الجمعية المصرية لحقوق الإنسان: 100 ألف حالة تحرش شهريا. فتاة: تحرش بى ابن عمى وأنا فى الرابعة ثم عمى وأنا فى العاشرة ولم أسلم من صديق أبى ذى ال 55 عاما
مبادرة "خريطة التحرش" انطلقت من مصر 2010.. ونشطاء من 25 دولة تواصلوا معها لتطبيقها فى مجتمعاتهم
لا يخلو منزل مصرى من أنثى لم تتعرض لحادثة تحرش واحدة على الأقل، مهما كان عمرها ومهما كان شكل ملابسها، قد يكون ذلك فى صورة تحرش لفظى أو مادى فى الشارع أو المواصلات، فى الجامعة أو العمل، وأحيانا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة أن متوسط حالات التحرش وصل إلى 100 ألف حالة شهريًا حسب إحصائية للجمعية المصرية لحقوق الإنسان برغم أن القانون المصرى يقضى بمعاقبة المتحرش بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين . كان آخر حوادث التحرش التى هزت المجتمع المصرى، قصة الدكتور الجامعى بكلية الإعلام الذى تعرض لطالبة سجلت له مقاطع صوتية تتضمن تهديدها بالسلاح، لكى تخلع ملابسها، وأن تكتب إقرارا بأنه لم يتعرض لها ولم يبتزها وأنه يعاملها كوالدها، بل إنها عرضت نفسها عليه، وفى ساعات قليلة انتشرت القصة وأصبحت «تريند» على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، وتفاعل عدد كبير من الطلاب السابقين والحاليين لذلك الأستاذ، لإبداء شهادتهم فى شخصيته، ومنهم من حكى عن إجباره لهم لشراء ملازمه والحصول على رشاوى وهدايا منهم حتى ينجحوا فى مادته .
وجع البنات لم تكن تلك الحادثة هى الأولى من نوعها، فقد قصت عدة فتيات حوادث تحرش تعرضن لهما من الغرباء ومن الأهل، سواء كانوا شبابا أم كبارا فى السن. تقول إحداهن: "تعرضت لأول حادث تحرش عندما كان عمرى 5 سنوات من جدي"!!، وتقول أخرى: كان عمرى 4 سنوات عندما تعرضت للتحرش من ابن عمى الذى كان عمره 24 سنة، وعندما كان عمرى 10 سنوات تعرضت للتحرش من صاحب والدى الذى كان عمره 55 سنة، وفى العام نفسه تحرش بى عمى الذى كان عمره 40 سنة. وتقول شابة: تعرضت للتحرش أثناء عودتى من المدرسة من ولد أكبر منى سنا وعندما عدت إلى المنزل وحكيت لوالدتى وأنا منهارة، سألتنى "حد من الجيران شافك؟!!". وتقول يسرا عصام: كان عمرى 11 سنة عندما تحرش لفظيا بى رجل فى عمر جدي، وتقول أخرى: عندما كان عمرى 8 سنوات كان المدرس، يأتى إلى المنزل ليعلمني يتحرش بى وبعدها يذهب ليؤذن فى الجامع بمنتهى البساطة!! وكالعادة التهمة جاهزة كى تلقى على الفتاة وكأنها المسئولة عن تلك الحوادث، يقول محمد ثابت: على الفتيات الالتزام بمنازلهن حتى لا يتعرضن للتحرش، ويقول هانى حسن: إذا ارتدت الفتيات ملابس لائقة لن يتعرض لهن أحد، ورد عليه أحمد عبد الباقي: وماذا عن المنتقبات اللاتى يتعرضن للتحرش فى وضح النهار؟! بينما تقول نهى على: وماذا عن دوركم فى التصدى لحوادث التحرش التى نتعرض لها وتتجاهلون الموقف وتدعون عدم الانتباه لها؟
ألم الظلم غالبا ما يكون الصمت هو الخيار المفصل لدى الفتيات اللائى تعرضن لحوادث تحرش، لكن هذا لم يمنع أن بعضهن اتخذت القرار الصعب وهو النيل من المتحرش، وهكذا قررت هند عبد الستار أن تخوض رحلتها مع القضاء ضد شخص تحرش بها فقامت برفع دعوى قضائية، قضت بموجبها محكمة جنايات حلوان بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد 5 سنوات، وإلزامه بدفع تعويض ألف جنيه، وهو ما دفع المجلس القومى للمرأة للثناء على تلك الخطوة، لصدور مثل هذا الحكم بالتزامن مع عام المرأة، الذى رافق صدور أول حكم مشدد تجاه المتحرشين، وتعد "هند" أول فتاة تنجح فى الحصول على حكم مشدد ضد من تحرش بها، منذ إصدار الرئيس المؤقت عدلى منصور قرارًا بتغليظ عقوبة التحرش الجنسى فى يونيو 2014. وانضمت مخرجة الأفلام الوثائقية نهى رشدي، إلى قائمة النساء اللاتى واجهن التحرش بجرأة، فقامت برفع قضية تحرش ضد سائق قام بالتحرش بها دون خوف أو تردد من ردود الفعل التى تواجهها، وحررت ضده محضرا، وتم حبسه احتياطيًا لتتم إحالته إلى المحاكمة بعد ذلك، وفى نهاية الجلسة الأولى التى عقدت سريًا فى 21 أكتوبر عام 2008، أصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد الشلقانى حكمها على المتحرش بالسجن 3 سنوات مع دفع غرامة مالية قدرها 5000 جنيه. كما قامت سامية عبيد، المعروفة إعلاميًا ب"فتاة المول" برفع دعوى قضائية ضد شخص قام بالتحرش بها بالسجن لمدة 30 يوما مع دفع غرامة مالية قدرها 200 جنيه كحكم مؤقت لإيقاف عقوبة التحرش، وقد واجهت فتاة المول تحرشًا من أحد المواطنين أثناء وجودها بأحد المولات التجارية، وعند التصدى له قام بالاعتداء عليها بالضرب.
الجهود المجتمعية وعلى الصعيد الآخر أطلقت العديد من الحملات والجمعيات والمبادرات للتوعية ضد التحرش ومن أهمها "خريطة التحرّش" التى أطلقت فى ديسمبر 2010، فى الوقت نفسه تم عرض فيلم 678 لأول مرة، والذى يعتبر علامة مهمة فى الأفلام الروائية الطويلة حيث تناول ظاهرة التحرّش الجنسي. كانت نقطة البداية لمبادرة خريطة التحرّش هى استخدام نظام الإبلاغ من خلال الإنترنت (أونلاين) وتكنولوجيا رسم الخرائط لدعم الجهود على أرض الواقع من أجل تعبئة المجتمع فى محاولة لكسر القوالب والصور النمطية، والتوقف عن تقديم الأعذار المختلفة للمتحرشين، وإقناع الناس بالتحدث والتحرك ضد ظاهرة التحرّش الجنسي، ومنذ إطلاق خريطة التحرّش، تواصل مع أصحاب المبادرة نشطاء من 25 دولة مختلفة طلبًا للمساعدة والاستشارة لإنشاء مبادرات مماثلة فى بلدانهم، ومهمتهم إشراك كل فئات المجتمع لخلق بيئة رافضة للتحرش الجنسى فى مصر والوطن العربى ويقومون بتحقيق مهمتهم عن طريق إقناع المارة والمؤسسات بالتصدى للتحرش الجنسى سواء قبل أو أثناء حدوثه. كما أطلقت حملة "مبروك أنت متحرش إلكترونيا" التى أطلقها بعض الشباب بمحاربة ابتزاز الفتيات والتحرش بهن من خلال رسائل "فيسبوك" وإرسال صور فاضحة لهن، وهدف الحملة هو فضح كل المتحرشين حتى يصبحوا عبرة لمن يعتبر والخوف من الفضيحة إحدى أدوات الردع من وجهة نظرهم وكان أسلوبا فاعلا كما قالت بعض المشتركات.