بكل ما تحمله معانى انعدام الانسانية والرحمة ومحاولة اشعال الفتنة بين ابناء الوطن الواحد وقعت تلك الجريمة الارهابية الشنعاء بمسجد ال جرير بقرية الروضة بالعريش على يد مجموعة ارهابية اطلقت نيران اسلحتهم على المصلين الابرياء وهم يؤدون صلاة الجمعة فى مسجد تلك القرية التى ظلت لفترة طويلة بعيدة عن العمليات الارهابية ... واغلب سكانها ينتمون الى قبيلة السواركة وهى واحدة من اهم القبائل الموجودة فى سيناء...والكثيرون من ابناءها من الصوفيون الذين ينتمون الى الطريقة الجريرية...وهى احدى الطرق الصوفية التى يعتبرها تنظيم داعش – والذى اعلن مسئوليته عن ذلك الحادث الاجرامى – احد روافد الشيعة...وبالتالى يجب قتلهم لانهم من الكفار طبقاً لقناعات هذا التنظيم وهو حلقة جديدة من حلقات العنف الموجهة للصوفية فى سيناء وذلك ما اشار اليه البيان الصادر منه فى اعقاب تلك الجريمة البشعة التى راح ضحيتها 235 شهيداً واصابة العشرات من المصلين. وتاتى تلك الجريمة فى اعقاب النجاحات التى حققها الامن والقوات المسلحة والضربات الاستباقية التى اعلن عنها مؤخراً . ثم تلك الضربة التى وجهها جهاز المخابرات العامة المصرية بكشف شبكة تجسس تركية والقبض على معظم عناصرها والتى كانت مهمتها اثارة الفوضى فى البلاد خلال المرحلة القادمة بدعم وتمويل قطرى... وايضاً تاتى تلك العملية فى اعقاب نجاح المساعى المصرية فى تحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركة حماس والقيادة الشرعية الفلسطينية مما افقد سيطرة قطر وتركيا على تلك الحركة التى كانت احدى الاذرع التى تساهم فى القيام بعمليات ارهابية مؤثرة فى شمال سيناء. وبعيداً عن تفاصيل تلك الجريمة واسبابها الا ان هذا الحادث لابد ان يعيدنا الى حقيقة دور القبائل فى هذه المنطقة المعروفة ببداوتها وقبلياتها وما يعينه ذلك من صعوبة دخول غرباء اليها دون غطاء قبلى...وهو ما يجعلنا امام مشهد معقد لا ينفى ان البعض القليل من بدو سيناء متورطون فى جرائم تهريب اسلحة ومخدرات وايواء للارهابين...فى حين ان معظم قبائل سيناء من الاشراف الذين لهم دور وطنى كبير لا ينكره احد...بل دفعت من دمائها ثمناً باهظاً فى المعركة ضد الارهاب ومن ابرزهم قبيلة السواركة التى اعلنت تاييدها الصريح للرئيس عبد الفتاح السيسى ووقوفها معه فى مواجهة الارهاب ودفعت ثمناً لذلك الكثير من ارواح ابناءها الشرفاء. ومن المؤكد ان تصريح الرئيس السيسى بعد هذا الحادث بالثار واستخدام "القوة الغاشمة" ضد هذه الشرذمة يمثل اذاناً بتحول رسمى جديد للدولة فى مواجهة الارهاب...واعتقد ان ذلك سوف يجد تعاوناً صادقاً مع القبائل السيناوية التى اصدرت هى الاخرى بياناً تندد فيه بما حدث وتعلن عن رفضها تقبل العزاء فى الشهداء الا بعد الاخذ بالثار من قاتليهم... ان ماجرى بالامس هو رسالة للعالم الذى يحدثتا عن حقوق الارهابين بينما يتغاضى عن حقوق الضحايا من الابرياء... ومن هنا فاننى اناشد الجميع الا تفقدنا الصدمة توازننا وان نتعامل بعقلانية تقضيها معطيات الامن القومى...وان نتجنب الصراخ والعويل الذى اصبح يتقنه بعض الاعلاميين الذين يدعون الوطنية...ونتناول تلك الجريمة تحديداً بالشرح والتحليل لانها تاخذ توجها نوعياً جديداً وان نبتعد عن فتاوى وسائل التواصل الاجتماعى التى تزيد الشرخ المعنوى لنا جميعاً دون حقائق موضوعية ولمجرد ابداء الاراء والاستنتاجات دون الوقوف على حقيقة الاوضاع هنا...وهناك ولنترك القيادات الامنية واجهزة مخابراتنا بالتعاون مع القبائل السيناوية الواعية تعمل معاً فى تعاون صادق ومخلص...لعل ذلك يعيد الى تلك المنطقة امنها واستقرارها. وتحيا مصر.