كنت مع محمود درويش بالإسكندرية فى العام 2003 مدعوا لتغطية أمسية شعرية دعته لها المكتبة بعد ساعات من مشاركته فى احتفال أقامه المجلس الأعلى للثقافة بمناسبة مرور عشرين عاما على وفاة أمل دنقل، صاحب «البكاء بين يدى زرقاء اليمامة». اقتصرت الرحلة على حضور أقرب أصدقائه، الناقد السورى صبحى حديدى والشاعر أحمد الشهاوى، وكان يرتب لتصوير فيلم وثائقى عن الشاعر، بالإضافة لزميلنا المصور بالأهرام الفنان محمد حجازى الذى وثق للرحلة. وفى المسافة بين لقاءات ومجاملات قليلة اضطر لها درويش، وجدنا الوقت والمزاج ليحكى على مقهى مجاور لفندق سيسل العريق عن الأيام التى عاشها فى مصر . كان ليلتها فى «وجل» القصيدة التى كتبها عن أمل دنقل، وقرأها فى القاهرة لأول مرة واستدعى معها «زمنا كاملا».
تحدث عن حريته عن المرأة التى صحبته لأول مرة إلى الإسكندرية لتذكره ببحر «غزة»، وتحدث عن مقابلته الأولى لمحمد حسنين هيكل وإنسانية «أحمد بهاء الدين».
التفاصيل التى أعطاها وقتها خلقت لدى حماسا لتتبع سيرته فى القاهرة، لكن الانشغالات حالت دون ذلك، وعند وفاته قبل عشر سنوات تحدثت ل «أخبار الأدب» عن نيتى فى جمع مقالاته فى مصر، وكتبت خبرا بهذا المعنى ثم كتب الصديق أحمد الشهاوى موضوعا بارزا عن أيام محمود درويش فى مصر نشر فى «القدس العربى»، تضمن معلومات غاية فى الأهمية وتصورت أنه كان كافيا لإغلاق الموضوع.
وبعد ذلك طاف الكثيرون حول الفكرة، وكان ما يكتب أقرب لوضع إطار حول لوحة، لكن أحدا لم يعبر لقراءة تفاصيلها ودرجات ألوانها . كان ما يكتب قريبا من «المرويات» غير الموثقة، التى بلغت كثيرا فى تقييم وتقدير الأدوار، فلم يقترب أحد من «متن» الحكايات ويجمع النصوص التى كتبها درويش فى مصر أو كتبت عنه ليفهم السياق قبل التورط فى تأويلها وإصدار الأحكام .
وهو ما سعيت إليه وكان الكنز الأكبر من الوثائق فى إدارة شئون العاملين بالأهرام التى راجعت مع موظف، منها كشوف رواتب العاملين فى الأهرام لخمس سنوات قبل أن أصل لكنز وثائق ومستندات وإيصالات صرف، تفك الكثير من ألغاز تلك السنوات، وكلها تنشر لأول مرة، وتقول «إنه ربما تتداخل الأدوار، لكن الأهم أنها كانت تتكامل وأحسب أن المواد المنشورة هنا وفيها مقالات كتبها أو كتبت عنه، هى نواة لعمل كبير عن الأيام التى عاشها درويش فى مصر، وتتضمن ملحقا توثيقيا عن كل حرف كتبه فى القاهرة التى كانت فكرة مجيئه لها شهادة على «عصر ورجال».
ولقراءة موضوعات الملف فى الروابط التالية:
- مشاهد من رحلة الخروج.. لماذا رفض رفعت السعيد مقابلة «درويش» فى بلغاريا؟
- «درويش» وموسكو لغز يبحث عن حل.. تعرف على الدور الذى لعبه مراسل «الأهرام» فى الصفقة
- القصة الكاملة للحملة التى قادتها مجلة «الحوادث» ضد محمود درويش
- كان له الأب الروحى.. لماذا ومتى قال أحمد بهاء الدين «محمود درويش فلذة كبدى»؟
- ظهر فى أسوان قبل القاهرة.. درويش جاء لمقابلة عبد الناصر فالتقى رمسيس الثانى أولا
- هل أحب محمود درويش نجاة الصغيرة؟
- اتخذ مسافة من مجتمع القاهرة وظل مع المجموعة الفلسطينية.. عزلة «محمود درويش»!
- صلاح عبد الصبور يكتب عن محمود درويش: «القديس المقاتل»
- عندما كتب محمود درويش: لماذا خرجت من إسرائيل؟
- حصل على راتب 140 جنيها.. ننشر لأول مرة قرار تعيين محمود درويش فى «الأهرام»
- محمود درويش يكتب عن «بور توفيق»: أزرق.. أزرق
- من محمود درويش إلى رجاء النقاش: أنت الذى تكرمنا
- رحلة المتنبى إلى مصر.. أول قصيدة كتبها محمود درويش عن مصر نشرها فى ديوان «حصار لمدائح البحر»
- أحمد عبدالمعطى حجازى يكتب عن محمود درويش: «أنت تعلم يا صديقى»