مصر تستعرض تقريرها الدوري أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب    مع الهبوط المستمر .. تعرف علي آخر تطورات سعر الذهب اليوم الثلاثاء 28 -10- 2025    البريد المصري يتيح سلفة ل 3 أضعاف المعاش بدون ضمانات    نائب الرئيس الأمريكي: وقف إطلاق النار في غزة صامد    نابولي يهزم ليتشي ويتصدر الدوري الإيطالي «مؤقتا»    رابطة الأندية: تأجيل مباريات الدوري مستحيل    غدا، الحكم على سوزي الأردنية بتهمة بث محتوى خادش للحياء    نقيب السياحيين: المتحف المصري الكبير نقلة نوعية في تاريخ السياحة العالمية    باسم يوسف يكشف ل كلمة أخيرة خطة إسرائيل لسيطرتها على تيك توك    محمد سامي يكشف السبب وراء عودته عن قرار اعتزال الإخراج    إعصار ميليسا يضرب اليابسة في جامايكا كعاصفة من الفئة الخامسة    محافظ البحر الأحمر: معدلات السياحة مرتفعة.. و150 شاشة بالمنشآت تنقل افتتاح المتحف الكبير    رئيس جهاز حدائق العاصمة: 4000 أسرة مقيمة بالكامل.. وبدء ترفيق منطقة البوليفارد الترفيهية    لميس الحديدي: الخطيب أثبت أن الأهلي يدار بالخبرة والحوكمة    أخبار كفر الشيخ اليوم.. كشف لغز العثور على جثمان مقاول    إصابة طفل سقط فى بالوعة صرف صحى بالعمرانية    هيئة الدواء المصرية تبحث مع شركة «وقاية» الإماراتية تعزيز منظومة إدارة المخلفات الطبية والدوائية    وزيرا خارجية الصين وكازاخستان يبحثان تعزيز التعاون الثنائي    مجلس الوزراء يطلق مشروعات طاقة متجددة في مختلف مناطق المملكة باستثمارات تتجاوز 9 مليارات ريال    فى ذكرى رحيله.. غانم السعيد: طه حسين لم يكن مجرد كاتب بل مشروع نهضة متكامل    الصحة: فحص أكثر من 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    بحضور وزير والرياضة، عمر هشام يعلن انطلاق بطولة مصر المفتوحة للجولف 2025 بملاعب مدينتي    قبل يومين من عرضه.. زينة تنهي تصوير مسلسل ورد وشوكولاتة    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    "مطروح للنقاش" يناقش إعلان ترامب رغبته لقاء زعيم كوريا الشمالية    مرور مكثف على وحدات الرعاية الأساسية بالمنوفية ومتابعة جاهزية وحدة شوشاي للاعتماد    كورييري ديلو سبورت: إصابة دي بروين تبعده لمدة قد تصل إلى 4 أشهر    عنف التلامذة!    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    زلزال سينديرجي يعيد للأذهان كارثة كهرمان مرعش في تركيا.. تفاصيل    تطوير الشوارع الداخلية بالشهداء والعبور والمنطقة الرابعة بالإسماعيلية    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    ضمن «صحح مفاهيمك».. واعظات «الأوقاف» يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسول الأطفال جريمة بحق الوطن والمجتمع
نشر في الأهرام العربي يوم 07 - 10 - 2017

إن التسول منتشر في بقاع الارض، ونسبته المئوية تختلف من بلد الي أخر، غير أنه في العراق وبسبب ما تعانيه من ظروف قاسية منذ الغزو الامريكي وحتى اليوم، وما ارتبط بذلك من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية وقتل وتهجير ونزوح للأهالي بفعل الارهاب الدامي ، فان التسول أخذ بالتنامي حتى صار ظاهرة مخيفة تهدد الأمن والسلام المجتمعي.
والتسول بالعراق على كل شكل ولون وينتشر في مختلف المحافظات العراقية وقراها، والمشاهد المؤلمة للتسول تنتشر في تقاطع الطرقات والأسواق والأماكن العامة وأمام الفنادق والأحياء والأزقة، بينما يتشكل جمهور المستولين من كل أطياف المجتمع العراقي ومن النازحين من النساء وكبار السن والأطفال.
وقد شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا في عدد الأيتام لأكثر من خمسة ملايين يتيم، ونحو أربعة ملايين أرملة، وآلاف المشردين، وعشرات الآلاف من العاطلين عن العمل، وكل العوامل تعمل على زيادة حجم هذه الظاهرة المرعبة.
ووفقا لمتخصصين عراقيين في مجال البحوث الاجتماعية، فان القصور الأمني نتيجة انشغال الدولة بمحاربة الارهاب والمشكلات السياسية والاقتصادية، قد ساهم في نمو ظاهرة التسول، بل واستثمار العصابات المنظمة لهذه الاوضاع الأمنية في استغلال النساء والأطفال المشردين على شكل مجموعات تجوب الشوارع والطرقات والأسواق لجمع المال.
ورصدت دراسات اجتماعية واعلامية عوامل عديدة تكرس لاستمرار التسول وعصاباته ومن بينها، التفكك الاجتماعي الذي انتج امراض اجتماعية، مثل البطالة وتردي التعليم .

انتشار الفقر
كما يعد انتشار الفقر في العراق عاملا رئيسا في استمرار ونمو هذه الظاهرة، ووفقا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي الاتحادية، عن خط الفقر وملامحه في العراق، فقد أظهر أن ما نسبته 23% من سكان البلاد يقعون في دائرة الفقر، وأن هذه النسبة تزداد في الريف العراقي.
كما تستثمر هذه العصابات المنظمة ذوو الإعاقة والأطفال والنساء كأدوات رئيسية في عمليات التسول. والطامة الكبرى ان هذه العصابات باتت تستغل ظاهرة التسول في ارتكاب جرائم بشعة وعلى رأسها تجارة الأعضاء البشرية، والمخدرات، والفساد الأخلاقي ، واستغلال الأطفال حتى في أعمال العنف.
ويعتبر باحثون أن انتشار التسول عموماً، وتحوّله إلى عمل عصابات منظّمه يستغل المشّردين والفقراء، بات ظاهرة اجتماعية خطيرة لم تجد لها الحكومة حلولاً جذرية، وسببها الأول الفقر الشديد وترهل الأمن في ظل الظروف العصبيه التي يمر بها الوطن الذي تكالبت عليه العصابات .
وبالرغم من الجهود التي تبذل لمحاربة التسول علي صعيد المكافحة الأمنية، غير انها غير كافية للإجهاز عليها، لأنها ترتبط بالعوز المالي وارتفاع نسب البطالة ونقص فرص العمل، وهو الأمر الذي يتطلب إيجاد تنمية شاملة وعدالة توزيع عبر إجراءات تضامنية تكفل واقع المعوزين وتسد حاجاتهم.

واقع مرير
تبدو مشاهد التسول في العاصمة بغداد أكثر، حيث يجوب عشرات المتسولين الشوارع العامة والأسواق والمستشفيات والمدارس والمؤسسات الحكومية، ولم يتورعوا عن طرق أبواب المنازل وسط مخاوف سكانها من امكانية تهور المتسولين واندفاعهم لإقتحام منازلهم.
وعصابات التسول تتولى تنظيم عمل هؤلاء المتسولين في أرجاء العراق من خلال نشرهم في مناطق محددة وتقاطعات الشوارع وفي نقاط السيطرات الامنية توظيفا للازدحامات المستمرة بها، كما تقف هذه المافيا وراء عمليات طرق ابواب البيوت في الاحياء السكنية والتوسل بأصحاب الدار لإعطائهم الاموال، بينما شكا الكثير من المواطنين من وقوع سرقات في بعض البيوت خلال استغلال المتسول غياب أهلها للدخول والسرقة.
إن التسول بالعراق بات مهنة مربحة للغاية في ظل وجود مافيا مقاولي التسول، تتولي جمع المتسولين وتنقلهم بسيارات خاصة الي الساحات نهارا، وتعيد جمعهم ليلا لنقلهم الى اماكن ايوائهم ، بينما يبلغ الأجر اليومي للطفل الواحد 10 آلاف دينار عراقي مقابل ما يجمعه من اموال عبر التسول والباقي يتم تسليمه لهذه العصابات.
وهذه العصابات تدك حصون الأمن الاجتماعي العراقي منذ عام2003، بينما تزايدت خطورة أنشطتها بعد عام 2014 عقب اجتياح تنظيم داعش الارهابي لمساحات واسعة من الوطن، وظهور عشرات المليشيات والعصابات المسلّحة خاصة في العاصمة بغداد.
ويُعدّ ذوو الإعاقة والأطفال والنساء أبرز أدوات التسول المناسبة للعصابات، لكن الجهات الأمنية تعتبر أن هذه العصابات، تشكل خطراً أمنياً كبيراً على البلاد، فضلاً عن المخاطر الاجتماعية إضافة الى تنكر الشباب بزي الشيخ الكبير من أجل نيل استعطاف المارة.
وكشفت وزارة الداخلية العراقية، عن خطورة هذه العصابات بعدما اعتقلت أعداد من المتسولين وتبيّن انخراطهم في عصابات مسلّحة، هدفها التلاعب بالأمن العام عبر المتسوّلين.

حيل المتسولين
يعتمد المتسول على براعة نفسية في استدرار تعاطف الناس واستمالة مشاعرهم حتى يهبوا في اعطائه ما يطلبه من مال ، المتسول يمد يده مقدما نفسه على انه لاجئ أو مهجر أو مريض او يتيم، أو بوصفها امرأة معيلة وتربي صغارا.
ولجأ بعض المتسولين الى غسل الزجاج الأمامي للسيارة ومسحه، وقد هيأ لذلك ماسحة بلاستيكية صغيرة ودلو من الماء في محاولة لإجبار صاحب السيارة على أعطائه أي مبلغ، وكثير من السيدات المتسولات يحملن بأيديهن أوراقا طبية وهن يصرخن لمساعدتهن لتوفير مال من أجل العلاج من الأمراض.
وتتباين أعمار المتسولين ما بين عمر الطفولة وصولا للكهولة في السبعين، كما تتفاوت جنسياتهم ما بين عراقيين وعرب وأجانب، كل بحسب ما ينطقونه من لهجة ولغة في التسول. وهناك اعداد كبيرة من النازحين يمارسون التسول .
بينما يلجأ من هم من أصول باكستانية او بنغلادشية الى حيل اخرى للتسول، ومنها الزعم بأنهم فقدوا أموالهم خلال زيارتهم لمراقد الائمة في كربلاء والنجف ويحتاجون الى مبلغ من المال لكي يعودوا الى بلادهم. ويستغل هؤلاء الأجانب طيبة الشعب العراقي وعاطفته الدينية وأنه لا يرد سائلا او فقيرا فيحصلون على أموالا كبيرة منهم .

جرائم أخرى
ظاهرة التسول ترتبط بانتشار جرائم أخرى أشد خطورة على النسيج المجتمعي، ومنها تجارة الأعضاء البشرية، والمخدرات، والدعارة، واستغلال الأطفال حتى في أعمال العنف، الأمر الذي يتطلب وضع استراتيجية شاملة لمحاربتها .
صحيح ان هناك أولوية تتمثل في تطهير الوطن من عصابات داعش، غير الامن المجتمعي يمثل ضرورة قصوى لتماسك الجبهة الداخلية ، وهذا التماسك يحتاج لعلاج الأمراض الخبيثة المنتشرة فيه بسرعة واخلاص خاصة التسول فالتعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني الثقافي والديني بات يشكل ضرورة تفرضها تحديات الواقع الاجتماعي لحماية الوطن عصابات التسول.

انقاذ سريع
وفي اعتقادي ان الدولة لابد وان تسرع في احتضان أطفال التسول ونسائه الواقعات تحت ظروف قهرية دفعت بهم لهذا المنحدر، ولابد ان تنظر الدول الى هذه الفئات باعتبارها فئات مقهورة فقدت القدرة على التعايش وكسب العمل الذي يحفظ أمنهم الاقتصادي ويسد جوعهم
ولعل تفعيل الدور الرقابي للدولة، يظل عنصر مهما في ضبط عصابات التسول، وسن تشريعات قانونية رادعة لعصابات التسول، وحماية الصغار من أيديهم،و توفير الرعاية الصحية لهؤلاء الصغار من المتسولين وتوفير مساكن وتعليم واوراق ثبوتية تضمن حقهم في رعاية الدولة لهم وحماية مستقبلهم ومستقبل وطنهم من التشرد والضياع.
ولكن نظرا للظروف الاقتصادية التي يمر بها العراق في معركة النضال ضد فلول تنظيم داعش الارهابي، فان الدولة لن تستطيع الوفاء بهذا الجهد بمفردها، ومن ثم فان المجتمع الدولي مطالب بالمساهمة في علاج هذه الازمة بالعراق عبر منظمة اليونيسف بصفتها المسئولة عن الطفولة وحقوق الطفل.
وانني أدعو منظمة اليونيسف الى سرعة وضع برنامج شامل صحي وتعليمي وثقافي لرعاية اطفال التسول بالعراق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.