تريليون و200 مليار دولار الناتج القومى لدول الكوميسا والساداك وتجمع شرق إفريقيا مصر من أكثر الدول التى تشارك فى ميزانية الاتحاد الإفريقى ب 15 %
بعد 10 جولات إفريقية للرئيس السيسى للقارة منذ توليه الحكم عام 2014، بدأت مصر تجنى ثمار هذه الجولات والزيارات على جميع المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية، فعلى الصعيد السياسى بدأت القاهرة تستعيد مكانتها المرموقة على الساحة الإفريقية من خلال الاستقبال الحافل للرئيس السيسى فى الدول الإفريقية، وعودة مصر للمشاركة فى مبادرة حوض النيل، وقبول الدول الإفريقية للدور المصرى العائد بقوة، من خلال انتخاب مصر عضوا فى مجلس السلم والأمن الإفريقى، واختيار مصر لتمثل مجموعة شمال إفريقيا كعضو غير دائم فى مجلس الأمن، وانتخاب مصر رئيسًا للجنة الوزارية التى أسهمت فى صياغة اتفاق باريس للمناخ.
وأبرز الثمار التى تهم كل مصرى على الساحة الإفريقية، قدرة مصر على حشد الأصوات الكافية لدعمها فى ملف سد النهضة، حيث بات الموقف المصرى مقبولاً من الجميع، بعد أن غابت مصر عن إفريقيا خلال سنوات ما قبل ثورة 30 يونيو 2013.
وأسهمت جولات الرئيس الإفريقية فى خلق شراكة قوية بين القاهرة ونظرائها الأفارقة فى مكافحة الإرهاب بعد انتشار الجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام فى وسط وغرب إفريقيا، وحركة الشباب المدعومة قطرياً فى الصومال، بالإضافة إلى جماعات متطرفة مثل القاعدة فى مالى ومنطقة الساحل والصحراء، وهى التى تحوى أعدادا كبيرة من الإرهابيين فى ليبيا، وهو ما يتلامس بشكل مباشر مع الأمن القومى المصرى، ومن هنا تأتى أهمية زيارة الرئيس السيسى لتشاد التى لها حدود طويلة مع السودان وليبيا، ويعتبرها عدد كبير من الإرهابيين نقطة عبور من جنوب الصحراء نحو ليبيا، حيث يشكل التعاون الأمنى والمعلوماتى مع الدول الإفريقية محورا مهما فى محاور الأمن القومى المصرى.
كما تشارك مصر فى 7 بعثات حفظ سلام من أصل 8 بعثات على مستوى القارة الإفريقية فى كل من تشاد وإفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية، والصحراء الغربية، وليبيريا وجنوب السودان ودارفور وبوروندى بإجمالى 5500 فرد.
مصر بوابة إفريقيا الاقتصادية
اقتصاديا كشف تقرير صادر عن وزارة التجارة والصناعة المصرية عن ارتفاع التجارة البينية بين القاهرة وإفريقيا إلى 4.8 مليار دولار عام 2016 بعد أن كانت 4.5 مليار دولار عام 2015، وهناك توقعات بمضاعفة حجم التجارة خلال 5 سنوات.
ومصر عضو فى أكبر ثلاثة تجمعات اقتصادية إفريقية هى الكوميسا والساداك والإياك " دول شرق إفريقيا "، وهو ما يجعل مصر بوابة التجارة لإفريقيا، خصوصا أن هذه التجمعات تضم 27 دولة إفريقية، بإجمالى إنتاج سنوى يزيد على تريليون و200 مليار دولار حسب تقرير البنك الدولى عام 2015، وهذا يساعد القاهرة على أن تكون فى موقف قوى عندما تتفاوض مع الاقتصادات غير الإفريقية فى أوروبا وأمريكا وآسيا، باعتبار أن الاستثمار فى مصر يعنى دخول هذه المنتجات إلى الدول الإفريقية دون حواجز جمركية، وكانت دول التجمعات الإفريقية الثلاثة قد وقعت فى شرم الشيخ فى شهر يونيو من العام الماضى على اتفاقية التجارة الحرة للتكتلات الاقتصادية الثلاثة: الكوميسا، والساداك، والمجموعة الاقتصادية لدول شرق إفريقيا التى أطلقت أكبر تكتل تجارى فى إفريقيا ليكون بمثابة اللبنة الأساسية لإنشاء منطقة التجارة الحرة القارية كإنجاز حقيقى، حيث يصل حجم الاستثمارات المصرية فى القارة إلى 8 مليارات دولار.
وتتحمل مصر بالإضافة إلى كل من جنوب إفريقيا والجزائر وليبيا ونيجيريا النسبة الأكبر فى ميزانية الاتحاد الإفريقى وهى 15% من ميزانية الاتحاد.
وكشفت مصر خلال اجتماع وحدة إفريقيا بمجلس الوزراء عن الخطة الشاملة للتحرك فى مختلف الدول الإفريقية، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، بحيث يتم تفعيل علاقات الشراكة مع إفريقيا.
وتتضمن هذه الخطة التحرك على مستوى علاقات التعاون الاقتصادى من خلال دعم علاقات مصر على مستوى التجمعات الاقتصادية الإفريقية، والترتيب لعقد آلية المتابعة لما تم إبرامه من اتفاقات تعاون مع بعض الدول كالكونغو الديمقراطية وجيبوتى ومنطقة القرن الإفريقى ودول حوض النيل فى العديد من المجالات، مع تنشيط وتفعيل آليات التعاون الاقتصادى لتجمع دول الساحل والصحراء، بما يحقق الفائدة لجميع دوله، كما تسعى مصر لتوفير تمويل مستقر ودائم لمشروعات التنمية فى القارة الإفريقية ودول حوض النيل.
كما أن مصر حريصة على مواصلة دورها النشط فى تطوير القدرات المؤسسية والبشرية للدول الإفريقية، لا سيما الكوادر الشابة، وذلك من خلال آليات وطنية عدة، ومنها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التى أنشئت عام 2014 استكمالاً لجهد ودور ممتدين اضطلع بهما الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا فى بناء القدرات الإفريقية.
وما يبشر بالخير أن قائمة الدول ذات الاقتصادات الأسرع نمواً فى الفترة الأخيرة كان من بينها عشر دول إفريقية على الأقل، كما ارتفع حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى الدول الإفريقية بأكثر من خمسة أضعاف خلال الأعوام العشرة الأخيرة, وهى كلها مؤشرات تؤكد ثراء إفريقيا بالموارد البشرية والاقتصادية اللازمة لتحقيق التنمية المنشودة.
لذلك سارعت الشركات المصرية إلى الاستثمار فى الأسواق الإفريقية، حتى بلغ حجم استثماراتنا فى دول القارة أكثر من 8 مليارات دولار أسهمت فى خلق عشرات الآلاف من فرص العمل خصوصا فى قطاعات التشييد والبنية التحتية، والطاقة، والتعدين، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما وصل حجم تجارة مصر مع الدول الإفريقية إلى 5 مليارات دولار، وتستهدف مصر مضاعفة تجارتها مع إفريقيا، حيث لا تمثل التجارة البينية بين الدول الإفريقية حتى الآن سوى 12% فقط من حجم تجارة القارة مع العالم، وهو ما لا يتناسب مع مقومات وإمكانات التكامل الاقتصادى فيما بين دولنا الإفريقية.
وفى هذا الإطار تسعى مصر لتعزيز مقومات التصنيع والتصدير من خلال المناطق الصناعية واللوجيستية، التى سيتم إنشاؤها فى منطقة القناة من خلال استكمال إنشاء الطريق البرى الذى يربط مدينة «القاهرة» بمدينة «كيب تاون»، مروراً بعدد من العواصم الإفريقية، وكذلك مشروع الخط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وهى مشروعات تستهدف تحديث البنية التحتية لشبكات النقل والمواصلات لخدمة أهداف التكامل الاقتصادى والتنمية فى القارة الإفريقية.