تنشر الأهرام العربي نص كلمة سعادة السفير أحمد التازي سفير صاحب الجلالة الملك محمد السادس بجمهورية مصر العربية والمندوب الدائم للمملكة المغربية لدى جامعة الدول العربية ، والتى شدد فيها على عمق العلاقات المصرية المغربية فى جميع المجالات. نص الكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه. ألف ألف مرحباً بضيوف المغرب الأعزاء. نحن في حالة احتفال، فلا أريد أن أطيل الكلام. لكن لابد من إيفاء الحدث حقه فوق أرض مأواه. جئتم مشكورين اليوم لِتقتسموا مع المغاربة احتفاءهم بالذكرى 19 لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على عرش أسلافه المنعمين، وهي مناسبة يَعْتزُّ بها المغاربة أيْنَمَا وُجِدوا في بقاع العالم، لكي يستحضروا ما حققوه من إنجازات في العهد الجديد بقيادة ملكهم الغالي، في درب بناء الإنسان المغربي، وتعزيز قٌدُراته، ومواصلة الإصلاحات الديموقراطية ومسار التنمية المستدامة. هي مناسبة كذلك لرسم معالم محطات جديدة لتجاوُزِ أي عائق أو إكراه لاستنهاض الهمم في بلد الأصالة والديناميكية المتجددة.
الحضور الكريم تَزْدادُ فرحتُنا ونحن نُحِيي هذا الحفل فوق أرض مصر المعطاء، لِمَا نشاهدُهُ ونتابعُهُ ونَسْتَلْهِمُهُ من خُطى ثابتة، يمضي فيها الشعب المصري، تحت القيادة الرشيدة لفخامة السيد عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لتحقيق الأمن والقضاء على الإرهاب والنهوض بالأوضاع الاجتماعية للمصريين وتحقيق إصلاحات اقتصادية باهرة، في صبر وإيمان وتطلع لمستقبل زاهر. حضرات السيدات والسادة، عديدةٌ هي أوجه التعاون بين المغرب ومصر: بَلَدانِ شريكان جغرافياً في الفضاءات العربية والإفريقية والمتوسطية، بَلَدانِ معروفان بعراقتهما، بَلَدانِ لم ينقطع يوماً تواصلهما الإنساني منذ مئات السنين، فنسج أبناؤهما روابط ثقافية رائعة وخٙلاّٙقة، لها تجليات متعددة: روحياً: كم مِنْ أقطاب الصوفية وأولياء مصر هم من أصول مغربية، وأخص بالذكر سيد أحمد البدوي المولود بمدينة فاس سنة 1199 والمتوفى بطنطا سنة 1276، وأبو الحسن الشاذلي المولود بمدينة فاس سنة 1196 والمتوفى بالإسكندرية سنة 1258. اجتماعياً: ما مِنْ منزل في المدن العتيقة المغربية إلاّٙ وبُنِيَت فيه غرفة لازالت تسمى ب"المصرية"، استحضاراً لذكرى زيارة المغاربة لمصر في طريقهم إلى الحجاز لأداء مناسك الحج أو للتجارة. فكرياً: جميل هو ذلك الشغف المتبادل بين صُنّٙاع الفكر والفقه والأدب والفنون في المغرب ومصر، حيث يجذب كل منهما الآخر بفضل اختلاف وتنوع مدراسهما ومصادر معارفهما وتأثيراتهما شرقاً أو غرباً. فنياً: لا يمر أسبوع على مغربي إلاّٙ واستمع فيه إلى أغنية من أغاني أم كلثوم أو محمد عبد الوهاب أو عبد الحليم حافظ، ولا يكتمل مهرجان للسينما أو للمسرح إلاَّ وكان من بين المشاركين فيه فنانة مصرية أو فنان مصري. لن أتحدث عن إعجاب الأشقاء المصريين بالزي المغربي، وفي مقدمته "القفطان" الذي ترون بأعينكم حلة الأناقة والجمال والبهاء الذي يضفيه على مَنْ ترتديه، ولن أتحدث عن التقدير العالي الذي يحظى به الطبخ المغربي بأطباقه الشهية ك"الكسكس" و"البصطيلة" و"طاجين اللحم بالبرقوق" و"البريوات" و"الشباكية" لأننا سنتذوقه ونستطيبه اليوم جميعاً بعد حين. تلك فقط جوانب من تجليات الروابط الثقافية والحضارية التي تجمع بين المغاربة والمصريين، والجميل في كل هذا وذلك أن هذه الروابط تحمل في طياتها ديناميكية تجعل الشعبين قادرين دائماً على مواكبة تطورات العصر وتلبية احتياجاتهما المتجددة في المجالات الأخرى، السياسية والاقتصادية والإنمائية والتقنية، في روح من الإيخاء والتضامن في كل القضايا المصيرية للبلدي