المسجد معروف بأنه مركز تجمع للصوفيين.. وأبناء قبيلة السواركة التى تدعم الدولة فى حربها ضد الإرهابيين لم يرد بخلدهم أبدًا، أن يتم استهدافهم في بيت الله، فما عهدوا شيئًا كهذا من قبل، لكن الإرهاب، الذي لا دين له، والذي لا يفرق بين مسجد وكنيسة، وعسكري ومدني، لا خطوط حمراء يلتزم بها، ولا قواعد أخلاقية تحكم تصرفاته وأفعاله فعلها للمرة الأولى في مصر، مستهدفًا مسجد "الروضة" في منطقة بئر العبد بالعريش بشمال سيناء، موقعًا أكبر عدد من الضحايا في هجوم إرهابي منذ تصاعد وتيرة التفجيرات والعمليات الإرهابية في مصر خلال السنوات الأخيرة. نحو 250مصليًا لقوا ربهم مكبرين، باغتهم الإرهابيون أثناء صلاة الجمعة، بتفجير عبوة ناسفة، تبعه إطلاق نار عليهم أثناء خروجهم من المسجد، الذي استهدف تقوم عليه جماعة صوفية تسمى بالطريقة الصوفية الجريرية، والتي يكفرها المتشددون، ومعظم مرتادوه من قبيلة السواركة التي تساند الجيش والشرطة في الحرب ضد الإرهاب. وقرية الروضة التي شهدت الحادث المروع تتبع مركز بئر العبد التابع لمحافظة شمال سيناء ويبلغ سكانها حوالي 2500 نسمة، وتقع غرب مدينة العريش، بنحو 20 كيلو مترًا . وقال شهود عيان ممن كانوا خارج المسجد قبيل وقوع التفجير الإرهابي، إنهم رأوا عدة مجموعات مسلحة وصلت إلى مسجد الروضة يستقلون دراجات بخارية وسيارات، ومن ثم قاموا بزرع عبوات خارج المسجد، ثم أطلقوا وابلاً من النيران على المصلين، ما تسبب في حدوث حالة من الهلع والذعر بين جموع المصلين، الذين تدافعوا للخروج من باب المسجد لمعرفة مصدر صوت التفجيرات، الأمر الذي أدى إلى وقوع كثير من الضحايا. وبحسب الشهود، فإن استهداف مسجد الروضة جاء تزامنًا مع احتفالات الطريقة "الجريرية الأحمدية"، حيث يفد المئات من المحتفلين من محافظات مصر، خاصة محافظة الشرقية إلى القرية في هذا التوقيت لإقامة الاحتفالات. وتعتبر الجماعات الإرهابية في سيناء، أن الطريقة الجريرية من الطرق المبتدعة، وأنهم من أصحاب البدع والضلال، وقد حدثت قبل ذلك مناقشات بين الجماعات المسلحة التي كان أغلب قادتها من المتشددين، وبعض أفراد من الطرق الصوفية الجريرية، التي كفرّت على إثر ذلك الجماعات الإرهابية. كما أن الجماعات المسلحة كانت قد اختطفت عددا من مريدي الطرق الصوفية جنوبى رفح والشيخ زويد، أفرجت عنهم مؤخرًا بعد استتابتهم وإغلاقهم الزوايا ومنع الذكر والأوراد الجماعية التي اعتبرتها الجماعات المسلحة نوعًا من الشرك. ويتجمع المنتمون للطريقة الجريرية يومي الخميس والجمعة في زواية الروضة، وأغلبهم من قبيلة السواركة وبعض العائلات من القبائل الأخرى، إلا أن الغالبية من الجريرات التي تنتمي إلى قبيلة السواركة، والتي سميت الجريرات نسبة إلى الشيخ عيد أبوجرير مؤسس الطريقة الجريرية، والذي توفى منذ 60 عامًا، ودفن في إحدى زواياه بقرية سعود بالشرقية. وقد تم استخلاف شخص آخر من الطريقة، لكنه توفى، حيث يقوم مكانه الآن أحد الأشخاص يدعى "الشيخ سليمان" من الجريرات. واستهدفت الجماعات المسلحة، أفرادًا من الجريرات وقامت بنحرهم وإلقاء جثثهم بنهر الطريق، إلا أنه لم يكن أحد يتوقع أن يتم استهداف المركز الرئيسي للطريقة الجريرية الصوفية. وقال أحد زعماء قبائل شمال سيناء - مفضلاً عم نشر اسمه - في تصريح إلى "المصريون"، إن مسجد "الروضة" الذي تم تفجيره، هو تابع لقبيلة "السواركة" التي ينتمي أفرادها للطريقة "بالجرايرية" الصوفية، والتي كان يمثلها الشيخ سليمان أبو حراز الذي قتله تنظيم "داعش" الإرهابي في 19 نوفمبر من العام الماضي، والمعروفة بدعمها للقوات الأمنية والقوات المسلحة داخل شمال سيناء, ورفضها لإيواء العناصر الإرهابية, ما يفسر استهداف المسجد خلال صلاة الجمعة. وقال المصدر، إن قبيلة "السواركة" التي تم استهداف أفرادها، هي أول قبيلة تحارب الإرهاب في سيناء، وقد تلقت تهديدات في السابق من الجماعات الإرهابية خاصة بعد اغتيال قائدها سليمان أبو حراز. وأضاف أن القبائل السيناوية، ستعقد اجتماعًا طارئًا لمشايخها، من أجل بحث سبل الرد على مرتكبي ذلك الحادث، وسيكون لهم ردة فعل قوية تجاه الجماعات الإرهابية. خالد الزعفراني, الباحث في الحركات الإسلامية قال إن "العملية هي عملية نوعية وغير معتادة إذ لم يسبق تنفيذ مثلها في السابق, خاصة وأنها قد استهدفت عددًا كبيرًا من المدنيين، بالإضافة إلى كونهم داخل أحد المساجد, وهو ما لم يحصل من قبل، إذ أن الإرهابيين اعتادوا تنفيذ هجماتهم ضد عسكريين أو دور عبادة مسيحية". وأضاف الزعفراني ل"المصريون": "العمل الإرهابي من المتوقع أن يكون من صنيعة تنظيم "داعش" الإرهابي, لكن ليست المجموعة المصرية فحسب ولكن بداية حقيقة لعمليات الأفراد العائدين من منطقة سوريا والعراق, والتي اعتادوا هناك تنفيذ عمليات إرهابية ضد المساجد الشيعية والأزيدية, وقتل المدنيين سواء المسلمين السنة أو غيرهم, وهو ما يوحي ببداية استخدام هذه الطريقة داخل مصر". إسلام الكتاتني، الباحث في الحركات الإسلامية، قال إن "هناك علامات استفهام كثيرة تتعلق بهذا الحادث الإرهابي غير المسبوق، متسائلاً: "الطوارئ مفروضة هناك، ويوجد حظر تجول، وأيضًا لا يسمح للإعلام بالدخول، إذن لماذا وقع ذلك الحادث وكيف وصل هؤلاء إلى تلك الأماكن"؟ وأشار إلى أن "الإرهابيين استهدفوا المساجد تلك المرة، لكي يؤكدوا للنظام أنهم قادرون على الوصول لكافة الأماكن، وأن الأجهزة الأمنية لن تستطيع عرقلتهم أو إلقاء القبض"، محذرًا من تكرار هذه العمليات في المستقبل. بينما، رأى الخبير الأمني، اللواء جمال مظلوم ل"المصريون"، أن "الحادث الإرهابي هو مؤشر خطر على توجه العناصر الإرهابية نحو استهداف المدنيين ودور العبادة، وربما تمتد لأكثر من هذا إن لم يساعد المدنيون المتواجدين في سيناء القوات المسلحة في الإبلاغ عن بؤر وأفراد تلك الجماعات الإرهابية". وأرجع مظلوم سبب توجه الإرهابيين نحو استهداف المدنيين في سيناء، إلى أن "العناصر الإرهابية عجزت عن مواجهة القوات المسلحة بعد إحكام قبضتها في سيناء وتأمين الكمائن، ما دفعهم إلى استهداف المدنيين"، داعيًا الأهالي إلى ضرورة مراقبة أفراد العائلة قائلاً: "آن الأوان أن يكون للمدنيين دور فاعل في الإبلاغ عن الإرهابيين، حتى لو كانوا من أفراد العائلة". إلى ذلك، قال الخبير القانوني طارق نجيدة، إن "الجماعات الإرهابية لا يهمها دين أو جنس وعمر من تقتلهم". وأضاف: "الإرهاب لا يهمه مدني أو عسكري، بل أهداف تلك الجماعات هي إضعاف وخلخلة الدولة وإحداث ترويع من أجل نشر الفوضى"، موضحًا أن "تلك الجماعات مهما فعلت، لن تستطيع النيل من الوطن ولن تغير شيء على أرض الواقع".