أهل المنطقة" في مقاعد المتفرجين، فقد أجهدتهم "أكذوبة الربيع العربي"، التي مازالت تداعياتها ماثلة أمام الجميع.
وهذا ما أكده الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، حين أرجع خلال مشاركته في المنتدى، ضعف الجامعة العربية، ووهن النظام العربي إلى الأعوام الثمانية التي أعقبت أحداث عام 2011.
وهو يرى أن ما تعرضت له المنطقة العربية خلال تلك السنوات، قد أضاع التوازن في الإقليم، وأدى إلى تدخل غير مسبوق من دول الجوار في شئون الدول العربية.
ويشدد الأمين العام للجامعة، على أنه لا حل للخروج من هذا الوضع الحالي، إلا باستعادة الدولة الوطنية، لأنها ستلعب، كما يرى، دورها في مواجهة التدخلات الخارجية. مشيراً إلى أننا جميعاً نرى ماذا تفعل دول الجوار وتدخلها غير المسبوق في هذا الإقليم ونرى ماذا تفعل تركياوإيران في هذا الإقليم من تدخلات، وأيضا ما نراه من القوى العظمى الموجودة على الأراضي السورية.
لكن أبوالغيط، أكد أنه رغم كل صعوبات الأمن القومي العربي، نتيجة لما حدث خلال الأعوام الماضية، إلا أن هناك أيضا جانب بريق، وهناك تطورات ونجاحات اقتصادية. لافتا إلى أن تنحية جماعات إرهابية سواء في العراق أو مصر يمثل نجاحات، وبالتالي الصورة ليست بهذه القتامة.
وقال: لسنا من قدم العراق إلى إيران، بل سياسات جورج بوش الاب والابن هي من قدمت العراق على طبق من فضة إلى إيران. ورأى أن الأزمة السورية تقترب من نهاية الطريق، لكن لديه شكوك حول نهاية هذا الطريق
وأضاف إنه لم يسمع حتى هذه اللحظة عن مجموعة دول تدفع إلى إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، ولم يتقدم طرف عربي بصياغة فكرة تقود سوريا إلى العودة إلى الجامعة، ولكن الفكرة هي إعادة التواجد العربي لبحث الأزمة السورية بعد أن أحجم الدور العربي مؤخرا عن هذا الملف.
وكما هو متوقع، فإن المشاركين في "حوار المنامة"، تطلعوا إلى ما سيتحدث به وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، عن قضية "مقتل جمال خاشقجي"، حيث قال، أن تلك القضية أصبحت "مسألة هستيرية"، مشيراً إلى إن السعودية أكدت اجراء تحقيق شفاف وتعهدت بمحاسبة المتورطين، وضمان عدم تكرار ذلك. وجدد التأكيد على ان التحقيقات جارية بشأن قضية خاشقجي وأن المسؤولين عن ذلك سيحاكمون.
وشدد الجبير على ان علاقات بلاده مع الغرب لم تتغير، مع التزام المملكة بالحفاظ على مصالحها، مشدداً على العلاقات الاستراتيجية التي تربط بلاده بالولاياتالمتحدةالامريكية. كما انتقد إيران وقال إن لدينا رؤية مستنيرة ولدى إيران رؤية ظلامية، والتحدي هو: كيف نتعامل مع هذه القوى الظلامية ونهزمها؟. وأضاف بأن هناك إدراكا بأن إيران هي أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، معتبراً ان السياسة الخارجية لإدارة الرئيس دونالد ترامب عقلانية وواقعية وتدعمها دول الخليج.
وبدوره أكد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، أن مقتل جمال خاشقجي امر حساس، لكنه يحظى بالاهتمام وقد اتُخذت تدابير حياله، مشدداً على احترام بلاده للشعب السعودي وشراكة بلاده القوية مع السعودية.
كما أكد أن بلاده لن تعيد النظر في العقوبات على إيران، ما لم تغير إيران سلوكها ودعمها للأنشطة والجماعات الارهابية في المنطقة. وأكد التزام بلاده بالعمل مع الدول الخليجية الحليفة، من اجل ضمان حرية الملاحة.
أما القضية الثانية التي استحوذت على الاهتمام في مناقشات "حوار المنامة"، فكانت التطبيع مع إسرائيل، على خلفية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عُمان، ومشاركة وفود إسرائيلية في بطولات رياضية ببعض الدول الخليجية، في توقيت متزامن مع انعقاد المنتدى وانطلاق مناقشات "قمة الأمن الإقليمي".
وقد حرص يوسف بن علوي وزير الشؤون الخارجية العُماني، على التأكيد أن بلاده لا تقوم بدور الوسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإنما تكتفي بمجرد تقديم الآراء والأفكار التي يمكن أن تحمل شيئاً جديداً يساعد الطرفين على العمل معا، من أجل إنشاء الدولة الفلسطينية وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
ورفض بن علوي ما يتردد بأن تكون بلاده قد خضعت للمزايدات بالمواقف لاستقبالها رئيس وزراء إسرائيل، وقال إن هناك تفهم للجهود التي تبذل، و"من يريد أن ينضم إليها فأهلاً وسهلاً ومن يرى أن يبقى خارجها فهذا موقفه"، وقال: "عُمان تؤمن بالسلام وستسمعون الأخبار قريبًا بإذن الله".
رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق ديفيد بترايوس، تحدث بإسهاب عن العقوبات الجديدة التي ستفرضها الولاياتالمتحدة على إيران في الأيام القليلة المقبلة، وأكد أن العقوبات القادمة سيكون لها تأثير أكثر على إيران عن المرة السابقة، لأنه سيتم ممارسة ضغط تام وكامل على إيران عبر وقف تصدير النفط.
وقال بترايوس إن على الشركات أن تختار ما بين العمل مع إيران أو مع دول العالم. وتوقع أن تخفف الصين والهند، وهما المستهلكان الكبيران للنفط الإيراني، من استيراد النفط من إيران. وتساءل عما إذا كانت إيران مستعدة للجلوس مع الولاياتالمتحدة من أجل حلحلة الموقف، وقال إنه يتعين على طهران أن تفكر فيما بين إذا كانت ستستمر في زعزعة الاستقرار في دول المنطقة أم ستنظر إلى مواطنيها ومطالبهم الداخلية.
واعتبر وزير خارجية البحرين أيضاً، أن محاولات قطر للتدخل في سياسات الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، تتناقض مع الاتفاقات الموقعة بين دول المجلس. وشدد على أن المنطقة لن تستقر إذا ما استمرت قطر بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى.
كما انتقد الوزير البحريني السلوك الإيراني وتدخلات طهران في شئون الدول العربية، وقال إن التحديات التي نواجهها قادرة على تغيير المنطقة لعقود طويلة ما لم نتحرك لمواجهتها، معتبراً ان اليمن كانت اخر ضحايا طموح إيران للهيمنة على المنطقة، وان القيادات في كلٍّ من العراق ولبنان تواجه تدخلات عبر مجموعات تدين بالولاء لإيران.
وقد يبدو لبعض المراقبين والمتابعين، أن "حوار المنامة" لهذا العام انتهي، كما انتهت دوراته السابقة على مدار الأربعة عشرة عاما الماضية، إلى تأكيدات تتكرر على أهمية الامن الإقليمي، والتعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، والتصدي لممارسات وسلوكيات إيران.. لكن "حوار" هذا العام، انتهي مع ملامح تطورات جديدة تتشكل في المنطقة، قد يتنبأ بها البعض لكن يعجز الكثيرون عن التنبؤ ببعضها الآخر.. ولا يدرى أحد حجم المفاجآت التي قد نراها في الفترة القادمة أو بالأحرى تلك التي يتم اعدادها للمنطقة "المبتلاة" ب "صراعات" لا تنتهى!!.