محافظ سوهاج يتفقد طريق الحواويش بأخميم تمهيدا لتطويره ورصفه بطول 3.5 كيلو    «حلم الولاية الثالثة».. هل يخضع دستور أمريكا لأحلام ترامب؟    الانتصارات السياسية فى أحضان الإنجازات الحضارية    تنسيق مروري كامل لتسهيل حركة أعضاء الأهلى للمشاركة في الانتخابات    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    أحمد السيد: زيزو أفضل من تريزيجيه.. وجراديشار ليس على مستوى الأهلي    مصرع 3 أشخاص فى انقلاب سيارة بترعة على طريق خط 13 بنها طوخ.. صور    اعتماد حركة قيادات الإدارة المحلية لعام 2025 بالفيوم    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين إثر انقلاب سيارة بطريق الخارجة - أسيوط    النائبة شيرين عليش: المتحف الكبير رمز الحضارة وتأكيد ريادة مصر الثقافية    عاجل- مدبولي يعيّن الدكتور محمد عبد الوهاب أمينًا عامًا للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    ريال مدريد: رفض الطعون المقدمة بشأن دوري السوبر.. وسنطلب تعويضات من يويفا    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    رئيس جامعة حلوان: الاستثمار في التكنولوجيا استثمار بالمستقبل    إسطنبول.. عروض شعبية وعسكرية بمناسبة عيد الجمهورية    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    تواصل «بداية جديدة لبناء الإنسان.. ومجتمعنا أمانة» بجامعة قناة السويس    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    فلسطين حاضرة في الدورة 26 من مهرجان روتردام للفيلم العربي مع "سيدة الأرض"    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026- 1447ه في مصر وأول أيام الصيام (تفاصيل)    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    «نرعاك في مصر» خدم أكثر من 24 ألف مريض من 97 دولةً بإيرادات تجاوزت 405 ملايين دولار    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    بايسانوس.. فيلم وثائقي عن الشتات الفلسطيني في تشيلي بمهرجان القاهرة السينمائي    نجل مكتشف مقبرة توت عنخ آمون بالأقصر: عمر والدي كان 12 عامًا وقت الاكتشاف    محمد شبانة: كنت سأنتقد الرابطة لو استجابت لتأجيل الدورى للمنتخب الثانى!    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    حماس تدعو في بيان الوسطاء والضامنين إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط الفوري على إسرائيل للالتزام التام بوقف إطلاق النار    محافظ سوهاج يفتتح حديقة ميدان الشهداء العامة بالمنشاه    التنسيق الحضاري: توثيق 365 شارعًا بعدة محافظات ضمن مشروع حكاية شارع    حادث المنشية.. والذاكرة الوطنية    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    عاجل| تعطيل خدمات البنوك الرقمية يومي الخميس والجمعة    صحة المنيا: قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية ل957 مواطنًا بقرية منبال بمركز مطاي    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 256 بعد استشهاد صحفي في غارة إسرائيلية    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    رئيس اتحاد الناشرين العرب: المبادرات الثقافية طريقنا لإنقاذ صناعة الكتاب العربي    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسول الأطفال جريمة بحق الوطن والمجتمع
نشر في الأهرام العربي يوم 07 - 10 - 2017

إن التسول منتشر في بقاع الارض، ونسبته المئوية تختلف من بلد الي أخر، غير أنه في العراق وبسبب ما تعانيه من ظروف قاسية منذ الغزو الامريكي وحتى اليوم، وما ارتبط بذلك من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية وقتل وتهجير ونزوح للأهالي بفعل الارهاب الدامي ، فان التسول أخذ بالتنامي حتى صار ظاهرة مخيفة تهدد الأمن والسلام المجتمعي.
والتسول بالعراق على كل شكل ولون وينتشر في مختلف المحافظات العراقية وقراها، والمشاهد المؤلمة للتسول تنتشر في تقاطع الطرقات والأسواق والأماكن العامة وأمام الفنادق والأحياء والأزقة، بينما يتشكل جمهور المستولين من كل أطياف المجتمع العراقي ومن النازحين من النساء وكبار السن والأطفال.
وقد شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا في عدد الأيتام لأكثر من خمسة ملايين يتيم، ونحو أربعة ملايين أرملة، وآلاف المشردين، وعشرات الآلاف من العاطلين عن العمل، وكل العوامل تعمل على زيادة حجم هذه الظاهرة المرعبة.
ووفقا لمتخصصين عراقيين في مجال البحوث الاجتماعية، فان القصور الأمني نتيجة انشغال الدولة بمحاربة الارهاب والمشكلات السياسية والاقتصادية، قد ساهم في نمو ظاهرة التسول، بل واستثمار العصابات المنظمة لهذه الاوضاع الأمنية في استغلال النساء والأطفال المشردين على شكل مجموعات تجوب الشوارع والطرقات والأسواق لجمع المال.
ورصدت دراسات اجتماعية واعلامية عوامل عديدة تكرس لاستمرار التسول وعصاباته ومن بينها، التفكك الاجتماعي الذي انتج امراض اجتماعية، مثل البطالة وتردي التعليم .

انتشار الفقر
كما يعد انتشار الفقر في العراق عاملا رئيسا في استمرار ونمو هذه الظاهرة، ووفقا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي الاتحادية، عن خط الفقر وملامحه في العراق، فقد أظهر أن ما نسبته 23% من سكان البلاد يقعون في دائرة الفقر، وأن هذه النسبة تزداد في الريف العراقي.
كما تستثمر هذه العصابات المنظمة ذوو الإعاقة والأطفال والنساء كأدوات رئيسية في عمليات التسول. والطامة الكبرى ان هذه العصابات باتت تستغل ظاهرة التسول في ارتكاب جرائم بشعة وعلى رأسها تجارة الأعضاء البشرية، والمخدرات، والفساد الأخلاقي ، واستغلال الأطفال حتى في أعمال العنف.
ويعتبر باحثون أن انتشار التسول عموماً، وتحوّله إلى عمل عصابات منظّمه يستغل المشّردين والفقراء، بات ظاهرة اجتماعية خطيرة لم تجد لها الحكومة حلولاً جذرية، وسببها الأول الفقر الشديد وترهل الأمن في ظل الظروف العصبيه التي يمر بها الوطن الذي تكالبت عليه العصابات .
وبالرغم من الجهود التي تبذل لمحاربة التسول علي صعيد المكافحة الأمنية، غير انها غير كافية للإجهاز عليها، لأنها ترتبط بالعوز المالي وارتفاع نسب البطالة ونقص فرص العمل، وهو الأمر الذي يتطلب إيجاد تنمية شاملة وعدالة توزيع عبر إجراءات تضامنية تكفل واقع المعوزين وتسد حاجاتهم.

واقع مرير
تبدو مشاهد التسول في العاصمة بغداد أكثر، حيث يجوب عشرات المتسولين الشوارع العامة والأسواق والمستشفيات والمدارس والمؤسسات الحكومية، ولم يتورعوا عن طرق أبواب المنازل وسط مخاوف سكانها من امكانية تهور المتسولين واندفاعهم لإقتحام منازلهم.
وعصابات التسول تتولى تنظيم عمل هؤلاء المتسولين في أرجاء العراق من خلال نشرهم في مناطق محددة وتقاطعات الشوارع وفي نقاط السيطرات الامنية توظيفا للازدحامات المستمرة بها، كما تقف هذه المافيا وراء عمليات طرق ابواب البيوت في الاحياء السكنية والتوسل بأصحاب الدار لإعطائهم الاموال، بينما شكا الكثير من المواطنين من وقوع سرقات في بعض البيوت خلال استغلال المتسول غياب أهلها للدخول والسرقة.
إن التسول بالعراق بات مهنة مربحة للغاية في ظل وجود مافيا مقاولي التسول، تتولي جمع المتسولين وتنقلهم بسيارات خاصة الي الساحات نهارا، وتعيد جمعهم ليلا لنقلهم الى اماكن ايوائهم ، بينما يبلغ الأجر اليومي للطفل الواحد 10 آلاف دينار عراقي مقابل ما يجمعه من اموال عبر التسول والباقي يتم تسليمه لهذه العصابات.
وهذه العصابات تدك حصون الأمن الاجتماعي العراقي منذ عام2003، بينما تزايدت خطورة أنشطتها بعد عام 2014 عقب اجتياح تنظيم داعش الارهابي لمساحات واسعة من الوطن، وظهور عشرات المليشيات والعصابات المسلّحة خاصة في العاصمة بغداد.
ويُعدّ ذوو الإعاقة والأطفال والنساء أبرز أدوات التسول المناسبة للعصابات، لكن الجهات الأمنية تعتبر أن هذه العصابات، تشكل خطراً أمنياً كبيراً على البلاد، فضلاً عن المخاطر الاجتماعية إضافة الى تنكر الشباب بزي الشيخ الكبير من أجل نيل استعطاف المارة.
وكشفت وزارة الداخلية العراقية، عن خطورة هذه العصابات بعدما اعتقلت أعداد من المتسولين وتبيّن انخراطهم في عصابات مسلّحة، هدفها التلاعب بالأمن العام عبر المتسوّلين.

حيل المتسولين
يعتمد المتسول على براعة نفسية في استدرار تعاطف الناس واستمالة مشاعرهم حتى يهبوا في اعطائه ما يطلبه من مال ، المتسول يمد يده مقدما نفسه على انه لاجئ أو مهجر أو مريض او يتيم، أو بوصفها امرأة معيلة وتربي صغارا.
ولجأ بعض المتسولين الى غسل الزجاج الأمامي للسيارة ومسحه، وقد هيأ لذلك ماسحة بلاستيكية صغيرة ودلو من الماء في محاولة لإجبار صاحب السيارة على أعطائه أي مبلغ، وكثير من السيدات المتسولات يحملن بأيديهن أوراقا طبية وهن يصرخن لمساعدتهن لتوفير مال من أجل العلاج من الأمراض.
وتتباين أعمار المتسولين ما بين عمر الطفولة وصولا للكهولة في السبعين، كما تتفاوت جنسياتهم ما بين عراقيين وعرب وأجانب، كل بحسب ما ينطقونه من لهجة ولغة في التسول. وهناك اعداد كبيرة من النازحين يمارسون التسول .
بينما يلجأ من هم من أصول باكستانية او بنغلادشية الى حيل اخرى للتسول، ومنها الزعم بأنهم فقدوا أموالهم خلال زيارتهم لمراقد الائمة في كربلاء والنجف ويحتاجون الى مبلغ من المال لكي يعودوا الى بلادهم. ويستغل هؤلاء الأجانب طيبة الشعب العراقي وعاطفته الدينية وأنه لا يرد سائلا او فقيرا فيحصلون على أموالا كبيرة منهم .

جرائم أخرى
ظاهرة التسول ترتبط بانتشار جرائم أخرى أشد خطورة على النسيج المجتمعي، ومنها تجارة الأعضاء البشرية، والمخدرات، والدعارة، واستغلال الأطفال حتى في أعمال العنف، الأمر الذي يتطلب وضع استراتيجية شاملة لمحاربتها .
صحيح ان هناك أولوية تتمثل في تطهير الوطن من عصابات داعش، غير الامن المجتمعي يمثل ضرورة قصوى لتماسك الجبهة الداخلية ، وهذا التماسك يحتاج لعلاج الأمراض الخبيثة المنتشرة فيه بسرعة واخلاص خاصة التسول فالتعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني الثقافي والديني بات يشكل ضرورة تفرضها تحديات الواقع الاجتماعي لحماية الوطن عصابات التسول.

انقاذ سريع
وفي اعتقادي ان الدولة لابد وان تسرع في احتضان أطفال التسول ونسائه الواقعات تحت ظروف قهرية دفعت بهم لهذا المنحدر، ولابد ان تنظر الدول الى هذه الفئات باعتبارها فئات مقهورة فقدت القدرة على التعايش وكسب العمل الذي يحفظ أمنهم الاقتصادي ويسد جوعهم
ولعل تفعيل الدور الرقابي للدولة، يظل عنصر مهما في ضبط عصابات التسول، وسن تشريعات قانونية رادعة لعصابات التسول، وحماية الصغار من أيديهم،و توفير الرعاية الصحية لهؤلاء الصغار من المتسولين وتوفير مساكن وتعليم واوراق ثبوتية تضمن حقهم في رعاية الدولة لهم وحماية مستقبلهم ومستقبل وطنهم من التشرد والضياع.
ولكن نظرا للظروف الاقتصادية التي يمر بها العراق في معركة النضال ضد فلول تنظيم داعش الارهابي، فان الدولة لن تستطيع الوفاء بهذا الجهد بمفردها، ومن ثم فان المجتمع الدولي مطالب بالمساهمة في علاج هذه الازمة بالعراق عبر منظمة اليونيسف بصفتها المسئولة عن الطفولة وحقوق الطفل.
وانني أدعو منظمة اليونيسف الى سرعة وضع برنامج شامل صحي وتعليمي وثقافي لرعاية اطفال التسول بالعراق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.