تعد دول الخليج هى الأكثر تضرراً من هبوط أسعار النفط بأكثر من ثلثى قيمتها، بعد مضى ثلاث سنوات منذ بدء موجة هبوط حادة اشتعل فتيلها منتصف 2014، حيث تضخ دول مجلس التعاون الخليجى نحو خمس معروض النفط العالمي، وتعتمد على العائدات النفطية فى تمويل إيرادات موازناتها، وأن تراجع النفط دفع تلك الدول إلى اتخاذ إجراءات إصلاحية وهيكلية، بهدف إيجاد بدائل أخرى لتعزيز الإيرادات التى انخفضت بنحو ملحوظ وأثرت على الميزانيات العامة. كما أن تقرير المرصد الاقتصادى الذى أصدره البنك الدولى تحت عنوان “اقتصادات إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” أكد استمرار أسعار النفط المنخفضة فى الضغط على اقتصاد الدول النفطية، إضافة إلى تدابير التقشف المالى التى تتخذها كما أنها قامت بخفض إنتاج النفط الذى قررته منظمة أوبك من الممكن أن يحد من النمو فى 2017، لكن مع توقّع ارتفاع أسعار الخام، وتحسين الطاقة الإنتاجية النفطية، ومع زيادة الاستثمارات.
ويعتبر النفط أهم سلعة إستراتيجية عالمية وهو المحرك الأساسى فى اقتصاد أية دولة، وتعتمد عليه معظم دول العالم حالياً ولذلك ينخفض الطلب عليه نسبياً مع انخفاض معدلات النمو الإجمالي، ويرتفع الطلب عليه نسبياً مع ارتفاع معدلات النمو الإجمالى.
الدكتور عز الدين حسنين الخبير الاقتصادى، أكد أن المثلث السلعى الذى يقود العالم منذ عقود طويلة مضت وحتى الآن هو البترول والذهب والدولار، فكل ضلع من أضلاع المثلث الأخطر فى العالم له تأثير على الاقتصاد العالمى.
وأوضح أنه بسبب ارتفاع الدولار يحدث انخفاض لجميع العملات الرئيسية، مما يسبب تضخما هائلا لدى الدول المستوردة للنفط مما يتسبب فى ارتفاع تكاليف إنتاجها، وبالتالى تنخفض تنافسية منتجاتها التصديرية حول العالم بخلاف ارتفاع تكاليف المعيشة فى تلك الدول، مما يضطرها إلى خفض طلبها على النفط عالميا، والمستفيد الوحيد فى حال ارتفاع الدولار هو الولاياتالمتحدةالأمريكية التى تعتبر أكبر مستهلك للنفط فى العالم لأغراض عسكرية واقتصادية وجيوسياسية، فالولاياتالمتحدة تستفيد من ارتفاع الدولار فى زيادة استيرادها للنفط من دول الشرق الأوسط، وفى نفس الوقت فالولاياتالمتحدة لديها مخزونات كبيرة من النفط، وتنتج وتسهم فى الصادرات النفطية فى العالم، فهى مستفيدة من شراء النفط بأسعار منخفضة بسبب ارتفاع سعر الدولار ومستفيدة بعائدات صادراتها للنفط الأمريكى بسعر دولار مرتفع، والمتضرر الأساسى سيكون الدول المصدرة للنفط التى تتأثر عائداتها الدولارية بفعل التضخم الناجم عن انخفاض عملتها المحلية أمام الدولار.
وأضاف أن أسعار النفط مرت بعدد من المحطات التاريخية التى أدت إلى تذبذبها عبر تاريخ النفط الذى يمتد لأكثر من 150 عاما وفق ظروف العرض والطلب العالمى، حتى وصلت إلى أعلى سعر فى تاريخ النفط فى عام 2008 ووصوله إلى مستوى تاريخى، وهو 147 دولارا للبرميل بسبب مشاكل مناخية حول العالم والإنفاق العسكرى على حروب ومناورات عسكرية حول العالم، مما ضاعف من الطلب على النفط بخلاف النمو العالمى وتنامى اقتصادات دول شرق آسيا وعلى رأسها الصين وانخفاض سعر الدولار مقابل العملات الرئيسية.